الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

هيروهيتو.. وأطول فترة حكم في تاريخ اليابان
-ج2-

هيروهيتو.. وأطول فترة حكم في تاريخ اليابان
-ج2-
عدد : 02-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى

وبعد معركة ميدواي والتي وقعت خلال الفترة من يوم 7 أغسطس عام 1942م وحتي يوم 9 فبراير عام 1943م بدأت حملة سميت حملة جزيرة جوادالكانال كانت جزء من خطة إستراتيجية قامت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها لحماية الطرق البحرية بين الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وأثناء هذه الحملة وفي خلال يوم 24 ويوم 25 أغسطس عام 1942م قامت معركة أخرى لحاملات الطائرات بين بحرية الولايات المتحدة والبحرية اليابانية في منطقة جزر سليمان بالمحيط الهادى إستنزفت خلالها البحرية اليابانية وكان هذا الإستنزاف المتتابع للقوة البحرية اليابانية سببا رئيسيا أضعف قدرات اليابان على شن هجمات كبرى خاصة أنه بعد ذلك لم يكن بإستطاعة برامج بناء السفن وتدريب الطيارين اليابانية أن تستمر بنفس السرعة في تعويض خسائرها المتزايدة بينما إستطاعت الولايات المتحدة بثبات أن تزيد من إنتاجها في كلا المجالين وقد إستمرت بعد ذلك الغارات الأميريكية علي اليابان بشكل دائم وكما توقع قائد عملية بيرل هاربور الأميرال إيسوروكو ياماموتو عند دخول بلاده الحرب ضد الولايات المتحدة الأميركية وتحقيق الإنتصار قي بيرل هاربور بأن تفوق اليابان بالمحيط الهادى سيستمر لمدة ستة أشهر أو عام على أقصى تقدير وأن هزيمة بلاده ستكون حتمية بداية من العام الثاني للحرب وأعلن لمساعديه أن اليابان قد أيقظت وحشا نائما لتمنحه سببا شرعيا لتدميرها وفي هذا الأمر لم يكن الأميرال ياماموتو مخطئا وفي يوم الثامن عشر من شهر أبريل عام 1943م تمكنت الطائرات الأميريكية ضمن سلسلة الغارات التي شنتها علي الأهداف اليابانية خلال عملية الإنتقام لهزيمتها في عملية بيرل هاربور من وضع حد لحياة ياماموتو عقب إستهداف الطائرة التي كانت تقله قرب جزيرة بوجاينفيل التابعة لغينيا الجديدة والتي تقع في النصف الشرقي منها وتم منح ياماموتو كثيرا من الأوسمة الرفيعة الوطنية منها والأجنبية بما في ذلك وسام الصليب الحديدي الألماني مع أنه لم يكن يثق بالألمان .

ومع نهاية عام 1944م كان واضحا أن اليابانيين يسيرون نحو الهزيمة في الحرب في جبهة المحيط الهادى كما تمكنت حرب العصابات التي شنتها قوات المقاومة بالجزر الفلبينية من منحها السيطرة على 60% من الجزر معظمها من مناطق الغابات والجبال وساعدهم في ذلك الجنرال دوجلاس ماك آرثر حيث أرسل لها تعزيزات وضباط والذى كان قد عاد إلي الفلبين في شهر مايو عام 1942م وأمضى العامين ونصف العام التاليين بقيادة حملة ضد اليابانيين في المحيط الهادى وكانت إستراتيجيته في هذه الحملة تعتمد على الإنقضاض على الجزر الفلبينية التي تحتلها اليابان الواحدة تلو الأخرى وصولا إلى الجزر اليابانية نفسها وبإتباعه هذه الإستراتيجية تمكن في يوم 20 أكتوبر عام 1944م من إنزال قوة مؤلفة من 700 سفينة وعدد 174 ألف مقاتل في جزيرة ليتي والتي تمكنت من تحريرها في شهر أكتوبر عام 1944م وبذلك أوفي الجنرال ماك آرثر بوعده وبحلول شهر ديسمبر عام 1944م تم تطهير جزر ليتي وميندورو من الجنود اليابانيين ووقتها قال الجنرال ماك آرثر لقد عدت وبفضل الله وقفت قواتنا مرة أخرى على التربة الفلبينية ونظرا لما فعله الجنرال ماك آرثر فقد بقي الفلبينيون موالين للولايات المتحدة ويرجع ذلك جزئيا إلى ضمان الأميريكيين لهم إستقلالهم بعد الإنتصار علي اليابانيين وطردهم من البلاد وأيضا لأن اليابانيين قد أساءوا معاملة الفلبينيين وضغطوا على أعداد كبيرة من الفلبينيين والفلبينيات وأجبروهم علي العمل في خدمتهم وكان من أسوأ ما فعلوه أنهم أجبروا الكثير من الفتيات الصغيرات علي العمل في بيوت الدعارة وخلال هذه الحملة قام الجيش الإمبراطوري الياباني بعمل دفاعات إنتحارية بالجزر الفلبينية وكانت نتيجة المعارك التي قامت بين الطرفين أن تحولت بعض المدن الفلبينية مثل العاصمة مانيلا إلى ركام حيث وقعت بها معركة طاحنة إستمرت حوالي شهر ما بين يوم 3 فبراير ويوم 3 مارس عام 1945م وتسببت أعمال القتال فيها خلال هذا الشهر في دمار شامل للمدينة حيث كان هذا الشهر عبارة عن حمام دماء كما كان المكان مسرح لأسوأ قتال في تاريخ حضارة المحيط الهادى وفي النهاية إستطاع الجنرال دوجلاس ماك آرثر أن يدحر القوات اليابانية وأن يستولي على المدينة ومما يذكر انه خلال فترة الإحتلال الياباني للفلبين والتي إمتدت إلي حوالي 3 سنوات توفي حوالي نصف مليون فلبيني .

ومع سلسلة الغارات التي شنتها الولايات المتحدة علي اليابان والإنتصارات التي حققتها عليها فإن ذلك لم يكن كافيا لها لكي تشفي غليلها منها نتيجة الهزيمة في بيرل هاربور فقد كانت الرغبة في الإنتقام بعد هذه الضربة الموجعة هي المسيطرة على كل من الشعب والقيادة الأميريكية وبعد رفض اليابان للإستسلام كانت مجزرتا هيروشيما وناجازاكي النوويتان التي إرتكبها الأميريكيون تحت ذريعة هزيمة بيرل هاربور وكانت خطة الرئيس الأميريكي روزفلت تقضي بإستدراج قسم كبير من البحرية اليابانية إلى عمق المحيط الهادي لإلقاء درس نووي عليها يقنع اليابان بالإنسحاب من الحرب إلى جانب هتلر وبذلك يكون قد حيد اليابان بعد هزيمتها من جهة وإفقاد هتلر حليفا أساسيا من جهة أخرى غير أن الرئيس روزفلت توفي في شهر أبريل عام 1945م قبل نجاح تجارب إنتاج القنابل النووية التي كان سيضرب بها الأسطول الياباني وخلفه الرئيس هاري ترومان الذى كان أشد إنتقاما من سلفه والذي لم يتردد لحظة أمام الخيار النووي وقامت الولايات المتحدة بإسقاط قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناجازاكي في يوم 6 ويوم 9 أغسطس من عام 1945م وأحدثت القنبلتان دمارا وخرابا واسعا أدى إلى مصرع مئات الألوف من اليابانيين إلي جانب المعاناة من آثارهما حتي الآن وصرح الرئيس الأميريكي هارى ترومان عشية مجزرة المجازر هيروشيما بأننا نحقق الثأر الأميريكي الذي طال إنتظاره منذ عملية بيرل هاربور وعند هذا الحد أرغم الإمبراطور هيروهيتو في بث إذاعي في يوم 15 أغسطس عام 1945م أن يعلن عن إستسلام دولة اليابان للحلفاء دون قيد أو شرط وفي يوم 2 سبتمبر عام 1945م قبل الجنرال الشهير دوجلاس ماك آرثر قائد القوات الأميريكية في جبهة المحيط الهادى رسميا إستسلام اليابان على متن السفينة ميسوري في خليج طوكيو وكان علي وشك إتخاذ قرار بغزوها ومن ثم بدأ الإحتلال الأميريكي لليابان وتم تعيينه حاكما لها ومع إستسلام اليابان للحلفاء تم أيضا إنتهاء الاحتلال الياباني لشبه الجزيرة الكورية وبعد ذلك بعام ألقى الإمبراطور الياباني هيروهيتو خطابا ثانيا أعلن فيه تخليه عن الألوهية الإمبراطورية بعد أن تم تحميله مسؤولية الحرب ومن ثم تحول ليصبح رئيسا للبلاد بدون قداسة وبدأ يعمل جاهدا على إعادة إعمار بلاده بعد الحرب وقام بالعديد من الجهود والزيارات الخارجية لتحسين صورة اليابان وعلاقاتها الدبلوماسية من جديد لكن حتى اليوم لا يزال إسمه مرتبطا بالعديد من جرائم الحرب الوحشية والإبادات والفظائع التي إرتكبها اليابانيون في الصين وشبه الجزيرة الكورية والفلبين أثناء إحتلال اليابان لها وعموما فخلال الفترة من عام 1945م وحتي عام 1951م أشرف القائد الأميريكي دوجلاس ماك آرثر على تسريح القوات العسكرية اليابانية بنجاح فضلا عن إستعادة الإقتصاد وصياغة دستور جديد للبلاد وتنفيذ العديد من الإصلاحات الأخرى وقد إحترم اليابانيون قدرات الجنرال ماك آرثر وخاصة عندما ضغط على الإمبراطور الياباني هيروهيتو وحكومته لتنفيذ العديد من الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية .

وفي ستينيات وسبعينيات القرن العشرين الماضي إستطاعت اليابان أن تحقق معجزة إقتصادية جبارة وكانت على وشك التغلب على الولايات المتحدة من حيث القوة الإقتصادية والتقدم الصناعي والتكنولوجي بعدما قضت الحرب علي العديد من المكاسب التي حققتها اليابان منذ عام 1868م في عهد الإمبراطور ميجي والذى تولي الحكم في عام 1867م وإتبعت حكومته سياسة توفير الظروف الإقتصادية الجيدة التي تجعل الأعمال تزدهر وبإختصار كانت الحكومة موجه والمشاريع هي المنتجات حيث تبنت الحكومة إنشاء وتأسيس العديد من المصانع والسفن وبيع جزء من قيمتها لرجال الأعمال ونمت العديد من الشركات التي تملكت هذه المشاريع بسرعة كما قامت الحكومة بالترويج لهذه الشركات الخاصة وسنت العديد من القوانين الخاصة بها وتطوير العمل المصرفي والإعتماد على التمويل المصرفي في محور التنمية الإقتصادية اليابانية مما أدى إلي طفرة إقتصادية كبيرة إستمرت لمدة أكثر من 75 عاما حينما تعرضت اليابان للهزيمة في الحرب العالمية الثانية حيث تم تدمير حوالي 40٪ من المنشآت الصناعية في البلاد ومرافق البنية التحتية وعاد الإنتاج إلى مستويات متدنية لم تشهدها البلاد منذ أكثر من 15 عاما وصدم الشعب الياباني صدمة شديدة من الدمار والخراب الذى حاق بالبلاد ولم يستسلم الشعب الياباني لهزيمته ودمار بلاده لكنه إنتفض لكي ينفض عن كاهله هذا الخراب والدمار وتم تجهيز مصانع جديدة مع أفضل الآلات الحديثة ومن ثم إمتلكت اليابان ميزة تنافسية على منتجات الدول المنتصرة التي كانت تمتلك حينذاك مصانع أقدم كما إنضم إلي القوى العاملة الملايين من الجنود السابقين والذين تلقوا تدريبا وتعليما عاليا وعلي الرغم من أن اليابان قد فقدت مستعمراتها نتيجة هزيمتها في الحرب العالمية الثانية إلا أنه منذ ذلك الحين نجد أن اليابان قد مدت نفوذها الإقتصادي في جميع أنحاء قارة آسيا ومنها إلي شتي أنحاء العالم وبإختصار فقد أدى إحتلال الولايات المتحدة لليابان لمدة 6 سنوات تقريبا إلي إعادة بناء الوطن وإقامة دولة ديموقراطية حديثة وبلغ مجموع المساعدات الأميريكية لها نحو 1.9 مليار دولار خلال فترة الإحتلال بما يساوي حوالي نسبة 15٪ من واردات البلاد ونسبة 4٪ من الناتج القومي الإجمالي في تلك الفترة وكان نحو نسبة 59٪ من هذه المساعدات في شكل مواد غذائية بما يساوي 1.12 مليار دولار ونسبة 15٪ في المواد الصناعية بما يساوى 285 مليون دولار ونسبة 12٪ في معدات النقل بما يساوى 228 مليون دولار وتدريجيا قلت المساعدات الأميريكية بداية من منتصف عام 1950م وأخيرا فقد إستفاد الإقتصاد الياباني من التجارة الخارجية لأنها كانت قادرة على توسيع صادراتها بسرعة كافية لدفع ثمن واردات المعدات والتكنولوجيا من دون الوقوع في مستنقع الديون وبإختصار يمكننا القول بأنه قد تم التركيز في السنوات الأولي بعد الحرب لإعادة بناء القدرات الصناعية المفقودة ومن ثم تم توجيه إستثمارات كبيرة في مجال الطاقة الكهربائية والفحم والصلب والمواد الكيميائية وعلاوة علي ذلك فقد تم أيضا التركيز في عمليات الإصلاح الزراعي لكي تنتج البلاد حاجتها من المحاصيل الغذائية .

وبحلول منتصف عام 1950م بلغت مستويات الإنتاج إلي مستويات ما قبل الحرب وتخلصت الحكومة اليابانية من هيمنة الجيش عليها وتدريجيا تجاوز الإقتصاد الياباني معدلات النمو في فترات سابقة وخلال الفترة من عام 1953م وعام 1965م حقق معدل النمو الإقتصادى السنوي نسبة عالية تعدت نسبة 9٪ سنويا ونمو الصناعة التحويلية والتعدين نسبة 13٪ والبناء نسبة 11٪ والبنية التحتية نسبة 12٪ وفي عام 1965م إستخدمت هذه القطاعات أكثر من 41٪ من القوى العاملة في حين لم يبق سوى 26٪ في الزراعة وعلاوة علي ذلك فقد ساهم نظام التعليم في اليابان ما بعد الحرب بقوة في عملية التحديث وكان تطبيق أعلي المعايير العالمية في تعليم القراءة والكتابة وفي التعليم قبل الجامعي والجامعي من الأسباب الرئيسية لنجاح اليابان في تحقيق إقتصاد متطور من الناحية التكنولوجية كما شجعت المدارس اليابانية الإنضباط وأخلاق العمل لدى الطلاب وهي فائدة أخرى في تشكيل قوة عمل فعالة وفي منتصف الستينيات من القرن العشرين الماضي بدأت مرحلة جديدة في التنمية الصناعية وإنطلق الإقتصاد الياباني إلي ميدان المنافسة الدولية في بعض الصناعات وتم تطوير صناعاتها الثقيلة والكيماوية وفرضت هذه المنتجات مثل السيارات والإلكترونيات والسفن والآلات نفسها في السوق الياباني والأسواق الخارجية وفي الوقت نفسه حافظت صناعات المنسوجات والصناعات الخفيفة بوجه عام على ربحيتها دوليا وبسبب ذلك نمت القيمة المضافة للصناعة والتعدين بمعدل 17٪ سنويا بين عام 1965م وعام 1970م ووصل معدل النمو الإقتصادى السنوى إلى 8% وكان تقريبا متساويا بين قطاع الصناعات و قطاع الخدمات مثل تجارة التجزئة والتمويل والعقارات وتقنية وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الخدمية الأخرى التي بسطت وتوسعت عملياتها خلال الفترة بين عام 1970 وعام 1973م ومما يذكر أن اليابان قد واجهت تحديا إقتصاديا حادا بداية من شهر أكتوبر عام 1973م عندما قررت الدول العربية المنتجة للبترول وقف تصديره للدول الغربية إبان فترة حرب السادس من أكتوبر عام 1973م مما سبب هزة شديدة في إقتصادها الذي كان يعتمد على النفط المستورد ولذا فقد شهدت اليابان أول تراجع بعد الحرب العالمية الثانية في الإنتاج الصناعي جنبا إلى جنب مع تضخم حاد في الأسعار .

وبسبب محاولة الحفاظ على النمو الصناعي في مواجهة إرتفاع تكاليف الطاقة المطلوبة حدثت تحولات في الهيكل الصناعي الياباني حيث بدأت اليابان في البحث عن مصادر بديلة للنفط وعلى الرغم من أن تكاليف الإستثمار في الطاقة البديلة للنفط مرتفعة بالنسبة للعديد من الصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقة إلا أن اليابان قد بدأت بنجاح في تخفيض إعتمادها على النفط ومن جانب آخر فقد أدى التقدم في الصناعات الدقيقة وأشباه الموصلات إلي نمو صناعات جديدة في مجال الإلكترونيات الإستهلاكية وأجهزة الكمبيوتر وكانت النتيجة الصافية لهذه التعديلات زيادة كفاءة إستخدام الطاقة في الصناعات التحويلية ومن ثم حدثت تغييرات في هيكلة الاقتصاد الياباني وكانت النتيجة تحقيق نضوج في الإقتصاد بحلول عام 1980م وحقق معدلات نمو سنوية قدرها حوالي 6% وإن كان هذا المعدل أقل من المعدلات السابقة إلا أنه كان معدل متميز في عالم كانت تكلفة النفط فيه عالية وفي بلد يمتلك موارد طبيعية قليلة وفي أواخر الثمانينيات من القرن العشرين الماضي بلغ متوسط نمو الإقتصاد الياباني 5% وكان هذا المعدل أعلى من معدل النمو في الولايات المتحدة وعلى الرغم من المزيد من الزيادات في أسعار النفط في عام 1979م كانت قوة الإقتصاد الياباني واضحة وحالت دون إرتفاع معدل التضخم التي تضررت منها الدول الصناعية الأخرى وقد شهدت اليابان تباطؤ في معدل النمو في منصف الثمانينيات لكن مع حلول أواخر الثمانينيات وفي أواخر عهد الإمبراطور هيروهيتو عاد الاقتصاد الياباني إلي إزدهاره من جديد في العديد من القطاعات الصناعية التي كانت قد تعثرت في السابق هذا وقد خضع الإمبراطور هيروهيتو لجراحة ناجحة في البنكرياس في شهر سبتمبر عام 1987م بعد تشخيصه بالسرطان بعدها بعام بدأت صحته في التدهور وعانى من نزيف داخلي ليلفظ أنفاسه الأخيرة في يوم 7 يناير عام 1989م عن عمر يناهز 87 عاماً وأُقيمت جنازته في يوم 24 فبراير عام 1989م وحضرها العديد من قادة العالم ودفن إلى جانب والده في المقبرة الإمبراطورية وتم تنصيب إبنه آكيهيتو كإمبراطور للبلاد وليصبح الإمبراطور رقم 125 لدولة اليابان وفقا للترتيب التقليدي للخلافة في اليابان والذى إستمر في منصبه حتي تخليه عن العرش في يوم 30 أبريل عام 2019م بسبب تقدم عمره وتدهور حالته الصحية وبذلك كان هو أول إمبراطور ياباني يتنازل عن العرش منذ قرابة 200 سنة وأصبح يحمل لقب الإمبراطور الفخري لليابان وخلفه على العرش إبنه الأكبر الإمبراطور ناروهيتو ليصبح الإمبراطور رقم 126 لدولة اليابان .

وجدير بالذكر أن دولة اليابان تربطها بمصر علاقات قوية ودائما ما تقف اليابان إلي جوار مصر في مجال تصميم وتنفيذ العديد من المشاريع القومية الكبرى ففي عهد الإمبراطور هيروهيتو تم تشييد دار الأوبرا المصرية الجديدة بالجزيرة أو المركز الثقافي القومي بمنحة من الحكومة اليابانية لنظيرتها المصرية كبديل عن دار الأوبرا القديمة وتم البناء بالتنسيق مابين هيئة التعاون العالمية اليابانية JICA وبين وزارة الثقافة المصرية وتم الإتفاق بين الجانبين علي أن يكون البناء علي الطراز الإسلامي في مواجهة كوبرى قصر النيل علي الجزء الجنوبي من جزيرة الزمالك النيلية بالقاهرة للقادم من إتجاه ميدان التحرير وفي المسافة بينه وبين كوبرى الجلاء مكان أرض المعارض القديمة وقد تم إفتتاحها يوم 10 أكتوبر عام 1988م وعلاوة علي ذلك فبعد وفاة الإمبراطور هيروهيتو وفي عهد إبنه أكيهيتو وفي زيارة للرئيس الأسبق حسني مبارك إلي اليابان عام 1995م تم الإتفاق مع الجانب الياباني علي المشاركة في تمويل وتنفيذ مشروع كوبرى السلام المعلق أعلي قناة السويس ليكون ثمرة من ثمرات التعاون بين الدولتين الصديقتين مصر واليابان في شتي المجالات مع إتخاذ كافة الإحتياطات اللازمة لضمان سلامة تصميم وتنفيذ وتشغيل المشروع مع إستخدام أعلي تكنولوجيا وتقنية متاحة في العالم في هذا المجال مع إضفاء لمسة جمالية علي الشكل النهائي للكوبرى تشير إلي عظمة ومجد الحضارة المصرية القديمة ولذلك تم تصميم الأبراج الرئيسية للكوبرى علي شكل مسلات فرعونية مستوحاة من التاريخ المصرى القديم وقد تم تثبيت لوحة علي الجزء الأوسط من الكوبرى مرسوم عليها علما مصر واليابان ولا ننسي أيضا مساهمة دولة اليابان في تشييد مشروع المتحف المصرى الكبير بالهرم حيث ساهمت دولة اليابان بمبلغ وقدره 300 مليون دوﻻر في تكلفة هذا المشروع كقرض ميسر وعلاوة علي ماسبق كان ولي عهد اليابان السابق الأمير الراحل تاكامادو من عشاق ممارسة هواية مراقبة الطيور وظل لعدة سنوات يكرر زيارته لمحمية سالوجا وغزال بأسوان حتي أصبح وجوده فيها يمثل نوعا من العلاقة الخاصة بينه وبين هذه المحمية وعقب وفاته في عام 2003م حرصت اليابان في عام 2009م علي المساهمة في إقامة مركز بالمحمية تمت تسميته مركز زوار الأمير تاكامادو تخليدا لذكراه وهو يعد أيضا رمزا لمجهودات جمعية الصداقة المصرية اليابانية في حماية البيئة هذا وتحرص زوجة الأمير الياباني الراحل علي زيارة المحمية وممارسة الهواية التي كان يمارسها زوجها وكما تقول دائما إنها تفعل ذلك وفاءا لزوجها الراحل وأيضا من أجل تدعيم العلاقات المصرية اليابانية ورفع الوعي البيئي لدى جموع المصريين وأيضا من أجل وضع محمية سالوجا وغزال علي الخريطة السياحية العالمية كمزار سياحي متميز بوجه عام ومن أجل جذب هواة سياحة مراقبة الطيور إلي تلك المحمية بوجه خاص ولايسعنا هنا إلا تقديم الشكر لشعب وحكومة وإمبراطور اليابان فلهم جميعا منا كل الشكر والتقدير والإحترام .


تابع الجزء الاول من المقال عبر الرابط التالى:

http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=43763