الجمعة, 19 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

قصر فيروزآباد

قصر فيروزآباد
عدد : 07-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


مدينة فيروزآباد هي إحدى أعرق المدن التاريخية والتراثية العريقة في محافظة فارس بإيران والتي تحتل المرتبة الأولى على صعيد التراث التاريخي والثقافي فيها حيث تزخر بالآثار الرائعة التي يتجاوز عددها 2822 أثرا حسب الإحصائيات الرسمية والتي تم تسجيلها ضمن قائمة الآثار الوطنية في إيران والتي منها قصر فيروزآباد وقلعة دختر وقلعة كريم خان زند ومتحف بارس ومتحف سنك هفت تنان ومسجد نصير الملك وسوق قيصرية لارستان ونقش رستم ونقش رجب ومقبرة باساركاد كما أن أربعة من أهم معالمها الأثرية قد أدرجت ضمن قائمة منظمة اليونيسكو للآثار ومدينة فيروزآباد معروفة بطبيعتها الغناء وأجوائها الرائعة في جميع أكنافها وكذلك فهي قد شهدت نموا كبيرا في مختلف العصور الإسلامية وهي تقع على مسافة 100 كيلومتر جنوب شرقي مدينة شيراز الإيرانية الشهيرة وما زاد من أهمية هذه المدينة أنها كانت مركزا دينيا هاما وموطناً لشتى الحضارات العظمى ولا سيما الإخمينية والأشكانية والساسانية والتي كانت آخر الحضارات الفارسية قبل الفتح الإسلامي لبلاد فارس والتي أسسها أردشير بابكان مؤسس قصر فيروزآباد والذى أسقط الإمبراطورية الأشكانية وتوج كملك وحيد لبلاد فارس عام 224م وتم تلقيبه بشاهنشاه إيران أي ملك ملوك إيران كما لقبت زوجته أدهور أناهدب بالشهبانو أى ملكة الملكات وهكذا إنتهى حكم الإمبراطورية الأشكانية الذي إستمر لمدة 400 عام وابتدأت حقبة حكم الإمبراطورية الساسانية التي إستمرت أربعة قرون حتى الفتح الإسلامي لبلاد فارس وسقوط الإمبراطورية الساسانية إلي الأبد في عام 18 هجرية الموافق عام 639م .

وما زالت آثار أهم معابد النار الساسانية باقية حتى يومنا هذا بهذه المدينة مما يعني أنها كانت مقدسة لدى أهالي تلك الأزمنة السحيقة ولذا فقد أمست محط أنظار السائحين والزائرين ومحبي التراث الإنساني القديم وتعد هذه المدينة من أجمل المدن الإيرانية التي تحوى العديد من المعالم الأثرية الساسانية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنويا الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب من مختلف دول العالم وهناك الكثير من المناطق بهذه المدينة وفي إيران عموما ما زالت بكرا ولم تشيد فيها منشآت خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمستكشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لإستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها خاصة وأن إيران تعد واحدة من البلدان الأكثر أمانا في العالم ولذا فإن جميع السائحين الأجانب والزائرين المحليين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حينما يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية تكون أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاما بعد عام بما يخدم الإقتصاد القومي للبلاد .

ويعد قصر فيروزآباد أو مايعرف بإسم معبد النار في فيروزآباد أو بقصر أردشير بابكان من أشهر معالم هذه المدينة وقد تم تشييده في عهد الملك أردوان الخامس الذي كان آخر الملوك الأشكانيين الذين تمكنوا من خلال شجاعتهم وحنكتهم وبسالتهم من قطع يد خليفة الإسكندر المقدوني عن أرض البلاد وبذلك أسسوا لحكم عاش خمسة قرون وعهد هذا الملك إلي أردشير بابكان حاكم إصطخر مابين عام 206م وعام 208م ثم والي فارس مابين عام 208م وعام 224م ثم مؤسس السلسلة الساسانية في القرن الثالث الميلادي بالإشراف علي عملية تشييد هذا القصر وكان هذا القصر منتجعاً صيفيا لأردشير بابكان وقد بني بالحجر والجبس وزخارفه المنقوشة في أروقته هي غاية في الروعة والجمال ويعجز الكلام عن وصفها ويعتبر هذا القصر التراثي أول بناء ساساني تم تشييده على هيئة إيوانات تعلوها قبة مما يعكس فن العمارة الإيرانية الأصيلة وتستقر أجزاؤه على أعمدة مربعة الشكل لذا يمكن إعتباره أفضل المباني الموروثة من تلك الحقبة التأريخية ففي الجهة الشرقية للقصر تطالعنا أربعة مبان على شكل قباب كبيرة أما في الجانب الشمالي للقصر وفي المحيط الخارجي لجدرانه تجري عين ماء عذب تنبع من جوف الأرض مما شكل حوض ماء طبيعي كما يجري نهر ماء على مقربة من الجهة الشرقية للقصر مما خلق مجتمعا عمرانيا حوله كما يوجد موقد نار على القرب من القصر كان يستخدم لأداء الطقوس الدينية آنذاك وقد كان لوجود العناصر الطبيعية الأربعة أي الماء والتراب والريح والنار أثره الكبير في منح هذه المنطقة التي بني فيها هذا القصر أهمية قصوى وكانت الجدران التي تحيط بهذا المبنى الإيراني الأصيل تناظر جدران القلاع والحصون وترى عليها نقوش وكتابات بالخط المسماري .

وعلي الرغم من مرور أكثر من 1800 سنة على تشييد هذا القصر فما زالت أجزاؤه الداخلية سليمة حتى يومنا هذا وفي حقيقة الأمر يعد قصر أردشير بابكان أو قصر فيروزآباد صورة تتجسد فيها العناصر الأساسية المستخدمة في الفن المعماري الساساني الذي بقي يعيش حياته لقرون عديدة حتي بعد أن سقطت الإمبراطورية الساسانية وكان له تأثيره الكبير علي الفن المعماري الإسلامي الإيراني فيما بعد ونلاحظ أنه قد تم تخطيط هذا القصر وتصميمه وفقا لنمطين معماريين مختلفين ولكنهما يرتبطان ببعضهما البعض في نفس الوقت أولهما النمط المعماري الإداري وثانيهما النمط المعماري الخاص بالسكن وسنجد أن القسم الإداري للقصر بني على أساس الفن المعماري الذى كان سائدا في العهد الأشكاني حيث يؤدي مدخل القصر المربع الشكل ذو القبة القائمة والذى تغطيه طيقان ذات زوايا ثلاث مما يدل على البراعة والذوق الفني الذي أبدعه المعماريون الساسانيون إلى إيوان كبير وواسع ثم يؤدى هذا الإيوان إلي مدخل مسقوف على شكل قبوة مما يميزه عن العمارة الإخمينية والأشكانية وكانت غرفة الإستقبال الأصلية في الإيوان تمثل قاعة العرش الملكي والتي تعلوها قبة إرتفاعها مائة قدم أى حوالي 30 مترا وقطرها حوالي 55 قدما أى حوالي 17 مترا .


ومن الآثار الهامة أيضا في مدينة فيروزآباد قلعة دختر أو قلعة البنت وهي عبارة عن قلعة عظيمة رائعة العمارة تبهر الناظرين بشكلها الفريد وتقع على مسافة 6 كيلو متر في سفح جبل مطل على الطريق العام الرابط بين مدينتي فيروزآباد وشيراز ويرجح علماء الآثار أنها شيدت أيضا من قبل أردشير الساساني في أواخر العهد الأشكاني إبان حكم الملك أردوان الخامس وبناءا علي أمر منه وربما يكون السبب في بنائها هو قيامها بعمليات الرصد والمراقبة والدفاع عن المدينة وقد تم بناؤها علي ثلاث مستويات متدرجة على سفح الجبل لذا فإن المدخل الأصلي يقع في الطبقة الأولى عن طريق ممر ملتو ومدرج وفي وسطها باحة واسعة تحيط بها من ثلاثة جهات غرف مبنية بأسلوب معماري فريد وفي جهته الرابعة تم بناء المبنى الأصلي وهذه القلعة التي يمكن إعتبارها قصرا تتكون من إيوان كبير يعلوه طوق كبير ويبلغ طول هذا الإيوان 24 مترا وعرضه 14 مترا وفيه غرفة كبيرة مسقوفة بقبة وتحفها العديد من الغرف الصغيرة وإلى جانب هذا الإيوان الكبير إيوانان صغيران وفي أحد جوانب الغرفة المشار إليها هناك فتحة كهف يمخر الجبل الذي شيدت على سفحه ويدعي السكان المحليون أن هذا الكهف يوصل بقصر أردشير بابكان حيث كان ممرا أمنا للفرار حينما يشن الأعداء هجوماً على القلعة كما أنه يعتبر ممر إمداد للقوات المتواجدة فيها وقد تم إستخدام الأحجار الضخمة المنقوشة في تشييد هذه القلعة ورغم أن جدرانها الشاهقة قد تعرضت للتلف على مر العصور إلا أنها ما زالت حتى يومنا هذا ذات بهاء وجمال فريد من نوعه وما زالت تسحر أنظار كل سائح يقصدها .
 
 
الصور :