الجمعة, 19 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الحوش العربى ..أين ؟

الحوش العربى ..أين ؟
عدد : 05-2013
كتب / عبد العزيز الفضالى
مدرس مساعد بالجامعة الإسلامية الدولية



حوش: حاش الصيد- جاءه من حواليه ليصرفه إلى الحبالة. وحاش الإبل: جمعها وساقها. واحتوش القوم الصيد: أنفره بعضه على بعض. واحتوشوا على فلان: جعلوه وسطهم. هذا بعض ما تحمله الكلمة من معاني في معجم اللغة العربية” مختار القاموس”. أما في المصطلح المعماري فهي تعني البيت العربي التقليدي” بيت فناءه مفتوح على السماء تحيط به حجرات متباينة في الحجم”.

و”حوش العيلة”: باللهجة الدارجة، هذا البيت الذي شهد تعاقب الأجيال وواكب تطلعاتها وضم كنوزها وإبداعاتها وحفظ قيمها ومعتقداتها وصمد في وجه أعداءالامه. الذين لم يروا بداً من القضاء على هذا التنظيم الفراغي المترابط معماريا وعمرانيا منطلقين من المبدأ الذي يقول: “أن الفراغ المعماري يبدأ متأثرا في تصميمه بفكر صاحبه وينتهي مؤثرا فيه”. وذلك حتى يتسنى لهم ما يريدونه من هذه الأمة الممثلة في نظامها العائلي المترابط والمتكاثف والمتكافل.

جندوا كل سبلهم ليجدوا الوسيلة إلى ذلك. فكانت الفكرة في شعارهم المعروف” فرق تسد” وكانت أداتهم أنظمة تخطيطية عمرانية ومعمارية جديدة متنوعة في أشكالها متفقة في فكرتها على أن لاتسع إلا أسرة واحدة، وسخّروا علومهم وإعلامهم، ابتدعوا النظريات التيتقضى على تماسك العائلة، فقالوا: “أن نواة المجتمع هي الأسرة” وتنادوا بضرورة توفير كل سبل الراحة لهذه الأسرة” المكونة من الأبوين والأبناء”. ورسموا لها صورة قاتمة عن حياة العائلة التي يتحكم في مصيرها الجد، ينهى ويأمر دون رادع يردعه، والجدة تتحكم في مصير نساء البيت تأتي بمن تشاء وتطلّق من تشاء، وصوروا رجال العائلة وحوشا تنهش بعضها طمعا في الميراث والسيطرة بعد رحيل الجد، والنساء تحيك المؤامرات والدسائس ليتسنى لهن تحقيق مآربهن، كما صوروا الزوج خائنا والزوجة مهضوم حقها تبحث عن الدفء والحنان بين أحضان رجل آخر، ثم انطلقوا ليصورا الأبناء ضائعين بين هذا وذاك، صوروها طفولة معذبة، محرومة حتى من حقها في اللعب، طفولة مشردة تتلقف فتات الطعام من موائد الكبار وتنحشر جماعات في غرفة نوم، تتوسد العفونة وتلتحف بالرطوبة. جعلوها صورة قاتمة لمجتمع كئيب تسيطر على أجداده الخرافات ويتوارث أبناءه الجهل ويخلف لأحفاده الأمراض. فهل حقا كانت هذه صورة “حوش العائلة”؟

لا أظن أن عقولنا قصرت عن إدراك خطورة ما يحاق للنظام الاجتماعي السوي والمستهدف منه أولا مجتمعنا الإسلامي والعربي ومن ثمّ المجتمع الإنساني برمته، من خلال هتك استار النظام العائلي كخطوة أولى تقود إلى تدمير البنية الأساسية للكيان الإنساني وهي الأسرة الطبيعية المبنية على العلاقة السوية، وذلك من خلال فصل الجزء عن الكل..

بيت العائلة هو لبنة وحدة هذه الأمة والقاعدة التي ترتكز عليها والمنطقة التي تنطلق منها. والله سبحانه وتعالى يدعونا للوحدة ونبذ الفرقة، في قوله سبحانه وتعالى: ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”. وحبل الله المتين هو منهجه القويم كتابه القرآن الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو منهج مكتوب يحتاج منا لتفعيله أن نقوم بتطبيقه في حياتنا وسلوكنا اليومي. ولكي ننجح في ذلك لابد لنا من تمهيد السبل لذلك. ولهذا كانت تربية النشء ومجاهدة النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر…. وقد حرص أسلافنا على توفير البيئة الصحية التي تنمو وتترعر فيها هذه النبتة المباركة من منظومة القيم والأخلاق والسلوكيات والمعاملات، فكان التعمير والعمران والعمارة الإسلامية هي البوتقة التي تتشكل منها وفيها منظومة القيم هذه، لأنه لا تنظير بدون تطبيق، ولا يحسب القول على قائله إلا بفعل يدعمه أو يدحضه.

لقد خسرت أمتنا الإسلامية عندما أخذت عن الغرب قيمه ومبادئه المنحلة تحت مسميات الحداثة، وفقدت العائلة تواصلها وترابطها الاجتماعي، واليوم تأخذ الأمة بتلابيب آخر ما تفتقت عنه العقلية الغربية من نظريات الهدم والتي من أهم مبادئها التشكيك في كل القيم والمعتقدات السائدة وهدم أركانها تحت دعاوي الحرية الشخصية وحقوق الإنسان والمرأة والطفل والشذوذ وحرية ممارسة الأديان وعدم التضييق على كل ما من شأنه أن يقف في وجه الحرية الشخصية حتى وإن تجاوزت حدود المنطق، لأنها لا تؤمن بأي منطق، فمنطقها الوحيد هو الهدم وإشاعة الفوضى الخلاقة.

ولن يتم مواجه ذلك المخطط إلا بعد توحيد الصفوف ونشر الوعي، ولن يتم ذلك إلا بعودة العائلة إلى رحابها الواسع ألا وهو بيت العائلة وبركتهة…. والعمارة بإعتبارها المجال الذي يختص بإيجاد بيئة صالحة لمعيشة الإنسان، فعبء الجوانب التطبيقية لكل البحوث والدراسات النظرية التي تسعى لتصحيح مسيرة الإنسانية، يقع على عاتق المعماريين.

كل محاولة للخروج بالأمة الإسلامية من مأزقها وأزمتها، لا تبدأ من إعادة بناء المنظومة الإجتماعية ولم شتاتها المبعثر، فهي كمن يريد أن يحرث البحر ويدعي أنه سيزرعه قمحا وشعيرا ليطعم الناس…. لا نريد لدعاة وحدة الأمة أن يجهدوا حناجرهم في لم شتات مليار مسلم تحت راية واحدة، ولكن نريد من رؤس الأموال وأصحاب المشاريع الكبيرة والمخططين والمعماريين أن يبادروا لتنفيذ البيئة السكانية والإسكانية التي تساعد على لم شمل العائلة في بيوت توفر لهم الحماية وتسهل عليهم تطبيق شرع الله في خلقه…. البيئة الصحية بمفهومها الأخلاقي والبدن .

وهو أمر لا يمثل ترفا فكريا أو همّا خاص، بقدر ما هو إحساس عام يسيطر على تفكير جميع أفراد المجتمعات الإسلامية بمختلف شرائحها وطبقاتها، نتيجة تردي المستوى الأخلاقي والمعيشي وما صاحبه من إضطرابات نفسية وسلوكية.”وعلى كل فانى ارى انه وفى ظل الظروف الراهنه يجب العوده للحياه فى الحوش ليس بمفهومه المعمارى ولكن بفكره التجمع والوحده يجب ان نتلاقى جميعا فى وسط انهيار امنى وخلقى.