الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

السمات العامة لفنون المصريين القدماء

السمات العامة لفنون المصريين القدماء
عدد : 10-2018
بقلم د. رضا عبد الحليم

تتميز فنون النحت والنقش والتصوير في مصر الفرعونية بترابطها وتكاملها إذ كانت تخدم غرضاً واحداً ، وقد سارت مع بعضها جنباً إلى جنب طوال العصور، ولذلك كان لا بد من دراستها سوياً وعدم فصلها عن بعضها كما يحدث في الفنون المعاصرة في الوقت الحاضر .

ومما لا شك فيه أن الموروث من منحوتات الملوك في عصر الدولة القديمة يعكس الكثير من سمات هذا العصر و تقدمه واستقراره في جميع المجالات السياسية والفكرية والأدبية والمعمارية وبالتالي الفنية مما كان له الأثر في أن يكون قدوة وحذوة لمن يأتي خلفهم في أن يسيروا على خطاهم ويسلكوا دربهم في جميع المجالات و لا سيما مجال الفن الذي هو مرآة ناصعة تعكس حالة العصر بكل ما فيه خلا بعض الحالات التي قد تشذ في غيبة الرقابة الملكية في القصر الملكي على هذه الفئة من النحاتين والرسامين والنقاشين والمعماريين أحياناً أخري .

وكان فن العمارة والفنون الأخرى كفن النحت الملكي من أبرز سمات هذا العصر و يبدو أن إمكانيات البلاد كانت في أوج مجدها وبخاصة في عصر الأسرة الرابعة الفرعونية والتي إصطلح الآثاريون على تسميته بعصر البناة العظام ، وكان المعماري يصاحبه فنان نحات أو هو نفسه معماري ونحات في نفس الوقت ، وكان ذلك الشخص يرقى إلى درجة تجعله معروفاً للقصر الملكي الذي كان يشرف بنفسه ويتعهد برعايته المباشرة مما ينعكس على إنتاجه المعماري والفني فخلفوا لنا أعظم أبنية معمارية متمثلة في الأهرامات الفخمة والمتقنة والمعابد والمسلات والمقاصير وبالتالي التماثيل التي تجسد جسد الإله الملك .

لقد إزدهرت فنون العمارة والنحت والنقش والتصوير خلال عصر الدولة القديمة في العاصمة منف وما حولها ، وكيف تزعم مدارسها حينذاك فنانو القصور الملكية وأعوانهم وتلاميذتهم ، وكيف استفاد أهل العمارة في إنتاجهم حينذاك من سعة إمكانيات دولتهم وقدراتها علي تجميع آلاف الصناع والعمال ونقل أحجار البناء الضخمة الفاخرة من أقصى البلاد إلى أقصاها ، وكيف ترسم فنانو النحت أسلوباً جمعوا فيه بين الواقعية والمثالية في تماثيل فراعنتهم وعظماء دولتهم ، وكيف انتفعوا بسعة إمكانيات حكومتهم وثراء كبار دولتهم فتخيروا لتماثيلهم أجمل الأحجار اللينة والصلبة على السواء , وعملوا على نقلها إلى مناحتهم من محاجرها القصية ، وصنعوا بعضها من النحاس والخشب ، ونحتوها بأحجام تماثل الأحجام الطبيعية للإنسان في أغلب الأحيان ، وتقل عنها قليلاً أو تزيد أحياناً قليلة أخرى ، وكيف إستفاد فنانو النقش و التصوير من إتساع المساحات المعدة للواحاتهم في المقابر والمعابد وتشجعوا بسعة الجزاء والثراء وعملوا في جوهاديء مستقر، ووجدوا أمامهم آفاقاً متسعة في الداخل والخارج يستطيعون تصويرها ويستطيعون التعبير عنها .

واختلفت إمكانيات العمارة والنحت والتصوير والنقش ومجالاتها وأساليبها شيئاً فشيئاً منذ أن بدأت مركزية الحكم تنفلت من مدينة منف وملوكها وأثريائها في أواخر الدولة القديمة ، ومنذ تفرقت موارد البلاد وإمكانيات الحكام ، فضعفت وحدة الفن القديمة وأصبح الفن يخدم الأقاليم أكثر مما يخدم العاصمة، وظل أهله تنقصهم المهارة وروح الإبداع فترات طويلة واستمر إنتاجهم يتصف بالطابع الإقليمي تارة والطابع الريفي تارة أخرى .

واقتصر جهد المثالين في هذا العصر على نحت أغلب تماثيلهم من الخشب لرخص ثمنه وسهولة نحته وبقى حتى الآن عدد من تماثيل أثريائهم ، وهى تماثيل صغيرة في مجملها تتصف بالخشونة في صناعتها وتميل إلى الإستطالة والنحافة ، شأنها في ذلك شأن أسلوب النقش والتصوير في عصرها .

وبما أن الفن المصري وبخاصة فن النحت كانت تميزه الوحدة التي تبدو واضحة في طراز الفن المصري واعتماده على بعض المواصفات الفنية التي يمكن إعتبارها مميزات عامة لفن النحت بصفة عامة والنحت الملكي بصفة خاصة .

والبداية هنا بقانون المواجهة الذي إكتشفه العالم الآثاري الدينماركي ( لانج ) ( Lange ) والتي تتلخص في الصفات الآتية :

(1) أن جميع الهيئات سواء كانت واقفة أو جالسة , سائرة أو ساكنة تبدو مجابهة أو منتصبة بصورة تبقى أعلى الرأس مع منبت العنق ووسط الجزع في مستوى واحد وأن تغيير في العمود الفقري أو أي إنثناء نحو اليمين أو اليسار هو محظور و عندما تجتمع الهيئات على قاعدة ما فإن الأعمدة الفقرية لهذه الهيئات تظهر قائمة تماماً .
(2) أن الهيئات الساكنة أو المتحركة تستند بكل ثقلها على مشط القدمين ولن تجد مطلقاً أي تمثال مصري واقفاً على قدم واحدة و مستنداً بنهاية قدمه الأخرى على الأرض .
(3) يُرى أيضاً أن جميع الأشخاص السائرين يمدون أرجلهم اليسرى إلى الأمام بصفة دائمة وثابتة ولم يثبت العكس إطلاقاً في دلالة على الإلتزام بالقاعدة .
(4) إن النساء والأطفال هم عادة في حالة الراحة وقد إلتحمت أفخادهم .
(5) إن جميع الأشكال تقريباً في الرسوم البارزة أو في الصور الملونة تكون بوضع جانبي إلا في حالات جد نادرة ولكن تبقي العيون والأكتاف بوضع جبهي .
(6) إن التلوين الذي نُفذت به بعض التماثيل أو الرسوم البارزة أو المنفذة على مسطحات ليس إلا تلوين بسيط خالياً من التدرج اللوني وليس فيه خلط أو تضليل .
(7) كان تلوين التماثيل سائداً وخاصة عندما يكون التمثال من الحجر والخشب أومن الجص ، ومثال ذلك تمثال ( زوسر ) وتمثال ( الكاتب المتربع ) في اللوفر وتمثال ( شيخ البلد ) وتمثال الملك ( منتوحتب الثاني نب حبت رع ) بالمتحف المصري بالقاهرة .
(8) محاولة النحات أن يصبغ على الوجوه حياة وواقعية في تشكيل الوجوه وتلوين وتطعيم عيونها فظهرت الطباع والأحاسيس واضحة ورائعة .
(9) مراعاة سلامة المنحوتات من الكسر وذلك بتحاشي الفراغات بين الأذرع والسيقان .
(10) إستخدام النحات للمواد المختلفة من الأحجار في التمثال الواحد فالتطعيم للعيون غير الحجر المستخدم في عمل التمثال نفسه ، ولا يميزها غير ميزة واحدة وهى أن فنانيها حاولوا أن يترسموا فيها مذهباً واقعياً متواضعاً فأظهروا الملامح الشخصية لوجوه أصحابها في غير تجميل مقصود ، واستطاعوا بذلك أن يعوضوا خشونتها بنوع من صدق التعبير في إظهار ملامحها الريفية الطيبة على وجوه أصحابها ، وإنه مع بداية الدولة القديمة بدأ فن النحت للتماثيل الملكية يتطور ليحتل مكانته بين الفنون الأخرى ، ويرجع الفضل في إنعاشه إلى الإيمان العميق بخلود الروح ، هذا الإيمان الذي نشأ عنه وضع تمثال في قبر الميت يحمل جميع ملامحه، وكان ثمة نوعان من التماثيل، أولهما ذو غرض ديني ومعماري معاً ، والثاني ذو غرض دنيوي ، وكما تميز الأول ببساطته وجلاله وتزمته حتى لا يجافي قدسية المعابد .

إن ما قيل عن المصريين بأنهم قوم مرحون ، يأخذون الأمور من ناحيتها المُيسرة وأنهم قوم مُحبون للسرور ليست إلا حقيقة ملموسة ظهرت في فنونهم بوضوح و لقد إستساغ المصريون طعم الحياة وتعلقوا بها ولم يكن السبب في تعلقهم بها راجعاً إلى اليأس الذي يستولي على النفوس من مخاوف الموت لكنهم كانوا سعداء بشعورهم بأنهم كانوا دائماً فائزين وأنهم سينتصرون، تخفف هذا من هذه القيود وصور الناس كما هم في حياتهم الدنيا، وتتميز تماثيل الدولة القديمة بعمق في الواقعية ولمشابهة الجامعة بين التمثال وصاحبه ، ثم هى على هذا متباينة يخالف كل تمثال الآخر، وإن بدت كلها متشابهة تستوحى قانوناً واحداً هو قانون المواجهة .
 
 
الصور :