الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

جسر البوابة الذهبية

جسر البوابة الذهبية
عدد : 09-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com



سان فرانسيسكو هي مدينة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية التي تقع على الساحل الغربي للولايات المتحدة الأميريكية وتحدها من الشمال ولاية أوريجون ومن الشمال الشرقي ولاية نيفادا وولاية أريزونا من الجنوب الشرقي وباخا كاليفورنيا المكسيكية من الجنوب والمحيط الهادى من الغرب وتتميز بوجود عدد 4 مدن كبيرة بها هي لوس أنجلوس وسان دييجو وسان خوسيه وسان فرانسيسكو وهذه الأخيرة تتكون من العديد من التلال وأعلى قمة فيها هي قمة ديفدسون التي ترتفع إلى 330 مترا ويحد مدينة سان فرانسيسكو من الشمال المحيط الهادى ومن الشرق خليج سان فرانسيسكو ومن الجنوب مدينة ديلي سيتي وتبلغ مساحتها الكلية 334 كيلو متر مربع ويحتل الماء 215 كيلو مربع من هذه المساحة ولقد تعرضت مدينة سان فرانسيسكو إلى العديد من الزلازل بسبب موقعها القريب من صدع سان أندرياس وهو صدع متحول قاري يمتد بطول حوالي 1200 كيلو متر في ولاية كاليفورنيا ويشكل الحدود بين الأغلفة الصخرية المكونة للصفائح التكتونية لكل من المحيط الهادى وقارة أمريكا الشمالية ويقطنها حوالي مليون نسمة وهي معروفة عالميا بجسرها الذي يسمى جسر البوابة الذهبية أو الجولدن جيت والهرم الأميريكي المشهور وتعد المدينة الرابعة في ولاية كاليفورنيا من حيث عدد السكان والثانية في الولايات المتحدة الأميريكية في كثافة السكن بها ومن الملاحظ أن اغلب سكانها تعود أصولهم إلي قارة آسيا خاصة من الصين لذلك أطلق عليها لقب المدينة الآسيوية كما يسكنها أيضا أقليات من الأعراق المختلفة مثل الأميريكيين والأوروبيين والألمان والمسؤول عنها هو رئيس يتم إنتخابه كل أربع سنوات ويسمى العمدة .

وتاريخيا فقد مرت المدينة بمراحل تاريخية متعددة منذ القدم حيث وصلها أولا الهنود الأميريكيون حوالي عام 3000 ق.م وكانت تسكنها آنذاك قبيلة تسمى ييلامو وبعد سنوات طويلة وصلها الجنود الأسبان في يوم 28 مارس عام 1776م بقيادة هوان باوتيستا دي أنزا وقاموا بتشييد قلعة بريسيديو في شمال المدينة ومركزا للدعوى المسيحية في شرقها وفي ذلك الوقت مات الكثير من سكانها الهنود بسبب الأمراض التي إنتشرت بينهم بعد مجيء الجنود الأسبان إليها ثم تم بعد ذلك إحتلالها من قبل الأميريكيين بعد الحرب المكسيكية الأميريكية في عام 1846م وأطلقوا عليها إسمها الحالي سان فرانسيسكو وفي بداية عام 1848م تم إكتشاف الذهب في شمال ولاية كاليفورنيا فوفد إليها آلاف الأميريكيين وآلاف الصينيين ينشدون الثروة والمال والعمل وفي شهر يناير عام 1848م كان عدد سكان سان فرانسيسكو حوالي 1000 نسمة وفي شهر ديسمبر عام 1849م اصبح عدد سكانها 25 ألف نسمة وتدريجيا أصبحت سان فرانسيسكو مركزا للتجارة حيث تأُسست بها شركات مشهورة وفي يوم 18 أبريل عام 1906م حدث زلزال عظيم بلغ 8.25 بمقياس ريختر وتسبب في هلاك حوالي 3000 شخص إلي جانب تدمير جزء كبير من المدينة وعلى الرغم من ذلك أعيد بناء المدينة مرة أخرى وفي عام 1915م تم تنظيم معرض بنما والمحيط الهادى بها وفي عام 1936م تم فتح جسر الخليج بين سان فرانسيسكو وأوكلاند أعلي خليج سان فرانسيسكو ثم في العام التالي 1937م تم إفتتاح جسر البوابة الذهبية فوق المضيق الذى يصل بين خليج سان فرانسيسكو والمحيط الهادى وفي خلال الحرب العالمية الثانية كانت سان فرانسيسكو هي أهم الثغور الأميريكية للحرب في منطقة المحيط الهادى كما شاهدت المدينة إعلان قيام منظمة الأمم المتحدة في عام 1945م بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية .

وتعتبر مدينة سان فرانسيسكو محط أنظار السياح الوافدين من جميع أنحاء العالم نظرا لجمال المناظر الخلابة الموجودة فيها وشواطئها البراقة وإعتدال مناخها كما أنها محط أنظار الباحثين عن العمل بسبب تواجد مناجم الذهب التي تستقطب الكثير من الوافدين إلي أمريكا من أجل العمل كما توجد فيها العديد من الصناعات مثل الصناعات الغذائية وصناعة الملابس كما تتميز المدينة بوجود الجسر الذي يسمى بالبوابة الذهبية الذى يعبر المضيق الذى يوجد في شمال المدينة والذى يصل بين المحيط الهادى وخليج سان فرانسيسكو الشهير كما تعتبر مدينة سان فرانسيسكو مركزا عالميا للثقافة والمال والصناعة بسبب تواجد الذهب في الشرق منها مما جعلها تزدهر كما أنه يوجد فيها الهرم الأميريكي المشهور ومقر المحكمة العليا لولاية كاليفورنيا وهيئة الأمم المتحدة الذي أنشئ في سان فرانسيسكو عام 1945م ويوجد فيها أيضا سجن الكتراز الشهير الذي تم إستخدامه كثيرا لغايات تصوير أشهر الأفلام كما يميز المنطقة وجود الأحياء المختلفة التي تدل على سكانها مثل الحي الصيني والحي الياباني والحي المكسيكي كما يوجد الحي المالي الذي يعتبر مركزا لمصارف وبنوك ومؤسسات وشركات كاليفورنيا .


ويعد جسر البوابة الذهبية أو الجولدن جيت من أشهر معالم مدينة سان فرانسيسكو وأحد رموزها الشهيرة ويمكن التعرف عليه بسهولة من لونه البرتقالي الدولي وهندسته المعمارية المتميزة بالبرجين وهو جسر معلق يعبر مضيق جولدن جيت الكاليفورني والذي يشكل نقطة إلتقاء بين خليج سان فرانسيسكو والمحيط الهادي ويربط بين مدينة سان فرانسيسكو الواقعة في الطرف الجنوبي من شبه جزيرة سان فرانسيسكو وبين منطقة سوساليتو الواقعة في الطرف الشمالي من شبه الجزيرة في مقاطعة مارين وكان هذا الجسر حتي عام 1964م هو أطول جسر معلق في العالم بطول 1970 مترا ووفقا لتصنيف الجمعية الأميريكية للمهندسين المدنيين فإن هذا العمل الفني هو أحد عجائب الدنيا السبع في العالم الحديث حيث أنه يعتبر اليوم أحد أطول الجسور المعلَقة في العالم وكان أسلوب العبور الوحيد من وإلى كل من الضفتين المتقابلتين قبل بناء الجسر هو إستعمال الزوارق وفي عام 1820م ظهرت خدمة العبارات في المضيق حيث أخذ بعض ملاك القوارب ينقلون أناس ومتاعهم نظير مبلغ من المال لكن هذه الخدمة لم تتسع وتتثبت فعليا حتى عقد الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادى عندما أخذت بعض الوكالات الحكومية تنقل مياه الشرب إلى سان فرانسيسكو وفي عام 1867م ظهرت شركة سوساليتو للنقل البري والبحري ومع مرور الوقت تغير إسمها حتى أصبح شركة عبارات البوابة الذهبية وإستمرت أكبر شركة عبارات في العالم حتى عشرينيات القرن العشرين الماضي وكان العبور من رصيف شارع هايد في سان فرانسيسكو إلى ساوساليتو يكلّف واحد دولار أمريكي للسيارة أو العربة الواحدة ويدوم حوالي 20 دقيقة ثم تم تخفيض السعر فيما بعد لمنافسة الجسر وقد أدى هذا الإحتكار لحركة النقل عبر قسمي المدينة إلى مطالبة الكثير من أبنائها ببناء جسر يصل بين شطرى سان فرانسيسكو إذ أنها كانت لا تزال المدينة الأميريكية الكبرى الوحيدة التي تعتمد على خدمة العبارات ولأن معدل نمو سكانها كان أدنى من معدل النمو الوطني نظرا لإنعزالها وقد أفاد الكثيرون بأن الجسر لا يمكن بناؤه عبر مضيق يصل عرضه إلى 2042 مترا لا سيما وأنه يتميز بتيارات مائية قوية ومياه عميقة إلي جانب الرياح العاتية التي تتعرض لها المنطقة .

وقد بدأ بناء هذه الجسر وسط العديد من الصعوبات في عام 1933م تحت إشراف إدارة الأشغال العامة ثم إنتقل الإشراف علي بنائه إلي إدارة مشاريع العمل وذلك ضمن مبادرة من الرئيس الأميريكي حينذاك فرانكلين روزفلت كجزء من سياسته الهادفة لإطلاق أشغال عمومية كبرى من أجل خلق فرص لعمل في مجال الأشغال العمومية يتم تمويلها بالأموال الفيدرالية للحد من آثار الكساد الكبير الذي أغرق البلاد في أزمة وقد إستغرق المشروع مدة أربع سنوات حيث إنتهت أعمال الإنشاء في عام 1937م وقد قابل فريق العمل به العديد من الصعوبات والمشاق أثناء التنفيذ فقد إقتضت الإستعدادات الأولى لبناء الجسر تدخل الغواصين والذين كان عملهم في منتهي الخطورة نظرا لوجود تيارات مائية قوية تتدفق عبر المضيق وفي الواقع فإنه عند إرتفاع المد وإختلاط المياه المالحة للمحيط الهادي مع المياه العذبة لخليج سان فرانسيسكو فإن تيارات متعاكسة الإتجاهات تتحرك في وقت واحد حيث تتجه المياه العذبة الأقل كثافة نحو المحيط في حين أن مياه المحيط الأكثر كثافة والأكثر برودة تحاول الولوج بقوة إلى الخليج فكان الغواصون بحاجة لإيجاد طريقة آمنة للعمل وسط هذه التيارات القوية والدوامات من أجل الوصول إلى أسفل المضيق وعند التغلب على هذه الصعوبات كانوا يستخدمون شحنات من الديناميت ينقلونها إلى أعماق المضيق بإستعمال أنابيب عملاقة من الصلب وهكذا تمكن فريق البناء من نسف الصخرة التي سترتكز عليها قاعدة البرج الأول للجسر لزوم تهيئتها وجعلها مسطحة على عمق 30 مترا وقد أدت بعض تفجيرات الديناميت إلى إرتفاع حاد لعشرات الأسماك إلى السطح وأحيانا إلى الساحل وفي حقيقة الأمر فقد لعبت الضفادع البشرية دورا رئيسيا في الأعمال الأولية للورشة الضخمة لإنجاز هيكل هذا الجسر العملاق وذلك عبر نقل وتثبيت ركائز خرسانية تحت سطح الماء كل ذلك من خلال العمل في وسط شبه معتم لمياه جليدية موحلة .

وعند إنتهاء هذه الأعمال الأولية أمكن بدء العمل على السطح فكان بناء البرج الأول من الجسر المعلق ولكن صعبت المياه الهائجة إستخدام المراكب والأدوات العائمة للتغلب على هذه المشكلة ومن ثم تقرر بناء رصيف بطول 330 مترا والذي بدوره شكل أول جسر يبنى على المحيطات المفتوحة وبمجرد الإنتهاء من الرصيف صار بإمكان الرجال والأدوات التحرك بحرية بين الشاطئ وموقع الإنشاءات لأول عمود في الجسر ومع ذلك جاءت الأحداث مرة أخرى لتحبط مخططات جوزيف شتراوس المهندس المسئول عن التنفيذ في شهر أغسطس عام 1933م حيث كانت سفينة شحن متجهة نحو البحر فإنحرفت عن مسارها بحوالي 600 متر بسبب ضباب صيفي كثيف مفاجئ وإصطدمت بالرصيف الجديد وبعد شهرين من ذلك قرر المهندسون إعادة بناء الرصيف ولكن في شهر أكتوبر من نفس العام هبت عاصفة عنيفة ضربت مضيق البوابة الذهبية فإنهار الرصيف مرة أخرى وفي يوم 14 ديسمبر من نفس العام دمرت عاصفة أكثر عنفا الرصيف بعد إعادة بنائه مرة أخرى وأعيد بناؤه للمرة الثالثة ولم ييأس المهندسون العاملون في إنشاء هذا الجسر رغم كل هذه الأحداث المعاكسة والصعوبات والمشاق التي تعرضوا لها وبعد خمسة أشهر وفي شهر مايو عام 1934م تم بناء رصيف جديد يمكنه مواجهة جميع الإضطرابات المناخية كما تم وضع خطة جريئة من جانب جوزيف شتراوس لزوم إستكمال العمل إقتضت إنشاء تحزيم للمكان حيث يشيد البرج الأول حيث تم وضع كتل ضخمة من الخرسانة في قاع البحر المعد بالمتفجرات التي إستعملها الغواصون كما تم وضع خزان أسطواني ضخم يمتد من قعر مضيق البوابة الذهبية إلى سطح الماء وتم حمايته بهذا الحزام المكون من الكتل الخرسانية الضخمة ليشكل هذا الخزان الأساسات المستقبلية للجسر وبعد تثبيت الخزان الذي يعادل حجمه ملعب لكرة القدم وإحكام سده تم ضخ 35 مليون لتر ماء المحجوزة فيه ثم صب العمال في الخزان حوالي 100 ألف متر مكعب من الخرسانة لتتشكل بذلك أحد دعائم الجسر المعلق وفي يوم 3 يناير عام 1935م تم الإنتهاء من العمود ليكون في ذلك الحين أكبر عمود تم بناؤه وبلغ إرتفاعه 13 مترا فوق الأمواج .

وبعد الإنتهاء من إنشاء أساسات برجي الجسر أمكن البدء في بناء البرجين الرئيسيين الحاملين له بإرتفاع 227 مترا والتي تخطت حدود ما كان يعتقد أنه ممكن تقنيا آنذاك تنفيذه ولإنجاز هذه المهمة الدقيقة للغاية تم توجيه نداء إلى الخبراء في أعمال الهياكل الفولاذية المعروفين بأداء مهام خطرة في مواقع مختلفة في جميع أنحاء العالم والذين يطلق عليهم رجال الجسر كما يحلو لهم أن يسموا أنفسهم والذين لم يقاوموا فكرة المشاركة في بناء أكبر جسر معلق في العالم حينذاك ووفقا لذلك وجد جوزيف شتراوس بسرعة نفسه مع أفضل البناة والحرفيين في العالم ومن ثم تم الإنتهاء من بناء البرج الشمالي في غضون 11 شهرا بما فيها الأعمال الأولية بين شهر نوفمبرعام 1933م وشهر أكتوبر عام 1934م وحمل إسم برج مارين نسبة إلى مقاطعة مارين الواقع فيها هذا البرج أما البرج الآخر وهو برج سان فرانسيسكو فقد إكتمل تشييده في ستة أشهر وتحديدا بين شهرى يناير ويونيو عام 1935م ويرجع الفرق بين المدتين إلي الصعوبة التي واجهت بناء دعائم البرج الشمالي نظرا لكثرة الأحداث الطبيعية وفي شهر يونيو عام 1935م إرتفع برجا جسر البوابة الذهبية عن مستوى سطح البحر لأكثر من 200 متر وبذلك تم الإنتهاء من الأبراج وفي شهر يوليو عام 1935م ثبتت الكابلات الفولاذية الأولى المسماة كابلات المشاة لربط البرجين وفي خلال هذه الفترة لم يبق من ميزانية البناء إلا ما يكفي للسماح بالإستمرار في العمل لذلك تم التعاقد مع شركة روبليج وأبناؤه لإكمال تثبيت الكابلات وفي غضون ستة أشهر من شهر أكتوبر عام 1935م وحتي شهر مارس عام 1936م كانت كابلات التعليق قد ثبتت في مكانها وأمكن تسريع العمل لدرجة أنه في يوم 20 مايو عام 1936م تم تثبيت آخر كابل مزينا بالأعلام للإحتفال بالحدث وبهذا تم الإنتهاء من تثبيت الكابلات .

وبإنتهاء هذه المرحلة من التنفيذ بدأت الأعمال النهائية في شهر يونيو عام 1936م بتركيب ألواح الصلب التي تمثل أرضية الجسر والتي سيتم تعبيد الطريق فوقها مستقبلا وتم الإنتهاء من تركيب الجزء المسطح من الجسر في شهر نوفمبر عام 1936م وفي شهر يناير من عام 1937م بدأت زخرفة العناصر المختلفة للجسر ومن ثم تم إنهاء الهيكل وفي شهر مايو عام 1937م إنتهى أخيرا بناء أكبر جسر في العالم بعد أكثر من أربع سنوات من المغامرات والعوارض وتم إفتتاح الجسر للعبور عليه في يوم 27 مايو عام 1937م الذي أعلن رسميا يوم للمارة وشابت مدينة سان فرانسيسكو حالة من الإضطراب حيث أغلقت معظم متاجر المدينة وما ظل مفتوحا منها كان يعمل بعدد قليل من الموظفين للغاية وبداية من الساعة السادسة صباحا تجمع أكثر من 18 ألف شخص على جانبي الجسر من أجل عبور الجسر لأول مرة وعند تمام الساعة المنتظرة إنزاح الضباب وكما هو متوقع رفعت الحواجز لترك الآلاف من الناس معظمهم من الطلاب والشباب يزحفون على الجسر الذي بني حديثا وتظاهر العديد من الناس خلال هذا الحدث في محاولة لتسليط الضوء عليهم خلال هذا الإفتتاح التاريخي هذا الإفتتاح الذي شل ليوم كامل نشاط عدة مدن في البلاد وهكذا كان دونالد برايان رياضي ألعاب القوى في كلية سان فرانسيسكو جينيور أول من يعبر الجسر كله في حين كانت فلورنتين كالجاري أول من أجرى عبورا ذهاب وإياب على عكازات وبما أنه تم تخصيص يوم 27 مايو عام 1937م للمشاة والذين كانوا أكثر من مائتي ألف شخص شهد اليوم التالي 28 مايو عام 1937م الإفتتاح الرسمي للجسر المعلق في وجه السيارات وقام بإفتتاح الجسر في هذا اليوم الرئيس الأميريكي فرانكلين روزفلت بضغطة زر من واشنطن وفي غضون ساعات عبرت 1800 سيارة جسر البوابة الذهبية وفي وقت متأخر من اليوم كان قد سجل عبور 32000 سيارة وكان 19000 من المشاة قد إستوفوا حق العبور بين سان فرانسيسكو ومقاطعة مارين اللتان إرتبطتا أخيرا وقد تميز مساء يوم 28 مايو عام 1937م أيضا بعرض ضخم للألعاب النارية وذلك تكريما للعمل الذي قام به جوزيف شتراوس مهندس تنفيذ هذا العمل العملاق .

ومع التقدم الهائل في العلوم الهندسية في وقتنا الحاضر أدت المعرفة العلمية المعاصرة بمخاطر الزلازل والرياح وتأثيراتها علي المنشآت إلى قيام المهندسين بإجراء عدة تعديلات على الجسر عبر السنوات لجعله أكثر مقاومة للهزات العنيفة التي تشتهر بها ولاية كاليفورنيا الأميريكية خصوصا وأن الجسر يقع على مقربة من فالق سان أندرياس كما ذكرنا في السطور السابقة مما يجعله عرضة للإنهيار نتيجة أي زلزال قوى على الرغم من إعتقاد المهندسين سابقا أن هذا الجسر قادر على الصمود بوجه أي زلزال عنيف وقد وصلت تكلفة صيانة وتحصين الجسر ضد مخاطر الزلازل في بدايات القرن الحادي والعشرين إلى حوالي 392 مليون دولار أميريكي على أمل أن يصبح قادرا على الصمود في وجه أي هزة أرضية دون أن يتكبد أية خسائر أو أضرار جسيمة وقد بدأ المهندسون العمل على صيانة الجسر عام 2005م على أمل الإنتهاء من هذه الأعمال بحلول عام 2012م الموافق لذكرى إفتتاح الجسر الخامسة والسبعين على أن جدول الإنتهاء تم تمديده حتى عام 2015م بسبب صعوبة الحيلولة دون حدوث زحام وأزمة سير خانقة علي الجسر أثناء إتمام عملية الصيانة حيث أنها تتم دون إغلاق الجسر أمام المارة أو السيارات والشاحنات ولكن علي الرغم من ذلك ففي يوم الأحد 27 مايو عام 2012م إحتفل سكان مدينة سان فرانسيسكو بمرور 75 عاماً على بناء جسر البوابة الذهبية أحد أكثر الجسور شهرة في العالم ومفخرة مدينتهم وسكانها ومقصد ملايين السياح سنويا حيث أنه يشكل مزارا سياحيا يستقبل سنويا أكثر من 10 ملايين زائر وقد تضمنت الإحتفالات مشاركة فرق موسيقية وعروض لسيارات وسفن قديمة شهدها الجسر وفي المساء بلغت الفعاليات ذروتها مع عرض للألعاب النارية مما أدى إلى إغلاق الجسر لمدة ساعة وإستمرت الإحتفالات طوال باقي عام 2012م ويبقي أن نذكر أن لجسر البوابة الذهبية مكانة مهمة في الثقافة الشعبية الأميريكية وقد ظهر في عدة أعمال فنية وأدبية من أفلام وكتب وروايات وكان أول ظهور للجسر في السينما من خلال فيلم جاء من تحت الماء إنتاج عام 1955م وفيه يتم تدمير الجسر بواسطة أخطبوط ضخم ثم توالي ظهوره في أفلام أخرى منها فيلم العرق البارد إنتاج علام 1958م من إخراج الفريد هتشكوك وفيلم الصخرة إنتاج عام 1996م وفيلم الأولاد والبنات إنتاج عام 2000م وفيلم صحوة كوكب القردة إنتاج عام 2011م والذى ينتهي بمشهد عبور القردة للجسر .


وجدير بالذكر أنه حاليا يتم إضاءة جسر البوابة الذهبية بنظام ضخم يتناسب مع ضخامته وأهميته حيث يتم إستخدام 128 مصباح قدرة 250 وات على حواف مسارات الجسر منها عدد 24 منها مسلطة على الرصيف الذي يحيط بالأبراج وعدد 12 مصباح مزخرف بقوة 400 وات لتزيين كل برج بالإضافة لمنارة جوية بضوء أحمر على قمة كل برج بشدة 750 وات كما يشمل النظام أيضا عدة أميال من الأسلاك لتغذية المصابيح الكهربائية الموزعة علي طول الجسر وفي النهاية يتبقي لنا أن نذكر أنه يلقى العديد من الأشخاص حتفهم إنتحارا من على هذا الجسر أكثر من أي جسر آخر في العالم حيث تم تسجيل أكثر من ألف حالة إنتحار من على الجانب المواجه للخليج نظرا لأنه مفتوح للمشاة أما الجانب المقابل فمغلق ولاتوجد إحصائية دقيقة تفيد بعدد الذين إنتحروا قفزا من على الجسر نظرا لأن الكثير من حوادث الإنتحار لم يشهدها أحد وكثيرا ما يقصد بعض الناس هذا الجسر لغرض الإنتحار فقط ومما لا شك فيه أن عددا من الجثث لم يعثر عليها على الإطلاق بسبب إنجرافها إلى عرض البحر بفعل التيارات المائية القوية وقد أظهرت إحصائية في عام 2006م أن 26 شخصا فقط نجوا من محاولتهم للإنتحار لكن أغلبهم عانى من كسور بالغة بسبب إرتطامه بالمياه الباردة بسرعة شديدة ومن بين هؤلاء لم يتمكن إلا 4% فقط من السير مجددا وقد إقترحت عدة حلول للحيلولة دون قفز الناس من على الجسر فتم تزويده بعدة هواتف كي يتمكن الناس من الإتصال بالشرطة بحال ضبطوا شخصا يحاول القفز من أعلاه كما يجوب موظفون مختصون الجسر لضبط أي شخص يحاول الإنتحار كما يعاني الجسر من مشاكل جمة كإزدحام السيارات الخانق والضباب الذي يتسبب في كثير من الحوادث المرورية عليه كما أن سوء الأحوال الجوية قد تتسبب أحيانا في إغلاق الجسر بوجه كامل أمام حركة المرور وبالفعل قد سبق وأن تم إغلاق الجسر ثلاث مرات بسبب الرياح العاتية التي عصفت بالمضيق وهددت سلامة السيارات العابرة علي الجسر وقد تم نصب جهاز خاص وسط البرجين على الجانب الغربي من الجسر لقياس سرعة الرياح حتي إذا ما زادت عن حد معين يتم إغلاق الجسر علي الفور .
 
 
الصور :