الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

السياحة العسكرية.. مصدر واعد للسياحة المصرية

السياحة العسكرية.. مصدر واعد للسياحة المصرية
عدد : 09-2014
بقلم الدكتور/ أسعد عرفه زكى
مدرس التاريخ الحديث والمعاصر
جامعة مدينة السادات

رغم بشاعة الحروب وفظاعتها وقساوة ما يحدث فيها من عمليات قتل وتدمير للبشر والجماد على حد سواء، فإنها تفرز لنا بعض الشواهد والبقايا التى تستحق منا أن نتدارسها جميعا، وتترك الحروب لنا العديد من المواقع العسكرية التى دارت على أرضها معارك ضارية راح ضحيتها آلاف وآلاف الجنود، تحكى لنا تلك المواقع العسكرية كيف دافع هؤلاء الجنود عن أوطانهم وعن قضايا أممهم، وكيف تشبثوا بكل ذرة رمال وكل حبة تراب من أجل أوطانهم، وكيف تمسكوا بالحياة ليس من أجل الحياة ذاتها ولكن من أجل أن يعيشوا لوطنهم وأن يعيشوا أحرارا على أرض حرة.
تستحق تلك المواقع العسكرية منا كل تقدير واهتمام، بأن يتم تحويلها إلى مزارات سياحية يرتادها السائحون المحليون والأجانب من أجل أن يروا تضحيات أجدادنا من أجل وطنهم، وليروا كيف كانت الحكاية....؟
تمثل تلك المواقع العسكرية سجلاً لمعارك عسكرية بعضها أخذ حظه فى الاعلام والآخر لم ينل تلك الشهرة الإعلامية وهذا هو دورنا كوزارة السياحة وكأكاديميين فى الجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة فى أن نبرز بطولات وتضحيات جنودنا البواسل الذين ضحوا من أجل أن ترفع رؤوس أبناءهم وأحفادهم وهم نحن...ونحن مدينون لهم بتحرير كل حبة رمل من هذا الوطن.
اهتمت الحكومة المصرية بتحويل بعض المواقع العسكرية التى شهدت قتالاً عنيفاً بين قواتنا المسلحة وبين الجنود الإسرائيليين المعتدين...حولتها إلى مزارات سياحية يرتادها المصريون والأجانب ليروا كيف كان الصراع دائراً.
تتمثل أهمية السياحة العسكرية – بالإضافة بالطبع إلى النواحى الاقتصادية الهامة – فى أنها تثير تساؤلات جديدة حول مفاهيم العدل والحق والسلام....ونتعلم الدروس والعبر من خبرات من سبقونا فى هذه الحياة، ونعطى درساً لكل من يحاول أن يعتدى على أرض هذا الوطن لنذكر العالم أجمع بصلابة وبسالة الجندى المصرى واستعداده ليضحى بحياته من أجل كرامته وكرامة أبناءه ومن أجل تحرير كامل أرضه وإيمانه العميق بأنه يفضل أن يستشهد ويدفن فى أرض حرة عن أن يعيش على أرض محتلة.
تمثل تلك المواقع العسكرية مصدراً رئيسياً للتأريخ العسكرى لتلك المعارك العسكرية لأنها تحكى الحكاية كما حدثت ولأنها سوف تكون يوما ما الشاهد الوحيد على معركة قد تكون غيرت مجرى التاريخ.
وبهذه المناسبة أدعوا زملائى وأساتذتى الباحثين فى مجال الآثار والتاريخ أن يركزوا اهتمامهم البحثى خلال الفترة القادمة على السياحة العسكرية كتاريخ وكنمط سياحى واعد تمتلك مصر البنية التحتية لممارسة أنشطته وإن كانت تحتاج لمزيد من الاهتمام ومزيد من التنسيق بين الوزارات المختلفة.
نحتاج إلى تنسيق بين وزارة السياحة من جهة ووزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى من جهة أخرى من أجل تنظيم زيارات مدرسية وعلى المستوى الجامعى إلى تلك المواقع العسكرية التى حولتها السلطات المصرية إلى مزارات سياحية من أجل رفع الوعى وبث روح الحماسة والوطنية لدى تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات وكمبادرة لتنشيط السياحة الداخلية.
سمعت عن سعى وزارة الآثار إلى إنشاء متحف يضم كل ما يتم العثور عليه من مقتنيات أثناء حفر قناة السويس الجديدة وهذه مبادرة رائعة نحييهم عليها وندعمهم كأكاديميين ونمد أيدينا إليهم بكل ما نملكه من بحوث ودراسات وأفكار من أجل تنفيذ هذا المتحف، وندعوهم لعمل نصب تذكارى لكل من ساهم واستشهد أثناء العمل فى حفر القناة الجديدة.
وكما ذكرت آنفاً بأن مصر تمتلك البنية التحتية لممارسة نشاط السياحة العسكرية حيث وقعت على أراضيها وداخل حدودها معارك شهيرة تمخضت عن مواقع عسكرية شهيرة مثلما حدث على أرض سيناء، وما حدث فى الساحل الشمالى الغربى وخصوصاً منطقة العلمين عام 1942، حيث تعتبر معركة العلمين واحدة من أشهر وأشرس المعارك التى راح ضحيتها عدد كبير من الجنود من كافة الأطراف المتصارعة.
دارت رحى المعارك فى العلمين أثناء الحرب العالمية الثانية عندما حاولت قوات المحور دخول الأراضى المصرية والسيطرة على قناة السويس وقطع طرق اتصال بريطانيا بمستعمراتها وتصدت لها قوات الحلفاء (بريطانيا وحلفاؤها)، ودارت معارك عسكرية طاحنة بين قوات الجانبين، وبزغ عدد من القادة العسكريين مثل رومل ثعلب الصحراء ومونتجمرى القائد البريطانى المحنك الذى استطاع هزيمة قوات المحور فى معركة العلمين الثانية فى اكتوبر ونوفمبر 1942.
ما يهمنا نحن فى تلك المعارك هى الشواهد التى تركتها لنا على الأراضى المصرية والتى نستطيع استثمارها فى جذب المزيد من السائحين الأجانب من جنسيات مختلفة، والجانب الإيجابى هنا هو تنوع الجنسيات التى شاركت فى تلك المعارك وراح ضحايا منها مثل بريطانيا وأستراليا والهند وماليزيا وأندونيسيا من جانب وألمانيا وإيطاليا من جانب آخر، هذا التنوع فى جنسيات الجنود ضحايا تلك المعارك والذين تم دفنهم فى مصر فى مقابر رائعة من حيث عمارتها والاهتمام بها يعتبر مصدرا من مصادر الاستغلال السياحى ويعتبر فرصة أمام من يقوم بعمل الدعاية لجذب جنسيات مختلفة لزيارة آباءهم وأجدادهم المدفونون فى الأراضى المصرية.
اتفقت الدول التى شاركت فى الحرب العالمية الثانية على دفن هؤلاء الجنود فى مصر على أن يتم إنشاء مقابر لائقة وأن تشرف عليها هيئات أجنبية على الأراضى المصرية، ونجد اهتمام بالغ بتلك المقابر من هذه الدول سواء بريطانيا أو ألمانيا أو إيطاليا حيث خصصت لها الميزانيات ولكل منها ضابط بريطانى أو ألمانى أو إيطالى مسئول مسئولية كاملة عن صيانة ورعاية تلك المقابر والنصب التذكارية على الأراضى المصرية.
اهتمت تلك الدول بالبحث عن رفات جنودها القتلى فى الصحراء المصرية ودفنها دفناً لائقاً فى مقبرة ضخمة وعمل طقوس دينية أثناء الدفن وصيانة المقبرة باستمرار...هذا الاهتمام يجعل تلك المقابر والنصب التذكارية العسكرية مزارات سياحية من الدرجة الأولى لأنها يغلب عليها الطابع الإنسانى أثناء الزيارة.
ونحن لنا أن نتساءل..هل جنودنا البواسل المفقودين بالحروب 67 و 73 لا يستحقون منا أن نبحث عن رفاتهم ونخلد ذكراهم وننشأ مقابر لائقة بهم؟ بل يستحقون ما هو أكثر من ذلك...لقد أحزننى تقريراً مصورا عن الأسرى والجنود الشهداء أثناء حروبنا مع إسرائيل ومعرفة بعض البدو أماكن لهياكل عظمية لجنود مصريين ما زالت مدفونة فى الرمال....
تمثل السياحة العسكرية أهمية اقتصادية ولكن الأهم من ذلك أنها تبرز قضايا وتثير تساؤلات وترسخ لمفاهيم السلام والحرية والتعايش السلمى بين البشر