محمود صلاح يكتب:
"البجوات’’ كلمة لن تسمعها سوى في الوادي الجديد، يصف بها سكان المحافظة، الأثر التاريخي الذي يرجع للقرن الثاني الميلادي، وهو ‘‘مدينة الموتى’’ والاسم الأصلي هو ‘‘القبوات’’، جمع قبو، وهو الشكل الذي بُنيت عليه مقابر الجبانة، حيث تعلوها قباب، مبنية من الطوب اللبن، وترجع لأوائل العصر المسيحي.
تشبه الجبانة مدينة مهجورة، وتقع خلف معبد هيبس، حيث تفصلها عنه أطلال المدينة القديمة التي بناها الأقباط الذين فروا من مصر بدينهم خوفًا من الاضطهاد الروماني للمسيحية، في القرن الثالث الميلادي، على رأسهم كبار القساوسة مثل تضروس وأثناثيوس، ليعيشوا في سلام بعقيدتهم، واستقروا في الصحراء بعيدًا عن أيدي الأباطرة الرومان، على ربوة عالية.
مقابر البجوات يبلغ عددها 263 مقبرة، وتتوسطها أطلال كنيسة، تعد ثاني أقدم كنيسة في مصر، كما أن الجبانة تحتوي على مقبرة الخروج التي تحكي رسوما تروي قصة خروج بني إسرائيل من مصر، يتبعهم فرعون بجنوده، ثم قصص بعض الأنبياء ومنهم آدم وزوجته حواء، يخرجون من الجنة، وقصة دانيال في جب الأُسود، ويونس في بطن الحوت، وأيوب يشفى من البلاء، وإبراهيم وابنه الذبيح، ونوح يعبر الطوفان بالسفينة.
على بعض المقابر، رُسِمت نقوش ملونة وكتابات قبطية عديدة سجلها عالم فرنسي، وتحكي قصصا لتاريخ المسيحية في مصر، ثم كتابات سجلها على المقابر حُجّاج الدرب المغربي الذين اتخذوها مأوى لهم أثناء رحلاتهم
|