الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

المهن والحرف اليدوية عند الاسرة في المجتمع العراقي القديم

المهن والحرف اليدوية عند الاسرة في المجتمع العراقي القديم
عدد : 10-2015
بقلم الباحثة / داليا الانصاري

كانت الأسرة في المجتمع العراقي قديما تقدس العمل وتحترمه كما مبين في النص (لا كسب بدون تعب ، شد حزامك يكن إلهك معك )وكان اكثر المهن والحرف اليدوية المشهورة في المجتمع العراقي القديم انذاك النجارة والبناء والحدادة والصياغة والزراعة والفلاحة والرعي والصيد والنحت والتجارة والخياطة والحياكة والحلاقة وصناعة الخزف …… وكانت بعض الحرف تحتاج الى مهارة وتدريب طويل مقتصرة على اسر معينة احتفظت بأسرار حرفتها لنفسها فكانت الحرفة تنتقل بالتدريب من الأب الى الابن .وقد حرص الأباء على ان يبدأ تدريب أبنائهم على حرفة العائلة من عمر مبكر فقد أطلق على الحرفي لفظ " ابن الحرفي " في البابلية (Mar Ummanim) ، وقد دعت الأمثال العراقية القديمة الى ضرورة التزام الأولاد بحرفة آبائهم كما ورد ذلك في الأمثال السومرية الآتية frown emoticon من العار ان يصبح النجار غزالاً (و) من العار ان يصير التاجر فناناً (و) من العار ان يصبح الصائغ فلاحاً ( حرفياً : رجل المنجل )(و) من العار ان يصير البناء حمالاً (و) من العار ان يصير الكاتب معزماً (و) من العار ان يصبح المغني نافخاً في البوق ومن العار ان يصبح الكاهن زماراً .

وفي حالات معينة كان صاحب الحرف الذي لا اولاد له ان يتبنى له صبياً او اكثر ويعدهم كأولاده لتعليمهم الحرفة والمهنة ومن ثم الاستفادة منهم في المستقبل ، ويبدو ان أصحاب الحرفة كانوا ينظمون في ما يشبه النقابات المهنية كما هو الحال في العصر الحاضر و يرأس كل حرفة او صنعة اكثر المنتمين لها شهرة ونفوذاً او أحسنهم سمعة ، وكان الحرفيون أحراراً بأعمالهم ويتجمعون كنقابة يترأسها مشرف يدعى (Ugula) بالسومرية و(Waklu) بالاكدية وكان أصحاب الحرفة الواحدة يحتكمون إليه في فض المنازعات والخلافات التي قد تنشب بينهم , ولا يعرف بالضبط هل أصحاب الحرفة الواحدة يعملون في أسواق مخصصة ام انهم كانوا ينتشرون في المدينة او انهم يقومون بأعمالهم في بيوتهم ثم يعرضون منتجاتهم في الأسواق ؟ .ويبدو ان النساء كن يشاركن في بعض الحرف اليدوية التي تتطلب الصبر والأناقة والدقة في العمل كالحياكة والنسيج والخياطة والتطريز .

ويظهر من النصوص المسمارية ان الأباء حريصين على تعليم أبنائهم على طرق الزراعة الصحيحة كما ورد في وثيقة سومرية من مدينة نفر السومرية تتضمن نصائح وتعليمات زراعية قدمها الأب المزارع الى ابنه بخصوص حراثة الأرض و البذار لكي يتبعها خلال موسم الزراعة يقول الأب لابنه : عندما تكون على وشك ان تتولى الإشراف على حقلك، راقب بعين يقظة فتحة السدود والقنوات ……( حتى ) إذا أغرقت الحقل لا يرتفع الماء فيه ارتفاعاً كبيراً . وعندما تنتهي من بزله من الماء ، لاحظ ارض الحقل المشبعة بالماء كي تبقى لك أرضاً نشطة دع ثيرانها تدوسها لك ، وبعد ان تقتلع أعشابها الضارة وتحول الحقل الى ارض مستوية ، اعزقها على مستوى وأحد بفأس حادة لا يزن كل وأحد منها ( اكثر ) من ثلثي الرطل ( وبعد ذلك ) دع حامل المعول يعمل في إزالة ( آثار ) أظلاف الثيران ويمهدها ( أي الأرض ) لك ،ولتساو الشقوق بجرافة واجعله ( أي حامل المعول ) يطوف مع المعول على زوايا الحقل الأربع ، وفي الوقت الذي يأخذ فيه الحقل بالجفاف . دع ( أسرتك ) المطيعة تعد لك أدواتك ……..) وتستمر النصائح والإرشادات من الفلاح الى ابنه ، وفي ختام كلامه يذكره بان الإرشادات التي قالها له هي من عند اله المروج نينورتا ابن انليل .

فكان الفلاحون يعملون في المزارع الملكية وحقول المعابد مصطحبين معهم أولادهم كما يتضح ذلك من قوائم الأرزاق والأجور اذ ورد في نص من فترة سلالة اور الثالثة بان ( 20 من عمال الحراثة وأولادهم كانوا يعملون باجرة يومية مقدارها (6) شيقلات من القمح . ونص اخر من نفس المدة نفسها يذكر بان ( 24 حارثاً و أولادهم …….كعمال كانوا يعملون طوال السنة في إحدى المزارع . وكانت النساء فضلاً عن أعمال البيت يشاركن الرجال في الأعمال الحقلية كتهيئة الأرض للحراثة وبذر الحبوب وحصد المحصول وجمع العلف للحيوانات و كذلك يعملن في المشاغل الخاصة بالقصور ويمارسن الحياكة والصياغة والدباغة اذ ورد في نص من العصر البابلي القديم ( بان 6 كورمن الصوف من نوع sutu جهزت الى مجموعة من الفتيات المشتغلات في ورشة العمل الخاصة بالنساجين ) وكان الأولاد يرافقون أمهاتهم في العمل ويتم إعطاء ألام أجوراً إضافية عن عمل اولادها ، وكانت الزراعة والبستنة من أهم المهن والحرف في بلاد وادي الرافدين التي من خلالها تعود على الأسرة مورداً اقتصادياً يمكنهم من العيش حياة طبيعة ،كذلك مهنة الرعي حيث تتوفر مزارع كثيرة لرعي المواشي( الأبقار ،الأغنام ، الماعز،……..الخ) والاهتمام بقطعان الماشية بسقيها وحلبها وصنع منتوجات من مشتقات الحليب وجز الصوف والشعر. هذا وقد حدد المشرع في وادي الرافدين الأجور التي تدفع للرعاة، كما جاء في قانون حمورابي ( المواد 258-261) ان أجرة الراعي تتراوح ما بين (6-8) كور من الحبوب سنوياً ، وذكر قانون أشنونا في المواد (7-11) أجور العاملين في الحصاد ، وحدد قانون حمورابي في المواد (215-277) أجور الأطباء والحلاقين والبناءين والملاحين والمزارعين والرعاة فالمادة (274) من قانون حمورابي نصت بان ( إذا أراد رجل استئجار صانع ، فعليه ان يدفع ( له ) في اليوم الواحد خمس حبات من الفضة أجرة له …… وخمس حبات من الفضة أجرة للخياط) ومثـل ذلك أجرة النقاروالصائغ والحداد والنجار والدباغ وحـائـك الحصران والبناء.

ويتجلى حرص الأباء على تدريب أبناءهم على تعلم حرفة معينة في نص من العصر البابلي الحديث نقرا فيه ان ( الصائغ بيل –ابني ، وصل صباحاً الى دكانه الذي يقع في سوق الصاغة وانه راى ولده كودا ينتظره وقد قام بأعداد الفرن وإشعال النار اللازمة وبعد ان قرأ الأب والابن التعاويذ الخاصة بالصياغة ووضعا الذهب في البوتقة الفخارية وأخذا يحركانها تدريجياً تحت النار ثم تولى الابن مهمة إدامة نفخ النار في حين راح بيل –ابني يعد قوالب الصب ويسخنها كي لا تتكسر عند سكب الذهب في القوالب ثم تولى الأب وابنه بتنظيف الحلي وجليها مستخدمين المبرد والأزميل والمطارق الخفيفة وبعد ذلك أخذا يكتفان الذهب ببعض الأشرطة الفضية وينقشان الزخارف الجميلة عليها … وعند انتصاف النهار جمع بيل –ابني وابنه الأدوات والقوالب ووضعاها في صندوق فخاري ، و أطفأ النار المشتعلة في الفرن ونظفا جوانبه ومن ثم توجها نحو البيت وبعد وجبة الغذاء عاد الصائغ مع والده كودا الى الدكان وأخذا يعملان حتى غروب الشمس ).

ونجد الكثير من الحرفيين يمتلكون مشاغل يعلمون فيها أبناء الأحرار والعبيد على حرف مختلفة وفي حالة إخفاقهم في تعليمهم تفرض عليهم غرامة مالية . اذ ورد في عقد من العهد البابلي الحديث ( ان عبد خباز مضى عليه 19 شهر وهو يعلم زميلاً له صناعة الخبازة …….. ولم يكن بعد قد اعد العبد أعداداً كافياً فعليه ان يعوض سيده 6 قا من الشعير عن كل يوم قضاه العبد عنده ). وعقد اخر يذكر بان ( سيداً يدعـى ابني – مردوك – بالاتو قد أرسل عبده الى عبد ليعلمه حرفة نحت الحجر واتفق الطرفان على انه إذا اخفق العبد في تعليم عبد السيد عليه ان يعوضه ثلث منا من الفضة ) . و من حق الأب ان يرسل بناته الى العمل خارج نطاق البيت ، وتشير النصوص بانه يدفع لهن كميات من الصوف والشعير والتمر والأسماك مقابل عملهم . وكان الأغنياء يفضلن شراء امة تمتهن مهنة او حرفة معينة.

يتبين مما سبق بان المهنة تتوارثها الأسرة من جيل الى جيل لكونها المهنة المربحة لذلك كانوا يحرصون على انتقال أسرار مهنتهم الى أولادهم لاعالة أسرهم في أيام شيخوختهم . واشار قانون حمورابي الى قيام بعض الحرفيين ممن لا ولد له بتبني الأولاد من اجل تعليمهم المهنة التي يزاولونها. وكان اكثر العبيد ممن يمتلكون حرفة ما واكثر العبيد تابعيين للمعابد والقصور الملكية .