الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

جامع خالد بن الوليد بحمص/2

جامع خالد بن الوليد بحمص/2
عدد : 06-2018
بقلم المهندس / طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com

لايفوتنا في هذا المقال أن نتكلم عن صاحب هذا المسجد وسيرته ونعرف به فهو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي وأبوه الوليد بن المغيرة كان سيد قومه بني مخزوم وأغني أغنياء قريش وكان يلقب بعدل قريش لأنه كان يكسو الكعبة بمفرده عاما وسائر قريش تكسوها السنة التي تليها وهكذا أما أمه فهي لبابة الصغرى بنت الحارث شقيقة لبابة الكبرى بنت الحارث زوجة العباس بن عبد المطلب عم النبي صلي الله عليه وسلم وشقيقة أم المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث آخر زوجات النبي صلي الله عليه وسلم وكان للوليد أبناء ذكور كثيرون لم يكن خالد أكبرهم وكانت بنو مخزوم هي المسؤولة عن أعنة الخيل وإعداد قريش للحرب وتوسم الوليد في خالد منذ صغره صفات الفروسية والشجاعة خاصة وأنه كان يتسم بصفات جسدية تؤهله لذلك فقد كان طويلا يتعدى طوله المترين قوى البنية مفتول العضلات عريض المنكبين فتعلم أولا ترويض الخيل وعندما بلغ خالد سن 18 عاما لم يكن يستعصي عليه فرس كما علمه ركوب الجمال لمسافات طويلة ودربه علي تحمل الجوع والعطش وعلي تناول أى أشياء من الممكن أن تسد جوعه كأوراق الشجر وهوام الصحراء كما دربه علي القتال بجميع أسلحة عصره من سيوف ورماح وسهام ونبال فكان يجيد القتال بها جميعا وبكلتا يديه وهو علي ظهر فرسه مطلقا عنانه كما أنه كان يجيد المصارعة هذا بخلاف موهبته الفطرية في القيادة وعبقريته العسكرية الفذة وياسبحان الله فكأن الله سبحانه وتعالي كان يعد خالد منذ صغره ومنذ نشأته ليكون أمهر وأبرع قادة المسلمين في ميادين القتال والذى يتم تدريس خططه ونظرياته العسكرية في الأكاديميات والكليات والمدارس العسكرية في العالم كله حتي وقتنا الحاضر .


ولما بعث النبي محمد صلي الله عليه وسلم في مكة عاداه الوليد بن المغيرة والد خالد ولم يؤمن به لا هو ولا خالد وهو من إدعي علي النبي أنه ساحر لأنه يفرق بين الأب وإبنه وبين المرء وزوجه ومات بعد الهجرة بأشهر قليلة وجاءت غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية للهجرة ولم يشارك فيها خالد حيث كان في رحلة تجارية ثم جاءت غزوة أحد في عام 3 هجرية وشارك فيها خالد وفي بداية المعركة تفوق المسلمون وبدأت تلوح لهم تباشير النصر وكان الرسول صلي الله عليه وسلم قد أعد مجموعة من الرماة ووضعهم علي الجبل المعروف بجبل الرماة ليحموا ظهور المسلمين وحذرهم من التخلي عن مواقعهم مهما حدث وفي هذا الوقت كان خالد يقود ميمنة المشركين ولما شاهد الرماة تمهل ولم يدخل إلي ساحة المعركة وإنتظر وللأسف خالف الرماة تعليمات النبي عليه الصلاة والسلام وبدأوا ينصرفون لجمع الغنائم وكانت هذه هي الفرصة التي ينتظرها خالد فقد إنكشف ظهر المسلمين وبسرعة البرق دار حول جبل الرماة وباغت من بقي فوقه فقتل منهم من قتل وبدأت الدفة تميل لصالح المشركين وإنتهت المعركة ليس بنصر حاسم للمشركين فلم يأسروا أحدا من المسلمين ولم يحصلوا علي غنائم منهم لكن شهداء المسلمين كان عددهم اكبر من قتلي المشركين في هذه المعركة حيث تعدى عددهم السبعين شهيدا كان علي رأسهم أسد الله حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلي الله عليه وسلم ومصعب بن عمير وعبد الله بن حيرام والد راوى الحديث جابر بن عبد الله وعبد الله بن جحش إبن عمة النبي صلي الله عليه وسلم ويزيد بن السكن وسعد بن الربيع وحنظلة بن أبي عامر وكانت هذه أول لبنة في نظريات سيدنا خالد بن الوليد العسكرية والتي ظل يطبقها حتي آخر معركة خاضها في حياته فقد كان يدرك بسليقته أن علي القائد أن يرصد خصمه وأن يرى تنظيمه لجيشه ومن هنا يضع خطة مواجهته كما أنه كان يدرك أنه مهما كان تنظيم الجيوش جيدا ومهما كانت الخطط الموضوعة مناسبة ومهما كانت النتائج في بداية المعارك في غير صالحه إلا أنه مع سير المعركة لابد وأنه سيحدث خلل ما في صفوف عدوه وعليه كقائد أن يكون صبورا ورابط الجأش فولاذى الأعصاب وعليه أن يرصد موطن هذا الخلل ويضرب ضربته الحاسمة فيه الأمر الذى سيفقد عدوه إتزانه مما سيؤدى إلي توسيع رقعة هذا الخلل في صفوفه وبمزيد من الضغط والتركيز علي توجيه الضربات في موطن هذا الخلل فإنه حتما سيحقق النصر وبهذه النظرية مع غيرها لم يهزم هذا القائد العبقرى الفذ في أى معركة خاضها طوال حياته .

وقد أسلم خالد بعد عمرة القضية في شهر صفر عام 8 هجرية وسر النبي صلي الله عليه وسلم كثيرا بإسلامه خاصة أنه في نفس الوقت أسلم معه عمرو بن العاص وبذلك أصبح عبقرى الحرب خالد بن الوليد وداهيتها عمرو بن العاص ضمن صفوف المسلمين وهما القائدان اللذان ستقع عليهما بعد ذلك أعباء ومهام فتوحات العراق والشام ومصر وتشاء الأقدار أن يشارك خالد بن الوليد كجندى في البداية في غزوة مؤتة بعد حوالي 3 شهور من إسلامه والتي كانت في شهر جمادى الأولي عام 8 هجرية وهي الغزوة التي أخرج النبي فيها جيش من المسلمين قوامه 3 آلاف مقاتل لمواجهة الغساسنة حلفاء الروم الذين كانوا يسكنون شمال شبه الجزيرة العربية وجنوبي الشام في موقع المملكة الأردنية حاليا ثأرا لقتلهم المبعوث الذى أرسله النبي إليهم يدعوهم إلي الإسلام ويسمي الرسول القادة ويقول قائد الجيش زيد بن حارثة فإن قتل فجعفر بن أبي طالب فإن قتل فعبد الله بن رواحة فإن قتل فإختاروا من شئتم ويصل الجيش إلي قرب قرية مؤتة وهي قرية تقع في الأردن حاليا وتأتي الأخبار أن الغساسنة قد أعدوا جيشا جرارا قوامه 100 ألف جندى غير أن الروم حلفاءهم قد أعدوا جيشا آخر لمساندتهم لايقل عدده أيضا عن 100 ألف مقاتل فيقرر المسلمون دخول قرية مؤتة ليتحصنوا بها فلا يستطيع الغساسنة مواجهتهم إلا بمثل عددهم ويظل القتال محتدما بين الطرفين لمدة تسعة أيام ويقتل من الغساسنة عدد كبير وفي اليوم التاسع يركز الغساسنة علي قائد المسلمين زيد بن حارثة حتي يسقط شهيدا رضي الله عنه فيتولي القيادة جعفر بن أبي طالب فيتكاثروا عليه أيضا حتي يسقط شهيدا فيتولي القيادة عبد الله بن رواحة فيتكاثروا عليه أيضا حتي يسقط شهيدا ويتصالح الناس علي تولية خالد بن الوليد القيادة ويكمل اليوم وفي المساء يجمع قادته ويقول لهم إن هذه المعركة لا يمكن أن تحسم بنصر فعدونا أكثر منا عددا وعدة ولن يمكننا أن نظل متحصنين بقرية مؤتة وأن الحل هو الإنسحاب والعودة بسلامة الله إلي المدينة المنورة وإلي جولة أخرى بإذن الله ولكن علينا أن ننسحب إنسحابا منظما دون أن يتبعونا في الصحراء المكشوفة لأنهم إذا إتبعونا أبادونا .

وقد وافق القادة علي هذا الحل فبدأ خالد يضع خطة الإنسحاب فبدل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة والمقدمة مؤخرة والمؤخرة مقدمة وطلب من الجند تغيير ملابسهم وراياتهم كما قام بإنتخاب 300 فارس وطلب منهم العودة خلف صفوف الجيش بعد صلاة الفجر وأن يقسموا أنفسهم 6 مجموعات كل مجموعة 50 فارس وعليهم أن يثيروا الغبار خلف الجيش بحوافر خيولهم وأن يتصايحوا وتعلو أصواتهم ويكبروا ويهللوا وأن تنضم أول مجموعة إلي الجيش فيستقبلها الجيش بالترحيب والتكبير والتهليل تتلوها المجموعة الثانية فالثالثة وهكذا وذلك بهدف إيهام الغساسنة بقدوم مدد من المدينة المنورة كما أخبر خالد الجند أنه بإنضمام المجموعة السادسة إلي الجيش سيصيح قائلا يا عباد الله توكلوا علي الله فيهجم الجيش كله هجمة شرسة علي صفوف الغساسنة وفي اللحظة المناسبة وقبل أن يفيق الغساسنة من الصدمة سيصيح قائلا يا عباد الله عودوا وهنا تبدأ وحدات الجيش في الإنسحاب تباعا وبالفعل تم تنفيذ هذه الخطة بحذافيرها وأصاب الغساسنة الذهول من شراسة قتال المسلمين ويقول خالد عن هذا اليوم تكسرت في يدى يوم مؤنة تسعة أسياف فما بقي في يدى إلا صفيحة يمانية أى سيف من اليمن حيث كان رضي الله عنه مبارزا فذا من الطراز الأول ويستطيع أن يبارز بسيفين في وقت واحد بكلتا يديه وبنفس المقدرة والبراعة وهكذا وفي اللحظة المناسبة أطلق خالد صيحته الثانية يا عباد الله عودوا فبدأ الجيش في الإنسحاب فخشي الغساسنة أن يتبعوا الجيش وهو ينسحب خشية أن يكون هناك كمين قد نصبه خالد لجندهم في الصحراء المكشوفة وكان الرسول صلي الله عليه وسلم في المدينة يشرح للمسلمين المعركة علي الهواء مباشرة ويقول عن ذلك إن الله قد رفع لي الأرض فرأيت معتركهم وأخبرهم عما حدث للقادة الثلاثة الذين عينهم ويخبر المسلمين بأنه يراهم الآن في الجنة ثم يسكت للحظة ثم يقول أخذ الراية سيف من سيوف الله يفتح الله علي يديه ومن يومها سمي خالد بسيف الله المسلول ومن الطريف أن بسطاء المسلمين كانوا غير متصورين أن ينسحب الجيش ويترك أرض المعركة غير مدركين أن هذا كان هو القرار الصائب والذى أنقذ به خالد بن الوليد جيش المسلمين من الدمار في ظروف غاية في الصعوبة خاصة بعد إستشهاد القادة الثلاثة الذين سبقوه وخرجوا لإستقبال الجيش العائد من مؤتة وأخذوا يقذفون الجند بالحجارة والطوب ويلقون بالتراب في وجوههم ويقولون يا فرار يا فرار فررتم من الزحف إلا أن الرسول نهاهم عن ذلك قائلا بل هم الكرار بإذن الله وكانت هذه المعركة بحق هي شهادة من النبي صلي الله عليه وسلم علي مولد العبقرية العسكرية لهذا القائد الفذ الذى عجزت النساء أن يلدن مثله .


وبعد مؤتة شهد خالد فتح مكة في شهر رمضان عام 8 هجرية وكان قائدا لمقدمة جيش المسلمين كما شهد غزوة حنين في شهر شوال عام 8 هجرية وتبوك في شهر رجب عام 9 هجرية وبعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم كلفه الخليفة الأول سيدنا أبو بكر الصديق بمهمة حددها له بخصوص قمع الردة في شبه الجزيرة العربية فكلفه أولا بالتوجه أولا إلي بني أسد الذين علي رأسهم طليحة بن خويلد الأسدى وتمت هذه المهمة بنجاح ثم سار إلي منطقة البطاح حيث مالك بن نويرة وتمت هذه المهمة أيضا بنجاح ثم كانت المعركة الكبرى مع بني حنيفة قوم مسيلمة الكذاب وكان جيش خالد حوالي 13 ألف مقاتل بينما جيش مسيلمة حوالي 40 ألف مقاتل وإستطاع خالد وجيشه أن يحققوا الإنتصار علي مسيلمة ويا سبحان الله فكأن هذه المعركة كانت بمثابة إعداد للمهمات القادمة التي ستلقي علي كاهل خالد بن الوليد حيث سيواجه بجيشه الذى وصل عدده إلي حوالي 20 ألف مقاتل جيوش الفرس والروم التي ستكون أعدادها أضعاف أضعاف هذا العدد بكثير وحيث كان أكبر جيش قاده خالد هو جيش معركة اليرموك ضد الروم في الشام والذى بلغ عدد جيش المسلمين فيه حوالي 40 ألف مقاتل بينما كان الروم حوالي 240 ألف مقاتل وبمقتل مسيلمة الكذاب إنتهت حروب الردة وعادت شبه الجزيرة العربية إلي الإسلام وبدا الخليفة أبو بكر يفكر في نشر الإسلام خارج حدود شبه الجزيرة العربية فطلب من خالد ان يستعد بجيشه للتوجه إلي جنوب بلاد العراق لمواجهة الفرس وقال له علي شرط ألا تستفتح بمتكاره أى من لا يريد أن يبقي في الجيش فلتتركه وهنا لابد وأن نذكر حقيقة هامة وهي أن البعض يتهم المسلمين بأنهم قد نشروا الدين الإسلامي بحد السيف وهذا أمر غير صحيح بالمرة فالمسلمون في الأساس مطالبون بنشر دين الله ولكن الفرس والروم كانوا يمنعونهم من مخاطبة أهالي البلاد التي يحكمونها وأولها العراق والشام وهنا الشرع الحنيف يحدد بأن يخير ملوك هذه البلاد بين الإسلام ويظلون يحكمون بلادهم أو فلتحكم هذه البلاد بالإسلام وعليهم دفع الجزية فإن أبوا ينذروا لمدة ثلاثة ايام بعدها يكون القتال مع جيوشهم فإن إنتصر المسلمون ودخلوا بلادهم يوضع السلاح ويخير الأهالي بين الإسلام أو الجزية التي تعد ضريبة يؤديها من لا يدخل في الإسلام نظير عدم الإنضمام إلي جيش المسلمين وتكون مهمة الدفاع عنه وعن بلده موكلة لجيش المسلمين حيث لا إكراه في الدين كما يقول المولي عز وجل في سورة البقرة وبهذه السماحة وبالمعاملة الحسنة دخل الكثير من أهالي البلاد التي فتحها المسلمون في الإسلام بل كان كثير من الجند الذين كانوا يحاربون المسلمين ضمن جيوش الفرس والروم يعلنون إسلامهم بعد إنتصار المسلمين عليهم . . .. ونكمل مع جامع خالد بن الوليد في المقالات القادمة باذن الله .