الخميس, 25 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

محمود الفلكي باشا .. رائد علم الفلك الأثري

محمود الفلكي باشا .. رائد علم الفلك الأثري
عدد : 11-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


محمود حمدى الفلكي باشا عالم مصري وأحد أبرز الفلكيين في العصر الحديث ويعد رائد علم الفلك الأثري الذي ربط بين الظواهر الفلكية والشواهد والمعالم الآثرية على نحو غير مسبوق ولمحمود الفلكي العديد من الأبحاث والدراسات الفلكية التي حازت على إعجاب وتقدير علماء الغرب وقد ولد محمود الفلكي باشا عام 1815م بقرية الحصَة بمديرية الغربية وإهتمَ أبوه بتربيته وتلقي تعليمه الأولي في كتاب القرية ثم أرسله أبوه مع شقيقه الأكبر إلي الإسكندرية وعمره أقل من 10 سنوات أي في عام 1824م لكي يلتحق بمدرسة الترسانة البحرية والتي أنشئت في عهد محمد علي باشا على يد الفرنسي سيريزي خبير بناء السفن وكان يقوم بالتدريس فيها مدرسون فرنسيون وإيطاليون وتخرج محمود الفلكى من هذه المدرسة عام 1833م برتبة البلوك أمين ثم إلتحق بعد ذلك بمدرسة البوليتكنيك نظرا لتفوقهوتخرج منها نهاية عام 1939م وكان أول دفعته وعين مدرسا للرياضيات برتبة الإسبران أى الملازم في مدرسة المهندسخانة ببولاق وكان مدرسا لمادة الجبر وكان من تلاميذه في هذه الفترة علي مبارك باشا أبو التعليم المصرى وإسماعيل الفلكي باشا الذى تولي نظارة المهندسخانة وعلي إبراهيم باشا الذى تم تعيينه ناظرا للمعارف العمومية في نظارة محمد توفيق باشا الثانية ونظارة مصطفي رياض باشا التي تلتها في خلال الفترة من يوم 18 أغسطس عام 1879م حتي يوم 10 سبتمبر عام 1881م وخلال فترة تدريسه ترجم عن الفرنسية أول كتاب باللغة العربية عن علم التفاضل والتكامل حيث كان يتقن اللغة الفرنسية وفي عام 1842م حصل محمود الفلكى على رتبة اليوزباشي أى النقيب وإتجه إلى دراسة علوم الفلك على يد كِبار علماء فرنسا ثُم تعمقَ فيها وقام بتدريسها لطلاب المهندسخانة وكان محمد علي باشا قد ألحق مرصدا فلكيا بالمهندسخانة وأوكل إلى محمود الفلكى إدارته وكان المرصد به ساعة فلكية وآلات رصد حديثة وفي هذه الفترة إبتكر محمود الفلكي علم التقاويم السنوية فوضع تقويما لعام 1264 هجرية قارن فيه بين التواريخ الهجرية والميلادية والقبطية وبين مواقع الشمس والقمر لهذا العام كما كتبَ رسالةً في التقويم الإسرائيلي والمقصود به هنا التقويم اليهودى جاء فيها إن التاريخَ اليهودى بدأَ في يوم 7 أكتوبر عام 761 ق.م وأن يومهم يبدأُ في الساعة السادسةِ مساءا وقد تم طبعها في العاصمة البلجيكية بروكسل عام 1855م .


ومنذ ذلك الوقت عرف التقويم بإسم التقويم الفلكي ويلاحظ أن الناس تسمع طوال عمرها التقويم الفلكي وتحفظه عن ظهر قلب دون أنّ نعرف من هو الفلكي والمعلومة التي قد لا يعرفها الكثيرون أن في فترة ما أطلق إسم الفلكي على ميدان باب اللوق كاملا ثُم إقتصر الإسم فقط على أطول شارع يخرج من الميدان ويمتد حتى يصل إلى قُرب مدرسة دار العلوم القديمة في حي المنيرة كما أعد محمود الفلكي بحثا بعنوان نبذة مختصرة في تعيين عروض البلاد وأطوالها وأحوالها المتحيرة وذوات الأذناب واللحى وقد صاغ هذا البحث بأسلوب علمي دقيق وهذا البحث الهام محفوظ بدار الكتب المصرية وعلاوة علي ذلك فقد طلب منه محمد على باشا تحديد المساحات المنزرعة من الأرض لتحديد خراجها فإستطاع أن يعين خطوط الطول ودوائر العرض لنحو ثلاثين نقطة في الدلتا والوجه القبلي ومن ثم قام بقياس المساحات المنزرعة على أسس علمية لأول مرة في مصر وفي عام 1850م وفي عهد عباس باشا الأول رشح محمود الفلكى مع زميليه إسماعيل مصطفى وحسين إبراهيم لبعثة إلى فرنسا لدراسة الطبيعة وذلك نظرا لنبوغهما وتفوقهما وقد نشر محمود الفلكي وهو في باريس عدد من الأبحاث الفلكية والجيوفيزيقية في المجلات العلمية الأوروبية وحصل علي شهادته العليا في عام 1854م أي بعد أربع سنوات فقط من وصوله إلي باريس ثم تنقل بعدها بين العديد من العواصم والمدن الأوروبية ونجح في قياس شدة المجال للمركبة الأفقية للقوي المغناطيسية الأرضية في ثلاثين مدينة ألمانية وبلجيكية لصالح أكاديمية العلوم البلجيكية وبتكليف من الحكومة المصرية وسع منطقة أبحاثه لتشمل الجزر البريطانية وهولندا وفرنسا وبلجيكا عين فيها الميل المغناطيسي للمحصلة الكلية للمجال المغناطيسي الأرضى في خمس وأربعين محطة أرصاد في مدن هذه الدول وأنهى رصده بإيجاد خريطة دقيقة لهذه المنطقة الجغرافية وقارن بين النتائج التي توصل إليها ونتائج العالم الفلكى الإنجليزى إدوارد سايين التي توصل إليها عام 1837م والتي إقتصرت على الجزر البريطانية فقط فكان محمود الفلكى هو أول من خرج بنطاق أبحاثه عن نطاق الجزر البريطانية .

وفي يوم 18 أغسطس عام 1859م عاد محمود الفلكى من فرنسا في عهد محمد سعيد باشا وتم إنتخابه عضوا في المجمع العلمي المصري والذي كان قد أسسه نابليون بونابرت أثناء الحملة الفرنسية علي مصر التي كانت بين عام 1798م وعام 1801م كما إنتخب وكيلا للجمعية الجغرافية المصرية ثم أصبح بعد ذلك رئيسا لها وظل يشغل هذا المنصب حتي وفاته وقام محمد سعيد باشا بتكليفه بالإشراف على عملية تأسيس المرصد الفلكى الذى شرعت الحكومة المصرية في تأسيسه حينذاك فقام بتحديد الآلات المناسبة اللازمة لهذا المشروع وقام بالإتصال بالهيئات الأوروبية المختصة بصناعتها وأشرف على تسلمها وتركيبها وقام بتغيير المكان الذي خُصص لبناء المرصد من بولاق إلى صحراء العباسية مكان جامعة عين شمس حاليا وإستطاع الإنتهاء من هذا العمل في عام 1864م وقد تم تعيينه ناظرا لهذا المرصد الذي عرف بإسم الرصد خانة كما قام الرجل بعمل ساعة ضخمة على شكل مزولة فوق قصره وفيها تحديد لوقت الظهر ووقت العصر وبها تحديد لنصف الساعة وظلت قائمة حتى وفاته ثم رفعت من فوق قصره الذي كان يقع أمام الميدان المعروف بإسمه في القاهرة ميدان الفلكي أو باب اللوق كما قام أيضا بوضع مدفع تمت تسميته مدفع الظهر بالقلعة في القاهرةِ ليعلن إنتهاء خط الزوال أى دخول وقت الظهر وقد توقف العمل به بعد دخول المذياع أى الراديو ولكن ما يزال المدفع موجودا ويتم إستخدامه خلال شهر رمضان ليعلن مواقيت الإفطار والإمساك وقد إعترضت هيئة الآثار المصرية لأن المدفَعَ يهز جدرانَ القلعةِ فوافقت وزارةُ الداخلية على نقله من القلعة إلي أعلي جبل المقطم وقام أيضا محمود الفلكي باشا برسم خريطة طبوغرافية للقطر المصري بتكليف من الحكومة المصرية حيث قام محمد سعيد باشا حاكم مصر حينذاك في عام 1859م بتكليفه بوضع خريطة علمية مفصلة للقطر المصري فقام بتكوين فريق عمل من شباب المهندسين وقام بعمل مسح شامل للقطر المصري وقام ومعه الفريق برفع كل شبر من أرض مصر وتحديد إرتفاعه وطبيعته الأرضية وقياس مغناطيسية الأرض فيه وتحديد موارد المياه وطبيعتها وتحديد أماكن فروع النيل القديمة والتي جفت ثم وضع خريطة مفصلة لكافة المدن والقرى المصرية وقد إستغرق هذا العمل عشر سنوات كاملة أى حتي عام 1869م وأنعم عليه الخديوى إسماعيل حينذاك برتبة الباشوية .

وفي عام 1860م تم تكليف محمود الفلكي باشا بطلب من علماء أوروبا ومحمد سعيد باشا والي مصر حينذاك بمهمة رصد كسوف الشمس وتسجيله وكانت منطقة الكسوف الكلى تبدأ من ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميريكية وتمتد حتى جنوب أفريقيا عبر المحيط الأطلسي وإختار محمود الفلكى مديرية دنقلة في شمال السودان كموقع للرصد وسافر إلى هناك علي الرغم من صعوبة الرحلة من ناحية وسائل النقل وشدة الحرارة في شهر يوليو وعلي الرغم من ذلك فقد تحمل الرجل مشاق هذه الرحلة الشاقة لمدة عشرة أيام من أسوان إلى دنقلة على ظهور الجمال وقد فسدت بعض أجهزة الرصد الخاصة به أثناء هذه الرحلة ولكنه إستطاع أن يتغلب على كافة الصعاب ولم يكتفِ فقط بالمهمة التي تم تكليفه بها ولكنه قام أيضا برفع المنطقة التي مر بها وعمل أول خريطة علمية لها كما قاس مغناطيسية الأرض بكل بقعة مر بها وإستطاع أن يرصد كسوف الشمس لحظة بلحظة وسجله في تقرير أرسله إلى أكاديمية العلوم بباريس والتي قامت بإحالته إلى لجنة من كبار الفلكيين العالميين وورد تقرير اللجنة يشيد بما قام به محمود الفلكي باشا وجاء في هذا التقرير إن اللجنة تشهد للقائم بالرصد بالدقة البالغة وإن هذا العمل الذي قام به يشرف الحكومة المصرية كما يشرِف الفلكي البارع الذي قام به وأضاف التقرير أن محمود الفلكي قد حدد المواقع الجغرافية للمراكز الهامة التي كان أكثرها غير معروف كما حدد في كل مكان زاره أثناء تلك الرحلة عناصر المغناطيسية الأرضية وكان أيضا من ضمن أعمال محمود الفلكي باشا أنه قام بوضع أسس علمية فلكية في نطاق الآثار القديمة وذلك في كتابه النفيس الظواهر الفلكية المرتبطة ببناء الأهرام وفي هذا المؤلَّف والذي وضعه بتكليف رسمي من الحكومة المصرية وقضى ثلاث ليال بجوار الهرم الأكبر في الإعتدال الربيعي في شهر مارس لكي ينجزه وأثبت أن جميع أوجه الهرم تميل على الأفق بمقدار 52.5 درجة وأن نجم الشعرى في ذروته يسقط ضوءه عموديا على الوجه الجنوبي للهرم ليخترق فتحة التهوية فيضئ وجه الفرعون داخل حجرة الدفن وأن البناء لم يتم هكذا بشكل عفوي بل لأسباب عقائدية حيث يمثل نجم الشعرى الإله أوزوريس رئيس محكمة الآخرة وبنزول ضوئه على وجه الفرعون عند بلوغه ذروته فإن هذا يعني الرحمة بالميت ومن جانب آخر فإن هذا الأمر يعكس أيضا تحديدا لموعد بناء الهرم الأكبر وأثبت أنه يرجع بهذا إلى إحدى المرات التي كان فيها ضوء الشعرى عموديا على الجانب الجنوبي وبذلك حدد في يوم 11 مايو عام 1863م أن بناء الهرم يرجع إلى 52 قرناً وقد قام عدة علماء آخرين عالميين ببحوث على نفس الموضوع ولم تتغير النتيجة كثيرا عن نتيجة عالمنا محمود الفلكي باشا .

وبعد ذلك قام محمود الفلكي باشا بكتابة بحث بعنوان في التنبؤ عن مقدار فيضان النيل قبل فيضانه وذلك بعد أن جمع بيانات عن فيضان النيل من عام 1825م وحتي عام 1864م وقد أصبح بحثه هذا مرجع أساسي لتقديرات الرى في مصر حتي يومنا هذا ثم تم إنتخابه في المجلس العالمي الذي تأسس في عهد نظارة محمد شريف باشا في منتصف عام 1879م كما مثل الحكومة المصرية في المؤتمر الجغرافي الذي عقد في مدينة البندقية بإيطاليا عام 1881م وعلاوة علي ذلك كان من أهم أعمال محمود الفلكي باشا وضعه الأسس التي تم إنشاء هيئة المساحة المصرية علي أساسها بعد ذلك عام 1898م في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني إلي جانب كتابته لبحث عن مدينة الإسكندرية وضع خلاله خرائط لمعالمها القديمة حيث نقب في حفائرها ليصبح أول مصري معاصر ينقب عن آثار الإسكندرية وموقع سورها القديم وقصورها ومتاحفها ومكتبتها القديمة وقد كتب بحثه بالفرنسية ويعتبر محمود الفلكي أول عالم يضع أول دراسة علمية يخطط فيها لمعالم الإسكندرية القديمة بناءا على ما إكتشفه خلال أعمال الحفر والتنقيب ولذلك فقد أطلق إسمه على شارع هام بمدينة الإسكندرية تقديرا لأعماله الجليلة وفي عهد وزارة إسماعيل راغب باشا مابين يوم 17 يونيو وحتي يوم 21 أغسطس عام 1882م خلال فترة حكم الخديوى توفيق تم تعيينه ناظرا للأشغال العمومية ثم عين وكيلا لنظارة المعارف العمومية في وزارة محمد شريف باشا الرابعة من يوم 21 أغسطس عام 1882م وحتي يوم 10 يناير عام 1884م ثم أصبح ناظرا للمعارف العمومية أيضا في نظارة نوبار باشا الثانية من يوم 10 يناير عام 1884م وحتي وافته المنية يوم 19 يوليو عام 1885م عن عمر يناهز 70 عاما ويروى أحمد سعيد الدمرداش في كتابه عن محمود الفلكي باشا أنه في يوم 18 يوليو عام 1885م توجه إلي المدفن الذى كان قد إشتراه وحث العمال علي سرعة الإنتهاء من بناء القبر الذى كان قد إختاره لنفسه ثم توجه إلي مكتبه بنظارة المعارف العمومية وأكمل يومه ثم عاد إلي منزله وفي صباح اليوم التالي 19 يوليو عام 1885م كان علي موعد مع القدر ووافته المنية وهو في أتم صحة وعافية وليدفن في هذا القبر .
 
 
الصور :
الملك فاروق في زيارة لمرصد محمود الفلكي باشا وزارة التربية والتعليم من أهم معالم شارع الفلكي خريطة الإسكندرية في العصر البطلمي كما رسمها محمود الفلكي باشا هيئة المساحة المصرية أنشأها محمود الفلكي باشا