السبت , 20 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

عسكرى الدرك

عسكرى الدرك
عدد : 03-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
من موسوعة كنوز أم الدنيا
tbadrawy@yahoo.com


كان يطلق لقب عسكري الدرك في الزمن الماضي على الخفير الذي يسهر ليلاً في الشارع المصري ويجوب منطقة معينة في المساء من بعد صلاة العشاء وحتى صلاة الفجر حيث كان يتجول يمينا ويسارا ليكشف اللصوص والبلطجية ولذلك كان يطلق عليه أحيانا خفير الدرك أيضا ورغم إختفائه عن الساحة المصرية منذ قيام ثورة 23 يوليو عام 1952م فإن السينما المصرية قد لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على شخصية عسكري الدرك في أذهان الناس بسبب تعدد تجسيدها في أفلام الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين الماضي بسبب تعدد تجسيدها حتى كاد لا يخلو فيلم سينمائي في هذه الفترة من شخصية عسكري الدرك حيث كانت هذه الشخصية تظهر بشكل ملحوظ في أفلام الكوميديا خصوصا في أفلام مخرج الكوميديا الراقية الراحل فطين عبد الوهاب والممثل الراحل إسماعيل يس ورفيقه في معظم أعماله رياض القصبجي الذى كان دائما يظهر في شخصية الشاويش عطية إلي جانب الممثل القدير الراحل عبد السلام النابلسي وكانت هذه الأفلام بشخصياتها تضفي البهجة على المشاهد المصري والعربي وذلك بعدما ألغت ثوره يوليو مهنه عسكرى الدرك وقصرت الأمر على وظيفتين فقط في جهاز الشرطة المصرية إما عسكري وإما ضابط شرطة وظل الوضع هكذا حتى أواخر الستينيات عندما أدرك النظام فشل التجربة فقام بإنشاء معهد أمناء الشرطة ليضيف مسمى وظيفى آخر إلى جهاز الشرطة وقد إرتبط عسكرى الدرك بذاكرة المصريين بصيحته الشهيرة هاااااااااه مين هناك والتي كانت تشيع الإطمئنان في نفوس الناس نظرا لثقتهم أن هناك من يحرسهم ويحرس بيوتهم وممتلكاتهم ويسهر علي أمنهم وفي نفس الوقت تثير الرعب في نفوس اللصوص والمجرمين .


ويجمع المؤرخون على أن أول من أرسى قواعد عمل قوات الدرك كهيئة عسكرية مكلفة بحفظ الأمن بين السكان المدنيين هى دولة فرنسا عندما قامت بإنشاء قوات تحت مسمى جندرمة في القرن الثاني عشر الميلادي وقد إنتقل هذا النظام إلى العديد من الدول الأخرى التي كانت لها صلة بفرنسا أو البلدان التي أصبحت في وقت من الأوقات تحت الإحتلال الفرنسي وبذلك خضعت لسيطرتها مباشرة مثل سوريا ولبنان وبلاد المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب وبعض الدول الأفريقية مثل الكاميرون والسنغال وكوت ديفوار وقد دخل هذا النظام إلي مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادى نقلا عن النظام الذى أنشأته الدولة العثمانية في الولايات التابعة لها وكانت مصر في ذلك الوقت رغم تمتعها بالإستقلال النسبي عنها من الناحية الفعلية إلا أنها كانت رسميا أحد الولايات التابعة لها ولما كان العثمانيون هم من أدخلوا نظام الدرك في ولاياتهم لذلك كان هناك إعتقاد بأن أصل كلمة درك يعود إلى اللغة التركية وأن هذه الكلمة قد إنتشرت في الوطن العربي إبان حكم العثمانيين إلا أن الصحيح هو أن كلمة درك كلمة عربية الأصل وتعنى قوات الشرطة وفى معجم المنجد فقد أعطى تعريف للكلمة حيث وردت كلمة الدرك بأنها قوة عسكرية يعهد إليها بحفظ الأمن والنظام وفي معجم مختار الصحاح يقال تدارك القوم أي تلاحقوا ولحق آخرهم بأولهم .


ومن وقت دخول هذا النظام في الولايات العثمانية كما تقدم إرتبط إسم عسكري الدرك بتعريف رجل الشرطة في كثير من الأقطار العربية حتى بعد إنتهاء الخلافة العثمانية وإستقلال هذه الدول عن المستعمر الأجنبي سواء كان بريطانيا أو فرنسا حيث كانت معظم دول الوطن العربي قد وقعت تحت الإحتلال البريطاني أو الفرنسي تباعا بداية من منتصف القرن التاسع عشر الميلادى وكان الدرك هو اللفظ الذى كانوا يتم إطلاقه على رجال الشرطة فى هذا العصر من أجل القيام بمهمة حفظ الأمن فى الشارع حيث أن معني كلمة الدرك هو إستدراك الشئ أو ملاحقته كما أوضحنا وهو ما ينطبق على رجل الشرطة الذى تكون مهمته الأساسية أن يطارد اللصوص والمجرمين وأن يمسك بهم ومن ثم كانت قوات الدرك في مصر أحد أنواع كثيرة من القوى البشرية العاملة في جهاز الشرطة وكانت المهمات المنوطة بها محصورة في واجبات وتكاليف محددة تنتهى عندها ولاتتخطاها كما كانت لاتوجد بها درجات أو ترقيات بمعنى أن عسكري الدرك كان يؤدى وظيفة محددة له مدى العمر ويستمر في رتبته كعسكرى درك حتى إنتهاء خدمته في الشرطة مثلها في ذلك مثل وظيفة كونستابل المرور وخفير النظام ومعاون الإدارة الذى كان يعمل على حل القضايا بين المتخاصمين في أقسام الشرطة قبل وصولها للمحاكم وكان لابد وأن يكون ملما بالقانون لذلك كان لزاما عليه أن يكون من خريجي كلية الحقوق .


وكان من أهم الأدوات التي كان يجب علي عسكرى الدرك حيازتها ولا غني له عنها صفارة حيث كانت جزءا من قانون البوليس الصادر عام 1906م في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني أي منذ 112 سنة والذي كان يلزم عسكرى الدرك بإستخدام الصفارة التي كان يضعها رجل الشرطة حول رقبته ويقوم بإستخدامها بصفة خاصة في الدوريات الليلية وكان عليه أن يقوم بإستخدام الصفارة والتبيه بها بعدد مرات محددة حيث كان لكل موقف عدد من التنبيهات التي يطلقها عسكرى الدرك بصفارته فتكون لغة يفهمها عسكري الدورية الذي كان مكلفًا بأن يتجول في الشوارع بالقرب من المنطقة المكلف بحراستها عسكرى الدرك وقد نص قانون البوليس المشار إليه علي أن تكون الصفارات التي يجب أن يحملها عساكر الدرك من ضمن عهدتهم وأن تكون من ضمن مسئوليات شيخهم الذى كان يطلق عليه شيخ الخفراء حيث نصت المادة رقم 30 من هذا القانون علي أن العهدة تكون من ضمن مسئوليات شيخ الخفر وأن يكون كذلك هو المسئول أمام المأمور عن إنتظام عساكر أو خفراء الدرك بطابور التفتيش وعن وجود طاسات نمرهم وكبابيدهم وصفاراتهم بغاية النظافة وبحالة جيدة وعلى شيخ الخفر أن يبلغ في الحال عن كل خلل أو نقص في تلك الأصناف للمأمور كما ألزم هذا القانون في المادة رقم 46 منه عساكر الدرك بعدم إزعاج الجمهور بالمناداة على بعضهم البعض مطالبا الخفر بأن يظهروا الرزانة والصبر في معاملاتهم وأن يبلغوا حالًا عسكري دورية البوليس الأقرب إليهم بكل مايحدث في أماكنهم مما يمس الأمن العام وعند حدوث حريق يجب عليهم أن يصفروا بصفاراتهم ثلاث مرات وينبهوا الجمهور إلى النار ويدعون السكان للمساعدة وقال القانون أيضا إنه يجب على الخفير أن يبادر حالًا لمساعدة أي شخص يستغيث في بيت أو منزل ثم يتحقق من سبب ذلك ويقوم بطلب عسكرى دورية البوليس بواسطة الصفير مرتين وأضاف القانون أنه عند وجود شخص في الشوارع أو الطرقات أو غيرها من الأماكن العمومية غير قادر على الحركة بسبب جروح أو إصابات أو غائب عن الصواب من تأثير السكر مثلا فعلى الخفير أن يبقى بجواره ويطلب حالا حضور عسكري دورية البوليس الأقرب إليه بواسطة الصفير مرتين أيضا لكي يتخذ ما يلزم من الإجراءات كما ألزم القانون عسكرى الدرك بأن السكارى الذين يحدثون قلقًا ويسببون إضطرابا فيجب على الخفير ضبطهم وطلب حضور عسكري دورية البوليس الأقرب إليه بإستخدام الصفارة أيضا وإذا كانت الأبواب أو الشبابيك بالمنازل غير مغلقة جيدا فعلى عسكرى الدرك أن يوجه إنتباه السكان إليها ويطلب حضور عسكري دورية البوليس الأقرب إليه بواسطة الصفير مرتين أيضا وينبغي أن يتحقق بنفسه ثلاث مرات على الأقل مدة الليل أن جميع أبواب الدكاكين والمتاجر الكائنة في دائرة دركه مغلقة جيدا ولم يمسسها ضرر وإذا ظهر له خلل عليه أن يبقي هنالك ويطلب حالا حضور عسكري دورية البوليس الأقرب إليه وعليه أن يولي عنايته بشكل خاص إلى البيوت التي يعلم أن سكانها غائبون عنها .


وحديثا وبعد أن تولي اللواء أحمد جمال الدين منصب وزير الداخلية في شهر أغسطس عام 2012م قام بإصدار قرار في شهر أكتوبر عام 2012م بالبدء فى تنفيذ مشروع إعادة عسكرى الدرك من جديد فى عدد من أقسام الشرطة بمديريات أمن القاهرة والجيزة والإسكندرية والأقصر وأسوان حيث تم تزويد أطقم أفراد الدرك الجدد بالسيارات والأجهزة الحديثة وربطهم بغرفة عمليات الوزارة لتكون هناك سرعة فى الإنتقال إلى مواقع الأحداث من أجل تحقيق الأمن للمواطنين إلا أنه بمجرد إقالة اللواء أحمد جمال الدين في شهر يناير عام 2013م وتعيين اللواء محمد إبراهيم تم تجميد مشروع عسكرى الدرك لكن بعد فترة وفي خلال شهر يوليو عام 2014م تم إحياء المشروع من جديد بعد أن تم إختيار مجموعة من الأفراد بمواصفات خاصة ليكونوا نواة قوات عساكر الدرك الجدد تتمتع بقدر عال من الذكاء واللياقة البدنية والقوة الجسمانية وذلك حتي يستطيع كل منهم التعامل مع المواقف الحرجة والتصدى للعناصر الإجرامية ومطاردتها وضبطها قبل إرتكاب الجريمة وعلي ذلك تم تجهيز قوات عساكر الدرك وتدريبها على الإنتشار السريع وفقا لبرامج متطورة لرفع مستوى اللياقة البدنية والرماية القتالية الثابتة والمتحركة بحيث أصبحهؤلاء الأفراد علي أتم الإستعداد لتحقيق الردع والتصدى الفورى لأى إعتداء على المواطنين أو المنشآت العامة والخاصة بمختلف المحاور بنطاق محافظة القاهرة خاصة بعد إنتشار أعمال العنف والإرهاب فى الشارع المصرى في ذلك الوقت وبالفعل بدأ تواجد عساكر الدرك بالشوارع في الأماكن الحساسة فى القاهرة في محيط أقسام الشرطة والسفارات والمتحف المصرى ومبنى الإذاعة والتليفزيون ومبانى الوزارت والبرلمان ومجمع التحرير والفنادق الكبرى لأنها قد تتعرض لأى أعمال تخريبية فى أى وقت وأيضا في نطاق الشوارع الحيوية الأكثر زحاما والتى يتواجد بها البنوك والأندية لأنها أماكن تشهد أعمال عنف فى أوقات كثيرة ولكن للأسف الشديد لم تكن هذه التجربة ناجحة بما يكفي نظرا لأنه لم يتم تسليح هذه القوات كما كان مخططا وإقتصر دورها على المراقبة بشكل عام وتوصيل الرسائل للمسئولين عن طريق أجهزة اللاسلكي وكنتيجة زيادة معدل الجريمة في هذه الفترة ليس فقط في المناطق النائية بل في كل شوارع مصر من حالات سرقة أو قتل أو غيرها من الجرائم وفي وضح النهار أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بإستحداث جيل جديد من معاوني الأمن ليكون بمثابة شكل أكثر تطورا لعسكري الدرك وذلك بهدف إستحداث فئة جديدة ضمن أعضاء هيئة الشرطة بالمسمى المذكور يتم تعيينهم وتأهيلهم وفقًا لأسس ومعايير خاصة للإستفادة منهم بعد حصولهم علي الشهادة الإعدادية وعلي أن يكونوا من ذوي القدرات الصحية والنفسية والرياضية المناسبة والمؤهِلة لعمل رجل الشرطة وذلك في محاولة جديدة لإعادة عساكر الدرك وفقًا لمواصفات معينة تضمن نجاح الفكرة التي فشلت من قبل مع منح معاون الأمن حق الضبطية القضائية وهذا هو التغيير الجذري في عرف عسكري الدرك حيث أن قلة حيلة عساكر الدرك كانت بسبب تجردهم من السلاح وعدم تحديد مهام وظيفتهم بشكل واضح كما سمح القرار الجديد له بحق دخول جميع أماكن العمل وتفتيشها وطلب المستندات والبيانات اللازمة من أي شخص يشتبه فيه وقد أشاد خبراء الأمن بهذ الفرار حيث أن من شأنه أن يعيد للشارع المصري الأمن من جديد خاصة بعد منح هذه الرتبة حق الضبطية القضائية التي تتيح له ممارسة عمله بشكل أكثر إحترافية وبحيث يستفاد منها في حفظ الأمن والأمان في الشارع المصرى .
 
 
الصور :