الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

حي زيزينيا

حي زيزينيا
عدد : 08-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


حي زيزينيا من الأحياء الراقية في مدينة الإسكندرية العاصمة الثانية لمصر وهو يقع في منطقة الرمل بين منطقة جليم ومنطقة جاناكليس وحي سان ستيفانو ويمتد حي زيزينيا شمالا إلى طريق الكورنيش ويقطع الحي خط ترام النصر وكذلك طريق الحرية ويمتد حي زيزينيا جنوبا حتى آخر شارع إبراهيم العطار وشارع رياض ويقع إلي الجنوب منه حي باكوس وينتمى حي زيزينيا إداريا إلى حي شرق الإسكندرية وكانت تلك المنطقة تمتلك عائلة تسمي عائلة أبو شال مساحات شاسعة من أراضيها وقامت ببيعها في أواخر القرن الـتاسع عشر الميلادى للكونت اليوناني إستيفان زيزينيا وبالطبع فهي لم تكن تعلم أن المساحات التي باعتها من أرض تلك المنطقة ستصبح أرقى أحياء الإسكندرية في غضون سنين قليلة فبعد أن بنى إستيفان زيزينيا قصره في تلك المنطقة تحولت المنطقة إلي حي يشمل إمبراطورية من القصور والفيلات الفخمة التي تقطنها كبرى العائلات الأرستقراطية الثرية في مصر والعالم العربي فبعد مرور فترة من الزمن باع الخواجة زيزينيا جزءا من الأرض التي كان قد إشتراها من عائلة أبو شال إلى الحكومة المصرية وذلك لمد خط ترام إلي المنطقة وبعد مد الخط بدأت المنطقة في العمران وعرفها الناس وأقاموا بها فسميت المنطقة بحي زيزينيا نسبة إلى صاحب المنطقة الأول وهو ذلك الإسم الذي يطلق على الحي إلي وقتنا هذا .


وكان إستيفان زيزينيا قد وقع في غرام هذه المنطقة المرتفعة برمل الإسكندرية فكان أول الأجانب الذين سكنوا تلك المنطقة وبنى قصرا مهيبا يشبه قصور ألف ليلة وليلة بها في حين أن باقي سكانها كانوا من الأعراب ويرجح أن زيزينيا كان قد جاء إلى مصر هربا من مذابح الأتراك وعمل بتجارة القطن وكان أحد المقربين من الأسرة العلوية حيث منح أراضي كثيرة في القطر المصري ومن أعماله في مصر أنه قد شيد كنيسة سان ستيفانو التي تهدمت في ثمانينيات القرن العشرين الماضي وكذلك كازينو سان ستيفانو الشهير في عام 1887م وقد بدأت العائلات الكبيرة الثرية بعد بناء زيزينيا لقصره في بناء قصور وفيلات فخمة في هذا الحي حتي أصبح يتكون في البداية من عدد قليل من القصور الفاخرة وسط العديد من الكثبان الرملية ومجموعات من الأعراب الذين كانوا يستوطنون في تلك المنطقة وكانت به أراضي فضاء شاسعة مخصصة للعب كرة القدم لطلبة المدارس الأجنبية في أوائل القرن العشرين الماضي ثم أخذت تلك القصور والفيلات الفاخرة تتزايد أعدادها تدريجيا بعد ذلك علي مر السنين وقد تحول قصر زيزينيا إلى فندق جلوريا أوتيل بعد ذلك ثم إشتراه الأمير محمد علي توفيق نجل الخديوى توفيق وأعاد بناءه عام 1927م في عهد عمه الملك فؤاد وأطلق عليه إسم قصر الصفا وهو الإسم الحالي له وقد إختار له إسم قصر الصفا تيمنا بجبل الصفا بمكة المكرمة والذى جاء ذكره في القرآن الكريم كمنسك من مناسك الحج والعمرة وقد أدخل عليه الكثير من الإضافات والتعديلات حتي صار تحفة فنية رائعة وأحد معالم الإسكندرية الهامة ومن أهم ما يسترعي النظر في قصر الصفا تلك النقوش العربية الجميلة التي تزينها الآيات القرآنية الكريمة فأينما إتجه الزائر داخل القصر فإنه يرى هذه الكتابات الشريفة مكتوبة بخط أمهر الخطاطين فآية الكرسي توجد على مدخل القصر من الجهة البحرية وأسماء الله الحسنى مموهة بالذهب الخالص في قاعة الطعام أما المدخل الرئيسي للقصر فقد نقشت فوقه هذه العبارة كتب العز على أبوابها فإدخلوها بسلام آمنين وبالإضافة إلي ذلك تضم قاعة الشاي تحفاً رائعة حيث رسمت على جدرانها المساجد الفخمة في إسطنبول مثل مسجد السلطان أحمد أو المسجد الأزرق وقصر جده الخديوى إسماعيل على ضفاف البوسفور بإسطنبول أيضا والمسمي بقصر إميركان والذى عاش فيه السنوات الأخيرة من عمره بعد خلعه عن عرش مصر عام 1879م وقصور سلاطين آل عثمان بفخامتها وثرائها مثل قصر توبكابي كما تضم حديقة القصر طائفة من النباتات النادرة التي كان يعنى بها مالك القصرعناية فائقة مثل نبات الكروتن وأصناف النخيل التي لا وجود لها إلا في هذه الحديقة وحديقة قصر النيل وقد دخل هذا القصر بعد ثورة يوليو عام 1952م ضمن القصور الرئاسية وهو حاليا معد لإستقبال ضيوف الرئاسة أو كبار الوزراء ورجال الدولة أثناء وجودهم في الإسكندرية ويعد من أهم معالم الحي .


وكذلك يقف على مقدمة الحي من جهة الكورنيش قصر أنيق آخر هو قصر عزيزة فهمي شقيقة عائشة وزينب وفاطمة فهمي أولاد علي باشا فهمي كبير المهندسين في القصور الملكية والتي تزوجت من محمد باشا رفعت الروزنامجي وأثمر هذا الزواج عن بنتين هما منيرة وقدرية وتبلغ مساحة هذا القصر وحدائقه حوالي 15 ألف متر مربع ويليه قصر مظلوم باشا ومكانه حاليا كليه الفنون الجميلة ثم قصر عدلي يكن باشا رئيس مجلس وزراء مصر عدة مرات في العشرينيات من القرن العشرين الماضي ومن معالم الحي أيضا نجد قصر الأميرة فاطمة الزهراء حفيدة محمد علي باشا والذي كانت تتملكه وإتخذته مصيفا لها ثم أصبح الآن متحفا للمجوهرات الملكية والذى أصبح في الوقت الحالي يعتبر أهم وأثمن متاحف مصر بما يحتويه من كنوز وقد شيد القصر المعماري الإيطالي الكبير أنطونيو لاشياك والذى ذاع صيته في مصر في أواخر القرن التاسع عشر الميلادى وأوائل القرن العشرين الماضي وقام بتصميم وتنفيذ العديد من القصور والمنشآت الهامة مثل قصر الأمير يوسف كمال بحي المطرية بالقاهرة وقصر سعيد باشا حليم بشارع شامبليون بالقاهرة وعمارات الخديوى الشهيرة بشارع عماد الدين بالقاهرة والمبني الرئيسي القديم لبنك مصر بشارع محمد فريد بالقاهرة وقد شاركه في تصميم هذا القصر المهندس المعمارى المصرى الكبير علي فهمي وقد بلغت مساحته حوالي 4185 مترا مربعا وسنتحدث عنه بالتفصيل في السطور القادمة بإذن الله تعالي .


وحقا فإن السير في شولرع حي زيزينيا يعد نزهة جميلة محببة ومريحة للنفس حيث تندر به المحال التجارية حتى إن السير في انحائه يكاد يشبه السير في ضاحية بيفرلي هيلز بأمريكا من حيث روعة وجمال الحدائق الخاصة التي تحيط بفيلاته وقصوره كما يلمح من يتجول في أنحاء الحي تفاصيل العناصر والزخارف المعمارية التي تعلو قصور الحي التي سكنها في الماضي أمراء الأسرة العلوية إلى جانب من إستوطن مصر من الجاليات الأجنبية من الإنجليز والإيطاليين واليونانيين وغيرهم كما أن حي زيزينيا يتميز بعدم وجود زحام سوى من بعض الأفواج السياحية التي تأتي لزيارة قصر أو متحف المجوهرات الملكية والذى يعد تحفة معمارية فريدة تضم 11500 قطعة ويضم مجموعة تحف أثرية تخص محمد علي باشا ومجموعة جواهر الأميرات من بناته وأحفاده ومعظمها مشغولات ذهبية مرصعة بالماس إلي جانب مجموعة الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق والزوجة الأولى لشاه إيران الراحل محمد رضا بهلوى وقد تأسس هذا القصر عام 1919م علي يد الأميرة زينب هانم فهمي وقد توفيت قبل إتمام البناء فأكملته إبنتها الأميرة فاطمة الزهراء وإنتهي البناء عام 1923م والأميرة فاطمة الزهراء ولدت عام 1903م وهي أميرة من الأسرة العلوية فهي إبنة الأميرة زينب هانم فهمي شقيقة المهندس المعمارى علي فهمي الذى إشترك في تصميم وبناء هذا القصر ووالدها هو الأمير علي حيدر إبن الأمير أحمد رشدى إبن الأمير مصطفي بهجت إبن الأمير مصطفي فاضل شقيق الخديوى إسماعيل وإبن القائد إبراهيم باشا إبن محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة أى أن جدها الخامس هو محمد علي باشا وكانت والدة الأميرة فاطمة الزهراء قد أتمت بناء الجناح الغربي من القصر قبل وفاتها وكانت إبنتها قد بلغت سن الثامنة عشرة من عمرها وقد أضافت الأميرة فاطمة الزهراء جناحاً شرقياً للقصر وربطت بين الجناحين بممر وقد ظل هذا القصر مستخدماً للإقامة الصيفية لها حتى قيام ثورة 23 يوليوعام 1952م حيث صودرت أملاك الأميرة ضمن ماتم مصادرته من أملاك الأسرة العلوية ولكن سمح لها بالإقامة في هذا القصر وإستمر ذلك حتى عام 1964م حيث تنازلت الأميرة فاطمة الزهراءعن القصر للحكومة المصرية في هذا العام وغادرته لتقيم في القاهرة حتي توفيت عام 1983م وقد تم إستخدام القصر كإستراحة لرئاسة الجمهورية حتى تحول إلى متحف بقرار جمهوري صدر عام 1986م وجدير بالذكر أن هذا القصر قد تم بناؤه على طراز المباني الأوروبية من الناحية المعمارية وهو يتكون من جناحين شرقي وغربي كما ذكرنا في السطور السابقة يربط بينهما ممر مستعرض ويتكون كل من الجناح الشرقي والجناح الغربي من طابقين وبدروم كما يحيط بالمبنى حديقة تمتلئ بالنباتات والزهور وأشجار الزينة وقد تم عمل تطوير وترميم لهذا المتحف مرتين خلال عام 1986م وخلال عام 1994م وفي عام 2004م بدأ المجلس الأعلي للآثار في عمل تطوير وترميم شامل لهذا المتحف بتكلفة قدرها 10 مليون جنيه بهدف زيادة قدرته على إستيعاب المزيد من المعروضات الثمينة الموجودة يالمخازن ولم تعرض بعد وتم إفتتاح المتحف بعد إنتهاء عمليات التطوير والترميم الشامل له في شهر أبريل عام 2009م .

وقد يكون تاريخ وطابع ونوعية سكان هذا الحي هي الأسباب والدوافع التي ألهمت الكاتب والروائي الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة ليؤلف مسلسل زيزينيا الذي إستلهم أبطاله وشخوصه من العائلات التي كانت تقطن الحي وقام بتجسيد المجتمع السكندري في وقت الحرب العالمية الثانية والذى كان خليطا من الأجانب وأبناء الطبقة الوسطي من المصريين وسكان الأحياء الشعبية بالإسكندرية كما كانت الأسباب نفسها هي من ألهم شاعر القطرين خليل مطران رائد الإتجاه الرومانسي في الشعر العربي بتأليف العديد من قصائده حيث كان يتردد على صالون الكسندرا أفرينو بقصرها في حي زيزينيا وكان أهم صالون ثقافي أدبي يجتمع فيه صفوة الأدباء ومنهم فيلكيس فارس وإيليا أبو ماضي ونجيب الحداد وأمين الحداد وإسماعيل صبري وكانت هذه السيدة الكسندرا أفرينو قد ولدت في بيروت عام ‏1872م لأسرة يونانية أرثوذكسية ولأن جدة الكسندرا لأمها كانت مصرية فقد هاجرت الكسندرا وهي في سن العاشرة من عمرها‏ أى في عام‏ 1882م إلي مدينة الإسكندرية مع والدها نعيم خوري وإستقبلهما جدها وعمها قسطنطين خوري وفي عام‏ 1886م بدأت الكسندرا تدرس بمدرسة للراهبات في الإسكندرية وفيها تعلمت اللغات الفرنسية والإيطالية والعربية وكانت قد بلغت سن السادسة عشرة من عمرها عندما إلتقت بشاب يدعي ميلتياديس دي أفرينو‏ والذي ينحدر من أسرة متعددة الجذور فالأب إيطالي والأم أسبانية‏ وقد جاءا إلي مصر في عهد محمد علي باشا وأنجبا 12 إبنا وإبنة وعلي عادة أغلب الأجانب المقيمين بمصر في ذلك الوقت بل بعض المصريين الموسرين‏ حصلت العائلة علي الجنسية البريطانية للتمتع بالإمتيازات الأجنبية التي كانت تجعل الأجانب في مصر طبقة تعلو علي كل الطبقات الأخري وكانت عائلة أفرينو تمتلك محلا كبيرا في القاهرة لبيع الأقمشة والمفروشات والملابس مازال موجودا إلي اليوم‏ وقد تطورت قصة الحب بين الشابة الكسندرا والشاب أفرينو وتم زواجهما بعد فترة قصيرة‏ فحصلت الكسندرا علي الجنسية البريطانية نظرا لجنسية زوجها البريطانية وأنجبا ثلاثة أبناء هم إيرين وجيزيل والكسندر‏ وفي يوم ‏31‏ يناير عام‏ 1898م أصدرت الكسندرا مجلتها أنيس الجليس وقد أدارتها بنفسها بمساعدة زوجها وبعض المحررين‏ ثم إنفرد أفرينو بإدارة المجلة‏ وبمناسبة صدور العدد الأول منها أقامت الكسندرا إحتفالا خاصا حضرته زوجة ووالدة الخديوي عباس حلمي الثاني‏ وقامت فيه الكسندرا بإهداء المجلة إليهما وقد سافرت الكسندرا إلي باريس لتمثل النساء المصريات في مؤتمر إتحاد المرأة العالمي للسلام الذي إنعقد أثناء المعرض السنوي الذى كان يقام كل عام في العاصمة الفرنسية وهناك حضرت الكسندرا مؤتمر جمعية السلام‏ وإلتقت بالأميرة جابربيلا ويزنوسكا الداعية النشيطة لنزع السلاح في العالم‏ وإستطاعت الفتاة الممتلئة حيوية ونشاطا أن تجذب إنتباه الأميرة وتحظي بإعجابها حتي أنها منحتها الوسام الذهبي للجمعية ولابد أن العلاقة بينهما قد تواصلت وتطورت لدرجة أن تعجب الأميرة بالكسندرا وتقرر تبنيها ومنحها لقبها‏ وبالفعل حملت الكسندرا لقب الأميرة ويزنوسكا‏ وفي عام 1901م أصدرت الكسندرا مجلة أدبية باللغة الفرنسية أسمتها اللوتس إلا أنها توقفت عن الصدور بعد عام واحد فقط لكثرة أعبائها المالية وكانت أغلب المجلات النسائية عادة ماتتوقف بعد شهور أو سنوات قليلة من صدورها نظرا لما كانت تتعرض له من خسائر مادية جسيمة أما مجلة أنيس الجليس فقد صمدت وإستمرت في الصدور حتي عام 1907م أى أنها إستمرت لمدة 9 سنوات كاملة وكان آخر عدد لها قد صدر في يوم 31 ديسمبر عام 1907م ولم تكتف الكسندرا بكل هذا النشاط بالإسكندرية بل كانت تعقد صالونا أدبيا بقصرها بحي زيزينيا والذى أشرنا إليه في السطور السابقة ولا يزال قصرها هذا موجودا في ناصية مواجهة لقصر المجوهرات الملكية ويمكن تمييزه من طرازه المعماري الفريد وأسطح القصر المغطاة بالقراميد الأحمر الإيطالي والزخارف المعمارية الرائعة التي تعود للعصر الفيكتوري .

ومن القصور الشهيرة المتميزة الباقية أيضا بالحي قصر عائلة مونتزيني الفرنسية الإيطالية والتي هاجرت من مصر إلى قارة أستراليا وكذلك تعد شوارع حي زيزينيا العريق متحفا مفتوحا يزخر بالعديد من أنواع السيارات الأميريكية عتيقة وفارهة الطراز من فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين الماضي من طراز البويك وكاديلاك وشيفروليه وبونتياك وكأنها جولة في إسكندرية الأربعينيات وذلك فضلا عن القصور الفاخرة التي تزين أرجاء الحي السابق الإشارة إليها ويضاف إليها روعة وبهاء وجمال مسجد أحمد يحيى باشا الذي تم تشييده سنة 1920م بالحي في عصر الملك فؤاد الأول فهو تحفة معمارية إسلامية فريدة بمئذنته وقبته وواجهاته ونقوشه وزخارفه كما يوجد بالحي أيضا مقر الإقامة الدائم لمحافظ الإسكندرية والمعروف بإسم إستراحة المحافظ .
 
 
الصور :