الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تعرف على مسجد الخمسين جنيه

تعرف على مسجد الخمسين جنيه
عدد : 01-2019
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


يقع مسجد قجماس الإسحاقى ويطلق عليه أيضا مسجد أبو حريبة يقع بحى الدرب الأحمر قرب باب زويلة بالقاهرة خلف مديرية أمن القاهرة بشارع الدرب الأحمر الرئيسي ويتبع منطقة آثار جنوب القاهرة وهو الحي الذى يعد من أقدم مناطق القاهرة التاريخية حيث يضم 65 أثرا إسلاميا منها مساجد ومنها قباب وأضرحة ومنها أسبلة وكتاتيب ومنها وكالات وتكايا ومنها مدارس ومنها منازل أثرية مبنية علي الطراز الإسلامي فضلا عن إحتوائه على الجامع الأزهر وقد أنشأه عام 885 هجرية الموافق عام 1481م الأمير سيف الدين قجماس الإسحاقي أحد أمراء المماليك الجراكسة في عهد السلطان الأشرف قايتباى وهو أحد المساجد الهامة التي أنشئت في عصر هذا السلطان وتنحصر أهميته في دقة الصناعات المختلفة الموجودة به فأعمال النجارة الدقيقة وأعمال الرخام وتنوع تقاسيمه وتناسب ألوانه وأعمال الحجر ودقة الحفر فيه والأسقف الخشبية الجميلة وبراعة نقشها وتذهيبها جميعا ناطقة بما وصلت إليه هذه الصناعات من مكانة رفيعة في هذه الحقبة من الزمن وجدير بالذكر أن هذا المسجد هو المسجد الذى توجد صورته علي ورقة البنكنوت المصرى فئة 50 جنيه .

وكان الأمير قجماس الإسحاقي في الأصل مملوكا للسلطان جقمق عندما كان نائبا للشام قبل أن يتولى السلطنة ثم تقلب في عدة وظائف كبيرة في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري الموافق للقرن الخامس عشر الميلادي وفي سلطنة الظاهر خوشقدم مابين عام 1461م وعام 1467م تم تعيينه خازندارا وهو الذي يشرف على خزائن السلطان ثم رقى إلى أمير عشرة في أيام السلطان بلباى عام 1467م وفي عهد السلطان قايتباى مابين عام 1468م وحتي عام 1496م أصبح من المقربين له وعينه نائب للسلطان في الإسكندرية عام 1470م وفي هذه الفترة أشرف على بناء قلعة قايتباى بالإسكندرية وفي عام 1475م عينه السلطان قايتباى أمير آخور كبير أى المشرف على إصطبلات السلطان وفي عام 1480م عينه السلطان نائب له بالشام وقد وصي ببناء مسجده موضوع هذا البحث قبل رحيله إلي هناك وظل بها إلى أن توفى هناك عام 892 هجرية الموافق عام 1487م ودفن بالشام ولم يدفن بمقبرته التي أعدها لنفسه بمسجده بالقاهرة ودفن بها بعد ذلك أحد أولياء الله الصالحين وهو الشيخ أحمد الشنتناوى الشهير بإسم أبـو حريبة والذى قدم إلي القاهرة من بلدته بمديرية المنوفية طلبا للعلم والزهد وعاش بجوار هذا المسجد وإفتتح دكان عطارة وبسبب أمانته وزهده وورعه الديني ذاع صيته بين أهل المنطقة وقد قام بكتابة مؤلفات عديدة منها قصيدة فى أسماء الله الحسنى نحو مائة بيت وأخرى نحو ثلاثين وله تفسير صغير فى القرآن الكريم وكان كريم النفس كثير التصدق علي الفقراء عفيف النفس ولا يقبل من أحد شيئا وحدث أن أرسل له محمد على باشا والي مصر الشهير خمسمائة جنيه مصرى فردها وأنعم عليه المرحوم عباس باشا الأول حفيد محمد علي بأطيان فلم يقبلها وقد أسلم على يديه أكثر من ستين شخص وقد توفى رضي الله تعالي عنه عام 1268 هجرية الموافق عام 1852م في عهد عباس باشا الأول ودفن فى جامع قجماس الإسحاقي وصنع له بعض تلاميذه مقصورة بالصدف تكريما له وكنوع من رد الجميل له علي أفضاله عليهم وله مولد سنوى يتم الإحتفال به كل عام فقد كان حقا نعم الولى التقي الورع العارف بالله ولذا أحبه الناس وسموا جامع قجماس بإسمه فأصبح يطلق عليه إسم جامع أبو حريبة حتي يومنا هذا الآن نسبة إلى هذا الشيخ الجليل الذى هيأ له القدر أن يدفن في هذا المسجد .

ويشمل هذا المسجد قبة ضريحية وسبيل وكتاب وقد بنى مرتفعا عن مستوى الطريق وشغل الجزء السفلى من واجهاته بدكاكين كانت تؤجر ويستغل ريعها في الإنفاق على عمارة المسجد وإصلاحه وصيانته الدورية وسداد أجور العاملين به ومن أهم ما يسترعى النظر بواجهات هذا المسجد الزخارف المحفورة في الحجر التي تحلى أعتاب الأبواب والشبابيك وجلساتها وأعمدة النواصي وكذلك المقرنصات التي تعلوها وللمسجد أربع واجهات أهمها الواجهة التي تطل على شارع الدرب الأحمر والتي أحدث بها المهندس المعماري الذى شيد المسجد عدة إنكسارات للتماشي مع خط تنظيم الطريق وبحيث لا يتم إعاقة حركة المارة في الشارع خارج المسجد وتشمل هذه الواجهة واجهة المدفن ذو القبة الملحق بالمسجد وواجهة السبيل والإيوان الشمالي الغربي كما يقع بها المدخل الرئيسي للمسجد ومن الطريف في هذا المسجد أن ضيق مساحة الأرض التي بني عليها جعلت مهندسه المعمارى يفصل الجزء الخاص بالميضاة والحمامات وحوض سقي الدواب والكتاب ليكونوا على جانب آخر من الحارة الضيقة التي يطل عليها المسجد ومكوناته وربط بينهما بممر علوي بحيث لا يعوق الحركة في هذه الحارة ويتم الوصول إلى المدخل ببضع درجات وهو حافل بالرخام الملون الجميل على يمينه ويساره طراز مكتوب به آية قرآنية وتاريخ الفراغ عام 886 هجرية وله باب مكسو بالنحاس المزخرف بأشكال هندسية ويؤدى المدخل إلى دركاة مربعة يغطيها سقف خشبي منقوش بزخارف جميلة بديعة المنظر يحيط به إزار به آيات قرآنية وعلى يسار الداخل إليها باب ذو مصراعين يفتحان بدخولهما في سمك الحائط بواسطة مجار على النظام الذي نراه الآن فى الأبنية الحديثة ويؤدى هذا الباب إلى طرقة معقودة تؤدى إلى صحن المسجد .

وتخطيط هذا المسجد يماثل تخطيط معظم المساجد التي بنيت في هذا العصر وهو تخطيط المدارس الذي يتألف من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة إيوانات الإيوانان الشرقي وهو إيوان القبلة والغربي المقابل له كبيران والجنوبي والشمالي صغيران وإيوان القبلة كسيت جدرانه بوزرة من الرخام إرتفاعها خمسة أمتار ويتوسطه محراب يتميز بزخارفه المكونة من أشرطه ملونة من الرخام وكتابة قرآنية بالخط الكوفي المزهر وقد سجل الصانع إسمه بتجويف المحراب بعبارة عمل عبد القادر النقاش وبجوار المحراب منبر نادر من الخشب وقد جمعت أجزاؤه على هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات طعمت بالسن والزرانشان ويعتبر هذا المنبر من النماذج الرائعة التي تتمثل فيها دقة صناعة النجارة العربية وبالجزء العلوي من حوائط المسجد شبابيك من الجص المفرغ المحلى بالزجاج الملون وأرض المسجد مفروشة بالرخام الملون بتقاسيم على هيئة أشرطة ومراتب ودورانات تتشابه مع نظيراتها بالمساجد التي بنيت في عهد السلطان قايتباي وبالجدار القبلي بإيوان القبلة يوجد باب يؤدى إلى قبة شاهقة بسيطة المظهر مبنية بالآجر يوجد أسفلها ضريح وفرشت أرضيتها بالرخام الملون وعلى يمين المدخل الرئيسي للمسجد مئذنة تتألف من ثلاث دورات الأولى مثمنة والثانية أسطوانية والعلوية مكونة من أعمدة رخامية تحمل الخوذة وإلى يسار الصاعد إلى المدخل يقوم السبيل الذي يعلوه الكتاب وقد ذكر علي مبارك إن المسجد مرتفع عن الأرض وبه أربعة ايوانات ومنبر ودكة وميضاة وله مئذنة عالية ومدفون به الشيخ أبو حريبة تحت قبة شاهقة وشعائره مقامة من أوقافه بنظر الشيخ محمد هاني والمسجد مرتفع عن مستوى الشارع وتحت واجهاته الأربع حوانيت وهو غني بشتى الفنون الزخرفية والمعمارية أما القبة التي تعلو الضريح الواقع خلف المدخل فبسيطة المظهر من الخارج على عكس مثيلاتها المنشأة في هذا العصر التي كانت تتميز بالزخارف والنقوش المتعددة الأشكال والألوان هذا وقد تأثر هذا المسجد بسبب زلزال شهر أكتوبر عام 1992م الشهير وأجريت به بعض الترميمات إلا أنه مايزال يحتاج إلي عملية ترميم وإصلاح شامل لإنقاذه من الإنهيار ولكن للأسف لا توجد إعتمادت مالية لدى وزارة الآثار للقيام بهذه العملية نظرا لإنحسار حركة السياحة التي أثرت سلبا علي إيراداتها .
 
 
الصور :