الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

نعال السلطان

نعال السلطان
عدد : 09-2012
في محضر سؤال لي وجهته للدكتور الطاهر أحمد مكي أستاذ تاريخ الأدب والأدب المقارن وعميد الأدب الأندلسي قبل عامين عن وضع المثقفين العرب.. قال أن - الثقافة والمثقفون– إجمالا بالطبع- في كل الدول العربية، هم في خدمة السلطان ربما باستثناء لبنان، وليس من حق المثقف الخروج عليه، ولهذا يكثر الحديث عندنا– دون العالم أجمع–عن الخطوط الحمراء والخضراء التي ليس من حق أحد تجاوزها، وقد يخرج أحيانا، في حدود معينة، وبإشارة من السلطة نفسها، وذلك تجميلا للصورة، أما الخروج عليها بغير هذا الإذن، فسوف يعرض صاحبه للخطر في رزقه أو حريته.

لكن الصراحة تقتضى أيضا أن نعترف بأن هناك مثقفين عرباً، لسبب أو لآخر استغنوا عن السلطة ورواتبها ودعمها الاقتصادي وفضلوا أن يعيشوا على الهامش، لا لهم ولا عليهم كما يقال ليس لهم أي دور، إلا إذا اعتبرنا تقديم النموذج السلبي دورا، فهم لا يدعمون السلطة ولا يعارضونها ولا يسيرون في ركابها، بعضهم يحاول أن يغطى هذه السلبية بأشياء تبدو إيجابية، لكنها لا تضر السلطة في شيء، ومن ثم فهي لا تعنيها.

علينا أن نعترف بأن جمهرة المثقفين جاءوا من قاع المجتمع وتأثروا بالبيئة التي أمضوا فيها طفولتهم وتوزعتهم في سن الشباب اتجاهات متطرفة، يسارية أو يمينية، وقد لاحظت أنهم بعد أن تخطوا مرحلة الشباب أصبحوا في الجانبين، اليسار واليمين، في شوق شديد إلى الترف، لا يقنعون بالحياة الطيبة والآمنة، وإنما يطمحون إلى العيش في الأماكن الراقية، وبناء القصور والفيلات، وركوب السيارات الفارهة ،وفى هذه الحالة فإن الاتجاهات المضادة لهم تقدم لهم الترف الذي يبحثون عنه، وإذا ما انفتحت شهية المثقف لآفاق البرجوازية، فلا تنتظر منه إبداعاً متميزاً أو موقفا وطنيا جريئا، إن غايتهم في حالتهم الجديدة أن يصبحوا من أصحاب الملايين وبعضهم حققها فعلا.

إلا أن لقاء الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بعدد من المثقفين، وما تبعه من هجوم شنه قلة ممن أطلقوا علي أنفسهم المثقفون المنتمون للتيار الإسلامي يقلب الخريطة الثقافية رأسا علي عقب ، بل سيجعل فيها تضاريس وعرة ، نظرا لأن الهجوم التكفيري الذي شنه هؤلاء علي من إلتقاهم مرسي سيخلق عداوة وطائفية ثقافية بين جموع المثقفين ، وسيحاول كل تيار تقزيم الأخر .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل خرج هؤلاء وارتدوا ثوب المعارضة لمرسي بإشارة من السلطة نفسها كما كان يفعل النظام السابق بأن يسمح للبعض بتجاوز الخطوط ومعارضته لخلق أسباب للرئيس لتقنين الإبداع في المرحلة المقبلة لإيجاد توافق مع رؤية التيارات الثقافية الإسلامية التي أعلنت عن نفسها؟.. ومعارضة عدد من المثقفين المنتمين للتيار العلماني اليساري لخطاب ورؤية الرئيس خلال اللقاء سيجعل هذه التيارات تتسابق لتصبح نعال في قدم السلطان من أجل تصدير ونصرة أفكارها وثقافتها، لكن هذه الحالة قد تكون نكسة للثقافة والمثقفين إجمالاً.

 
 
بقلم: يوسف العومي
yousefomi@yahoo.com