الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

ضريبة القيمة المضافة في هذا التوقيت كارثة وليست إضافة
فرض الضرائب والاستدانة هذا هو ملخص رؤية إدارة الاقتصاد في مصر

ضريبة القيمة المضافة في هذا التوقيت كارثة وليست إضافة
فرض الضرائب والاستدانة هذا هو ملخص رؤية إدارة الاقتصاد في مصر
عدد : 07-2016
بقلم: محمد رضا

في توقيت لا يوصف بأقل من أنه الأصعب في تاريخ الاقتصاد المصري، فاجأتنا الحكومة بطرحها لقانون ضريبة القيمة المضافة والذي سيتسبب في زيادة الضرائب على قطاعات كبيرة من الاقتصاد المصري وبالتالي تحميل ذلك على المستهلك النهائي وهو المواطن في ظل انعدام الرقابة على الأسواق وانعدام السيطرة على جشع التجار وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل حاد دافعاً التضخم للارتفاع بنسبة لا تقل عن 3.5% إلي 4% في الوقت الذي اشتعلت فيه الأسعار خلال الفترة الماضية بشكل غير مسبوق تأثراً بالانهيار الحاد في قيمة الجنية المصري أمام الدولار الأمريكي.

لا يختلف أحد أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة بديلاً عن ضريبة المبيعات هو أحدى أهم الإصلاحات المطلوبة للاقتصاد المصري، ولكن الاختلاف هنا في توقيت تطبيقها حيث أن الاقتصاد المصري الآن يعاني من مجموعة من المشاكل الحادة والجوهرية والتي أفقدته توازنه ودفعته للركود وتراجع الاستثمارات الأجنبية بشكل حاد في ظل عدم توافر الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار الفائدة لمستويات غير مسبوقة ليصبح الاقتصاد المصري بكل مقوماته وآلياته يعاني من الآم حادة في كافة مفاصلة أدت إلي شلل وإعاقة في كافة قطاعاته، هل من المعقول أن نأتي في هذا التوقيت الصعب ويتم فرض ضرائب جديدة تثقل المستثمرين والمواطن، وكان الأهم في هذا التوقيت هو العمل على حل هذه المشاكل وتقديم المحفزات للمستثمرين وتخفيف الضغوط عن كاهل المواطن فتأتينا الحكومة بالعكس بزيادة الضرائب على القطاعات الاقتصادية لتخلق مزيد من المعوقات والبيئة الطاردة للمستثمرين وزيادة الأسعار كنتيجة لها على المواطن وبالتالي مزيداً من الركود ومزيداً من توقف المصانع ومزيداً من التراجع في معدلات نمو الاقتصاد المصري، وكان من الأفضل على الأقل لو كنا نرغب في تطبيق ضريبة القيمة المضافة بما لها من مزايا أن يتم تطبيقها بذات أسعار ضريبة المبيعات.

وهكذا جرى العرف في إدارة الاقتصاد المصري اتخاذ قرارات حتى لو كانت جيدة من حيث المضمون ولكنها من حيث التوقيت غير مناسبة تماماً والتي تؤدي لمزيد من تفاقم الأزمة، دعونا نتحدث عن العائد الذي تتوقعه الحكومة وفقاً للتصريحات الرسمية والتي قدرت أن حصيلة الضرائب من تطبيق ضريبة القيمة المضافة مابين 20 إلي 30 مليار جنيه مصري وهنا بالفعل أقف كثيراً لا أجد ما أقوله !!! هل ستفعلون كل هذا من أجل 30 مليار جنيه مصري إن صح هذا الرقم وفقاً للتقديرات، هل تعلمون أن عجز الموازنة العامة للدولة خلال العام الحالي يقترب من 320 مليار جنيه مصري وبمقارنة العائد من تطبيق ضريبة القيمة المضافة أمام الآثار السلبية على الاقتصاد والمواطن نجد أنها لاشىء، هل تعلمون أن حجم المتهربين من دفع الضرائب سنوياً يتخطى الـ60 مليار جنيه مصري هل تعلم أن من 70 إلي 100 مليار جنيه مصري تحصيلات وتسويات ضريبية ورقية غير نقدية إذا تم وضع الآليات الحقيقية والتنفيذية لتحصيلها ومحاصرة المتهربين سيخفض عجز الموازنة العامة إلي أقل من 10% من الناتج المحلي الأجمالي ، هل تعلمون أن الاقتصاد غير الرسمي يقدر حجمه بضعفين حجم الاقتصاد الرسمي أي أن دمج 50% من الاقتصاد الغير رسمي في الاقتصاد الرسمي سيحقق حصيلة ضريبية للدولة من ضرائب الدخل والمبيعات تعادل ضعف ما يتم تحصيله الآن والتي ستقضي على عجز الموازنة دون فرض ضرائب جديدة أو الاستدانة.

لنجد أن ملخص طريقة إدارة السياسة المالية للاقتصاد المصري هي فرض الضرائب والاستدانة، والنتيجة الحتمية كارثة حيث بالأرقام المعلنة من الجهات الرسمية فإن الدين العام تفاقم إلي مستويات قياسية وتاريخية بوصوله إلي 98% من الناتج المحلي الإجمالي وتراجع النمو للناتج المحلي الإجمالي وتفاقم العجز لمستويات أيضاً قياسية، ولا يختلف ذلك كثيراً عن إدارة السياسة النقدية للاقتصاد المصري لنجد البنك المركزي يواجه أزمة عدم توافر الدولار بثبيت سعر غير حقيقي للجنية أمام الدولار وغلق شركات الصرافة ورفع أسعار الفائدة ووضع قيود ومعوقات على المستثمرين.

وتأتي هذه الإجراءات كجزء من طلبات الجهات التمويلية حيث أن مصر لديها فجوة تمويلية مقدرة وفقاً لبرنامج الحكومة المعتمد من مجلس النواب بـ30 مليار دولار امريكي خلال الثلاثة سنوات القادمة وترغب في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لتمويل الفجوة التمويلية، وكذلك ترغب الحكومة في العودة لسوق الدين الدولي بعد تخطي الدين المحلي للمستويات الأمنة وانخفاض الاحتياطي النقدي بإصدار سندات دولية في سبتمبر القادم بقيمة 3 مليار دولار امريكي ضمن برنامج سندات دولية بقيمة 10 مليار دولار أمريكي، ومع الخفض المتوقع قريباً جداً للجنية المصري أمام الدولار الأمريكي مع فرض قانون ضريبة القيمة المضافة مع غياب الرقابة على الأسواق ستشتعل الأسعار بالارتفاع بما لا يقل عن 15% لنتحدث عن ضغوط استثنائية اجتماعية واقتصادية خلال عام 2016.

الاقتصاد المصري لا يحتاج لضرائب أو الاستدانة، لا يحتاج إلي الجري وراء شركات الصرافة، لا يحتاج لتضييق الخناق على المستثمرين، لا يحتاج لسعر صرف غير حقيقي، لا يحتاج لأسعار فائدة مرتفعة تسحب السيولة في البنوك دون استثمارها، أذاً ماذا نحتاج؟؟؟ نحتاج على سبيل المثال للعمل على دمج الاقتصاد الغير رسمي في الاقتصاد الرسمي، إعادة هيكلة المنظومة الضريبية وتحصيل المتأخرات الضريبية وحصار المتهربين، تشغيل المصانع المتوقفة، الجنية بقيمته الحقيقية، أسعار فائدة منخفضة، رفع القيود على تحويلات الدولار، تهيئة المناخ الاستثماري وتحسين بيئة الأعمال بإصلاح المنظومة التشريعية بقانون موحد للاستثمار يفعل بشكل حقيقي الشباك الواحد، دعم وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل حقيقي لتكون قاطرة للاقتصاد المصري، ربط التعليم بسوق العمل، ورفع المهارات والإمكانات الإنتاجية لدى القوى العاملة ككل، تطوير المهن الحرفية ودمجها في الاقتصاد الرسمي، بناء اقتصاد دولة قائم على التصنيع والزراعة وليس الاستهلاك، إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي، وصياغة آليات تمويلية قائمة على المشاركة الاستثمارية وليس الاستدانة، فاعلية الرقابة على الأسواق.