الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

فؤاد عزيز غالي.. بطل تحرير القنطرة شرق

فؤاد عزيز غالي.. بطل تحرير القنطرة شرق
عدد : 10-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


اللواء فؤاد عزيز غالي قائد عسكرى مصرى من قادة حرب أكتوبر عام 1973م حيث كان يشغل منصب فائد الفرقة 18 مشاة حتي يوم 13 ديسمبر عام 1973م حيث تم تعيينه قائدا للجيش الثاني الميداني مع ترقيته إلي رتبة اللواء وذلك خلفا للواء عبد المنعم خليل الذى تولي قيادة هذا الجيش بصفة مؤقتة بداية من يوم 16 أكتوبر عام 1973م خلفا للواء سعد مأمون الذى أصابته أزمة قلبية صباح يوم 14 أكتوبر عام 1973م .


وقد لعب فؤاد عزيز غالي دورا بارزا في حرب أكتوبر عام 1973م فقد قام بتحرير مدينة القنطرة شرق ودمر أقوى حصون خط بارليف وتقدم بقواته شرقا مقدما أروع نماذج الفداء والبطولة والتضحية والوطنية معتمدا على جنوده وقدرته على بث روح الوطنية في نفوسهم . ونستطيع أن نقول إنه كان للفرقة 18 مشاة بقيادة العميد فؤاد عزيز غالي دور كبير في تحقيق نصر أكتوبر المجيد فعلاوة علي تحرير مدينة القنطرة شرق تمت السيطرة على كل مواقع العدو الإسرائيلي المواجهة للفرقة كما قامت الفرقة 18 مشاة بتأمين المنطقة الشمالية من جبهة القناة من القنطرة إلى بورسعيد .


ولد اللواء فؤاد عزيز غالي في يوم 10 ديسمبر عام 1927م بمدينة المنيا لأسرة قبطية تنتمي للطبقة الوسطى ثم إنتقلت الأسرة إلي محافظة المنوفية وأمضى غالي فترة طفولته في مدينة قويسنا التابعة لها نظرا لأن والده كان مديرا لبنك التسليف الزراعي وتلقى تعليمه الإبتدائي في مدرسة قويسنا الإبتدائية وحصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية من مدرسة المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم وقام بتجهيز أوراقه للإلتحاق بكلية الطب التي كان يعشقها ولكنه مر أمام الكلية الحربية فوجد أن باب القبول بها ما يزال مفتوحا فغير وجهته وتقدم بأوراقه وإلتحق بها وفور تخرجه تم إرساله للمشاركة في حرب فلسطين التي جرت مابين عام 1948م وعام 1949م حيث شارك في المعارك التي جرت حول مدينة رفح وشارك أيضا في حرب السويس إبان العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956م وكان ضمن ضباط قوات الحرس الوطني المكلفة بالدفاع عن مدينة الإسكندرية وفي سنوات الوحدة المصرية السورية التي إمتدت بين عامي 1958م و1961م كان رئيسا لأركان حرب القطاع الأوسط من الجبهة السورية .


وفي شهر فبراير عام 1963م سافر اللواء فؤاد عزيز غالي إلي اليمن قائدا لمجموعة قتال ثم قائدا لكتيبة وحصل على نيشان النجمة العسكرية ووسام مأرب تقديرا لشجاعته وتفانيه في أداء الواجب خلال المعارك التي خاضها هناك، وإستمرت مهمته في اليمن حتى قبل قيام حرب يونيو عام 1967م بفترة وجيزة ثم عاد إلى الوطن بعد قرار عودة القوات المصرية من اليمن عقب تصاعد الأحداث التي أدت الى نشوب حرب الخامس من شهر يونيو عام 1967م وذلك عندما قامت إسرائيل خلال شهر مايو عام 1967م بتحريك بعض قواتها أمام الحدود السورية وقامت سوريا بتضخيم هذه التحركات وأعلنت أنها حشود إسرائيلية تنوي مهاجمتها وساندها الإتحاد السوفييتي في إدعاءاتها وعلي الرغم من تأكد مصر بعدم حقيقة هذه الإدعاءات فقد إشتعل الموقف وتصاعدت الأحداث وإنزلقت مصر الى الحرب مع إسرائيل والتي شارك فيها اللواء فؤاد عزيز غالي كرئيس لعمليات الفرقة الثانية مشاة وخاض ببسالة معارك القسيمة وأبو عجيلة والتي أبدى فيها المقاتل المصرى بشجاعة وإستبسال لكن النتائج النهائية لتلك الحرب حجبت ما أبداه أفراد الجيش المصرى من بطولات وتضحيات وبعد ذلك شارك في إعادة بناء القوات المسلحة كما شارك في معارك حرب الإستنزاف التي قامت بها القوات المسلحة منذ الأيام الأولى بعد وقف إطلاق النار في يوم 9 يونيو عام 1967م. وخاض اللواء فؤاد عزيز غالي خلال هذه الحرب عددا من المعارك في سيناء في الضفة الشرقية للقناة وبالقرب من مدينة القنطرة شرق فقد قام مع مجموعة من رجاله بالعبور الى الضفة الشرقية ومهاجمة منطقة شمال البلاح ثلاث مرات في عام 1969م وعام 1970م كما عبر برجاله القناة وهاجم أحد المواقع الإسرائيلية بعنف شديد مما أجبر الإسرائيليين على الهرب والإنسحاب من الموقع وقد إستمرت هذه العمليات الفدائية حتى نهاية حرب الإستنزاف في يوم 8 أغسطس عام 1970م بعد قبول كل من مصر وإسرائيل مبادرة وزير الخارجية الأميريكية ويليام روجرز التي إستهدفت وقف إطلاق النار بين الطرفين مع البدء في مفاوضات من أجل الوصول إلي معاهدة سلام بينهما .


وخلال الفترة من شهر أغسطس عام 1970م وحتي قيام حرب السادس من أكتوبر عام 1973م كان إهتمام القيادة السياسية المصرية يتزايد يوما بعد يوم بجبهة القتال فالمعركة المنتظرة بين مصر وإسرائيل كان يقترب موعدها يوما بعد يوم وبدأ العد التنازلي لها خاصة في الأيام الأخيرة من شهر سبتمبر عام 1973م وهى الأيام الأخيرة من مناورات الخريف التي كانت تجريها القوات المسلحة المصرية سنويا وكان العميد آنذاك فؤاد عزيز غالي في مقر قيادته بالفرقة 18 مشاة التي كان يقودها في ذلك الوقت والتي كانت مكلفة بتحرير منطقة ومدينة القنطرة شرق . وفي اليوم قبل الأخير من شهر سبتمبر عام 1973م زار الفريق أول آنذاك أحمد إسماعيل على القائد العام للقوات المسلحة الجبهة وإلتقي بقادة الجيوش والفرق والألوية وكان من بينهم العميد فؤاد عزيز غالي وسأله الفريق أول أحمد إسماعيل علي عن خطته لتحرير المنطقة وكيفية الإستيلاء على النقط الحصينة التي تواجهه وشرح العميد فؤاد عزيز غالي للقائد العام خطته الأخيرة بعد آخر معلومات وصلته والتي ناقشه فيها وأقرها وإنصرف مطمئنا ثم عاد العميد فؤاد عزيز غالي إلى مقر قيادته بالفرقة 18 مشاة ليجتمع مع قادته ويناقش معهم كافة التفاصيل وكأن المعركة غدا وإطمأن العميد فؤاد إلى الموقف الأخير لموقف قواته والقدرة القتالية لها وروحها المعنوية العالية وتأتي الأيام الأولى من شهر أكتوبر عام 1973م وكان العميد فؤاد عزيز غالي حينذاك مع قواته في الأيام الأخيرة للمشروع التدريبي الكبير يوم 5 أكتوبر عام 1973م وكان قد تلقي قبل يومين قرار الحرب وساعة الصفر في يوم 6 أكتوبر عام 1973م الساعة الثانية ظهرا وإنشغل مع رجاله في إعداد اللمسات الأخيرة لمشاركة الفرقة في الحرب حتى منتصف الليل ولم يفكر العميد فؤاد عزيز غالي مثله مثل أى قائد أو ضابط يتحمل مسئولية الحرب في أسرته ولا في أسرته ولكنه إستسلم لنوبة من التفكير الهادئ المتصل وأخذ يستعرض خطته للحرب ويضع كل الإحتمالات والسيناربوهات التي من الممكن أن تحدث أثناء المعارك القادمة أمامه وكيفية التصرف أمام كل إحتمال على حدة ومناقشة أنسب التصرفات والقرارات التي يمكن إتخاذها لكل إحتمال وكان هادئا جدا ومدركا تمام الإدراك أن جميع المقاتلين معه وفي الجيش المصرى ككل كانوا قد إتخذوا قرار النصر أو الشهادة لأنه ليست هناك أى قرارات أو أى إختيارات أو بدائل أخرى .


وبحلول ساعة الصفر في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر عام 1973م والتي كان ينتظرها العميد فؤاد عزيز غالي مع رجاله قادة وجنود الفرقة 18 مشاة علي أحر من الجمر من أجل البدء في تنفيذ تكليف الوطن لهم بتحرير منطقة ومدينة القنطرة شرق بعد 6 سنوات و4 شهور من إحتلالها وكان الجميع علي إستعداد تام لعبور وإقتحام القناة وبدأت التحركات الحذرة فى الجبهة وفي الساعة الثانية و5 دقائق كانت الطائرات المصرية فوق رؤوس المقاتلين في إتجاهها الى شرق القناة وعمق سيناء وكان هذا وحده أقوى إعلان عن بدء الحرب وبدأت التحركات على الجبهة للوحدات الأولى في العبور ووحدات المهندسين والصاعقة وبعد نحو 20 دقيقة تعود القوات الجوية من مهمتها في سيناء ليبدأ القصف المدفعي الذي هز الجبهة من جنوب بور فؤاد شمالا وحتى عيون موسى علي خليج السويس جنوبا وبدأ العميد فؤاد عزيز غالي مع رجاله قادة وضباط وجنود الفرقة 18 مشاة المكلفة بتحرير القنطرة شرق في إقتحام وعبور القناة وجاءت البشرى سريعة بعد حوالي 3 ساعات من العبور في الساعة الخامسة و10 دقائق مساء أول أيام حرب السادس من أكتوبر عام 1973م بفتح وتمهيد أول ممر أو فتحة في الساتر الترابي شرق القناة في مواجهة الجيش الثاني الميداني في نطاق الفرقة 18 مشاة لتبدأ بعدها مرحلة إقامة الكوبري المواجه لها وتوالي بعدها فتح الثغرات وبدء تركيب كباري العبور في نطاق الجيش الثاني الميداني وفي نطاق الجبهة كلها وعلي الرغم من تدمير الكوبري الذي تم تركيبه أمام القنطرة شرق فقد قامت وحدات الفرقة بالعبور على المعديات وبإستخدام القوارب المطاطية والمركبات البرمائية وعبر معها على الضفة الشرقية للقناة خلال ليلة 7 أكتوبر عام 1973م وحتى صباح يوم 7 أكتوبر عام 1973م ثاني أيام المعركة لواء مدرع كان قد تم إلحاقه بها دعما لها وهو اللواء 15 المدرع المستقل الذى كان يقوده العقيد آنذاك أحمد تحسين شنن .


وفي الوقت الذي كان يتم فيه فتح الثغرات وإقامة الكباري كانت قوات الفرقة 18 مشاة التي يقودها العميد فؤاد عزيز غالي بعد أن عبرت القناة قد أخذت تنفذ الخطة الموضوعة لها مسبقا وهي الهجوم بأكبر سرعة ممكنة على مدينة القنطرة شرق بالمواجهة وبكل القوة الضاربة المخصصة للمهمة دفعة واحدة على القوات الإسرائيلية بالمدينة وما حولها وبمواجهة قدرها 18 كيلو متر ومهاجمة النقط الحصينة المواجهة للفرقة وعددها 7 نقاط وهى نقطة شمال جزيرة البلاح و4 نقاط فى منطقة القنطرة شرق ونقطة الكاب ونقطة التبنة وكان من نتائج هذا الهجوم المركز سقوط أول نقطة حصينة وهي النقطة رقم 1 في منطقة القنطرة شرق وفي نطاق الجيش الثاني الميداني ليرتفع عليها العلم المصري في تمام الساعة الثالثة تماما أى بعد حوالي نصف ساعة منذ لحظة العبور وبعدها إستمر تنفيذ الخطة الموضوعة لتحرير القنطرة شرق للسيطرة على النقط الحصينة الست الأخرى وكان أن سقطت النقطة الرابعة كما تم حصار مدينة القنطرة شرق من الخلف أى من شرقها لمواجهة أية قوات إسرائيلية قادمة من عمق سيناء تتقدم نحو المدينة وذلك لمنعها من الوصول إليها وإجبارها على الإنسحاب أو الفرار إلى عمق سيناء، وحرص العميد فؤاد عزيز غالي على توزيع قواته حول المدينة في نطاقات متتالية للتعامل مع القوات الإسرائيلية التي توجد داخلها وخارجها وفي النقط الحصينة حولها وأيضا للتعامل مع القوات الإحتياطية التي كانت مخصصة لنجدة القوات المتمركزة في منطقة القنطرة شرق وتم كل ذلك حوالي الساعة الرابعة عصرا أى بعد حوالي مرور ساعة ونصف فقط من بدء العبور رغم الهجمات المضادة التي كانت تقوم بها القوات الإسرائيلية في محاولة مستميتة من أجل عدم سقوط المدينة في أيدى القوات المصرية حيث حاولت قوات العدو الإلتفاف على القوات المصرية التي تحاصر المدينة من الشمال فتعرضت لنيران الأسلحة المضادة للدبابات والصواريخ من الجانب الأيمن وتكبدت خسائر فادحة وإرتد المتبقي منها إلي داخل المدينة للدفاع عنها وكرر العدو الهجوم مرة أخرى وكان نصيبه الفشل .

وكانت قواتنا خلال ذلك قد إستولت على الساتر الترابي الذى يشرف علي الأطراف الشمالية للمدينة وأحكمت بذلك حلقة الحصار حولها منذ آخر ضوء عند غروب شمس أول أيام الحرب يوم 6 أكتوبر عام 1973م وبذلك أحكمت القوات المصرية سيطرتها الكاملة على المنطقة من جميع الجهات وبعد ذلك خاضت الفرقة 18 مشاة بقيادة العميد فؤاد عزيز غالي معارك عنيفة مع القوات الإسرائيلية التي حاولت إنقاذ المدينة من السقوط في أيدى المصريين بعد سقوط حصون جزيرة البلاح والكاب والتينة بالإضافة إلي ثلاثة من الحصون الأربعة التي تحمي مدينة القنطرة شرق وحصار الحصن الرابع والذى إستولت القوات المصرية على جزء منه وتمسكت به حتى سقط هذا الحصن بالكامل مع أول ضوء صباح يوم 7 أكتوبر عام 1973م وكانت القوات المصرية قد تقدمت الى جنوب هذا الحصن بمسافة 3 كيلومترات بعد أن خسرت القوات الاسرائيلية 37 دبابة ولم يتبق لها سوى 4 دبابات وحاولت القوات الاسرائيلية أن تستخدمها كرأس حربة لفتح ثغرة لفك الحصار عن الحصن وإقتحامه ولكن القوات المصرية دمرت الدبابات الأربع الإسرائيلية ليسقط الحصن تماما وتسقط معه مدينة القنطرة شرق وتفشل جميع المحاولات الإسرائيلية في الإحتفاظ بها وذلك بمجئ يوم الإثنين 8 اكتوبر عام 1973م بعد أن كانت قد حاصرتها القوات المصرية داخليا و خارجيا ثم قامت بإقتحامها ودار القتال فى شوارعها وداخل مبانيها التي تم تمشيطها وتطهيرها بالكامل من أى قوات إسرائيلية كانت متواجدة داخلها كما إستولت قوات الفرقة 18 مشاة على كمية كبيرة من الأسلحة و المعدات التي تركها العدو سليمة كان من بينها عدد من الدبابات كما تم أسر ثلاثين فردا للعدو هم كل من بقى فى المدينة وأذيع فى الساعة التاسعة و النصف من مساء يوم 8 أكتوبر عام 1973م من إذاعة وتليفزيون القاهرة نبأ تحرير المدينة الأمر الذى كان له تأثير طيب فى نفوس الجميع ولتستمر القوات المصرية في تنفيذ بقية المهام المكلفة بها .

وفي صباح يوم 8 أكتوبر عام 1973م قامت إحدى القوى المدرعة الإسرائيلية تقدر بحوالي كتيبة دبابات مدعمة بمشاة ميكانيكية بالهجوم علي الجنب الأيمن للفرقة 18 مشاة ولكن قائد اللواء الأيمن للفرقة قام بدفع إحتياطي اللواء المضاد للدبابات نحو القوات المهاجمة كما أمر العميد آنذاك فؤاد عزيز غالي قائد الفرقة بتكليف قائد اللواء 15 المدرع المستقل الملحق علي الفرقة بدفع سريتي دبابات لمعاونة وتدعيم اللواء الأيمن للفرقة الذى تعرض لهجوم القوة الإسرائيلية وبعد قتال عنيف تم صد الهجوم المضاد الإسرائيلي وتدمير عدد من الدبابات المعادية وإضطرت القوة المدرعة الإسرائيلية إلي الإرتداد والإنسحاب شرقا وبفشل هذا الهجوم بدأت الفرقة 18 مشاة بناءا علي أوامر قائدها في تطوير هجومها شرقا مع دعم تحركها بقصف مدفعي مركز لمدة 15 دقيقة ونظرا لعدم تعرضها أثناء تقدمها لأى هجمات معادية فقد نجحت الفرقة في مساء اليوم نفسه 8 أكتوبر عام 1973م في الوصول إلي الخط المحدد لها في الخطة ووصلت إلي عمق 19 كيلو مترات داخل سيناء وبدأت في تنظيم الدفاع عن رأس كوبرى الفرقة إستعدادا لصد الهجمات المضادة المتوقعة من جانب العدو الإسرائيلي في صباح اليوم التالي علي أقصي تقدير.

وبإنتهاء ثالث أيام حرب أكتوبر يوم 8 أكتوبر عام 1973م فشلت جميع الهجمات المضادة الإسرائيلية سواء في نطاق الجيش الثاني الميداني الذى شن العدو الإسرائيلي هجمات مضادة طوال اليوم علي فرق المشاة الثلاثة التي يشملها هذا الجيش وهي بالترتيب من الشمال إلي الجنوب الفرق 18 و2 و16 مشاة أو في نطاق الجيش الثالث الميداني ضد فرقتي المشاة اللتين يشملهما هذا الجيش وهما الفرقتان 7 و19 مشاة وكان لذلك عدة أسباب أهمها عدم إستخدام الدبابات في هجوم مضاد رئيسي علي أحد قطاعات الجبهة في مواجهة ضيقة وهو الإستخدام الأمثل للمدرعات حيث أن ما حدث هو توجيه ضربات مضادة متفرقة علي مواجهة واسعة مما أدى إلي فشل جميع هذه الهجمات وعلاوة علي ذلك كان من المتصور لدى القيادة الإسرائيلية أنه بمجرد ظهور الدبابات ودفعها بأقصي سرعة وسط مواقع المشاة المصريين سيدب الذعر في صفوفهم ويسارعون إلي الفرار كما حدث خلال العدوان الثلاثي عام 1956م وخلال حرب يونيو عام 1967م ومن ثم يمكن للقوات المدرعة أن تعمل بحرية إلا أن العدو فوجئ بثبات جنود المشاة المصريين بل وأمطروا أيضا مدرعات العدو بوابل من صواريخ آر بي جي والمالوتكا والقنابل اليدوية ذات الحشوة المفرغة من طراز حسام المضادة للدبابات مما أدى إلي تدمير 560 دبابة إسرائيلية خلال معارك الأيام الثلاث الأولي من الحرب إلي جانب عدد كبير من القتلي والمصابين .

وفي يوم 14 أكتوبر عام 1973م وتنفيذا لقرار تطوير الهجوم شرقا تم تخصيص مهمة للواء 15 المدرع المستقل الملحق علي الفرقة 18 مشاة بأن يتم دفعه كمقدمة أمامية للفرقة بهدف الوصول إلي منطقة بالوظة التي تقع علي بعد حوالي 25 كيلو متر من القناة والسيطرة علي مدخل الطريق الساحلي القنطرة شرق العريش ولتأمين تحرك هذا اللواء المدرع تقرر دفع كتيبة مشاة ميكانيكية من الفرقة 18 مشاة مدعومة بكتيبة دبابات من أجل تأمين الجانب الأيمن للواء المدرع أثناء تحركه وبعد حوالي 45 دقيقة من بداية التحرك تعرضت كتيبة المقدمة للواء 15 المدرع لقصف مدفعي مركز مما تسبب في توقفها وحاول قائد اللواء 15 المدرع دفع كتيبة الدبابات التي تؤمن جانبه الأيمن من أجل فتح الطريق أمامه ولتصبح هي كتيبة المقدمة للواء وذلك بعد التشاور مع قائد الفرقة 18 مشاة العميد آنذاك فؤاد عزيز غالي إلا أن نيران مدفعية العدو ونيران صواريخه المضادة للدبابات تسببت في وقوع خسائر جسيمة في صفوفها مما أدى إلي إنتشار سرايا الدبابات لتقليل الخسائر وهنا أصدر قائد اللواء 15 المدرع بالتوقف عند الخط الذى وصلت إليه دباباته والتمسك به وأبلغ قائد الفرقة 18 مشاة بذلك والذى أصدر أوامره في الساعة السادسة مساءا بإعادة تجميع اللواء 15 المدرع في منطقة تمركزه داخل رأس كوبرى الفرقة في منطقة القنطرة شرق وتم ذلك بالفعل بسحب كتيبة مقدمة اللواء تحت نيران كتيبة النسق الثانية لها والتي كانت خلفها وبذلك عادت وحدات اللواء 15 المدرع إلي موقعها الأصلي وكانت خسائر هذا اللواء عدد 18 دبابة وعدد 6 عربات مدرعة وبذلك فشلت عملية تطوير الهجوم شرقا في نطاق الفرقة 18 مشاة كما فشلت في نطاق جميع فرق الجيشين الثاني والثالث الميدانيين وهي العملية التي أصرت عليها القيادة السياسية والتي إعترض عليها كل من رئيس الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي وقائدا الجيشين الثاني والثالث الميدانيين اللواء سعد مأمون واللواء عبد المنعم واصل ولنفس السبب الذى أدى إلي فشل الهجمات المضادة الإسرائيلية خلال الأيام السابقة وهو شن هجمات متفرقة بإستخدام المدرعات لا تحقق قوة الصدمة المطلوبة لتحقيق نتائج من تلك الهجمات إلي جانب خروج قواتنا خارج مظلة الدفاع الجوى وتعرضها لهجمات جوية معادية وهو الأمر الذى كان متوقعا قبل القيام بهذه العملية المحكوم عليها بالفشل مسبقا لأنها إفتقدت لأى أسس أو أصول عسكرية .

ولما حدثت ثغرة الدفر سوار وبدا عبور القوات الإسرائيلية إلي غرب القناة بداية من ليلة 15/16 أكتوبر عام 1973م ثم توسعت بداية من ليلة 16/17 أكتوبر عام 1973م واصبح للعدو عدد 3 ألوية مدرعة وعدد 1 لواء مشاة غرب القناة كانت وحدات الفرقة 18 مشاة بعيدة نسبيا عن مسرح الأحداث ولذا فقد كانت هناك فكرة بأن تقوم الفرقة 18 مشاة خلال يوم 19 أكتوبر عام 1973م بالهجوم علي المواقع الإسرائيلية التي في مواجهتها شرقي القناة كوسيلة لتخفيف الضغط الذى كان مركزا وقتئذ في الضفة الغربية للقناة وطلب الفريق سعد الشاذلي رئيس الأركان من قائد الفرقة العميد فؤاد عزيز غالي ورئيس أركانها العميد عبد القوى محجوب دراسة أوضاع العدو أمام الفرقة ومدى إمكانية تنفيذ هذه الفكرة إلا أنه نظرا لوجود فرقة إسرائيلية من القوات الإحتياطية في مواجهتها تم صرف النظر عن تنفيذ هذه الفكرة حتي لا تسوء الأوضاع وتتعرض الفرقة لخسائر من الممكن أن يكون لها تأثير سلبي علي إتزان دفاعاتها وعموما ظلت الفرقة 18 مشاة متمسكة برأس الكوبرى الذى أنشأته شرق القناة وظل القائد فؤاد عزيز غالي متحصنا بقواته في المواقع التي حررها وكان الرئيس السادات يتصل يوميا به للإطمئنان على قواته والإشادة بموقفه وقدرات جنوده في الحفاظ على الإنتصار وتقديم نموذج مثالي في الصمود والتحدي وكان أن صدر بعد ذلك قرار وقف إطلاق النار ودخوله حيز التنفيذ بداية من يوم 28 أكتوبر عام 1973م وما أعقبه من مفاوضات الكيلو متر 101 طريق القاهرة السويس ثم إتفاقية فض الإشتباك الأول يوم 18 يناير عام 1974م والتي إنسحبت القوات الإسرائيلية بموجبها إلي غرب القناة وفي يوم 13 ديسمبر عام 1973م تم صدور قرار بترقية العميد فؤاد عزيز غالي إلي رتبة اللواء وتعيينه قائدا للجيش الثاني الميداني وليصبح أول قبطي يصل لمنصب قائد جيش ميداني في مصر ويصبح القبطي الأبرز والأكثر شهرة والأقدر على تجسيد معنى الإنسجام الوطني الذي لا يعرف التمييز بين مسلم وقبطي فها هو البطل فؤاد عزيز غالي المصرى القبطي قد إرتقى إلى أعلى المناصب العسكرية مسلحا بالكفاءة والإخلاص دون نظر إلى إنتمائه الديني ثم شغل بعد ذلك العديد من المناصب القيادية الرفيعة في القوات المسلحة المصرية منها رئيس هيئة التنظيم والإدارة ومساعد وزير الدفاع وعضو الهيئة الفنية للهيئة العربية للتصنيع .


وتكريما للبطل فؤاد عزيز غالي وتقديرا لمكانته العسكرية وقدراته التنظيمية الفائقة نال عددا كبيرا من النياشين والأوسمة خلال سنوات خدمته العسكرية الطويلة أبرزها نجمة الشرف العسكرية ونوط الشجاعة العسكرية من الطبقة الأولى وميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة من الطبقة الأولى ونوط التدريب والخدمة الممتازة من الطبقة الأولى. وفي يوم 16 مايو عام 1980م تم تعيينه محافظا لجنوب سيناء ليلعب دورا كبيرا في الدفاع عن سيناء ويضع خطط تنميتها كما كرمه الرئيس الراحل أنور السادات بترقيته إلى رتبة الفريق.

وكان بطلنا فؤاد عزيز غالي دائما ما يقول :"إنه لا يوجد موقف من الدولة ضد الأقباط والدليل وصولي لمنصب قائد الجيش الثاني الميداني وتعييني محافظا". وكان القدر يدخر للفريق فؤاد عزيز غالي لحظة تاريخية فاصلة عندما قام كل من محافظي شمال وجنوب سيناء برفع علم مصر على المناطق التي إستعادتها مصر في سيناء تنفيذا لمعاهدة السلام في المرحلة الأخيرة من الإنسحاب الاسرائيلي عن سيناء شرق خط العريش رأس محمد والوصول إلي خط الحدود الدولية بين مصر وإسرائيل في 25 أبريل هعام 1982م وفي إحتفال عالمي شاهده العالم كله ونقلته وكالات الأنباء إلي جميع أنحاء العالم تم رفع علم مصر على شرق سيناء حتى الحدود البحرية والبرية الشرقية مع إسرائيل حيث قام الفريق فؤاد عزيز غالي برفع علم مصر على الحدود البحرية الشرقية لمصر في سيناء في مدينة شرم الشيخ.

وفي عام 1983م تقاعد البطل فؤاد عزيز غالي عن العمل وأقام بالمدينة التي أحبها وهي الإسكندرية لكنه إستمر في المشاركة في المحاضرات والندوات التي تتناول القضايا والشئون العسكرية وفي يوم 8 يناير عام 2000م رحل القائد العظيم عن عمر يناهز 73 عاما والذي سيظل أحد رموز الوطنية والعسكرية المصرية وستبقى ذكراه شاهدة على وحدة هذا الوطن وعظمة نسيجه مسلمين وأقباط ويبقى إسمه علامة مضيئة بارزة في تاريخ العسكرية المصرية. وقد تم تشييع جثمانه في جنازة عسكرية مهيبة تقدمها رئيس الجمهورية الأسبق حسني مبارك وكبار رجال الدولة وقادة القوات المسلحة.

وما لا يعلمه الكثيرون أن موريس عزيز غالي وهو الشقيق الأصغر لبطلنا فؤاد عزيز غالي كان ايضا من ضمن أبطال حرب أكتوبر عام 1973م حيث كان من ضباط الجيش الثالث الميداني الذين تعرضوا للحصار والذى بقي بين جنوده وضباطه حتي تم فك الحصار عنهم ولم يعد إلي بيته بمدينة الإسكندرية إلا مع آخر دفعة منهم غادرت أرض المعركة وقد توفي في العام الماضي في شهر سبتمبر عام 2017م قبل أيام قليلة من ذكرى النصر .
 
 
الصور :
أسرى إسرائيل في القنطرة شرق  القنطرة شرق بعد تحريرها رحلة شبابية إلي القنطرة شرق بعد رفع العلم المصرى عليها