الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

إنقاذ معابد الكرنك من خطر المياة الجوفية .. ودعوة لزيارة معبد إله القمر

إنقاذ معابد الكرنك من خطر المياة الجوفية .. ودعوة لزيارة  معبد إله القمر
عدد : 04-2013
بقلم الدكتور/ سعيد عبد الحميد حسن
رئيس مجلس إدارة المؤسسة الدولية لصيانة التراث الثقافي بالقاهرة
http://www.ifcch.com/
saiedhamed@yahoo.com


معابد الكرنك

لا يوجد مبنى في العالم بأسره يمكن مقارنته بمجموعة معابد الكرنك ،عرفت عند المصريين القدماء باسم "اى بوت - اى بوت " أي أكثر الأماكن احتراماً , وقد بنيت بمقاييس مهيبة حيث تبلغ مساحتها مائة فدان ويمتد تاريخها على مدى ثلاثة عشر قرناً..تبدأ المعابد بطريق الكباش الذي يضم مجموعة من التماثيل الحجرية علي جانبيه، ُنحتت رؤوسها علي شكل الكباش، تمثل "آمون" رمز الخصوبة والنمو , وقد ُنحتت أسفل رؤوس الكباش تماثيل صغيرة للملك "رمسيس الثاني" .. نستهل زيارة المعبد بالمرور من الصرح الأول الذي يرجع إلى الملك نختبو ( الأسرة 30 ) ومنه إلى الفناء الكبير وعلى يمين الداخل توجد ثلاثة مقاصير تمثل ثالوث طيبة المقدس من عهد الملك "سيتي الثاني"، وعلى اليسار يوجد معبد "رمسيس الثالث"، يلي ذلك بقايا الصرح الثاني ومنه إلى صالة الأعمدة الكبرى التي تحتوى على134 عموداً تتميز بضخامتها وروعة نقوشها، ويفضى بنا المكان إلى بقايا الصرح الثالث حيث تقف أمامة مسلة "تحتمس الأول" ومنه إلى بقايا الصرح الرابع وتتقدمه مسلة الملكة "حتشبسوت" ثم تشاهد بقايا الصرح الخامس ومنه إلى قدس الأقداس ،وفى نهاية الجولة تصل إلى الفناء الذي يرجع إلى عهد الدولة الوسطي ومنه إلى صالة الاحتفالات الضخمة شيدها "تحتمس الثالث"..و يضم الكرنك العديد من المعابد الأخرى التي جعلته من أعظم دور العبادة فى التاريخ، من بينها معبد الإله (أمون) وزوجته الإلهه (موت ) وأبنهما الإله ( خنسو ) اله القمر .

معبد "خنسو" إله القمر

يقع معبد "خنسو" في الزاوية الجنوبية الغربية من معبد "الكرنك "،وقد أقيم هذا المعبد تكريما للإله الابن "خنسو" العضو الثالث فى ثالوث طيبة المقدس، ومعنى خنسو ( الذي يعبر السماء ) وهو مشتق من الفعل خنس بمعنى عبر أو اجتاز .. ظل "خنسو" إلهاً مجهولاً حتى أدخل ثالوث طيبة ابنا ل"آمون" ،فلما ذاعت شهرت "آمون" فى الدولة الحديثة حظي "خنسو" تبعا لذلك بشعبية واسعة واشتهر بقدرته على شفاء الأمراض وطرد الأرواح الشريرة لذا سمي ب (إله القمر) 0
وتاريخ هذا المعبد معقد فقد بدأ العمل فيه "رمسيس الثالث" في أواخر حياته ولا يعرف مقدار ما أسهم به إذ لا يوجد نقشا يحمل اسمه إلا على الأجزاء الداخلية من المعبد مثل (قدس الأقداس) ومقصورة المركب المقدس وما يحيط بهما من حجرات، ثم أكمل "رمسيس الرابع" خليفته زخرفة الجدران وبقى المعبد على هذه الحالة حتى رمسيس الحادي عشر الذي استأنف العمل به من جديد حيث يوجد اسمه منقوشاً على قاعدة الأعمدة، ثم قام "حريحور" الكاهن الأعظم للإله آمون بإكمال الفناء الخارجي الأول وسجل المناظر التي عليه ،ولكن خليفته الكاهن العظيم "بانجم الأول" هو الذي قام بنقش سطح صرح المعبد من الخارج والداخل وكذلك بوابة الصرح التي أعيد ترميمها في عهد "الإسكندر" و"بطليموس الثاني" 0وعلى الرغم من تاريخ المعبد المعقد فان تكوينه بسيط حيث أن مبنى المعبد الرئيسي يبلغ طوله 73 م ، وعرضه خلف البيلون 29م ،ويتكون المعبد من البيلون الأول ويعد المعبد نموذجاً فريداً للعمارة في هذا العصر.. وهو عبارة عن كتل من الأحجار المجمعة بنظام المدماك الواحد والتي تختلف في ارتفاعاتها ومقاساتها وأشكالها ، ثم الفناء الأول ويحيط به من الشرق والغرب والشمال صفان من الأعمدة ذات تيجان على هيئة زهرة اللوتس . ولهذا الفناء سبعة مداخل المدخل الشمالي يقود إلى ممرات تحيط بقدس الأقداس يسبقها مقصورة القارب المقدس.

مشروع خفض منسوب المياه الجوفية

تٌعد المياه الجوفية من أخطر عوامل تلف الآثار بصفة عامة وتزداد خطورتها بزيادة نسبة مياه الصرف الصحي والزراعي بها لما تحتويه هذه المياه من أملاح ذائبة تنتقل عن طريق أنابيب شعرية داخل مسام الأحجار المكونة للمباني الأثرية وتصل إلي مسافات ومساحات في جدران تلك الآثار تختلف باختلاف مسامية الأحجار وأنواعها بالإضافة إلي عدة عوامل أخري. ويؤدي وجود الأملاح المختلفة إلي فقد أجزاء ومساحات كبيرة من الأحجار والنقوش والألوان التي تغطيها، وباستمرار ارتفاع منسوب المياه الجوفية وتبلور الأملاح قد يؤدي إلي انهيار جدار بل مبني بالكامل إن لم يتم التدخل بخفض منسوب المياه الجوفية.

ومن هنا بدأ التفكير في عمل مشروع (مصري - أمريكي) بتمويل من هيئة المعونة الأمريكية لخفض منسوب المياه الجوفية بالبر الشرقي للأقصر الذي يقع به معابد الكرنك ومعبد الأقصر، حيث أدي ارتفاع منسوب المياه الجوفية بصفة عامة في التربة بعد بناء السد العالي وكذلك الزيادة السكانية المضطردة حول معبد (الكرنك) بصفة عامة ومعبد (خنسو) بصفة خاصة نظراً لوجود منطقة سكنية تسمى (نجع أبو عصبه) بالناحية الجنوبية الشرقية لمعبد (خنسو) وهى محصورة بين طريق الكباش عند جنوب بوابة بطليموس الثالث والمعروفة ببوابة (أفروجيت) ، كما توجد في الناحيتين الغربية والجنوبية الغربية منطقة سكنية أخرى تسمى (السبتية).. وتكمن خطورة الزيادة السكنية في عدم استخدام مشروع الصرف الصحي بهذه المنطقة لكنها تعتمد على حفر الأبيار أو عمل بيارات للصرف الصحي مما يتسبب في تسريب مياه الصرف الصحي للأرض وبالتالي إلي الآثار المحيطة بها.

فكرة المشروع

تتلخص فكرة المشروع في تثبيت عدة أنابيب علي أعماق محددة وفي نقاط يتم تحديدها مساحياً بعد عمل قياسات هندسية وعلي حسب منسوب المياة الجوفية في كل نقطة ، بعد ذلك يتم حفر مجموعة من الآبار متصل بها الأنابيب لتجميع المياه التي يتم سحبها من كل نقطة ثم تتصل تلك الآبار بمحطة رئيسية مزودة بماكينات شفط ومضخات لشفط المياه من الآبار ثم تنقيتها بفلاتر خاصة قبل ضخ المياة وتصريفها إلي نهر النيل. علماً بأن عملية خفض المنسوب يتم بطريقة تدريجية وبحسابات دقيقة حتي لا يحدث هبوط للتربة مما يؤدي إلي ميول أو شروخ بل قد يؤدي إلي انهيار مباني بالكامل وبعد الوصول بالمنسوب لحد معين يتم تثبيت المنسوب عند هذا الحد ويتم سحب المياه الزائدة عن هذا المنسوب باستمرار بالطريقة السابقة.

مشروع ترميم معبد (خنسو) وتطوير المنطقة المحيطة به

بعد الانتهاء من خفض منسوب المياه الجوفية بمعابد (الكرنك) كان لابد من تدريب العاملين بالمجلس الأعلى للآثار في منطقة الأقصر علي أعمال الترميم المعماري لكى يتم تجهيزهم لتأسيس برنامج مستمر على المدى البعيد لمراقبة وصيانة المنشآت المعمارية الموجودة بمعبد الكرنك وبنيته الأساسية.. لذا تم عمل أول مشروع تدريبي دولي قام به مركز البحوث الأمريكي بالقاهرة بدعم من هيئة المعونة الأمريكية استمر لمدة ثلاث سنوات 2007/ 2010 تم فيها تدريب 75 مرمماً مصرياً علي أحدث الأساليب العلمية والمواد الحديثة المستخدمة في ترميم المباني الأثرية ،وقد شرفت بالمشاركة في تصميم وتنفيذ برامج التدريب من خلال عملي كمساعد لمدير مركز البحوث الأمريكي بالأقصر بالتعاون مع خبراء ترميم الآثار من انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، حيث تلقي المرممون المصريون تدريباً نظرياً ومعملياً وعملياً متقدماً في المجالات الآتية:

أولاً: الأسس العلمية لتوثيق المواقع والمباني الأثرية طبقاً للمواثيق الدولية لحماية التراث، حيث تم تدريب المرممين المصريين علي:

أ- عمل تقارير كاملة وتامة عن الحالة الراهنة للآثار تطبيقاً علي معبد الإله خنسو.
ب- التصوير الفوتوغرافي للآثار والشروط الواجب توافرها في الصور المرفقة مع تقارير الحالة الراهنة وكذلك تقارير المعالجات التي تمت للأثر، كم تلقي المتدربون تدريباً عملياً علي استخدام أحدث كاميرات الديجيتال المستخدمة لهذا الغرض.
ج- كيفية عمل خرائط توزيع مظاهر التلف للآثار مع وضع أسلوب موحد لعمل تلك الخرائط وتمييز كل مظهر من مظاهر التلف بلون معين يُسهل التعرف عليه دون الرجوع للتقرير المرفق ويكون متفقاً علية في جميع المواقع الأثرية في المنطقة الواحدة علي الأقل.
ثانياً: دراسة مواثيق ومؤتمرات الترميم الدولية مثل ميثاق أثينا و ميثاق فينيسيا التي تناولت كل ما يتعلق بالحفاظ علي وترميم وصيانة الآثار والمواقع والمباني التاريخية بأنواعها.
ثالثاً: أخلاقيات الترميم بما في ذلك مستويات الترميم وطرق التحاليل المناسبة .
رابعاً: دورة تدريبية عملية ونظرية عن المواد المقوية والمواد اللاصقة وكذلك المذيبات المستخدمة في ترميم الأحجار وكيفية اختيار الأمثل منها للاستخدام في مصر.
خامساً: برنامج تدريبي خاص تناول جيولوجية المواقع الأثرية في مصر وطبيعة المحاجر التي قُطعت منها الأحجار المستخدمة في المباني الأثرية وخواصها واستخداماتها وكذلك العوامل التي قد تؤدي إلي تلفها.
سادساً: كما تم تدريب المرممين علي طرق قطع وبناء الأحجار مع التركيز والتأكيد على أساليب البناء في مصر القديمة والترميم الحديث ،بما في ذلك قطع الأحجار من المحاجر ونحتها وتشكيلها ،وكذلك عمليات النقل والتركيب . وكجزء من دورة الجيولوجيا وقطع الأحجار تم عمل زيارتين ميدانيتين .الأولى كانت لمقبرة المعلا (بمنطقة اسنا) لرؤية الترميم الذي تم لمقبرة "عنخ تيف" وكذلك معبد اسنا لفحص حالته وعمليات الصيانة التي قام بها المجلس الأعلي للآثار بما في ذلك تركيب واستخدام نظام لخفض منسوب المياه الجوفية هناك ،وانتهت الرحلة بزيارة للآثار الموجودة في البر الغربي على سبيل المثال تمثالي ممنون والمعبد الجنائزي لحتشبسوت بالدير البحري لمناقشة العناصر المكونة لهذا الأثر وما قامت به البعثة البولندية من إضافات صارخة أفقدت هذا المعبد العظيم قدر كبير من قيمته التاريخية . أما الزيارة الميدانية الثانية كانت لجبل السلسلة (الغربي والشرقي) لفحص الجيولوجيا والمحاجر وطريقة نحت وقطع ونقل الأحجار بواسطة عمال المحاجر القدامى والبناءون عبر نهر النيل إلي المواقع الأثرية المختلفة.
سابعاً: أيضاً تم التنسيق مع عالم الآثار الإنجليزي Clifford Price لتدريس برنامج كامل عن المياه الجوفية ،الأملاح وميكانيكية التلف الذي تسببه الأملاح بما في ذلك الصيانة الوقائية ،والأملاح الهيجروسكوبية والرطوبة وتأثيرها على الأملاح وأنواع الأحجار التي تتأثر بتلف الأملاح وميكانيكية التلف والتحكم في الأملاح ،واستخدام أنواع مختلفة من المواد المقوية للأحجار وتأثيرها .
ثامناً: التدريب العملي علي ترميم القطع الأثرية الصغيرة متضمنا طرق التنظيف ،والتناول ،والتغليف ،والتخزين ،وكتابة تقارير عن القطع الصغيرة ،والمواد اللاصقة والمقوية المناسبة لترميم القطع الصغيرة المستخرجة من الحفائر.
تاسعاً: دورة تدريبية متخصصة عن علم المساحة وأجهزة قياس الميول ،ووظيفتها ودورها في الترميم الأثري والمعماري ،متضمنا محاضرات نظرية وشرح عملي وتطبيقات عملية في وحول معبد الكرنك.
وبعد الانتهاء من البرامج التدريبية تم إعداد مشاريع ترميم فعلية الهدف منها تطبيق عملي لما تم التدريب علية والاستفادة منه في تنفيذ بعض المشاريع في معبد الكرنك ، ومن تلك المشروعات مشروع خاص لعلاج وصيانة الرسوم الجدارية بالهياكل الداخلية لمعبد (خنسو) قام به فريق عمل من خبراء الترميم الإيطاليين بالاشتراك مع بعض المتدربين المصريين ، كما تم ترميم الرسوم الجدارية بالجدران الداخلية لمعبد (خنسو)، وكذلك الأعمدة الموجودة بالفناء الرئيسي للمعبد وعددها 26 عمودا، بالإضافة إلي تطوير المنطقة المحيطة بالمعبد وتم إعادة افتتاحه أمام السياحة العالمية بعد أن كان خارج اهتمام السائحين.
وبدأ التدريب يأتي ثماره علي الفور حيث استعان المجلس الأعلى للآثار بمجموعة متميزة من المتدربين لتنفيذ عدة مشروعات لترميم العديد من المعابد والمواقع الأثرية بصعيد مصر أهمها مشروع ترميم معبد (دندرة ) بقنا ومشروعات ترميم معبد (الأقصر) والعديد من المواقع الأثرية الأخرى.
 
 
الصور :