الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

بائع الروبابيكيا

بائع الروبابيكيا
عدد : 06-2018
بقلم المهندس / طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com



أي حاجة قديمة للبيع جملة شهيرة تنطلق من حنجرة بائع الروبابيكيا ونحن دوما ومنذ الساعات الأولى للصباح وحتى وقت الظهيرة أو بعده بقليل نسمع ونصادف تلك الصيحة الشهيرة التي ينادي بها تاجر الروبابيكيا ذلك الرجل الذي يجوب الشوارع والأحياء سواء الشعبية أو حتى الراقية بتريسيكل أو بعربة خشبية كارو عادية أو تأخذ شكل الصندوق يجرها حمار مطلقاً تلك الصيحة الشهيرة بيكيا روبابيكيا ليعلن عن أنه يشتري أشياءنا القديمة التي لا حاجة لنا فيها وذلك على عكس نظام المزادات التى تقام فى عدد من الدول بالخارج وفى هذه اللحظة يستعد كل من لديه أى شئ قديم مثل أوراق أو كتب قديمة أو أجهزة كهربائية لا تعمل أو أدوات منزلية مستهلكة أو أثاث قديم أو ملابس قديمة وما إلى ذلك ويبدأ فى إرسالها لهذا البائع مقابل القليل من المال حيث أن بائع الروبابيكيا يشترى دوما من الناس ما يستغنون عنه من الأشياء بسعر بخس مقابل أن يخلص أصحابها منها وبذلك يتخلصون من الكراكيب التى كانت تملأ منازلهم وفي نفس الوقت يستفيد بائع الروبابيكيا من هذه الأشياء التى لا يعرف قيمتها أصحابها حيث أنها لم تعد مهمة بالنسبة لهم بينما يرسلها بائع الروبابيكيا بعد ذلك الى أماكن خاصة تعيد إستخدام هذه الأشياء وعلي الرغم من تطور الزمن وتنامي معدلات التقدم التي ربما تلغي وجود أمور كانت موجودة بحكم التطور إلا أن هناك من المهن ما لا تتأثر بالزمن وتبقى على حالها في حين يظن البعض أنها قد إختفت أو ستختفي وتنقرض ومنها هذه المهنة التي يظن أنها ستنقرض مع تطور العصر مع محاولة الإستفادة من كل قديم لدينا خاصة مع إنتشار برامج التوعية التليفزيونية التي تشير إلي إمكانية الإستفادة من بعض الأشياء القديمة لدينا إلا أن كل قديم يصعب أحيانا الإستفادة منه وحين نحتار فيه لا يكون لدينا بديل سوى أن نلقي به في القمامة أو نبيعه لتاجر الروبابيكيا .



وكلمة روبابيكيا كلمة إيطالية الأصل ومعناها الأشياء القديمة المستعملة وقد خرجت الكلمة من المزادات الإيطالية وعرفت طريقها إلى مصر عبر بوابة الإسكندرية التى كان يوجد بها عدد كبير من الأجانب كان على رأسهم الإيطاليون واليونانيون وقد إشتهرت هذه الكلمة لدينا نحن المصريين وأصبحت مهنة التجارة فى كل ما هو مستعمل وقديم ومن أبرز الأماكن التي يتجمع فيها بائعو الروبابيكيا وتتواجد فيها مخازنهم وأماكن فرز بضاعتهم بالقاهرة شارع العشرين بمساكن عين شمس ومنطقة المهاجرين بحي عين شمس وكفر الشرفاء بحي المرج وعزبة أبو حشيش بمنطقة غمرة ومنطقة السيدة زينب وعزبة أبو قرن التي توجد بين حي دار السلام ومصر القديمة ومنطقة جامع عمرو بن العاص بمصر القديمة ومنطقة الكيلو أربعة ونصف فى أول طريق القاهرة السويس الصحراوى كما أن تلك التجارة منتشرة أيضا فى باقى محافظات الجمهورية ولا تخلو أى محافظة منهم حيث يتواجدون سواء في عواصم المحافظات أو في مدنها وحتي في قراها ويعتبر أغلبية المصريين مهنة بائع الروبابيكيا مهنة من لا مهنة له حيث من الممكن أن يعمل بها الكبير والصغير وفي نفس الوقت لا يستلزم العمل بها مهارات أو قدرات خاصة ولكنها فقط تحتاج إلي شئ من الصبر والحظ اللذين قد يجعلان تاجر الروبابيكيا من أغنياء التجار وفي المدة الأخيرة أصبحت هذه المهنة تستوعب وتجذب حاملي الشهادات المتوسطة وأحيانا العالية من الذين لا يجدون عملا ولايفضلون إنتظار وظيفة قد تأتي وقد لا تأتي ولذلك يختارون هذه التجارة خاصة وأنها مهنة لا تحتاج إلي رأس مال كبير وتعد سوقا يقي الشباب من البطالة خاصة أولئك الذين لا سند لهم وعيبها الوحيد أنها عمل يتم بعيدا عن أى رقابة حكومية وأيضا خارج الإقتصاد الرسمي للدولة وخارج دوائر الضرائب بالرغم من كونها مهنة تجارية منتشرة ورائجة ويتعدى حجم المبالغ المتداولة فيها مليارات الجنيهات .


وتبدأ رحلة بائع الروبابيكيا من المخازن الخاصة بالتجار الكبار العاملين في هذه المهنة حيث ينطلق الأفراد الذين يطلق عليهم السريحة والذين يكونون في شكل مجموعات والتي قد يصل عدد أفراد كل منها إلي 50 سريح وتكون كل مجموعة منها تحت سلطة تاجر كبير للروبابيكيا والذى يسلم بدوره كل واحد منهم عربة خشبية كارو أو تريسيكل ونقود تتراوح ما بين 200 إلى 500 جنيه أو أكثر فى اليوم ليشترى بها الأشياء القديمة من المنازل وذلك بعد تلقينه الأسعار التى يشترى بها والتي من الممكن أن تختلف من يوم لآخر ومن سلعة لأخرى فكيلو الكتب على سبيل المثال له سعر وكيلو الحديد له سعر آخر وكيلو النحاس له سعر وكيلو الألومنيوم له سعر وهكذا والوزن فى الغالب يكون تقديريا حيث لا يكون مع بائع الروبابيكيا أصلا ميزان وفي آخر النهار يفد هؤلاء السريحة إلي المخازن التي يتبعونها لتسليم مايكونوا قد إشتروه خلال جولتهم اليومية والتي من الممكن أن تصل كميتها يوميا من 4 إلى 5 أطنان روبابيكيا والسريحة التابعين لكل مخزن لا يجوبون جميعا منطقة واحدة ولكن المجال مفتوح ولكل واحد منهم منطقة عمل ومن الصعب أن يغير جامعو الروبابيكيا منطقة نشاطهم بسهولة بعدما حفظوا شوارعها وعرفهم سكانُها .


وبعد تجميع الروبابيكيا في المخازن الخاصة بالتجار الكبار تأتي مرحلة الفرز الأول فبعد أن يحضر السريحة ما إشتروه أثناء اليوم إلي المخازن تتم عملية فرز كل شىء على حدة فالكتب يتم تجميعها في جوال والخشب يتم رصه فوق بعضه والحديد يتم وضعه فى كومة والنحاس والألومنيوم كل واحد منهما فى كومة والكريستال أيضا في كومة أخرى ثم يقوم صاحب المخزن بوزن كل منها على حدة ليعطى السريح نسبته مما إشتراه ثم تأتى بعد ذلك عملية الفرز الثانية حيث يتم وضع كل نوع من الروبابيكيا بجوار مثيلتها فالبوتاجازات على سبيل المثال توضع بجوار بعضها البعض كخردة والسخانات والغسالات القديمة يوضع كل نوع بجوار بعضه البعض ثم يقوم تاجر الروبابيكيا بتوزيع الخردة على تجار الخردة الكبار ليبيعوها بدورهم بالطن حيث يقومون ببيع خردة الحديد لمصانع الحديد مثل مصنع حديد عز والدخيلة وفروعهما ومصنع الدلتا بمسطرد ومصنع حديد العين السخنة حيث يتم تسييحها وإعادة تصنيعها من جديد وكذلك الحال بالنسبة للورق حيث يتم بيعه لتجار الورق حيث يتم فرمة وعجنه وإعادة إنتاجه بعد بيعه للمصانع وأيضا خردة الكريستال والبلاستيك يتم بيعها لمصانع الكريستال والبلاستيك وهكذا الحال بالنسبة لباقى أنواع الروبابيكيا وليست المصانع فحسب هى مصير الروبابيكيا حيث يتم فيها إعادة تدويرها ولكن يقوم تجارالروبابيكيا أيضا بإعادة طرح البعض منها للبيع مرة أخرى خاصة الأجهزة الكهربائية بعد أن يقوم بإصلاحها وإستكمال ما ينقصها مثل غسالة ينقصها عجلة أو ثلاجة إحترق موتورها ولهذه الأجهزة لها زبائنها الذين يأتون لشرائها مرة أخرى .


و يتعامل أيضا بائعو الروبابيكيا مع جامعي القمامة في المناطق التي يعملون بها حيث يقوم جامعو القمامة بفرز الزجاجات البلاستيكية والزجاجية وكانزات المياه الغازية وعلب السمن والمعلبات الفارغة وبيعها لتجار الروبابيكيا الذين يقومون بدورهم ببيعها لتجار الزجاج والصفيح حيث يتم إعادة بيعها لمصانعها مرة أخرى والتى تقوم بتعقيمها وإعادة تعبئتها مجددا هذا وتعد عزبة أبو حشيش بغمرة إحدى أبرز الأماكن المعروفة بتجارة الروبابيكيا وهي تقع عند منزل كوبرى غمرة حيث تعد الروبابيكيا هى عنوان العزبة وبمجرد إقترابك من مشارفها تستقبلك الروبابيكيا بجميع انواعها حيث تجد الأشياء القديمة التى يبيعها الناس لسريحة الروبابيكيا تصب فى أماكن عديدة لكبار التجار بتلك العزبة فبداية من مداخل العزبة ومرورا بحواريها وأزقتها تجد مخازن عديدة بها أكوام ضخمة من الروبابيكيا تشمل كل ما يخطر على البال فهنا يوجد مجموعة من الأثاث وبجوارها وضعت التحف وهناك خردة زجاجية وبلاستيكية وهناك أجهزة كهربائية مثل الغسالات والثلاجات والمكانس والدفايات والمراوح وأجهزة التكييف وخلاطات المطبخ وهناك بوتاجازات وأفران غازية وهناك أيضا أجهزة صحية مثل البانيوهات والتواليتات والأحواض ومستلزماتها وهكذا ففي هذا السوق بإمكانك أن تجد كل شىء البعض منه عفا عليه الزمن وغير صالح والآخر باعه أصحابه ربما للتجديد وهو بحاجة فقط إلى قليل من الصيانة ليصبح صالحا للإستعمال من جديد .