الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

حي الجمالية -ج2
"شارع المعز"

حي الجمالية -ج2
-شارع المعز-
عدد : 08-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
(موسوعة كنوز أم الدنيا)


وبعد جولتنا في الجامع الأزهر وبيت الست زينب خاتون وجامع الإمام الحسين وسوق خان الخليلي وجلوسنا علي مقهي الفيشاوى هيا بنا نعود الى استكمال جولتنا ونتجه الى شارع المعز لدين الله الذى يعتبر أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم وقد تم الإنتهاء من ترميمه وإفتتاحه يوم الجمعة ‏15 من شهر صفر عام 1429 هجرية الموافق يوم 22 من شهر فبراير عام 2008م وتضمن مشروع الترميم رصف الشارع بالأحجار القديمة ليصبح أول شارع مخصص للمشاة وحدهم‏ في القاهرة وإشتمل مشروع الترميم أيضا ترميم ‏33‏ أثرا بالشارع‏ أهمها مجموعة قلاوون بالنحاسين ومجموعة السلطان الغورى وقصر الأمير بشتاك وباب النصر وباب الفتوح وسور القاهرة بينهما والمدرسة الكاملية وجامع المؤيد شيخ ومن أهم الاثار القائمة بشارع المعز باب الفتوح ووكالة قايتباي ومسجد الحاكم بأمر الله وزاوية أبو الخير الكليباتي ومسجد أبو الخير الكليباتي ومسجد وسبيل وكتاب سليمان أغا السلحدار وبيت مصطفى جعفر وبيت السحيمي وجامع الأقمر ومسجد حسن كتخدا الشعراوي وسبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا وقصر الأمير بشتاك وحمام السلطان إينال وبيت عثمان كتخدا والمدرسة الكاملية ومسجد ومدرسة الظاهر برقوق ومجمع السلطان قلاوون والمدرسة الناصرية وسبيل وكتاب خسرو باشا ومسجد ومدرسة الأشرف برسباي ومسجد الشيخ مطهر ومجموعة السلطان قنصوة الغوري ومسجد الفكهاني وسبيل سبيل محمد علي بالعقادين وبيت الشبشيري ومسجد المؤيد شيخ ومجمع نفيسة البيضاء وباب باب زويلة كما توجد آثار قريبة من الشارع وهي باب النصر وزاوية إبن برقوق ومسجد الناصر الناصر برقوق ومسجد الصالح طلائع .


ولنبدأ جولتنا في شارع المعز بزيارة باب زويلة ومسجد المؤيد شيخ وباب زويلة هو أحد اﻷبواب الرئيسية في سور القاهرة القديم إلي جانب باب الفتوح وباب النصر وغيرهما وقد سمي بهذا اﻹسم نسبة إلي قبيلة زويلة التي جاءت إلي مصر من تونس مع المعز لدين الله الفاطمي ويطلق أيضا علي باب زويلة إسم بوابة المتولي نسبة إلي متولي الحسبة الذى كان يجلس إلي جوار الباب لتحصيل رسوم دخول القاهرة في رواية وفي رواية أخرى أنه نسبة إلي والي القاهرة الذى كان يجلس أيضا إلي جوار الباب لبتعرف علي أحوال الناس ويستمع إلي شكاواهم ومظالمهم ويعمل علي حلها و باب زويلة يعد نموذج من نماذج طراز العمارة الحجرية التي ميزت المنشآت الفاطمية في مصر من مساجد وبوابات وأسوار والتي تأثرت تأثرا كبيرا بطراز العمارة البيزنطية والذى نراه منتشرا بكثرة في إسطنبول بتركيا في المساجد والكنائس والقصور القديمة ولباب زويلة بوابتان أولهما تؤدى إلي مسجد المؤيد شيخ واﻵخرى تؤدى إلي حوانيت ومتاجر السلع والبضائع المختلفة كالبخور والتبغ واﻷقمشة واﻷدوات النحاسية وخلافه وكان يعتقد أن من يدخل من البوابة اﻷولي تحل عليه البركة ويفلح وينجح في حياته ومن يدخل من البوابة الثانية تحل عليه اللعنة والنقمة وﻻيفلح ولا ينجح في أى أمر من أمور حياته أما مسجد المؤيد شيخ فهو يعتبر أحد مساجد عصر المماليك الجراكسة وهذا المسجد يلاصق باب زويلة وقد أنشأه المؤيد أبو النصر شيخ بن عبد الله المحمودي الجركسي الأصل أحد مماليك الأمير برقوق وكان ذلك بداية من عام 818 هجرية الموافق عام 1415م وإنتهى البناء في عام 824 هجرية الموفق عام 1421م ويقول فيه المقريزي إنه الجامع لمحاسن البنيان الشاهد بفخامة أركانه وضخامة بنيانه أن منشئه سيد ملوك الزمان يحتقر الناظر له عند مشاهدته عرش بلقيس وإيوان كسرى أنوشروان ويستصغر من تأمل بديع أسطوانه الخورنق وقصر غمدان وكما أسلفنا القول فإن مسجد المؤيد شيخ يلاصق باب زويلة باب زويلة وهو مسجد ضخم بمئذنتين تقعان أعلى أبراج الباب وهو يعد من أجمل وأضخم المساجد الجامعة بالقاهرة ويعد المسجد أيضا من أجمل ما خلفه العصر المملوكي من تحف معمارية وهو أيضا يعتبر من المساجد المعلقة وكان يستغل أسفل المسجد كحواصل ينفق ريعها علي المسجد بالكامل وأول ما نشاهده من المسجد هو باب المسجد الذي يعد من التحف الفنية وهو في الأساس باب مدرسة السلطان حسن ولكن المؤيد شيخ قد إشتراه مع تنور نحاس مكفت ليضمه لمسجده ويعتبر المسجد تحفة معمارية تدل على عظمة عمليات التشييد في العصر المملوكي .....


ومن مسجد السلطان المؤيد شيخ نتجه إلي مجموعة السلطان قنصوة الغورى والتي شيدها السلطان الأشرف قنصوة الغورى خلال عام 909 هجرية وعام 910 هجرية الموافقين لعام 1503م وعام 1504م وهي مكونة من مسجد إلى جانب مدخله يوجد سبيل يعلوه كتاب وفي الخلف توجد خانقاة وإلي جوارها 3 منازل وتجتمع المجموعة كلها في واجهة واحدة متصلة تشرف على شارع الأزهر عند تلاقيه مع شارع المعز لدين الله الفاطمي وتلك المجموعة هي أعظم ماتركه السلطان الغورى من منشآت وتعد بحق أبدع وأجمل وأروع ماتركه لنا سلاطين دولة المماليك الجراكسة والسلطان الغورى كان في الأصل أحد مماليك السلطان المملوكي الأشرف قايتباى وإستمر في خدمته حتي أعتقه وصار يتقلب في الوظائف حتي على قدره إلي أن تولي بعد ذلك حكم مصر عام 906 هجرية الموافق عام 1501م وكان السلطان الغورى شغوفا بالعمارة وفنونها ومحبا لها فقام بإنشاء الكثير من المباني الدينية والخيرية ولم يكن إهتمامه مقصورا فقط علي المنشآت التي تم تشييدها في عصره وعلي يديه بل تعدى ذلك إلى المنشآت التي قام بتشييدها أسلافه فقام بعمل إصلاحات وترميمات وتجديدات بها وكان على رأسها الجامع الأزهر الشريف وقد اقتدى به الأمراء في عصره فقاموا بإنشاء العديد من المنشآت والمباني التي مازالت باقية حتي الآن تنطق جميعها بإزدهار العمارة والفنون في عصره إزدهارا عظيما ويعد مسجد السلطان الغورى أهم مافي المجموعة المعروفة بإسمه وهو يقع في منطقة الغورية عند تلاقي شارع الأزهر مع شارع المعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة وقد تم تخطيطه على طراز نظام التخطيط المتعامد فهو يتكون من صحن مكشوف مربع الشكل تقريبا حيث يبلغ طوله 12 متر وعرضه 11 متر وتتعامد عليه وتحيط به 4 ايوانات من جهاته الأربع كل منها به عدد من العقود فوقها شريط مكتوب عليه آيات قرآنية بالخط المملوكي ويعلوه ازار من المقرنصات جميلة الشكل والإيوانات الأربعة أكبرها إيوان القبلة وبه المحراب والمنبر والإيوان الموازى له بينما نجد الإيوانان الجانبيان أصغر منهما ويحيط بداير الصحن صفوف من الدلايات الخشبية المذهبة ويحيط بجدران الإيوانات الأربعة وزرة من الرخام الملون تنتهي من أعلى بشريط رخامي مكتوب عليه بالخط الكوفي آيات قرآنية وتاريخ بناء المسجد ويتوسط صدر إيوان القبلة محراب من الرخام الملون وبجواره يوجد منبر خشبي دقيق الصنع به حشوات رائعة الشكل من السن المدقوق بالأويمة وتتخللها حشوات صغيرة مدعمة بالزرنشان وأرضية المسجد تم تبليطها برخام ملون ومقسمة بتقاسيم بديعة وسقف المسجد مقسم إلى ترابيع منقوشة ومذهبة وأسفله مباشرة يوجد ازار عليه كتابات مذهبة وبأركانه مقرنصات بديعة المنظر وفي مؤخرة الإيوان الغربي وفي مواجهة المحراب مباشرة تجد دكة المبلغ ويحملها عدد 2 كابولي خشبي ومكتوب عليها إسم السلطان قنصوة الغورى وألقابه وأدعية له وللدكة درابزين خشبي مقسم من أسفل إلى حشوات بعضها مطعم بالسن والأبنوس وبعضها عبارة عن خرط خشبي دقيق ويتميز مسجد السلطان الغورى بمئذنته وهي من أروع وأجمل المآذن في العالم الإسلامي كله حيث أنها ضخمة ومربعة الشكل ولها 3 حطات كل منها مربع الشكل أكبرها الحطة السفلية وأصغرها الحطة العلوية وبين كل حطة وأخرى تشكيل من المقرنصات البديعة الشكل وتنتهي المئذنة من أعلى بتحفة معمارية فنية بديعة عبارة عن 5 رؤوس كمثرية الشكل يعلو كل منها هلال نحاسي .


ومن مجموعة السلطان قنصوة الغورى نتجه إلي مجموعة السلطان قلاوون وهذه المجموعة تضم بيمارستان وقبة ومدرسة وهي تعد من أهم المزارات السياحية التي تبهر زائرى مصر من شتى أنحاء العالم ومن جميع الجنسيات كما تعد أيضا المجموعة جزء أصيل ولا يتجزأ من تاريخ الشارع العريق وشاركت بلا شك في إكساب المباني التاريخية به لمسات جمالية متميزة وسط مايمتلأ به الشارع من آثار إسلامية خالدة من شتي العصور بداية من العصر الفاطمي وحتي نهاية عصر المماليك في بدايات القرن السادس عشر الميلادى ومجموعة قلاوون تطل الواجهة الشرقية لها على شارع المعز لدين الله وتتكون من قسمين البحري الواقع على يمين الداخل من الباب الرئيسي وهي واجهة المقبرة التي دفن بها المنصور قلاوون وتعلوها القبة والقبلي ويضم المدرسة وبين القبة والمدرسة دهليز طويل يؤدي إلى البيمارستان أى المستشفى والذي بقي منه الإيوان الشرقي والإيوان الغربي ويحتفظ بكامل روعته الأثرية المعمارية وتتميز المجموعة بواجهة المدرسة المزخرفة بالحنايا المحمولة على أعمدة من الرخام يتوسطها شبابيك بمصبعات نحاسية كما يلفت النظر القبة المزخرفة بالفسيفساء والخشب المذهب والمحمولة على أربعة أعمدة سميكة أسطوانية الشكل مصنوعة من الجرانيت الأحمر وجدرانها مكسوة بالرخام وهذه القبة دفن تحتها السلطان المنصور قلاوون وإبنه الملك الناصر محمد ويذكر التاريخ أن المنصور قلاوون كان قد شرب كأسا من الشراب وهو يشاهد البيمارستان عندما أتم بناءه وقال قد وقفت هذا على مثلي ومن دوني وجعلته وقفاً على الملك والذكور والإناث والكبير والصغير والحر والعبد والجندي والأميرِ وتعد مدرسة قلاوون تحفة معمارية وفنية شغلت بال المهتمين بالآثار الإسلامية في مصر والعالم وقد اقيمت على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد حيث تتكون من صحن أوسط تحيط به أربعة إيوانات أكبرها إيوان القبلة ولم يبق منها الآن غير اثنين منهم هما إيوان القبلة والإيوان المقابل له أما الإيوانان الآخران فقد خربوا وحل محلهما بعض أبنية مستحدثة ويشمل إيوان القبلة المحراب بعموديه الرخاميين الرائعين وطاقيته ذات الزخارف الجصية البارزة والمفرغة التي تشهد بما يعلوها من زخارف جصية أخرى وما يقابلها بصدر الإيوان الغربي لما وصلت إليه هذه الصناعة من رقى وفن في العصر المملوكي والصحن مكشوف مستطيل في شكله وتتوسطه نافورة وتفتح الإيوانات الأربعة بكامل إتساعها على الصحن وتحيط بجدران الصحن ست خلوات وذلك من الجهة الشمالية الشرقية وقد فرشت أرضيات المجموعة بالأحجار أما السقوف فهي أنصاف أقبية برميلية وإيوان القبلة المتواجد في الجهة الجنوبية الشرقية مساحته مستطيلة وأرضيته مفروشة بالحجر ومغطى بسقف خشبي معرق ويتصدر جدار القبلة محراب الصلاة وهو عبارة عن حنية نصف دائرية وطاقيته مزخرفة بالنباتات ويحيط بها شريط كتابي يعلوه شباك مزخرف ويغلق على الإيوان حجاب خشبي له مصراعان خشبيان وتتشابه معه في التصميم والزخارف والنقوش الإيوانات الأخرى .

ومن مجموعة السلطان قلاوون نتجه إلي قصر الأمير بشتاك وهو نموذج فريد للعمارة المدنية في العصر المملوكي وأنشأه الأمير سيف الدين بشتاك الناصري أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون الذي قتل بمكيدة من الأمير قوصون أثناء حكم السلطان الأشرف علاء الدين كجك ويعود تاريخ إنشائه إلي عام 740 هجرية الموافق عام 1339م وهذا القصر في البداية كان يقطنه الأمير بدر الدين بكتاش ثم إشتراه الأمير بشتاك من الورثةوأضاف إليه المساحات التي كانت حوله وكان حوله أحد عشر مسجدا وأربعة معابد من آثار الفاطميين ودار قطوان الساقي وقد أوشك علي الإنهيار بعد زلزال شهر أكتوبر عام 1992م وقد تم إصلاح القصر بالإشتراك مع معهد الآثار الألماني وإستغرقت عملية الترميم والإصلاح حوالي عامين وتكلفت حوالي 50 مليون جنيه ولهذا القصر ثلاث واجهات الأولي وهي الرئيسية تقع بالجهة الشمالية الغربية وتطل علي شارع المعز وتتكون من ثلاثة طوابق بها مشربيات ليست علي إستقامة واحدة بل علي جزئين أحدهما غائر والآخر بارز وبها رسومات هندسية آية في الجمال أما الواجهة الثانية فتقع بالناحية الشمالية الشرقية وتطل علي درب ترمز وبها عدد من النوافذ المغطاة بأجنحة معدنية وبها أيضا بوابة تؤدي للقصر والواجهة الثالثة بالجهة الجنوبية الغربية وتطل علي حارة بيت القاضي وبالنسبة للمدخل الحالي فيتم الوصول إليه بسلم خشبي مزخرف يؤدي إلي باب خشبي عليه كتابات عن منشئ القصر وتاريخ إنشائه ويتكون القصر من طابقين الأرضي وبه قاعة وإسطبلات ومخازن غلال وغرف للخدم والطابق العلوي يضم قاعة الإحتفالات وغرف النوم وكان القصر فيما مضي يحتوي طابقا ثالثا للحريم لكنه تهدم ومدخل القصر يؤدى إلي دركاة أو مساحة مربعة علي يمينها سلم يؤدي إلي الطابق الثاني وعلي يسارها إسطبلات يتم الوصول إليها من خلال دهليز به بئر أثرية للإستعمال اليومي للخيول ويعلو الإسطبلات حجرات خاصة بالقائمين علي خدمة الخيل والقاعة الرئيسية للقصر بالطابق الأرضي يتصل بها سلم صاعد ويتقدمها سطح مكشوف وتتكون من أربع إيوانات أى مساحة مربعة مفتوحة للجلوس ودورقاعة والأرضيات من الرخام في أشكال هندسية جميلة والأسقف خشبية ويتدلي منها وحدات إضاءة فريدة الشكل ويمتاز الإيوان الشرقي منها بمشربياته الخشبية الكثيرة بينما يمتاز الإيوان الغربي بنوافذ جصية معشقة بالزجاج الملون أما الإيوانان الشمالي والجنوبي فيحوي كل منهما بائكات ثلاثية العقود ترتكز علي أعمدة رخامية ذات قواعد وتيجان علي الطراز الإسلامي وملحق بهذه القاعة عدد من الحجرات ودورات المياه ولا يفوتنا أن بجوار الإيوان الشرقي توجد فتحة باب مؤدية إلي ممرات مطلة علي الدور قاعة وكانت هذه الممرات تستخدم قديما لرؤية ما يجري بالقاعة حيث كانت النساء تجتمعن بغرف الحرملك بالدور الثالث المندثرولا يسمح لهن بالجلوس مع الضيوف .


ولننتقل الآن إلي بيت السحيمي وهو بيت عربي ذو طراز معمارى شرقي رائع وبديع يقع في قلب مدينة القاهرة الفاطمية في الدرب الأصفر في منطقة الجمالية والذى يتفرع من شارع المعز لدين الله الفاطمي وقد تم بناؤه عام 1058 هجرية الموافق عام 1648م وسمي بإسم آخر أصحابه الشيخ محمد بن أمين السحيمي باشا الحربي كبير قادة الجيش حينذاك وجمع في بنائه العديد من الفنون المعمارية الرائعة وقد ضمته الحكومة المصرية لقائمة الآثار المسجلة ويستغل حاليا كمتحف للعمارة العربية الشرقية الأصيلة ومركزا للإبداع الفني وتبلغ مساحته حوالي 2000 متر مربع وجدير بالذكر أن عائلة السحيمي تعد من أكبر العائلات المصرية ولها فروع في كل من القاهرة والإسكندرية والمنوفية وينقسم البيت إلي قسمين هما القسم القبلي وهو الأقدم والذى تم بناؤه عام 1648م والقسم البحرى والذى تم بناؤه عام 1699م مع ربطه بالقسم الأول فيبدوان كبناء واحد وهذا البيت يعتبر نموذجا للبيوت العربية الشرقية التقليدية الأصيلة حيث الدخول إليه يتم من خلال ردهة تسمي المجاز وظيفتها حجب من بداخل البيت عن الداخلين إليه وهي تؤدى إلى الصحن الذى توجد به أحواض بها زراعات وزهور وأشجار وتفتح عليه غرف البيت كما يبدو بهذا البيت بوضوح تأثير العمارة العثمانية التي كانت تخصص الدور الأرضي بالكامل للرجال ويسمى السلاملك والدور العلوى للنساء ويسمى الحرملك ولذلك فإننا نجد كل الدور الأرضي ليس به أى غرف بل كله عبارة عن قاعات لإستقبال الضيوف من الرجال ولبيت السحيمي صحنان أولهما الصحن الأمامي وهو يعتبر حديقة مزروعة ويتوسطه مايسمي بالتختبوش وهو دكة خشبية مزينة بأشغال من خشب الخرط وفي هذا الصحن شجرتان مزروعتان منذ بناء البيت زيتونة وسدرة وثانيهما هو الصحن الخلفي وبه حوض ماء وساقية للرى وطاحونة حبوب تدار بواسطة الحيوانات وكان هذا الصحن مخصصا لخدمات البيت وكان في البيت 3 آبار يتم الحصول علي المياه اللازمة للشرب والطهي والنظافة منها وأيضا كان يتم ملء خزان الماء الموجود بالحمام منها أيضا .

ومن بيت السحيمي ننتقل إلي جامع الحاكم بأمر الله والذى يعد ثاني الجوامع الفاطمية بمصر بعد الجامع الأزهر الشريف وقد تم وضع حجر أساس هذا الجامع عام 380 هجرية الموافق عام 990م في عهد الخليفة الفاطمي العزيز بالله والذى توفاه الله بعد مرور عام واحد أى في عام 381 هجرية الموافق عام 991م فتوقفت أعمال البناء بالجامع إلى أن أمر الخليفة الجديد الحاكم بأمر الله وهو إبن الخليفة العزيز بالله بإستكمال البناء وليستمر البناء حتي عام 393 هجرية الموافق 1002م ولذلك تم تسميته بجامع الحاكم بأمر الله ثم أمر الخليفة عند هذه المرحلة بضرورة بناء المئذنتين لتزداد فخامة وجماليات الجامع وفنه المعمارى الراقي ومخططه الرائع ولينتهي تماما البناء عام 402 هجرية الموافق عام 1012م وصليت فيه أول جمعة يوم الخامس من شهر رمضان عام 403 هجرية الموافق عام 1013م ويقع جامع الحاكم بأمر الله في نهاية شارع المعز لدين الله الفاطمي بحي الجمالية ملتصقا بباب الفتوح وكان يقع في الأصل خارج حدود سور القاهرة القديم الذى بناه جوهر الصقلي قائد الخليفة المعز لدين الله حول القاهرة عام 359 هجرية الموافق عام 970م فلما قام بدر الجمالي وزير الخليفة الفاطمي المستنصر بتوسعة القاهرة عام 480 هجرية الموافق عام 1087م من الناحيتين الشمالية والجنوبية لمسافة 150 متر أقام السور الشمالي بالحجر ملاصقا تماما للجدار الشمالي الشرقي لجامع الحاكم بأمر الله فأصبح يحده من الشمال سور القاهرة القديم ومن الشرق وكالة قايتباى وباب النصر ومن الغرب شارع المعز والذى يطل عليه المدخل الرئيسي للجامع ومن الجنوب منطقة سكنية للأسف أقرب ماتكون إلى العشوائيات وكان الهدف الأساسي من بنائه هو وجود مسجد واسع بعد أن بدأ الجامع الأزهر يضيق بالمصلين وخاصة في يوم الجمعة فكان قرار الخليفة العزيز بالله ببناء هذا الجامع الذى أكمله إبنه الحاكم بأمر الله كما أسلفنا ويبلغ طوله حوالي 120 متر وعرضه 113 متر وفي نهاية واجهته الشمالية الغربية أى التي في الإتجاه المعاكس للقبلة توجد مئذنتا الجامع وترتكزان علي قاعدتين كل منهما مكون من جزئين يعلو كل منهما الآخر وهما علي هيئة هرم ناقص وتبرز فوق كل من الجزئين العلويين مئذنة مثمنة الشكل وتنتهي من أعلى برأس علي شكل نصف كرة وبجسم كل منهما نقوش وزخارف نباتية وهندسية بديعة بالإضافة إلي أشرطة كتابية بالخط الكوفي وبين المئذنتين وفي منتصف الواجهة الشمالية الغربية يوجد المدخل الرئيسي للجامع والمطل على شارع المعز وهو بارز عنها وكان أول مدخل بارز عن واجهة المدخل يتم بناؤه علي هذا الشكل في مصر حيث لم نرى ذلك الطراز فيما سبقه من الجوامع التي بنيت قبله وهو مغطي بقبو اسطواني عرضه حوالي 3.5 متر وطوله حوالي 5.5 متر وفي خلفيته النهائية باب ارتفاعه 2.2 متر معقود بعقد أفقي حجرى وهو يؤدى إلى الإيوان الموازى لإيوان القبلة والجامع من الداخل به صحن مكشوف تحيط به 4 إيوانات أكبرها هو إيوان القبلة ويتكون من 5 أروقة بكل واحد منها 17 عقدا والثلاثة إيوانات الأخرى كل منها مكون من 3 أروقة وبكل واحد منها 17 عقدا أيضا وجميع العقود ترتكز على أكتاف حجرية داكنة اللون تربطها ميد خشبية بها زخارف ونقوش محفورة في الخشب وتحمل العقود سقف خشبي مسطح ويحيط به من أسفله وأعلى العقود إزار جصى من الكتابة الكوفية جميلة الشكل وكان يوجد في نهايتي حائط القبلة قبتان كما كانت توجد قبة ثالثة فوق المحراب وقد تم هدم واحدة منهم وهي الشرقية عند بناء بدر الجمالي لسور القاهرة بعد توسعتها وكانت القباب مزخرفة بزخارف جصية بديعة الشكل وبخصوص شبابيك الجامع فقد جعل شباك في محور كل عقد وكل شباك كانت تزينه وتجمله زخارف جصية بديعة ورائعة الشكل أيضا .

ومن جامع الحاكم بأمر الله نختم جولتنا بزيارة باب الفتوح و باب النصر وباب الفتوح هو أحد أبواب سور القاهرة الفاطمية بناه القائد جوهر الصقلي عام 480 هجرية الموافق عام 1087م وقد تم تجديده بعد ذلك علي يد الأمير بدر الجمالي وأصبح في مكانه الحالي في مدخل شارع المعز لدين الله الفاطمي بجوار مسجد الحاكم بأمر الله والذى يعد أكبر آثار الدولة الفاطمية في مصر وقد سمي بهذا الإسم نظرا لأن الجيوش كانت تخرج منه للفتوحات وعندما تعود منتصرة كانت تدخل من باب النصروهو بوابة حجرية ضخمة محصنة بنيت في سور القاهرة القديم أيضا جنوبي باب الفتوح علي يد القائد العسكرى الفاطمي جوهر الصقلي عام 1087م وقد أطلق عليه لاحقا إسم باب العز إلا أن سكان القاهرة فضلوا الإسم الأصلي باب النصر وهو الإسم المستخدم حتي الآن ولعل سبب هذا التمسك أن هذا هو الباب الذى كانت تدخل منه الجيوش بعد عودتها منتصرة علي أعدائها حيث مر منه سلاطين مصريون مثل الظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والأشرف خليل والناصر قلاوون بعد عودتهم منتصرين يحملون غنائم أعدائهم ويسوقون أمامهم أسراهم وجدير بالذكر أن الوزير الفاطمي بدر الجمالي قد قام بنقل باب النصر بسور القاهرة القديم أيضا من مكانه الأصلي إلى مكانه الحالي ويتكون باب الفتوح من برجين مستديرين يتوسطان المدخل ويوجد بجوارهما طاقتان كبيرتان في فتحتيهما حلية مزخرفة بإسطوانات صغيرة وتوجد فتحات أعلى البرجين لزوم سكب السوائل المغلية علي أى معتدى قد يحاول التعدى على مدينة القاهرة أو يحاول محاصرتها وبين البرجين توجد بوابة علي شكل عقد نصف دائرى أعلاها بانوه مستطيل الشكل به زخارف محفورة في الحجر ويعلوه فتحات كالتي في البرجين وعلي نفس مستواها وبوجه عام كان سور القاهرة وأبوابه ومنشآت العصر الفاطمي بوجه عام من المساجد كمسجد الحاكم بأمر الله وجامع الأقمر والجامع الأزهر ومسجد الإمام الحسين بداية لعصر المباني الحجرية في مصر والتي كانت قريبة الشبه في طرازها من الطراز المعمارى البيزنطي الذى تم علي أساسه تشييد العديد من مباني الكنائس والمساجد والقصور في مصر القديمة أما باب النصر فيمتاز ببرجين مستطيلين يوجد بينهما بوابة ضخمة ومرتفعة نقش علي جانبيها زخارف ترمز إلى الإنتصارات التي حققها الجيش المصرى وتعلوها فتحة محاطة بإفريز يمتد ويحيط بالبرجين المستطيلين ونقشت عليه كتابات تذكر إسم من تم بناء هذا الإفريز في عهده وهو الخليفة الفاطمي المستنصر بالله وقائد جيوشه أبو النجم بدر وكذلك تاريخ البناء وفوق هذا الإفريز توجد فتحات المزاغل التي تستخدم في الدفاع عن القاهرة في حالة محاولة أى معتدى إقتحام الباب برميه بالسهام وبإلقاء المياه المغلية والزيت المغلي عليه ويوجد بالبوابة سلم حجرى كان تصميمه يعتبر الأول من نوعه في تاريخ عمارة هذه الفترة ويؤدى هذا السلم إلي الأبراج كما يقود إلي عدة حجرات ذات عقود حجرية وبذلك يختلف باب النصر عن باقي أبواب القاهرة بوجود هذا السلم وكذلك بأن أبراجه ذات شكل مستطيل وليست ذات شكل أسطواني ويبقي لنا أن نقول إنه في عهد الحملة الفرنسية أمر نابليون بونابرت قائد الحملة بعمل تعديلات علي باب النصر وتوسيع فتحات المزاغل لإستخدامها في الضرب بالمدافع بدلا من السهام ويعد باب النصر حاليا من المزارات السياحية كنموذج من نماذج فن العمارة الإسلامية في مصر في عصر الفاطميين وأخيرا كان باب الفتوح يرتبط بباب النصر بطريقين أولهما أعلى سور القاهرة الفاطمية وثانيهما تحت السور لتسهيل وتيسير الحركة والتنقل بينهما خاصة لو تعرضت مدينة القاهرة لخطر الحصار .

يمكنكم متابعة الجزء الأول من المقال عبر اللينك التالى
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=39181
 
 
الصور :