الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

السياحة والتنوير ..رسالة مصرية

السياحة والتنوير ..رسالة مصرية
عدد : 04-2014
الفارق الجوهري بين مجتمع ينهض ومجتمع ينهار يتلخص في عدة محاور رئيسية، أولها الرؤية المستقبلية، ويليها التقييم الواقعي، ويتبعه تقدير الإمكانات وسبل تعظيمها، ثم انتقاء أدوات التفعيل ، وهي تعد وسائل النقلة المجتمعية من الهبوط إلى الارتفاع... ويظلل كل هذه العناصر المصلحة العليا للوطن ... كغاية سامية ينضوي تحت لوائها كل كبير وصغير...
تفكرت في هذه الحتميات للتغيير، وأنا أتابع أخبار حادث الغردقة ، الذي اعتدى فيه أحد الحراس أو عمال أحد الفنادق على إحدى السائحات الأجنبيات... ولم أجد لنفسي بد من أن أنظر بعين القلق والتشكك في أننا نعرف ما نريده.... هل نحن نريد للسياحة أن تعود حقاً؟
أشك في ذلك اليوم..وأنا أرى حتى أصحاب المصالح السياحية كالفنادق.. يقصرون في رقابة تابعيهم..وإدارة ممتلكاتهم على نحو يضمن حرفيتها و عدم تنفير الزوار الأجانب منها...
ولم أتمالك نفسي أيضا من التعجب الممزوج بالحنق ..نعم لأننا اليوم أحوج ما نكون إلى عمال مهرة يجذبون الأجانب بحسن أدبهم ولياقتهم السلوكية ، بدلا من أن يخسفون بأماكن ارتزاقهم الأرض، ويدمرون معها بقايا صناعة..نحن نعلم يقينا أنها يمكن أن تكون قاطرة الاقتصاد الأولى..بل ويمكن أن تكون الوحيدة,,ولدينا من رصيد الثروات السياحية المتنوعة ما يكفل ذلك ويزيد...
هذا الحادث المشئوم ، ربما قد يكون أقل وطأة في بعض الظروف..التي كانت فيها السياحة في أوجها... وكانت الملايين من السياح تنتشر في ربوع مصر شمالها وجنوبها ...أما أن يحدث اليوم... والمزارات السياحية تنعي فراغها ..ويشكو العاملين بالقطاع السياحي من خطوب الزمن الصعب الذي طرد السياح من أرضنا التي كانت محروسة.... فهو إذن خطب جلل..وعلينا أن نستفيق وبسرعة من حالة فقدان الاتجاهات التي أصابت العمال وأرباب العمل والمؤسسات الرسمية للدولة في نفس الوقت..
لقد آن الأوان اليوم أن نعيد ملف النشاط السياحي إلى مقدمة الاهتمام المجتمعي، ببساطة لأنها الصناعة الوحيدة القادرة على "ضبط" ميزان الاقتصاد المصري" في زمن وجيز... نعم إنها الصناعة الوحيدة التي أساس رأسمالها منحة من الخالق تعالى ..موجودة دوما، وعلى مدار العام، واستمراريتها ليست رهنا بإرادة قوى خارجية، مثل مياه النيل ، أو ليست رهنا بمدد زمنية محدودة كالبترول.... والحمد لله أنه ليس لنا دخل في هذه الثروة، وإلا لكان قد نالها ما نال غيرها من زراعة وصناعة وتجارة من بوار وكساد..منشأها غيبة الإدارة الحديثة، وتفشي آليات الحكم الردئ ... وتكالب خطوب الدهر الراهن ، من جهل وكراهية وتخلف وفساد وعشوائية ، على مقدرات شعب عظمه الزمان وأذلته طائفة من أبنائه ..منهم من كان حاكما فاسدا ..ومنهم من كان موظفا مرتشيا، ومنهم من كان عاملا جاهلا..وتعددت المسميات والخطب واحد ..هو مزيد من الترنح والتخبط...
لدينا فرصة متميزة لكي نستعيد ما أضعناه جهلا وتحكما وفسادا..بأن نعود إلى رشدنا ونبتغي ، بعلم وعقل ووطنية، توظيف واستثمار ما حبانا الله تعالى به من نعمة الثروة السياحية..والتي لو منحت لأي شعب آخر..ولو كان من بلاد الواق واق..لكان له شأن آخر عظيم...
على كل مصري اليوم واجب...سواء كان حاكما أو محكوما..صاحب عمل أو عامل..موظف أو حر...أن يدركوا جميعا أن السياحة ليست فقط مصدرا للثروة الاقتصادية، ولكنها هبة الله من السماء ... لكي يجعل هذه البلاد منارة للثقافة والعلوم والتنوير لكافة بلاد العالم ، و على مدار الزمان... اللهم وفق المصريين لتلمس مصادر قوتهم ...وعلى رأسها السياحة ...
 
 
بقلم الدكتور/ إبراهيم حسن الغزاوي
خبير دولي في إدارة مراحل الانتقال وتهيئة مؤسسات الدولة عقب الاضطرابات والنزاعات
محاضر القانون الدولي وحقوق الإنسان.
eommar@hotmail.com
algh0031@umn.edu