الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

"سِر السعادة هو تقبل حقيقة أن العالم بشع".. تعرف على صاحب تلك الفلسفة

-سِر السعادة هو تقبل حقيقة أن العالم بشع-.. تعرف على صاحب تلك الفلسفة
عدد : 05-2019
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


بيرتراند أرثر ويليام راسل أو إيرل راسل الثالث فيلسوف وعالم منطق ورياضي ومؤرخ وناقد إجتماعي بريطاني وعرف عنه أنه كان في مراحل مختلفة من حياته ليبراليا وإشتراكيا وداعية سلام إلا أنه أقر أنه لم يكن أيا من هؤلاء بالمعنى العميق حيث أنه رفض بالكامل أن يتبنى فكر أي من هذه التيارات بشكل كامل وقد قاد راسل الثورة البريطانية ضد المثالية في أوائل القرن العشرين الماضي وهي موقف فلسفي نظري وعملي يرد كل ظواهر الوجود إلى الفكر أو يجعل من الفكر منطلقا لمعرفة الوجود أو الحقيقة بمعني أنه المذهب القائل بأن حقيقة الكون أفكار وصور عقلية وأن العقل مصدر المعرفة ويعد راسل أيضا أحد مؤسسي الفلسفة التحليلية إلى جانب سلفه الذى تأثر به كثيرا الفيلسوف وعالم المنطق الرياضي الألماني فريدريش لودفيش جوتلب فريجه وتلميذه الفيلسوف النمساوى المعروف لودفيش فيتجنشتاين كما يعتبر من أهم علماء المنطق في القرن العشرين ومن أعماله أنه قام بالشراكة مع استاذه مواطنه الإنجليزى الفيلسوف والعالم الرياضي الفريد نورث وايتهيد والذى كان قد أشرف علي أطروحته لنيل رسالة الدكتوراة بتأليف مبادئ الرياضيات في محاولة لشرح الرياضيات بالمنطق وتعد مقالته الفلسفية عن التدليل نموذجا فكريا في الفلسفة ولايزال لعمله أثرا ظاهرا على المنطق والرياضيات ونظرية المجموعات وهي فرع من فروع علم المنطق الرياضي وعلوم اللغات والفلسفة وتحديدا فلسفة اللغة ونظرية المعرفة ودراسة طبيعتها والميتافيزيقا وهي الأشياء التي لا تخضع لقوانين الطبيعة وقد كان راسل أيضا ناشطا بارزا في مناهضة الحرب وأحد أنصار التجارة الحرة ومناهضة الإمبريالية والحركات الإستعمارية وقد تعرض راسل للسجن بسبب نشاطه الداعي للسلام خلال الحرب العالمية الأولى وفي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين الماضي قام بحملات ضد النظام النازى وأدولف هتلر كما إنتقد الشمولية الستالينية و تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام منذ منتصف الخمسينيات وحتي أوائل السبعينيات من القرن الماضي كما كان راسل من أنصار نزع الأسلحة النووية وفي عام 1950م نال جائزة نوبل للأدب تقديرا لكتاباته المتنوعة والمهمة والتي يدافع فيها عن المثل الإنسانية وحرية الفكر .


ولد بيرتراند راسل في يوم 18 مايو عام 1872م في رايفنسكروفت في ويلز وهي جزء من المملكة المتحدة وجزيرة بريطانيا العظمى وتحدها إنجلترا إلى الشرق والمحيط الأطلسي والبحر الأيرلندي إلى الغرب وكانت أسرته أسرة ليبرالية تنتمي إلي الطبقة الأرستقراطية ببريطانيا وكان جده لأبيه إيرل راسل الأول هو الإبن الثالث لجون راسل دوق بيدفورد السادس والذي شكل الحكومة مرتين بطلب من الملكة فيكتوريا حيث شغل منصب رئيس الوزراء في أربعينيات وستينيات القرن التاسع عشر الميلادى وكان بروز آل راسل في إنجلترا قد سبق ذلك بقرون عديدة حيث وصلوا إلى السلطة مع صعود أسرة التيودور وهي أسرة ذات أصول ويلزية حكمت إنجلترا في أواخر القرن الخامس عشر الميلادى وحتي بداية القرن السابع عشر بين عام 1485م وعام 1603م كما أنهم سجلوا إسمهم كإحدى أهم الأسر الليبرالية وشاركوا في كل الأحداث السياسية العظيمة من حل الأديرة مابين عام 1536م وحتي عام 1540م عقب حركة الإصلاح الديني التي ولدت وإنتهت في عصر أسرة التيودور وكانت أهم ملامحها أنها أدت إلى ظهور مذهب جديد مستقل منفصل عن الكنيسة الأم في روما وكنيستها وتلك كانت الكنيسة الإنجليكانية وعلاوة علي ذلك شارك آل راسل في أحداث الثورة المجيدة مابين عام 1688م وعام 1689م وهي الثورة قام بها البرلمانيون الإنجليز بالتحالف مع ويليام الثالث الحاكم الأعلى لجمهورية هولندا وكان من أهم نتائجها نجاحها في عزل الملك جيمس الثاني وتنصيب إبنته ماري وزوجها وليم أورانج ملكين على إنجلترا كما تمثّل ذلك النجاح بشكل واضح في إعلان الحقوق الذي أصدره البرلمان الإنجليزي عام 1689م والذى إستعرض المظالم التي إرتكبها الملك جيمس الثاني في حقِ الشعب وإشترط على الملك الجديد عدم القيام بأي عمل يؤدي إلى الإنتقاص من حقوق الشعب .


وشارك أيضا آل راسل في إصدار قانون الإصلاح العظيم في عام 1832م والذى صدر إستجابة لطلب أغلبية كبرى من الرأي العام في البلاد وبموجبه تم منح الطبقة الوسطى حق الإنتخابات فتحرر بذلك مجلس العموم البريطاني من سيطرة الطبقة الأرستقراطية وكنتيجة طبيعية فقد أدى هذا التغيير إلى نشر الديموقراطية في الحكومة المحلية وإلى إصلاح قانون مساعدة الفقراء وإلى إلغاء الرق وإلى رفع القيود الجمركية عن طعام الشعب هذا وكان والد راسل والذى تم تسميته علي إسم جده جون راسل وكانت أمه هي كاترين لويزا إبنة إدوارد ستانلي بارون الدرلي بمقاطعة تشيستر بغرب إنجلترا قرب ويلز وأخت روزلند هاورد كونتيسة كارلايل وهي مدينة تقع في مقاطعة كمبريا الريفية بشمال غرب إنجلترا وكانت من أوائل مؤيدي حقوق المرأة ومؤيدة لمنح المرأة حق الإقتراع في الإنتخابات العامة وكان والدا راسل راديكاليين بالنسبة إلى عصرهما حيث كانت فلسفتهما السياسية تؤكد الحاجة للبحث عن مظاهر الجور والظلم في المجتمع وإجتثاثها كما كانا من أوائل المنادين بتحديد النسل في وقت كان يعتبر هذا الأمر فاضحا وإتضح فيما بعد إلحاد الوالد جون راسل عندما طلب من الفيلسوف جون ستيوارت ميل أن يكون الأب الروحي لراسل والذى توفي بعد عام واحد من ولادته أى في عام 1873م إلا أنه كان لكتاباته فيما بعد أثر كبير على حياة الأخير وكان لراسل أخ وأخت فرانك الذي كان يكبره بسبع سنوات وراشيل التي كانت تكبره بأربع سنوات وتوفيت والدته في شهر يونيو عام 1874م بعد إصابتها بمرض الدفتيريا أو الخناق ولحقتها أخته راشيل بفترة وجيزة ثم توفي والده جون راسل في شهر يناير عام 1876م من إلتهاب شعبي حاد بعد معاناة طويلة مع الإكتئاب وكان راسل حينذاك قد بلغ الرابعة من عمره ووضع الأخوان فرانك وبيرتراند في رعاية جديهما الفيكتوريين وقد توفي الجد جون راسل إيرل راسل الأول عام 1878م وكان سنه حينذاك 6 سنوات ويتذكره بيرتراند عجوزا طيبا مقعدا .


وبوفاة الجد كانت أرملته الجدة الكونتيسة راسل أو الليدي فرانسيس إليوت هي الشخصية الأسرية المهيمنة علي الأخوين فرانك وبيرتراند راسل طوال طفولتهما وشبابهما وكانت قد ولدت لأسرة إسكتلندية مشيخية أى تتبع النظام المشيخي وهو نظام يشير إلى عدة كنائس مسيحية تتبع تعاليم العالم اللاهوتي البروتستانتي جون كالفين وتنضوى تحت حكم مجالس شيوخ بشكل ديمقراطي حيث يوجد في كل مجمع كنسي دورة مكونة من شيوخ حاكمين وشيوخ معلمين وعلى الرغم من تحفظ الجدة الديني كان للكونتيسة أراء تقدمية في مجالات أخرى مثل مساندة حكم البيت الأيرلندي وقبول الداروينية وهي نظرية تشرح التطور البيولوجي تنص على أنّ جميع أنواع الكائنات الحية تنشأ وتتطور من خلال عملية الإنتقاء الطبيعي للطفرات الموروثة التي تزيد من قدرة الفرد على المنافسة والبقاء على قيد الحياة والتكاثر وقد لازم أثرها بيرتراند راسل في نظرته إلى العدالة الإجتماعية والوقوف من أجل المبادئ وكان الجو السائد في بيت الجدة هو الصلاة المتكررة والكبت العاطفي والرسميات وكانت ردة فعل فرانك تمردا واضحا بينما تعلم بيرتراند إخفاء مشاعره وقد خيمت الوحدة على مراهقة بيرتراند الذي كثيرا ما فكر بالإنتحار وذكر في سيرته الذاتية أن أكبر إهتماماته كانت الدين والرياضيات وأن رغبته في تعلم المزيد من الرياضيات ردعته عن الإنتحار وقد تلقي راسل تعليمه في المنزل على يد عدد من المدرسين الخصوصين ونتيجةً لذلك قضى راسل مراهقته محروما من صحبة أطفالٍ آخرين وقام شقيقه فرانك بتعريفه بأعمال عالم الرياضيات وأبو الهندسة اليوناني إقليدس والتي كان لها تأثير كبير علي حياته وخاصة كتابه الشهير العناصر وهو الكتاب الأكثر تأثيرا في تاريخ الرياضيات والذى إستخدم في تدريس الرياضيات وخصوصا الهندسة منذ بدايات نشره قديما حتى نهاية القرن الـتاسع عشر الميلادى وبداية القرن العشرين الماضي والذى يوجد بين ثناياه مبادئ ما يعرف اليوم بإسم الهندسة الإقليدية التي تتكون من مجموعة من البديهيات كما ضمنه أيضا بعض المصنفات أيضا في حقول عديدة كالمنظور والقطع المخروطي والهندسة الكروية ونظرية الأعداد وغيرها وخلال هذه السنين المبكرة من حياته إهتم راسل بأعمال الشاعر الإنجليزى الرومانسي الشهير بيرسي بيش شيلي وفي سيرته الذاتية يقول راسل أمضيت كل أوقات فراغي أقرأ أعماله وأحفظها عن ظهر قلب وفي حين لم أعرف أحد أستطيع الحديث معه عما فكرت أو شعرت به كنت أتصور كم من الجميل أن أعرف شيلي وأتساءل إن كنت سألتقي أحدا من الأحياء يثير تعاطفي ويقول أيضا إنه ومنذ أن كان مراهقا في عمر الخامسة عشر أمضى وقتا طويلا في دراسة صحة العقيدة المسيحية وفي سن الثامنة عشر من عمره قرر التخلي عنها تماما .


وقبل ذلك ولما بلغ سن 17 عاما كان قد إلتقى بصديق أميريكي إسمه بيرسال سميث لأول مرة وأصبح صديقا له ولأسرته وعرفه أفرادها بصفته حفيد اللورد جون راسل وإستمتعوا بصحبته وسافروا معه إلى أوروبا حين زار راسل معرض باريس عام 1889م وصعد برج إيفل بعد تدشينه بفترة قصيرة ولما بلغ راسل سن 18 عاما في عام 1890م حاز على منحة دراسية إلى كلية ترينتي في كامبريدج حيث باشر دراسته هناك وتعرف في كامبريدج على الفيلسوف البريطاني جورج إدوار مور الذى كان من المدافعين عن نظريات الفِطرة السليمة والمشجعين علي دراسة اللغة العادية كأداة للفلسفة كما تأثر راسل بالفريد نورث وايتهيد الذي إلتحق بإرساليات كامبريدج بناءا على توصية منه والتي كانت جمعية سرية وكان من بين أعضائها العديد من الفلاسفة المعروفين وبإستماعه إلى حواراتهم أصبح راسل مهتما بالفلسفة وفي العام الأول من الدراسة برز راسل في دراسة الرياضيات والفلسفة وحاز المرتبة السابعة في جامعته وتخرج عام 1893م وتم تعيينه ملحقا بالسفارة البريطانية في باريس وفي الوقت نفسه بدأ كتابة أطروحة مقال عن أسس الهندسة التي أكسبته درجة الزمالة في كلية ترينيتي وهي أحد كليات جامعة كامبريدج عام 1895م وبعد عدة أشهر قضاها في باريس إنتقل راسل إلى العاصمة الألمانية برلين حيث درس الديمقراطية الإجتماعية لعدة أشهر وأثناء ذلك قرر كتابة سلسلتين من الكتب أحدها عن فلسفة العلوم والآخر عن مسائل إجتماعية وسياسية وعاد بعد ذلك إلى إنجلترا وإنكب على دراسة الفلسفة وفي نفس الوقت وفي عام 1896م بدأ راسل عمله محاضرا في الديمقراطية الإجتماعية الألمانية في كلية لندن للإقتصاد وفي هذه الأثناء بدأ دراسة مكثفة لأسس الرياضيات ونُشرت نتائج هذه الدراسة في عام 1898م في أطروحة حملت العنوان مقالة في أسس الهندسة وفي عام 1899م عين راسل محاضرا في كلية ترينيتي في جامعة كامبريدج وفي العام التالي 1900م سافر إلى باريس لحضور المؤتمر الدولي للفلسفة حيث إلتقى مع الرياضيين الإيطاليين المعروفين جوسيبي بيانو وأليساندرو بادوا واللذان أُعجب راسل إعجابا كبيرا بعملهما في نظرية المجموعات لذا وبالعودة إلى إنجلترا بدأ بدراسة عمل جوسيبي بيانو صياغة الرياضيات والذي قاده عام 1901م إلى إكتشاف مبدأ مفارقة راسل والمعروفة أيضا بـتناقض قوانين راسل والتي توضح أن نظرية المجموعات المبسطة التي وضعها عالم الرياضيات الألماني الشهير جورج كانتوري والتي تعد واحدة من النظريات المتعددة للمجموعات التي تُستخدم في مناقشة أسس الرياضيات تؤدي إلى التناقض ومع ذلك إستغرق تطويره لهذا المبدأ عدة سنين أخرى ليقدم المفارقة في النهاية في كتابه المعروف مبادئ الرياضيات والتي تعد من أهم المفارقات في علم الرياضيات وبعد ذلك وفي عام 1905م نشر عملا آخر من أعماله الكبيرة إسمه On Denoting ثم أصبح عام 1910م محاضرا في جامعة كامبريدج وفي العام نفسه قام إلى جانب أستاذه وايتهيد بنشر مبادئ الرياضيات في ثلاثة أجزاء ونُشر آخر هذه الأجزاء عام 1913م وقد جعله هذا العمل إضافةً إلى أعمال أخرى يكتسب شهرة ليس في بلده إنجلترا وحدها أو في المملكة المتحدة فقط ولكن علي مستوى العالم حيث اصبح معروفًا وله شهرته أيضا على الصعيد العالمي .

وحين دخلت المملكة المتحدة الحرب العالمية الأولى عام 1914م إلي جانب الإمبراطورية الروسية وفرنسا ومملكة صربيا ضد المانيا والإمبراطورية النمساوية المجرية ومملكة بلغاريا والدولة العثمانية إنضم راسل إلى المجموعات المناهضة للحرب التي قادت حراكا ضدها وأُدين راسل بموجب قانون الدفاع عن الأرض عام 1914م ونتيجة لذلك سرح من عمله في كلية ترينيتي عام 1916م كما حكم عليه بغرامة قدرها 100 جنيه إسترليني فرفض دفعها على أمل أن تقوم السلطات بمحاكمته بتهمة التهرب من سداد الغرامة ومع ذلك قامت السلطات بجمع المبلغ بعرض كتبه للبيع في المزاد العلني ونتيجة لذلك أُطلق سراحه وفي عام 1917م لعب دورا كبيرا في تأسيس إتفاقية إجتماعية في مدينة ليدز بإنجلترا ولاقت محاضراته هنالك حضورا كبيرا وفي عام 1918م بدأ يحاضر علانيةً في الأماكن العامة ضد دعوة المملكة المتحدة للولايات المتحدة الأميريكية للإنخراط في الحرب إلى جانبها وسجن هذه المرة لستة أشهر وإستغل وجوده في السجن في تأليف كتابه مقدمة إلى الرياضيات الفلسفية وفي شهر يناير عام 1920م وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى أُعيد راسل إلى وظيفته في كلية ترينيتي وفي شهر أغسطس من نفس العام سافر إلى روسيا كجزء من الوفد الرسمي الذي أرسلته الحكومة البريطانية لبحث آثار الثورة الروسية وإلتقى مع الزعيم السوفيتي فلاديمير لينين وكان له معه حديث ساعة وفي سيرته الذاتية يذكر راسل أنه وجد لينين مخيبا للآمال ملتمساً فيه قسوة شقية طبقا لتعبيره وواصفا إياه ببروفسور متشبث بآراءه ويقول راسل عن هذه الزيارة إنه قد أُحبط نتيجة الأوضاع السائدة هناك وفي وقت لاحق من الخريف أخذ أجازةً من عمله وقضى هذه الفترة الزمنية محاضرا في الشرق الأقصي في الصين واليابان وعاد إلى إنجلترا في يوم 26 أغسطس عام 1921م وإستقال من منصبه لأسباب شخصية وبعد ذلك بدأ الحصول على دخلة من الكتابة وفي عام 1922م وعام 1923م تم ترشيحه عن دائرة تشلسي بالعاصمة البريطانية لندن في الإنتخابات العامة نيابةً عن حزب العمال ومع ذلك وبسبب تحفظ الدائرة خسر في كلا المرتين وفي فترة لاحقة أدار مدرسة بيكون هيل التجريبية بين عام 1927 وعام 1932م وذلك إلى جانب زوجته في ذلك الوقت دورا بلاك وفي عام 1931م توفي أخوه الملقب بإيرل الثاني وورث عنه بيرتراند اللقب ليصبح لقبه إيرل راسل الثالث وفي وقت لاحق قبل منصبا في مدرسة لندن للإقتصاد وأصبح محاضرا في علوم السلطة .


وفي عام 1938م سافر راسل إلى الولايات المتحدة حيث أصبح أستاذًا زائرا في جامعة شيكاغو وإنتقل بعد ذلك إلى لوس أنجلوس عام 1939م حيث أصبح محاضرا في جامعة شيكاغو في لوس أنجلوس في دائرة الفلسفة ثم تلقى عام 1940م تعيينا بأن يصبح أستاذا في الفلسفة في كلية مدينة نيويورك ولكن ولسوء حظه صدر حكم من المحكمة بأنه غير ملائم أخلاقيا للتدريس في الجامعة نظرا لوجهات نظره الليبرالية وفقد عمله على الرغم من وقوف الكثير من المثقفين إلى جانبه وإعتراضهم علي ذلك والذين كان منهم الفيلسوف وعالم النفس الأميريكي الشهير جون ديوي الذى إعترض على المعاملة التي تلقاها راسل وكان منهم أيضا العالم الشهير صاحب نظرية النسبية البرت آينشتاين الذى قال إنه لا طالما واجهت العقول العظيمة معارضة عنيفة من العقول المتوسطة وذلك من خلال رسالة مفتوحة إلى راسل تؤازره وتؤيده كما حرر أيضا الفيلسوف الأميريكي هوراس إم كالن بالإضافة إلي ديوى مجموعة مقالات إعتراضا علي هذا الموقف المتعنت من راسل وبعد ذلك وقع عقدا لمدة خمس سنوات مع مؤسسة بارنيز في ميريون بولاية بنسلفانيا ومن هذا الموقع ألقى عددا من المحاضرات في التاريخ والفلسفة إلى شريحة متنوعة من المتلقين وشكلت هذه المحاضرات فيما بعد نواة كتابه اللاحق ولكن حدث أن تردت علاقته مع مدير مؤسسة بارنيز غريب الأطوار البرت بارنيز وأعلن بارنيز في شهر يناير من عام 1943م فسخ عقده مع راسل ومن ثم عاد راسل عام 1944م إلى المملكة المتحدة وإنضم إلى الهيئة التدريسية لكلية ترينيتي ومما يذكر أن راسل في فترة الحرب العالمية الثانية التي إستمرت مابين عام 1939م وعام 1945م عارض التسليح ضد ألمانيا النازية وكان يرى أن تجنيب العالم حرب واسعة النطاق أهم من هزيمة هتلر وخلص راسل إلى أن إستيلاء أدولف هتلر على أوروبا سيشكل تهديدا دائما للديمقراطية وتبنى في عام 1943م موقفا تجاه الحرب الواسعة النطاق سماه السلمية السياسية النسبية حيث كانت الحرب دائماً شرا عظيما من وجهة نظره ما لم تكن أهون الشرين وللضرورة القصوى في بعض الأحيان وبعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية وخلال النصف الثاني من عقد الأربعينيات وعقدى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين الماضي شارك راسل في عدد من برامج إذاعة البي بي سي وبالتحديد برنامجي أهل المعرفة والبرنامج الثالث حول مواضيع فلسفية متنوعة وفي هذه المرحلة من حياته أصبح لراسل شهرة عالمية تتعدى الدوائر الأكاديمية حيث كان موضوع وكاتب العديد من مقالات الصحف والمجلات كما كان رأيه مطلوبا في كثير من المواضيع المتنوعة الأهمية وكان من مفارقات القدر ومن الأحداث المثيرة في حياة راسل في هذه الفترة أنه كان أحد 24 ناج من مجموع 43 راكبا لطائرة سقطت بركابها في شهر أكتوبر عام 1948م أثناء سفره لإلقاء عدد من المحاضرات ,


وفي هذه الفترة من حياة راسل أيضا تصدر تاريخ الفلسفة الغربية الصادر في عام 1945م قوائم الكتب الأكثر مبيعا خلال النصف الثاني من عقد الأربعينياتً مما وفر لراسل دخلا ثابتا لما تبقى من حياته وفي كلمة ألقاها في عام 1948م أثارت الكثير من الجدل قال إن في حال إستمرار العدوان السوفيتي سيكون من الأسوء أخلاقيا دخول حرب معه بعد إمتلاكه قنبلة نووية من قبل ذلك لأن عدم إمتلاكه قنبلة سيعجل في نصر الغرب وسيحد من عدد الضحايا مقارنة بالوضع في حال إمتلاك كلا الجانبين القنبلة وفي ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تمتلك القنبلة النووية وإتبع الإتحاد السوفيتي سياسة غاية العداء نحو دول أوروبا الشرقية التي كان يستوعبها في محور نفوذه والتي كان منها المانيا الشرقية وبولندا والمجر وتشيكوسلوفاكيا وبلغاريا وقد فسر الكثيرون كلام راسل بأنه يدعم توجيه الضربة الأولى إلى الإتحاد السوفيتي وقد حصل أخرون على نص الكلمة وقالوا إن راسل لم يكن يقصد ذلك ولكنه كان يفسر قيمة ترسانة أمريكا النووية في ردع الإتحاد السوفيتي من مواصلة هيمنته على أوروبا الشرقية وواصل راسل في هذه المرحلة من حياته الكتابة عن الفلسفة حيث كتب مقدمة كلمات وأشياء للفيلسوف البريطاني التشيكي وعالم الإنسانيات والإجتماع المعروف إرنست جلنر الذي إنتقد بشدة فكر تلميذ راسل لودفيش فيتجنشتاين وفلسفة اللغة العادية ورفض الفيلسوف البريطاني جيلبرت رايل مراجعة الكتاب للدورية الفلسفية حيث أنه كان من فلاسفة اللغة المعتادة البريطانيين المتأثرين بوجهة نظر فيتجنشتاين في اللغة الأمر الذي دعا براسل إلى الكتابة إلى التايمز وكانت النتيجة مراسلات إستمرت شهرا على صفحات التايمز ما بين أنصار ومعارضي فلسفة اللغة العادية وإنتهت بإفتتاحية للتايمز عن الموضوع إنتقدت فيه الطرفين لكنها إنتصرت لمعارضي فلسفة اللغة العادية وفي هذه الفترة نال راسل وسام الإستحقاق وحاز في العام التالي على جائزة نوبل للأدب وحين منح وسام الإستحقاق كان الملك جورج السادس ودودا ولكنه كان أيضا محرجا قليلا لتكريم سجين سابق .


وبداية من عقد الخمسينيات ومرورا بالستينيات قضى راسل وقته في خدمة قضايا سياسية متنوعة وتحديدا نزع الأسلحة النووية ومعارضة الحرب في فيتنام وكان بيان راسل آينشتاين الصادر في يوم 9 يوليو عام 1955م عبارة عن وثيقة تدعو إلى نزع الأسلحة النووية وقد أشار هذا البيان إلي مخاطر هذا النوع من الأسلحة ودعا قادة العالم لبحث حلول سلمية للنزاعات الدولية ووقع عليه أحد عشر عالما ومفكرا كان من أهمهم البرت آينشتاين الذي وصلته مسودة هذا البيان قبل أيام من وفاته من قبل بيرتراند راسل يدعوه إلى التوقيع عليه في حالة موافقته على المحتوى وكان العالم الفيزيائي البريطاني البولندى جوزيف روتبلت أصغر العلماء الذين وقعوا على هذا البيان والذى ترأس بعد ذلك مؤتمر باجواش للعلوم والشؤون الدولية لفترة طويلة وهو منظمة دولية تحاول جمع علماء الدين والشخصيات العامة من أجل العمل على التقليل من مخاطر النزاعات المسلحة وإيجاد حلول لتهديدات الأمن العالمي وقد تم تأسيسها عام 1957م من قبل جوزيف روتبلت وبيرتراند راسل في باجواش بكندا بعد نشر بيان راسل آينشتاين المشار إليه في السطور السابقة وفي عام 1995م تم منح جائزة نوبل للسلام للمنظمة ولرئيسها جوزيف روتبلت لعملهما على نزع السلاح النووي وعلاوة علي ذلك وجه راسل العديد من الخطابات إلى زعماء العالم خلال هذه الفترة بخصوص هذا الأمر وأصبح راسل من يومها بطلا في نظر العديد من شباب اليسار الجديد وكان هو أول من تلقى جائزة القدس عام 1963م وهي جائزة تمنح للكتاب المعنيين بحرية الفرد في المجتمع وقام راسل بتمزيق بطاقة عضويته في حزب العمال البريطاني في شهر أكتوبر عام 1965م خشية قيام الحزب بإرسال الجيش إلى فيتنام دعماً للولايات المتحدة الأميريكية وقام راسل بنشر سيرته الذاتية في ثلاثة مجلدات في عام 1967م وعام 1968م وعام 1969م وفي يوم 23 نوفمبر عام 1968م كتب راسل إلى التايمز قائلا إن التحضير من أجل المحاكم الصورية في دولة تشيكوسلوفاكيا كان مقلقاً للغاية وفي الشهر نفسه ناشد راسل يوثانت الأمين العام للأمم المتحدة لدعم لجنة جرائم حرب دولية للتحقيق في جرائم الولايات المتحدة في جنوب فيتنام وفي الشهر التالي إحتج لاليكسي كوسجين رئيس الوزراء السوفيتي على طرد الكاتب الروسي المعروف الكسندر سلوزنستن من إتحاد الكتاب .


وكان لراسل موقف تجاه القضية الفلسطينية ففي مقالة بعنوان عن إسرائيل والقصف كُتبها في عام 1970م قبل وفاته بأيام قليلة قال راسل إن مأساة شعب فلسطين هي إعطاء بلادهم بقوة خارجية لشعب آخر من أجل بناء دولة جديدة وإلى أي حد سيتحمل العالم رؤية هذه المشاهد من القسوة الوحشية إنه واضح بما فيه الكفاية أن اللاجئين لهم كل الحق في أرض وطنهم من حيث تم إستياقهم وإنكار هذا الحق هو جوهر الصراع الدائم ولا يوجد شعب في العالم في أي مكان يمكن أن يتقبل طرد الناس بأعداد كبيرة من بلادهم وكيف يستطيع أي شخص أن يجعل الفلسطينين أن يقبلوا بعقابٍ لا يتسامح فيه أي شخص وإن التوصل لتسوية دائمة عادلة للاجئين في وطنهم يعد عنصر أساسي لأي تسوية حقيقية في الشرق الأوسط ولقد قيل لنا مرارا وتكرارا إنه يجب التعاطف مع إسرائيل وذلك بسبب معاناة اليهود في أوروبا على أيدي النازيين بينما ماتفعله إسرائيل اليوم لا يمكن التغاضي عنه ولإثارة أهوال الماضي لتبرير أهوال الحاضر فهو نفاق عظيم ولا يجب أن تحكم إسرائيل عدد كبير من اللاجئيين البائسين بالحكم العسكري وكل من يريد أن يرى نهاية سفك الدماء في الشرق الأوسط يجب أن يؤكد أن أي تسوية لاتحتوي على بذور صراع مستقبلي تتطلب العدالة خطوة أولى تجاه تسوية وبالتأكيد هي تكون بالتراجع الإسرائيلي من كل الأراضي المحتلة في شهر يونيو عام 1967م وإن حملة عالم جديد مطلوبة لتساعد في جلب العدالة للذين يعانون منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط وفي يوم 31 يناير عام 1970م أصدر راسل بيانا يدين العدوان الإسرائيلي في الشرق الأوسط داعيا إلى إنسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967م وكان هذا البيان أخر موقف سياسي لراسل إذ توفي بعد ذلك بيومين فقط .


وعن الحياة الشخصية لراسل ففي يوم 13 ديسمبر عام 1894م كان قد تزوج من إبنة صديقه الأميريكي اليس بيرسال سميث خريجة كلية براين مور بالقرب من فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة خلافاً لرغبة جدته وقد بدأ زواجهما بالإنهيار عام 1901م عندما خطر لراسل أثناء ركوبه الدراجة أنه لم يعد يحب زوجته وسألته إن كان يحبها وأجابها بالنفي وإنفصلا بعد ذلك دون طلاق إلي أن تطلقا أخيرا في شهر سبتمبرعام 1921م بعد فترة طويلة من الإنفصال ولم يسفر هذا الزواج عن إنجاب أطفال وخلال هذه الفترة خاض راسل علاقات عاطفية عدة وأحيانا في نفس الوقت مع عدد من النساء منهن الليدي أوتلين موريل والممثلة الليدي كونستنس ماليسون وفي نفس الشهر الذى طلق فيه اليس وفي يوم 27 سبتمبر عام 1921م تزوج راسل بدورا بلاك وهي مؤلفة بريطانية وداعمة لحقوق المرأة والحقوق الإجتماعية ولدى زواجهما كانت دورا حاملا منه في شهرها السادس وولد إبنهما الأكبر جون كونراد راسل إيرل راسل الرابع في يوم 16 نوفمبر عام 1921م كما أنجبا فتاة إسمها كاترين جين راسل في يوم 29 ديسمبر عام 1923م وإنتهى زواجهما بالطلاق عام 1935م وتزوج راسل بعد ذلك من مربية أطفاله باتريسيا سبينس وعقد قرانهما في مكتب توثيق عقود الزواج في ميدهورست في يوم 18 يناير عام 1936م وأنجب منها إبنًا واحدا هو كونراد سيباستيان روبرت راسل إيرل راسل الخامس الذي اصبح مؤرخًا هاما وشخصية قيادية في الحزب الديمقراطي الليبرالي وإنفصل الإثنان عام 1949م وتم طلاقهما عام 1952م وفي شهر ديسمبر عام 1952م تزوج إيديث فينش وكان زواجا سعيدا وبقيا سويا حتى وفاته في يوم 2 فبرايرعام 1970م عن عمر يناهز 98 عاما في منزله في بلاس بينرهن في ويلز وأحرقت رفاته في يوم 5 فبراير عام 1970م وحسب وصيته لم تقم إحتفالية دينية ونثر رماده على الجبال الويلزية لاحقاً في نفس العام وفي عام 1980م وبعد حوالي 10 سنوات من وفاته أقيم نصب تذكاري تكريما له يتألف من تمثال نصفي نحته المثال مارسيل كوينتن وتم وضعه في ميدان ريد ليون في لندن هذا وكان لراسل العديد من الأقوال التى رددها في مناسبات مختلفة نذكر منها :-


-- الخمول شكل من أشكال الإنتحار .
-- سِر السعادة هو تقبل حقيقة أن العالم بشع .
-- التحديات هي التي تجعل الحياة مثيرة والتغلب عليها هو ما يجعل الحياة ذات معن
-- مهما كانت الصعوبات التي تمر بها تذكر أنه وقت وسوف يمضي .
-- قد لا نستطيع إصلاح كل شيء لكن نستطيع أن نبتعد عن كل ما يعكر مزاجنا ويؤذينا .
-- يسعى الإنسان دوماً إلى السعادة وفي طريقه إلى ذلك يحتاج إلى ثلاثة أشياء الأمل والمغامرة والتغيير .
-- يقال إن الإنسان حيوان عاقل وطوال حياتي كُنت أبحث عن البراهين التي تثبت ذلك .
-- هناك أوقات تشعر أن ما من شيء يجعلك أفضل إلا ما تقدمه لنفسك لا حب الآخرين وإهتمامهم
-- الدنيا مسرح كبير أسوأ ما فيه أشخاص يمثلون الإهتمام عندما يريدون شيء منكم .
-- لا أخشى فراق أحد أبدا من يرحل اليوم يأتي من هو أجمل منه غدا .
-- أحياناً شيء صغير تسعد فيه شخص يعني له الكثير وأنت لا تعلم .
-- يمكن أن تكون المجتمعات جاهلة ومتخلفة والأخطر أن ترى جهلها مقدسا .
-- إن شعرت بأن سفينتك تغرق قد يكون هذا هو الوقت المناسب للتخلص من الأشياء التي تثقلها .
 
 
الصور :