الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الكنيسة المرقصية بالاسكندرية

الكنيسة المرقصية بالاسكندرية
عدد : 07-2014
تعتبر الكنيسة المرقصية بالإسكندرية هي أول كنيسة بالقارة الأفريقية بأكملها، وواحدة من ضمن الكنائس الرسولية الخمسة في العالم المسيحي ( روما- الإسكندرية- القسطنطينية- انطاكية- أورشليم) ، فضلا عن أنها كانت مركز الثقافة اليونانية في العالم أجمع ، وكذلك شهرة مدرستها اللاهوتية جعلت كنيسة الإسكندرية منذ العصور الميلادية الأولي تحتل مكانة عالمية لا يشابهها فيها سوى كنيسة روما ، وأصبح أسقف الإسكندرية هو الحكم والفيصل في العالم المسيحي فيما يتعلق بالمسائل الدينية فدفع هذا جميع الكنائس إلي أتباعها بما في ذلك كنيسة روما نفسها .

ومنذ القرون الميلادية الاولي تميزت الكنيسة السكندرية الذي عرفت بالكنيسة الأرثوذكسية القبطية بعمارة وفن مميز يعرف بالفن القبطي،وهو مصطلح يطلق على الفن الذي ابتكره المسيحيون في وادى النيل منذ عام 313 م حتى دخول العرب مصر عام 641. وقد شكل العهد الفاطمى عصراً ذهبياً للأقباط فعاشوا على مدى مئتي سنة، مدة حكم الفاطميين، مظاهر الترف والغنى وعرفوا، في أوقات أخرى، طعم البؤس والجوع والضنك، تنعموا بالتسامح الدينى الكامل فى حقوق مواطنة كاملة، وكانوا، في أوقات أخرى، فريسة للإضطهاد والإستبداد العنصرى الشديد، ومع هذا ازدهرت في عصرهم الفنون والعمارة الكنسية.

تعتبر العمارة القبطية عمارة مستمدة من البيئة المصرية وتتكامل معها ، فقاموا المسيحيون ببناء الكنائس والاديرة لتتناسب مع البيئة المصرية فالأديرة في الصحراء تأخد تصميم البيئة المحيطة بها وألوانها من رمال وجبال ،في حين أن كنائس مصر القديمة اتخذت ملامح المنطقة المحيطة بها ، كما استخدم المسيحيون الحوائط السميكة للعزل الحراري لمبني الكنيسة او الدير عن المحيط الخارجي وتلك ما كان استخدمه المصريون القدماء في معابدهم الفرعونية.

وقد أتخذت العمارة الكنسية في مصر عدة طرز معمارية كان أشهرها الطراز البازيلكي وهو طراز روماني انتقل الي العمارة الكنسية البيزنطية واستمدته الكنيسة القبطية ، وإن يري البعض ان هذا الطراز ذا اصل فرعوني لتواجده في قاعة احتفالات الملك رمسيس التاني بمعبد الكرنك، وتطور في العصر القبطي ليتناسب مع الاستخدام الديني.

القديس مرقص الرسول هو كاروز الديار المصرية، وتحتفل الكنيسة المصرية له بعيدين الأول في 30 برموده وهو عيد استشهاده والثاني في 30 بابه وهو عيد ظهور راسه في الإسكندرية وتكريس كنيسته.

اختلفت الاراء حول موطن مولده ، ولكن الأغلب انه ولد في قورنيا بإقليم برقة بليبيا ، من والدين يهودين تقيين من سبط لاوي وكانت أمه مريم وابوه يدعي ارسطوبولس وهو يمت بصلة قرابه للقديس بطرس وأيضا للقديسيين برنابا وتوما،وكان لثراء أسرة القديس مرقص انهم استطاعا ان يلقناه تعليما عظيما فأتقن اللغتين اليونانية واللاتينية بالإضافة إلي اتقانه للغة العبرية ورداسته للتوراة والناموس اليهودي، لكن هاجمت القبائل البربرية لليبيا واستولي علي املاك اسرة القديس مما اضطرهم ليهاجروا الي موطن أجدادهم فلسطين وسكنوا بأورشليم في بداية السيد المسيح حين بدأ بشارته، فهيئ للقديس مرقص أن يري المسيح ويكون من تلاميذه وكذلك أمه مريم كانت من السيدات اللاتي خدمت المسيح وفتحت بيتها له فكان العشاء الأخير في بيتها وكذلك حلول الروح القدس علي التلاميذ بعد صعود المسيح إلي السماء علي حسب اعتقاد المسيحيين.

بشر القديس مرقص مع الرسل خاصة القديسيين بطرس وبولس في كثير من البلاد وعندما رجع من روما ،بشر في المدن الخمس الغربية بليبيا نحو عام 58م وقضي فيها تسع سنوات نشر فيها الإيمان المسيحي ثم جاء إلي الإسكندرية نحو عام 61م، وغالبا جاء اليها عن طريق الواحات ثم الصعيد واتجه شمالا حتي وصل إلي إسكندرية وفي هذه الفترة كتب إنجيله باللغة اليونانية المعروف بإنجيل مرقص البشير.

كان القديس مرقص يجول يبشر بالإله الواحد في الإسكندرية فتمزق حذائه فذهب إلي اسكافي في المدينة يدعي أنيانوس، فذهب لاصلاحه وعندما غرس المغراس بيده صرخ " ايس ثيؤس" اي " الاله الواحد" فانتهز مار مرقص الفرصه وشفي يده وبدأ يبشره بالمسيحية فأمن أنيانوس وأهل بيته واعتمدوا. ومن هنا بدأت تنمو الكنيسة في مصر وتنتشر المسيحية فاغتاظ الوثنيون ، وعندما جاء عيد الإله سيرابيس تزامنا مع عيد القيامة خلت المعابد الوثنية في الاسكندرية من اتباعها وامتلأت الكنائس بالمؤمنين ، فقام الكهنة بتحريض الوثنيون علي مار مرقص وهجموا علي الكنيسة واقتادوه من المذبح اثناء الصلاة وجروه بشوارع المدينة صارخين " جروا التنين في دار البقر" فسالت دماؤه وتقطع لحمه ثم اودعوه السجن وكان متعزيا ومسبحا لله فظهر له المسيح بنفسه وقواه ، وفي اليوم اعادوا الوثنيين الكرة مع القديس فربطوه من عنقه وجروه في الشوارع حتى انفصلت رأسه عن جسده واستشهد ، ولم يكتف الوثنيون بذلك فارادوا حرق جسده الا ان قوة الهية جعلت عاصفة قوية تهب واسقطت امطار غزيرة وتفرق الجموع مما اتاح للمؤمنين ان يأخذوا الجسد ويكفنوه وكان ذلك في 30 برمودة 68م.

يرسم القديس مرقص دائما بيده انجيل لانه هو كاتب انجيله ، كما يكون دائما بجانبه أسد ويرجع هذا لعدة اسباب اولهم قصته مع ابيه وهو كان سائرا معه في صحراء الأردن فوجدوا امامهما أسديين فخشي والده عليه وطلب منه الهروب وسيقوم هو باشغالهم عنه والتضحية من اجله، فرفض القديس الهروب وصلي لكي يحميهم المسيح وبالفعل ماتا الاسدين بفضل صلاته، وأمن والده بالمسيح.كما ان اتفق اباء الكنيسة على ان الحيوانات المتجسدة الاربعه حاملة العرش الالهي المذكورة في سفر حزقيال ورؤيا يوحنا ترمز الي البشائر الانجيلية الاربعه ( وجه الانسان : متي، وجه الأسد: مرقص، وجه الثور: لوقا، وجه النسر : يوحنا) كما ان القديس مرقص بدأ انجيله بالاية " صوت صارخ في البرية" وهو يشير لزئير الاسد ويرمز به للمسيح الذي خرج كالأسد من سبط يهوذا. وأخيرا الأسد الأفريقي يرمز لجذور القديس مرقص الرسولي الأفريقية واهم مناطق خدمته بالإسكندرية.

تاريخ الكنيسة المرقصية بالإسكندرية

يقال ان كان بيت أنيانوس أول أسقف رسمه القديس مرقص هو مكان الكنيسة المرقصية الحالية ، ويخبرنا التقليد الابائي والمصادر التاريخية أن بعد استشهاد القديس مرقص الرسول وأخذ المؤمنين جسده ذهبوا به إلي مكان يدعي بوكاليا " أي مرعي البقر" بقرية راقودة وحفروا قبر في الناحية الشرقية ودفنوه وكانت هذه أول كنيسة في مصر وظلت قائمة تلك الكنيسة حتي القرن الرابع الميلادي.

عانت الكنيسة المرقصية خلال العصور الوسطي من تخريب وهدم حتي الحملة الفرنسية 1798م عندما قام الفرنسيون بهدم منارتين الكنيسة بحجة ان الانجليز ربما يستخدموها في محاربتهم ، وعلي أثر هذا قام الاقباط بنقل المقتنيات الكنسية من أيقونات وغيرها إلي كنيسة مار مرقص برشيد للحفاظ عليها ، وبعد رحيل الحملة الفرنسية قام أراخنة الإسكندرية بمحاولة استصدار فرمان لاعادة بناؤها، وبالفعل نجح الأرخن صالح عطالله في استصدار فرمان من محمد علي باشا عام 1818م بجمع الاموال الللازمة لبناء الكنيسة المرقصية ، بل منح محمد علي البناءين والفنانيين لبناء الكنيسة واخراجها بأبهي شكل مما يدل علي سماحته تجاه أقباط مصر.

علي الفور جمع المؤمنين بالإسكندرية الأموال اللازمة لبناء الكنيسة وتم بناؤها في خلال سنة وكانت من الداخل علي نظام الأقبية المحمولة علي ست أعمدة رخامية ( أهدتهم الملكة هيلانة إلي كنيسة الإسكندرية) ، وظلت الكنيسة قائمة حتي قام بتجديدها البابا ديمتريوس الثاني عام 1870م وعمل لها حامل ايقونات من الرخام علي الطراز اليوناني.

في عام 1950م قام البابا يوساب الثاني بهدم الكنيسة واعادة بناؤها بعد ما وجد أن أقبيتها أيلة للسقوط ، فقام ببناؤها علي مساحة أوسع واستغني عن نظام الأقبية المحمولة علي الأعمدة واستخدم الخرسانة المسلحة في البناء، كما دعم منارتي الكنيسة بقمصان خرسانية وجلب لهم اجراس كبيرة من إيطاليا، قام بوضع الست الأعمدة الاثرية بواجهة الكنيسة الغربية الرئيسية كناحية جمالية، وقام أيضا بتوسيع حامل الأيقونات ليتلائم مع اتساع الكنيسة الجديدة بنفس الطراز اليوناني للحامل القديم ، وتم افتتاح الكنيسة عام 1952م.

فيما بين عام 1985-1990م في عهد البابا شنودة الثالث تم توسيع الكنيسة المرقصية بالإسكندرية من الجهة الغربية مع الحفاظ علي نفس الطراز البازيلكي من الداخل، ونقلت الاعمدة الست الاثرية الي واجهة الكنيسة الجديدة وكان ذلك التوسع لازدياد عدد المصلين في الكنيسة .

:وصف الكنيسة المعماري

الكنيسة علي الطراز البازيلكي وقد بنيت هذه الكنيسة علي شكل سفينة نوح وتأخذ شكل مستطيل حيث يكون الضلع الشرقي الغربي أطول من الضلع الشمالي الجنوبي وهي عبارة عن صالة كبيرة مستطيلة التي تنقسم طوليا الي ثلاث اقسام صالة وسطى ( navate) وجناحين ( aisles).

لكنيسة المرقسية ثلاث واجهات هم كالأتي:- الواجهة الغربية ( الرئيسية) وهي ذات طابع كلاسيكي حيت تتميز بوجود منصة مرتفعه مقام عليها البناء وهي مدعمة بدرج تؤدى إلي مدخل الكنيسة الذي يتقدمه ست أعمدة من الرخام الأبيض لهم قاعدة مربعة الشكل وتيجان ذات طابع كورنثي تحمل تلك الأعمدة عقد متجاوز ويشغل كوشتى العقد زخارف نباتية عبارة عن اشكال نباتية لفروع العنب ويحاط بهما زخارف هندسية.

وتحتوى الواجهة الرئيسية علي أبواب الكنيسة الثلاث ، ونلاحظ ان الابواب متشابهة فهي تتكون من ضلفتين من الخشب الخرط ويشغل هذان الضرفتان زخارف هندسية ونباتية تتوسطها دائرة بها صليب علي الطراز القبطي.

الواجهة الشمالية هي مقسمة إلي عدة أجزاء مختلفة الارتفاع والاتساع ويحتوي هذا الجزء علي ثلاث دخلات تفصل بينهما أكتاف حجرية ويشغل تلك الدخلات ثلاث نوافذ معقودة بعقود نصف دائرية ويعلو تلك النوافذ ثلاث نوافذ يشغلها زجاج ملون ويلي هذا الجزء كتف عريض بارز ينتهي بمنارة الكنيسة .

الواجهة الجنوبية تتشابه مع الواجهة الشمالية من حيث التخطيط المعماري والزخرفي.

تحتوي الكنيسة علي كثير من المقتنيات والايقونات الاثرية ومنها الأنبل وهو المنبر وهو عبارة عن سلم حلزوني يؤدي الي جسم الانبل الخشبي له قاعدة علي هيئة خوذة مضلعة ومقسمة إلي أربع أجزاء والبدن علي شكل دائرة مقسمة الي شكل رباعي به ايقونات اثرية تمثل كاتبي الأربع بشائر الإنجيلية. حجاب الهيكل وهو علي الطراز اليوناني صنع علي مرتين الجزء الاوسط عام 1870 م ثم عند اعادة بناء الكنيسة 1950 تم اضافة الجانبين للهيكيليين البحري والقبلي بنفس الطراز ـ ويحمل هذا الحجاب أكثر من ثلاثين أيقونة أثرية لازالت بحالتها الجيدة حتي يومنا هذا. لوحة الأباء البطاركة وهي من الرخام كتب عليها اسماء البطاركة حتي منتصف القرن الحادي عشر وهي مكتوبة بثلاث لغات القبطية العربية الانجليزية وهي وضعت عند مدخل القبو الذي يرجح فيه رأس القديس مرقص الرسول بجوار رفات بعض الآباء البطاركة.

الكنيسة المرقصية غنية بالكثير من الاثار ذات القيمة التاريخية والأثرية ما يجعلهاعلي قائمة المباني التراثية في مدينة الإسكندرية يجب الحفاظ عليها ووضعها علي الخريطة السياحية بالمدينة.

 
 
بقلم/ سلفانا جورج عطالله
مدير الوعي الاثري بقلعة قايتباي