الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أبو الهول في الطابور ... من أجل مصر

أبو الهول في الطابور ... من أجل مصر
عدد : 04-2018
بقلم الدكتور/ إبراهيم حسن الغزاوي
مدير مركز دلتا مصر للبحوث والتدريب
eommar@hotmail.com


مر وقت ليس بطويل.... لكنني اشتقت إليه ..ولقائي به لا يخضع مني لمنطق الزمن... بقدر ما يأتي في إطار الاحتياج للنصيحة وتحرى المؤانسة ...فكم أود أن أقبع بجانبه ...فتمتد بيننا الحوارات، حتى ولو اكتفيت منه النظر ... صحيح، لأنني أنظر إليه وفيه صورة مصر ..وطن وحضارة....أجد فيه مجداً لبلادنا...وعزا لا يغيب سناه... أجد راحتي بين طلته وشموخه..قادتني قدماي إليه من جديد ...وعقلي يدور بي دوائر واسعة...فيما أحادثه وبما أحاججه؟ ...فبيننا الحجة لها متعة، وللحديث رونق... فعندما وصلت له ...اقصد لموضعه من التاريخ والجغرافيا حيث اعتدت أن يغمرني بهاؤه من على بعد.... لم أجده هناك!!..

لم أفزع هذه المرة فزعي في لقائنا السابق...عندما فوجئت به ليس موجودا في موقعه... فاليوم كان لدى حدس وتوقع أنني لن أجده ....وأعلم ما علي فعله ... الانتظار...وسأعلم ما خفى بمجرد أن يعود..وانا اعلم علم اليقين أنه سيفعل... وبالفعل ..ماهي إلا دقائق معدودة... أمضيتها في تأمل لوحة الأهرامات السابحة في فضاء التاريخ .... إلا وهو آت من الأفق البعيد...متهللاً... فرحاً...تعلو وجهه ابتسامة الوقار ... تأملته في انبهار يحط في موقعه بجلال العز المصري القديم ... تكفيني منه هذه الجرعة من الشموخ...لكن بالقطع طموح لما هو أبعد.... أمهلته ليستقر ..ولم أعقب ... علمته من قبل يعرفني ويفهم مرادي ربما قبل أن يراني..

ها قد أتيت...علمتك قادم ....

أهلا ...ابتدرني في ود وترحاب ...

أهلا بكم يا سيد الجمال ....أتيتك راغبا في...

أعلم يا ولدي مرادك...وأجيبك بفضل من الرحمن فيما لدي من علم ....أجابني في عزة ورفعة أرى فيها بلادي قائمة لعنان السماء...

تريد أن تحادثني في شأن الانتخابات التي أقمتموها لاختيار رئيسكم.

نعم يا سيد الزمان...

يا ولدي ... لقد عدت لتوي من تفقد انتخاباتكم ...وقفت في طابور طويل ....أسعدتني فيه جموعكم التي خرجت تختار في وعي ويقين ... وانتم شعب طيب ...لكن يغلب طموحكم قدراتكم ....وتطغى أحلامكم على واقعكم....عليكم أن تفهموا كثيرا أن الأمم لا تبنى على عجل كما إنها لا تقوم على أحلام ....وعليكم ألا تضيعوا بلادكم في الشطحات البائسة لمثيري الفتن...

كيف يا سيدي ؟ .. أثارتني غموض الفكرة في حديثه ...

نعم يا بني ...اغلبكم تطال رغباته السماء ..وبلغ منكم الطموح مبلغه..بما يفوق قدرات واقعكم المحدودة .
سألته متعجبا: وهل في الطموح ضير يا سيدي؟!!

ابتسم في تؤدة ورفق ونظر إلي بحنوه الباسم، قائلا : لا يا ولدي ليس في الطموح عيب ..إنما العيب والخطر كل الخطر ألا يواكب طموحكم جهدكم،فتكتفون بأماني وتبتعد عنكم النجاحات الكبيرة.

كيف يا سيدي؟...

لديكم ملايين الموظفين في الحكومة...وليس هناك بيت مصري الا وفيه موظف او اكثر من الحكومة ...وتشتكون من الفساد وتطمحون في الغنى ...وجميعكم إلا قليلا يمكنه بعمله في الحكومة أن يكون مجدا مخلصا وشريفا ..فتعتدل موازين العمل بينكم...ويشعر ضعيفكم بالعدل في مجتمعكم...

وما هو دور الرئيس إذن يا سيدي ؟ .. لقد انتخبناه لتونا ...ونحمله بالكثير...

ابتسم في وقاره، وقال: دور الرئيس هو وضع أهدافكم العليا موضع التطبيق يا بني...وتبني طموحاتكم ..والسير بكم في طريق المستقبل بالبناء والإنتاج ...لكن ترى يا بني هل يمكنه أن يفعل ذلك وحده؟! .. لابد أن تتعاونوا معه كي ينجح ويتقدم وتتقدمون عنه...

وكيف نتعاون معه يا صاحب الفكر الراجح والكيان الراسخ في قلوبنا؟ ...

يلتزم كل وطني بعمله .. ولا تغرقوا أنفسكم في الجدل...فالجدل آفة البلهاء ....وليلتزم كل منكم ما خلق له ..فالطالب يجتهد ،والعامل يخلص ،والطبيب يتقى الله في عمله ،والتاجر لا يستغل الناس ...هكذا تتكامل اموركم مع أمور حكومتكم فتعتدل الموازين...

ولكن الناس لا تفعل ذلك وعلى القانون أن يعمل وبقسوة في رقاب من يخرج علينا بالضرر.. أليس كذلك يا سيدي؟...

نعم يا بني...أجابني واستطرد... لكن القانون لا يقيم حياة بمفرده...والناس يا ولدي هم من يرسمون مسارات مجتمعاتهم ...وليس فقط بالقانون تحيا الأمم...لكنه في قدر من الأهمية بمكان ...وأنتم من يقيم القانون ...فلا تبخسوه حقه ...

كيف يا سيدي؟...

القانون يا ولدي يطبقه قضاه منكم ويشرعه نوابغكم وينفذه أبناء أجهزتكم فلو أحسن الناس اختيار نوابهم لسنوا قوانين طيبة وعادلة..ولو احسنتم تعاملكم مع القانون ليسرتم لمن يطبقه مهمة التطبيق ...لان المجتمع المتحضر أقل مخالفة من المجتمع الهمجي، المجتمع المتعلم اقل من المجتمع الجاهل ...والمجتمع المتدين أقل من المجتمع العاق لعقديته ..وانتم تدعون انكم خير الناس ..وانتم لستم كذلك مالم تتغيروا من داخلكم ...ولا تنتظروا الصلاح يأتيكم من فوقكم رغما عنكم.

يا سيدي ...أراك اثقلت علينا كمجتمع ....وكأن الرئيس والحكومة ليس عليهم شيء ،هل الامر كذلك ؟...

لا يا ولدي.... لقد انتخبتم رئيسكم... وهو لديه عبء ثقيل وعليه مسئوليات جسام ...لأنكم اودعتم فيه ثقتكم ..وألقيتم إليه بأحمالكم ....وعليه ألا يقصر فيحمل الأمانة ..وتحري سياسات العدل والشفافية بينكم ...وعليه أن يغير من أداء أجهزة الدولة الخادمة لكم ..لترتقي بخدماتها بما يسركم ويرضيكم...وعليه أن يحمي طموحاتكم في الأمن والاستقرار بجيش قوي وأمن مستقر وقادر....وعليه أن يمهد الطريق لمستقبل أكثر غنى بمواردكم التي حباكم الله بها ..وغير ذلك كثير يا ولدي لكن يجب أن تتذكر أنه لن يفعل ذلك إلا بدعم منكم ..وباصطفافكم خلفه ...

وكيف نصطف خلفه يا سيد الحكمة ؟ ...

تسدوا له النصيحة مخلصة ...وتصبروا عليه،فحمله ثقيل..ولا تؤلهوه في الأرض ...ولا تداهنوه...بل ساعدوه وادعموه بالالتزام والإنتاج والإخلاص ..وليس بالأغاني والعواطف التي لا قيمة لها ..وإياكم ودهماء التأليه.

من هم يا مفكر التاريخ الفذ؟ ...

هم أناس لا قيمة حقيقية لهم..لكنهم يبتغوا لهم قيمة في تبجيل أولى السلطة...ورفعهم لمصاف الآلهة..ومن لا يأتيهم الباطل من ين يديهم ولا من خلفهم....ومثلهم مثل هؤلاء الذين يدعون لتعديل دستوركم لمد فترة الرئاسة.

وما خطر ذلك يا سيدي؟ ...

خطر ذلك عظيم يا ولدي...إنهم بجهل أو بخبث يريدون أن يثيروا الجدال في المجتمع، ويريدون له القسمة والتناحر، وهم يعلمون أن ليس المجتمع على قلب رجل واحد...وأنكم لا تجيدوا الاختلاف والطبيعي أن يحدث شقاق وتثور مشكلات لا طائل لها، خاصة انكم تتحدثون عن مدة جديدة اربع سنوات لرئيسكم لم تبدأ بعد!!.. فأي حكمة في إثارة أمور تقسمكم بلا داع ولا ضرورة لها الآن؟... اعقلوا يا ولدي يرحمكم الله ....

ولكن يا سيدي...

أمممممممممممممم ...

رأيتها ترتفع ... فتوقفت ... إنها إشارة يديه لي بالكف عن الحديث وأنني علي أن اتوقف هنا .... لكنني خالفت عهدي بها وألححت في سؤالى له قائلا: يا سيدي ..لتأذن لي بسؤال وحيد قبل أن انصرف وطمعي في كرمكم ليس له حدود ...

قال لي تفضل يا بني ولا تطيل فأنا في شغل شاغل...

يا سيد الحضارة وراعي التاريخ لقد كنت في طابور الانتخاب، فهل أدليت بصوتك؟

أتتني ضحكته مجلجلة في رحاب السماء ...ولم يجبني بلسانه ..لكنه رفع يده اليمنى وأراني أصبعه يكسوه الحبر الأحمر ...فعلمت أنه قد أدلى بصوته .... وكاد الفضول يقتلني ....ولم استطع أن اوفى بعهدي له بسؤال واحد..فبادرته ..ولمن أعطيت صوتك يا سادن العراقة وحارس الأبدية ؟

قال في تؤدة ويقين: أعطيته لبلادكم يا ولدي ...اخترت أن يكون صوتي لمصر ...لتبقى دائما في فضاء الدنيا ..تحلق بجهدكم وعرقكم فوق باقى الأمم ...وهكذا ما يجب أن تكونه بلادكم ....

شكرته بابتسامة ودودة ...وردها بنظرة أبدية ملؤها الوقار والجلال ،وتركته وعدت أدراجي إلى قاهرة المعز ، لكن صوته كان يرن في أذني وفي عقلي أيضا ....

اللهم ابق لنا أبو الهول شاهدا على حضارتنا ومنارة لمستقبلنا.