الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شجرة اوزيريس

شجرة اوزيريس
عدد : 12-2018
محمود فرحات يكتب:
عضو اتحاد الاثريين المصريين

في كل عام يأتي يوم 15 كيهاك ليحمل معه ذكرى اعتادها الجدود الاقدميين واهملها الاحفاد وهى زراعة شجرة .. ثقافة الخضرة لم تعد رائجه في هذا المجتمع الذي يتلذذ برائحة القمامة ولم يعد يعبأ بقطع الشجر بدل من زراعته .. شعب اهمل هويته وثقافته المصرية المتناغمة مع الطبيعة وترك طينة بل ردمه وبنى عليه ..!!

كان الجدود في كل عام يحجون الى ابيدوس حيث قبر اوزيريس ينالون البركة من هذه البقعة الطاهرة كما اعتقد اجدادنا المصريين ، كان اوزيريس ضحية الحقد من اخية ست ، كان محبوب من شعبه المصري في تلك الازمان السحيقة ، وفي ذات ليلة دبر ست مكيده يقصد بها التخلص من اخية ، فقد اعد تابوت فائق الجمال ومنحه هدية لمن يأتي على مقاسة وقد كان يعرف انه لن يصلح الا لاوزيريس وما ان دخل به الا واغلق عليه باحكام، ثم القى ست بالتابوت في الماء وسار التابوت مع مياه النيل الى ان وصل الى مصب النيل ومنه الى البحر ورسى على سواحل (بيبلوس) جبيل بجنوب لبنان، وهناك نبتت شجرة على جسد اوزيريس الطاهر ..!!

في ذات الوقت كانت ايزيس زوجتة تبحث عنه في كل مصر بلا جدوى الى ان اخبرها حابي ان تسير معه الى مصبه وهناك سلكت الطريق الى جبيل، فاعجبتها شجرة كبيرة خضراء فجلس بجوارها واذ بأوزيريس في جوفها وقد نبتت على تلك الشجرة .. حاولت ايزيس ان تحضر الشجرة الى مصر بعد استأذان امير المدينة لكنه رفض، فما كان منها الا استخدام قوتها السحرية حيث انها كانت (ورت حكاو) لنقل الشجرة الى مصر واستطاعت فعل ذلك ونصبتها في ابيدوس في اليوم الخامس عشر من شهر كيهاك والذي يوافق الرابع والعشرين من ديسمبر حالياً .. ثم اصبح ذلك عادة للمصريين في كل عام نصب شجرة لاوزيريس بعد اتمام حجهم كل عام (مثلما يذبح المسلمين بعد اتمام الحج مع الاختلاف)

يقول جيمس هنري برستيد عن نقل ايزيس للشجرة "عاد اوزير الى الحياة التي تبعث بعد الموت شجرة خضراء ونشأ بعد ذلك حث سنوى يقام كتذكرة بهذه المناسبة وذلك برفع شجرة وغرسها في الارض في محفل عظيم حيث كانت تزين الشجرة ويكتب عليها الامنيات....." كما يعلق ويليام نظير في كتابة العادات المصرية بين الامس واليوم على ذلك بقوله "امن المصريون ان اوزيريس هو القوة التي تمدهم بالحياة وتعطيهم القوت وانه هو الارض السوداء التى تخرج الحياة الخضراء فرسموه وقد خرجت السانابل من جسده كما كان محور عقيدتهم فهو رمز للحياة المتجددة والبعث بعد الموت ، ورمزوا له بشجرة خضراء كان يقيمون لها احتفالا سنويا بغرسها كما نفعل نحن اليوم بشجرة عيد الميلاد..."

يقول سامي حرك في كتاب الاعياد في مصر القديمة "اصطلح المصريون بتهنئة بعضهم بقول -سنة خضرة ان شاء الله- ربما يكون ذلك من موروث المصريين الثقافي بأن كل عام يبدأ بالشجرة الخضراء..." وقد كان الاجداد يختارون نوع من الاشجار الدائم الخضرة كرمز للحياة المتجددة .. وقد انتقلت هذه العادة من مصر الى سوريا وبلاد اليونان ومنها الى روما واروربا فيما يعرف بعيد الشمس الموافق ليوم 25 ديسمبر ذلك العيد الروماني القديم .. وبعد تمكن المسيحية استبدل عيد الشمس بعيد ميلاد السيد المسيح ، لكن اول شجرة كريسماس كانت في القرن الـ 16 الميلادي بمدينة ستراسبورج

وقد ظلت عادة الاحتفال بزراعة وغرس الشجرة ذو الاصول المصرية مستمرة في العديد من دول العالم فيما يعرف بعيد غرس الشجرة او يوم الشجرة، في مواعيد مختلفة فنجد على سبيل المثال في سوريا الخميس الاخير من العام، تونس الاحد الثاني من نوفمبر، الاردن 15 يناير، الجزائر 21 مارس، استراليا 28 يوليو ، كمبوديا الاول من يونيو، المانيا 25 ابريل، ايران 5 مارس، البرازيل21 سبتمبر، بلغاريا الاسبوع الاول من ابريل، الصين 12 مارس، هولندا 22 مارس، مالطا 15 يناير، ناميبيا 2 اكتوبر، جنوب افريقيا الاسبوع الاول من سبتمبر، انجلترا شهر نوفمبر، اسبانيا 26 سبتمبر، ... وغيرها من البلدان

وبالرغم من ان مصر هى مهد هذا الاحتفال وتلك الفكرة الصديقة للبيئة التي نحن في عوز اليها في ظل بيئة مليئة بالتلوث .. الا اننا صدرناها للعالم اجمع حتى صار في بعض البلاد احتفالا وطنيا ، وفي مصر ما تزال هناك ايادي تقطع الاشجار..!!

أما آن الاوان لمصر العودة الى تراثها والتصالح معه والاخذ من ميراث الاجداد ما يصلح حال مجتمعنا المعاصر..!!
 
 
الصور :