الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الحب عند العرب في الحضارة الإسلامية

الحب عند العرب في الحضارة الإسلامية
عدد : 02-2019
بقلم الدكتورة/ زينب المنسى
مدرس مساعد قسم التاريخ

إن مشاعر الحب من أرقي المشاعر الإنسانية بكل ما تحويه من معاني الحب والإيثار والتضحية وقد حفلت أشعار العرب منذأيام الجاهلية بالكثير من احاديث الحب والود مابين اشعار غزل فى النساء واشعار حب للاخ والقبيله وحتى الخيل فلم يقف حب العرب عند النساء فحسب وهو مايؤكد رهافة حس العربى وعلو ذوقه وفى نفس الوقت ظهرت بعض العادات المذمومة مثل وأد البنات , وهنا السؤال كيف لمن يحب فرسه ان يقتل رضيعته؟ والجواب انها كانت حالات ونماذج فردية بدات فى الظهور لدى بعض الطبقات اراد الله ان يعافى العرب منها فكانت بعثة النبى الذى اتم مكارم اخلاق العرب

ويقودنا الحديث عن الحب الى فتح باب البحث فى حياة العرب الاجتماعية قبل الاسلام .

وقد كانت المرأة العربية محط اهتمام واحترام وحب الجميع تبارى الجميع فى خدمتها وسعوا لمصلحتها فكانت لنساء العرب تجارتهن واعمالهن الخاصة التى حافظ عليها الجميع من باب الحب والتقدير ولم يكن هناك مايمنع ان يكون للمراة مصالحها باسمها الخاص رغم وجود اسرتها "السيدة خديجة نموذجا" وان نم هذا عن شىء فانه ينم عن حب الجميع للمراة

ومن ناحية اخرى بلغ من حب العرب لنسائهم والاعتزاز بهن ان عرفت المراة باسمها حتى وفاتها فلم يتغير اسم السيدة اسماء مثلا الى ام عبد الله فمثلا احتفظت هند بنت عتبة باسمها ولم تلقب بام معاوية وهو الخليفة وتعدى الامر ان صارت المراة مصدر اعتزاز ونسب لاولادها لا العكس فقد انتسب رموز العرب إلي أمهاتهم لما لهم من فضل مثل عمرو بن هند وعمرو بن كلثوم .

وقد وصلت الينا من ربوع الصحراء وعبر مئات السنين العديد من قصص الشعراء العشاق و المحبين لتعلم الاجيال مشاعر الحب والغرام التي جمعت بين المحبين في اجواء العذرية والاخلاق و الترفع فصار وفائهم سببا لخلود اسمائهم وكان غرامهم مصدر للالهام والابداع فحفظ اشعارهم وخلد ذكراهم مثل عنتر وعبلة و قيس بن الملوح فتي بني عامر وابنة عمه ليلي والتى عرف بسببها بالمجنون وقيس بن ذريح من قبيلة كنانة ولبني الكعبية " لبني بنت الحباب الكعبي " وعلي الرغم من زواجهما فقد عانيا من مرارة الفراق حتي وصل أمرهما ومن انتشار شعر قيس بلبني لمعاوية بن أبي سفيان بعد شكوي والدها له فأمر بزواج لبني من رجل من رجال المدينة وتحذير قيس من التعرض لها قولاً أو محاولة رؤيتها ولكنه الهيام الذى اعيا قيس وبدل حاله مما دعى الحسين بن علي بن أبي طالب وأخيه الحسن وغيرهم من التدخل لدي زوجها ليطلقها رحمة بها وبقيس الذي ترك كل شئ في سبيل حبها واجتمع المحبين مرة أخري

وقد اشتهرت بعض قبائل العرب باجلالها للحب مثل بني عذرة ونسب الحب العذرى اليهم ويقال عنهم ان اعرابي سال امراة من بني عذرة عن كثرة موت شبابها فردت عليه قائلة لأن فيهم تعفف

وخلف لنا بني عذرة الكثير من قصص الحب الاقرب للاساطير مثل جميل وبثينة في عصر بني أمية وروت عنهم هذ الحب والايثار والوفاء حتي ان الرحيل لم ينهي هذا الحب فمات جميلاً غرقاً في هذا الحب علي الرغم من كرم والي مصر له عبدالعزيز بن مروان فلم ينسي بثينة ومالك وظريفة وعروة بن حزام والعفراء ابنة عمه عقال بن مهاصر.

وارتقى الإسلام بالحب ونقاه وارتفع به ليرتفع بالمرأة أكثر وأكثر حبيبة وأما وبنتاً وزوجة فجمع الحب بين سيدة أهل مكة السيدة خديجة وبين سيد الخلق محمد "صلي الله عليه وسلم "ليتوج هذا الحب بالزواج حتي النبي لم ينسي هذا الوفاء تجاه الحب فلم تنقطع ذكري هذا الحب فأعياد النبي هي أعياد حبيبته خديجة يذكرها ويكرم من كن لها رفيقات ومن هذا المنطلق النبيل علم النبي أبناءه الحب والكرم والإيثار تلك المشاعر التي قال النبي أنه لاسلطان عليها فالقلوب تنجذب نحو شبيتهتها وانقسم العلماء والمؤرخون والفقهاء نحو ما هو الحب حتي توصلوا للحب الأبدي هو الحب الذي لا يعرف الانانية أو الغدر بل من شيمه الوفاء والإيثار وحسبنا في قصة الحب الشريف العفيف التي جمعت بين السيدة زينب وزوجها أبي العاص بن الربيع قبل الإسلام حتي تزوجا وأسلمت زينب ولم يسلم زوجها وعاشا معا الى ان نزل التحريم بعشرتهم فحرمت نفسها عليه وبعد غزوة بدر ارسلت تتشفع فيه وتفتديه بقلادة أمها السيدة خديجة ورد الحبيب الجميل الى زوجته بان طلقها احتراما لها وحبا وارسلها الى المدينة وكان القدر مع الحب دوما طالما انه لم يخالف عرفا ولا اخلاقا وأعطتنا مدرسة النبوة درسا فى معنى الحب فتدور الايام ويستولى جيش المسلمين على قافلة لقريش وكان للعاص فيها تجارة لاناس من قريش فى ذمته فلجا العاص الى طليقته وابنة خالته وام اولاده فاجارته واعلنت الاجارة فلم تخفيه او تنكره بل اعلنت لابيها النبى وللجميع اجارتها لصاحب عشرة السنين وقبلت اجارتها هذا هو المجتمع العربى الذى قدر المراة والحب والوفاء وارسى معانى الرفعة والاعتزاز وخرج العاص بماله اكراما لامراة وان كانت ابنة محمد "صلي الله عليه وسلم " واعاد الامانات لاصحابها ثم اعلن اسلامه و عاد الى حب عمره ورفيقة دربه ليكون العاص ايضا درسا لنا فى معانى الوفاء وجمع الله بين الحبيبين مرة أخري وقد امدتنا مدرسة النبوة بدروس الحب فهاهوالحديث النبوي الشريف يذكر من السبعة المستظلين بظل عرش الرحمن رجلان تحابا في الله والقلب يتسع ليقبل كل المحبين وكل حب لكرامة فهذا حب التقدير وهذا حب للامتنان وهذا حب للدم ويجمع الجميع الحب فى الله ومثلما احب النبى الكريم السيدة خديجة التى اذرته وحمته وعوضته امه وانجبت له الولد كان للسيدة عائشة في قلب النبي "صلي الله عليه وسلم " نصيبها من الحب فهى رفيقة الدرب التى تربت على يديه وشاهدت معه مراحل القوة والصعود وقد عرف القاصي والداني قدر السيدة عائشة عند النبى ولم يمنع قدر النبى ومقامه ان يصرح بهذا الحب ومع دروس الحب فى مدرسة النبوة نتعلم الكثير فعلمنا النبى أن المرأة كائن رقيق يحتاج للحب والعناية حتي قال ماأكرمهن الإ كريم وماأهانهن الإ لئيم .

والمراة كائن وفى لاينسى من يحبه ويفديه بروحه فها هى نائلة الكلبية زوجة عثمان بن عفان تستميت فى الدفاع عنه وتفقد كف يدها وهى تحميه .
وانتقل العربي بأخلاقه وعاداته وصفته ليفتح البلدان ناشراً اخلاقه وصفاته من حب وفضائل مقروناً بما أضافته له البيئة حتي لقد صار خيال الفتاة عربية وغربية مرتبط بفكرة الفارس العربى فتي الأحلام

ولعب الحب دور هام فى نشر الإسلام ودعمه فمنذ اللحظة الأولي للفتح الأندلسي وجدنا تلك القصة زواج عبدالعزيز بن موسي بن نصير من أم عاصم وهو ما جعله تقليداً بزواج العرب من اسبانيات فكان له دوراً في ظهور جيل جديد عرف بالمولدين حتي صار الأندلس زاخماً بالحب والاستقرار حتي صارت طروب البشكنسية من سيدها الأمير عبدالرحمن الأوسط هي الأولي والفريدة له وتتوالي ويزداد الأندلس اشراقاً وكلاهما يرتقيان وعلي الرغم من الحروب والصراعات فلم تختفى قصص الحب في بلاط العباسيين من جهة وتغني شعرائهم به من بغداد وماوراء النهرين وصولاً لمصر وحتي بلدان الشمال الأفريقي ورغم الفقر والجدب الا ان الحب استمر ففى خضم الهجرات الهلالية شاع الحب بين دياب والجازية وعزيزة ويونس بين العرب والبربر وصولا للاندلس حتي بنا الناصر أقوي حكام الأندلس مدينة سميت بالزهراء حباً لجاريته الزهراء وبلوغها مكانة عليا من قلب الناصر لدين الله وهذا الأمر ايضاً تكرر مع ولده الحكم المستنصر فقد وقع في غرام صبح البشكنسية وألف ابن حزم كتابه الشهير طوق الحمامة في الألفة و الألاف كتاباً ادبياً يصف به الحب ومايمر به المحبون من حب ووفاء حتي أنه افرد مايمر به المحبون في أبواب شملت منها علي سبيل المثال باب ماهية الحب وباب علامات الحب والتعريض بالقول والإشارة بالقول وباب السفيروباب "المراسلة بينهم ومن يقوم بها حتي يقرب بين المحبين " والأسرار والغدر والهجر والسلو والضني وفضل التعفف والواشي والوصل بين المحبين والعاذل والرقيب والقنوع وغيرها علي الرغم من أنه فقهياً شهيراً فلم يمنعه هذا من أن يحكي عن الحب ويصفه وهو الحب الذي دونه آخرين مثل ابن سينا وابن داود الظاهري في كتابه الزهرة محاولين تفسير الحب المرتبط ارتباطاً بالقلب تلك القطعة من الجسد فسبحان مؤلف القلوب ولاننسي تلك القصة العظيمة بين المعتمد بن عباد وجاريته اعتماد الرميكية حتي بلغ من حبه لها بأن أصبحت سيدة القلب والقصر علي الرغم من هجوم الشعراء عليها مثل وزيره ابن أبي عمار فقال فيها معاتباً المعتمد :

تخيرتها من بنات الهجين رميكية ما تساوي عقالاً . ولكنه الحب والقلب وما لاحد عليه من سلطان فعندماً يختفي الحب تكثر الضغائن والفرقة بين البشر فالقلب هو سر الحياة وعلي الرغم من معاناة المحبين من كمد وشجن وصبابة فالحب هو الشئ الراقي في حياة البشر .