الجمعة, 19 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تعرف على جلاد براج

تعرف على جلاد براج
عدد : 03-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى


راينهارد هايدريش تريستان يوجين كان من كبار الشخصيات الألمانية في المانيا النازية الرسمية خلال الحرب العالمية الثانية وكان يعد ثانى اقوى رجالات الزعيم الألماني أدولف هتلر بعد هاينريش هيملر والذى أطلق عليه لقب صاحب القلب الحديدى أو جلاد براج كما انه كان أيضا واحدا من أبرز مهندسي المحرقة النازية المعروفة باسم الهولوكوست والقائد العام للبوليس ورئيس مكتب أمن الرايخ العام بما في ذلك الجستابو والبوليس الجنائى ووكالة إستخبارات الرايخ وخدم أيضا كرئيس لمنظمة الإنتربول الدولية والإسم الكامل لها هو منظمة الشرطة الجنائية الدولية وكانت قد أنشئت في عام 1923م وتتكون من قوات الشرطة لعدد 194 دولة ومقرها الرئيسي حاليا في مدينة ليون بفرنسا وعلاوة علي ما سبق فقد ترأس هايدريش مؤتمر وانسيي الذى تم عقده بضاحية وانسيي بالعاصمة الألمانية برلين في يوم 20 من شهر شهر يناير عام 1942م وقد ضم هذا المؤتمر المسئولين الكبار بحكومة المانيا النازية حينذاك حيث ضم ممثلين عن دار المستشارية ومختلف الوزارات الحكومية مثل وزارات الخارجية والعدل والإقتصاد وأيضا ممثلين عن الوحدة الوقائية المعروفة باسم الإس إس والجستابو ووزارة المناطق الشرقية المحتلة وكان الهدف من عقده بحث تنسيق وتعاون مختلف إدارات الحكومة النازية وأجهزتها التنفيذية لتنفيذ بنود ما سمى وقتها بالحل النهائى للمسألة اليهودية وشرح هایدریش خلال هذا المؤتمر هذه البنود والتي شملت ملامح خطته لتجميع اليهود من كل مناطق أوروبا المحتلة ثم إرسالهم إلى معسكرات الإبادة في الشرق فيما عرف بإسم الحكومة العامة وهي المنطقة الوسطي من بولندا المحتلة حيث يتم قتلهم هناك وكان قد تم تقنين التمييز ضد اليهود والذي كان منتشرا بأغلب نواحى دول قارة أوروبا في ذلك الوقت بصورة غير قانونية مباشرة عقب إستيلاء النازيين على الحكم في المانيا في يوم 30 يناير عام 1933م حيث منع قانون إستعادة الخدمة المدنية الصادر في يوم 7 أبريل من نفس العام المذكور أغلب اليهود من العمل في مجال القانون ووظائف الخدمة المدنية كما حرم تشريع لاحق مشابه اليهود من حق ممارسة العمل في مجالات وتخصصات أخرى كما إستخدم النظام الحاكم العنف والضغوط الإقتصادية لحث اليهود على مغادرة البلاد طوعا وحرمت الشركات اليهودية من الوصول للأسواق و منعت من الدعاية في الصحف كما حرمت من الحصول على العقود الحكومية وتم التضييق على المواطنين اليهود وتعرضت متاجرهم للمقاطعة والهجمات العنيفة ومع بداية الحرب العالمية الثانية في شهر سبتمبر عام 1939م كان قد هاجر خارج المانيا حوالى 250 ألف من أصل يهود المانيا الذين كان قد وصل تعدادهم إلى 437 ألف نسمة إلى الولايات المتحدة وفلسطين وبريطانيا وعدة دول أخرى وقد بدأ التخلص من اليهود فعليا بالقتل عقب الغزو الألماني لبولندا في الأول من شهر سبتمبر عام 1939م في بداية الحرب العالمية الثانية ثم إستمرت عمليات قتل اليهود وإبادتهم وإزدادت وتيرتها عقب الغزو الألماني للإتحاد السوفيتى في شهر يونيو عام 1941م وفي يوم 31 يوليو عام 1941م أصدر هيرمان جورينج والذى كان يعد الرجل الأول من رجال الزعيم الألماني أدولف هتلر تفويضا مكتوبا لهایدریش لإعداد خطة لحل شامل للمسألة اليهودية في المناطق الخاضعة للحكم الألماني مثل بولندا وتشيكوسلوفاكيا والنمسا وفرنسا وهو ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر وانسيي المشار إليه في السطور السابقة .

ولد راينهارد هايدريش في يوم 7 مارس عام 1904م وعند إندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914م كان صغيرا علي التطوع في الجيش الألماني لكنه تطوع بعد ذلك في الجناح الأيمن العسكري المعارض للشيوعيين إضافة إلى تطوعه في منظمة معادية للسامية علي الرغم من وجود شائعات عن أن له أصول يهودية وفي عام 1922م وكان عمره 18 عاما إلتحق بالمدرسة البحرية بالقاعدة العسكرية البحرية بميناء ومدينة كييل عاصمة ولاية شليسفيش هولشتاين إحدى ولايات المانيا الستة عشر حاليا والتي تقع شمالي المانيا قرب قناة كييل التي تصل بين بحر البلطيق وبحر الشمال وضمن بذلك دراسة مجانية ومعاش مضمون فيما بعد لكنه تعرض لمضايقات بسبب شائعات عن أصوله اليهودية وفي عام 1926م تمت ترقيته ليصبح أعلى من مرؤوسيه الذين عاملوه بسوء فجاء وقت الإنتقام حيث عاملهم بخسة ووضاعة وفي عام 1931م إلتقى هايدريش بهيرمان جورينج الرجل الثاني بعد هتلر في الحزب النازى واُعجب به وبأفكاره وسرعان ما ألحقه بالحزب وفي ذلك الوقت كان هايدريش عضوا عاديا في الحزب النازي ولكنه قام بتعيين جواسيس تابعين له لتتبع أعداء الحزب والنازيين ذوي الرتب العالية أنفسهم وفي شهر ديسمبر عام 1931م تزوج هايدريش من فون أوستين وفي ذات الوقت أصبح من أكثر القادة النازيين خطورة لأن مصير أعداء الحزب النازي كان تحت رحمته وفي عام 1932م إنتشرت إشاعة بين أعضاء الحزب النازي مفادها أن هايدريش له أصول يهودية واُجري تحقيق في علم الأنساب تم على أثره تأكيد عدم علاقته باليهود والملونين لكن مجرد التلميح أزعج هيملر وأراد صرفه لكن هتلر أكد له أن هايدريش مفيد وأن هذه الأقاويل سوف تشكل ضغطا عليه وتبقيه على مسار وتوجهات الحزب وعند ذلك بدأ هايدريش يفزع كبار النازيين وفي العام التالي 1933م قام هاينريش هيملر وراينهارد هايدريش بالسيطرة على مركز البوليس في مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا كبرى الولايات الألمانية الستة عشر والتي تقع في جنوب شرق المانيا مستعملين تكتيكات تهديدية وتمكنوا من السيطرة على الشرطة في عدد 16 ولاية المانية ولم يتبق إلا شرطة ولاية بروسيا التي سيطر عليها هيرمان جورينج وفي نفس العام 1933م أصبح هتلر مستشارا لالمانيا ولكنه أراد الحصول على مزيد من القوة فضغط على الرئيس الألماني حينذاك بول فون هايندنبيرج لتوقيع حكم قضائي بمنع تأسيس ونشاط الأحزاب ذات المبادئ الشيوعية والإشتراكية وبدأ هايدريش بفهرسة أسماء المخالفين للقانون وإعتقالهم وفي عام 1934م قرر هيرمان جورينج وهاينريش هيملر وضع خلافاتهم جانبا وسلم جورينج سلطة الجستابو لهيملر الذي جعل هايدريش رئيسا له وقررا تنمية قوة الإس إس على حساب الإس إيه التي كان يقودها إرنست روم والذي تم التخلص منه مع أنصاره بعد أن إستطاع الثلاثة جورينج وهيملر وهايدريش تأليب هتلر عليه وإقناعه بأن قوات الإس إيه التي زاد إرنست روم في أعدادها وتدريباتها من الممكن أن تطيح به .

وفي عام 1936م كون هيملر ما أطلق عليه البوليس البلدي والبوليس الجنائي وكان هايدريش يعد مساعدا له حينذاك وفي ليلة 9/10 نوفمبر عام 1938م كان هايدريش أحد منظمي أحداث ليلة الكريستال أو ليلة البللور وهى مذبحة ضد اليهود تم تدبيرها في العديد من مدن المانيا والنمسا التي كانت المانيا قد ضمتها إليها علي رأسها برلين وفرانكفورت وكولونيا وهامبورج وفيينا وكان هايدريش قد ارسل في تلك الليلة برقية لمختلف أجهزة الأمن بضرورة عمل التنسيق فيما بينها أثناء تنفيذ هذه المذبحة وكان جميع رجال الأجهزة الأمنية المشاركة يرتدون الزي الرسمي لكل منها وكانت إدارات مكافحة الحرائق أيضا قد تلقت نفس البرقية لكي تسمح بحرق وتدمير الشركات والمتاجر والمعابد اليهودية ولا تقوم بإخماد النيران فيها وعليها فقط مصادرة جميع المواد الأرشيفية المحفوظة داخلها كما أمرت البرقية بضرورة سرعة القبض علي اليهود الأثرياء بصفة خاصة في جميع المناطق وإستيعابهم في مرافق الإحتجاز القائمة وفورا نفذت هذه العملية وتمت الإعتقالات المطلوبة وكان يجب الإتصال بمعسكرات الإعتقال المناسبة لوضع اليهود في أماكن محددة في أسرع وقت ممكن وقامت أيضا الأجهزة الأمنية بتحريض النازيين على القيام بأعمال عنف ضد اليهود أينما تواجدوا فقاموا بالهجوم على المعابد اليهودية والمتاجر والمحلات التابعة لهم ودمروها وأحرقوها وجدير بالذكر أنه قد أطلق علي هذه الليلة إسم ليلة الكريستال أو ليلة البللور نظرا لكثرة الزجاج الذي تم تحطيمه خلالها خاصة في شارع الكودام الشهير ببرلين وكانت محصلة هذه الليلة سقوط عدد 91 يهوديا قتلي خلال الهجمات والقبض علي أكثر من ثلاثين ألفا تم إرسالهم إلى معسكرات الإعتقال وتخريب وهدم منازل ومستشفيات ومدارس ومنشأت أخرى مملوكة لليهود وحرق أكثر من ألف معبد يهودى منها عدد 95 في العاصمة النمساوية فيينا وحدها فضلا عن تحطيم وتدمير وإتلاف أكثر من 7 آلاف منشأة مملوكة لليهود ومما يذكر أيضا أنه كانت قد إندلعت شرارة هذه الأحداث نتيجة إغتيال الدبلوماسي الألمانى إرنست فوم راث في العاصمة الفرنسية باريس يوم 7 نوفمبر عام 1938م على يد مراهق يهودى بولندى مولود في المانيا يدعى هيرشل جرينزبان ومن ثم بدأت السلطات النازية في إصدار قوانين لسلب أموال وممتلكات اليهود وإبعادهم عن الوظائف والمناصب الحكومية والتعليمية ثم تلا ذلك أحداث ليلة الكريستال والتي يعتبرها الكثير من المؤرخين نهاية للحقبة اليهودية الألمانية وبداية لما عرف باسم حقبة الهولو كوست أو المحرقة النازية الألمانية .

وفي يوم 31 أغسطس عام 1939م دبر هايدريش خطة الذريعة التى من أجلها سيتم غزو بولندا وتجول في الموقع الذي سيتم فيه تنفيذ هذه الخطة وكان على بعد حوالي أربعة أميال من الحدود الألمانية البولندية وكان المنفذون يرتدون الزي البولندي وقام عدد 150 من القوات الألمانية بعدة هجمات على طول الحدود كما قاموا بهجوم وهمي على محطة الإذاعة الألمانية في كلايفتز وكانت هذه هي الذريعة التي إتخذها هتلر مبررا لغزو بولندا وقيام الحرب العالمية الثانية وبناءا على تعليمات هيملر شكل هايدريش وحدات القتل المتنقلة التي أطلق عليها إسم فرق العمل للسفر في أعقاب الجيوش الألمانية في بداية الحرب العالمية الثانية وعقب إجتياح بولندا وإحتلالها وفي يوم 21 سبتمبر عام 1939م أرسل هايدريش رسالة بشأن المسألة اليهودية في الأراضي المحتلة إلى رؤساء جميع وحدات القتل المتنقلة تشمل تعليمات بمحاصرة الشعب اليهودي لوضعهم في أماكن منعزلة وكان البولنديون قد إستبسلوا في القتال ضد الألمان إلا أنه في يوم 28 سبتمبر عام 1939م إستسلمت القوات البولندية في مدينة مودلين ثم إستسلمت العاصمة مدينة وارسو بعد أسبوعين من المقاومة وكان آخر من إستسلم شبه جزيرة هل شمالي بولندا وفي هذا الغزو
مات مئات الآلاف من البولنديين في القتال ضد الألمان ومع ذلك فهذا لا يقارن بعدد من قتل في معسكرات الإعتقال النازية خلال أكثر من خمس سنوات من الإحتلال النازي حيث قتل حوالي 4.86 مليون بولندي أما الألمان فقد خسروا خلال هذه الحملة وفقاً لهتلر 10572 قتيل وفي عام 1940م قام هايدريش بتنفيذ عمليات لقمع رجال المقاومة في أراضي البلاد التي فتحها الألمان وبعد غزو الإتحاد السوفيتي في شهر يونيو عام 1941م تابعت وحدات القتل المتنقلة مهمتها في الإتحاد السوفيتي وبحلول نهاية الحرب وجهت إلي هذه الوحدات تهمة إعتقال وقتل أكثر من مليون شخص يهودى رميا بالرصاص من بينهم أكثر من700 ألف في روسيا وحدها وبعد مؤتمر وانسيي الذى تكلمنا عنه في السطور السابقة بدأ تنفيذ مخطط الحل النهائي بالنسبة لليهود في المانيا وخارجها من المقيمين في البلاد التي إحتلها الألمان ويجمع المؤرخون علي انه كان عضوا في أكثر النخب النازية المخيفة وكان يتلقى الإجابة و يأخذ الأوامر من هتلر وجورينج وهيملر في جميع المسائل المتصلة بالإبعاد والسجن وإبادة اليهود .

وفي شهر سبتمبر عام 1941م كان قد تم تكليف هايدريش بالإنتقال إلي العاصمة التشيكية براج ليصبح حاكما للأراضي التشيكية بعد أن تم إعتبار سلفه كونستانتين فون نويرات متساهلا أكثر من اللازم ولم يستطع إيقاف أعمال المقاومة التشيكية ضد وحدات الجيش الألماني المحتل للبلاد وكان هذا الإختيار قد وقع عليه بسبب الصيت والشهرة التي حظي بها والنجاح الذى حققه خلال قيادته لحملات القمع والبطش الدموية أو التي خططها وشجع عليها خلال السنوات السابقة سواء في المانيا أو خارجها في الدول التي إحتلتها المانيا والتي كانت السبب في إطلاق لقب الجلاد عليه وكانت المانيا النازية حينذاك تحتل تشيكوسلوفاكيا بالكامل ولم يمض وقت طويل قبل أن تبدأ حكومة تشيكوسلوفاكيا في المنفى بالعاصمة البريطانية لندن والتي كانت قد إعترفت بها المملكة المتحدة في التخطيط لإغتيال هذا الرجل جزاءا لدمويته ووحشيته وإختير يوزيف جابتشيك ويان كوبيش لتنفيذ هذه المهمة المميتة وكان الإثنان قد فرا إلى بريطانيا للإنضمام إلى جيش تشيكوسلوفاكيا في المنفى قبل أن يتلقيا في وقت لاحق تدريبا على يد جهاز معني بالعمليات الخاصة كان يحمل إسما يبدو ساخرا وهو وزارة الحرب التي لا تليق بالرجال النبلاء وقد تولى هذا الجهاز مهمة تنفيذ عمليات التجسس والتخريب في الدول الأوروبية الخاضعة للإحتلال النازي وفي يوم 29 ديسمبر عام 1941م أسقط سلاح الجو الملكي البريطاني هذين الرجلين بالمظلات على أراضي تشيكوسلوفاكيا وكان نجاح هذه المهمة الجسورة يتطلب دعما على الأرض وهكذا نال الإثنان الدعم والمساعدة من خمسة مظليين تشيكوسلوفاكيين آخرين كانوا قد تدربوا على يد مدربين بريطانيين وهم يوزيف بوبلي ويان هروبي ويوزيف فالتشيك وياروسلاف شفاريتس وأدولف أوبالكا وعلي الرغم من أن أيا من هؤلاء الرجال الخمسة لم يحمل سلاحا بشكل مباشر ضد هايدريش إلا أنهم إضطلعوا جميعا بدور رئيسي في عملية الإغتيال جنبا إلى جنب مع عناصر شبكات المقاومة التشيكية الذين لعبوا دورا لا يقل بطولة عن بطولة منفذى عملية إغتيال راينهارد هايدريش .

وفي يوم 27 مايو عام 1942م كان هايدريش قد خطط للقاء زعيمه أدولف هتلر في العاصمة الألمانية برلين وتشير الوثائق الألمانية أن هتلر كان ينوى نقله إلي فرنسا التي كانت تحتلها حينذاك المانيا حيث كانت المقاومة الفرنسية نشطة وتكتسب الأرض وتسبب العديد من المتاعب لقوات الإحتلال الألماني ومطلوب قمعها والسيطرة عليها وكان عليه المرور من جزء إندمج عنده الطريق من مدينة براج إلي مدينة دريزدن الألمانية مع تقاطع الطريق المؤدي إلى جسر ترويا في ضاحية كوبليسي ببراج وكان هذا الموقع مناسبا لنصب كمين لهايدريش من جانب جابتشيك وكوبيش حيث إضطر سائق السيارة التي يستقلها هايدريش للإبطاء من سرعتها لدى مرورها بمنعطف حاد للغاية يشتهر به هذا الطريق وفي الحال ظهر جابتشيك فجأة أمام السيارة المرسيدس المكشوفة سوداء اللون التي كان يستقلها هايدريش وحاول أن يفتح النار عليها ولكن عطبا أصاب مدفعه الرشاش نصف الآلي ومن ثم فشل في إطلاق النار علي هايدريش وبدلا من أن يأمر هذا الأخير سائقه بقيادة السيارة بسرعة بعيدا عن المكان دعاه للتوقف وحاول مواجهة المهاجمين ونهض واقفا وأطلق النار على مهاجمه لينتهز كوبيش الفرصة ويلقي قنبلة مضادة للدبابات على السيارة لتنفجر وينخلع أحد أبوابها ويصاب هايدريش بجراح خطيرة نتيجة الشظايا التي إخترقت جسده بسبب إنفجار القنبلة ولما إنقشع دخان القنبلة شوهد هايدريش وهو ينهار ويسقط نتيجة جراحه ويصاب بهبوط حاد في الدورة الدموية ولكنه أشار لسائقه حتي يطارد جابتشيك سيرا على الأقدام وفي معركة بالاسلحة النارية بينهما أصاب جابتشيك السائق في ساقه وفر هو وكوبيش مع فالتشيك الذي كان قد إختير لمراقبة المكان خلال العملية من مسرح الهجوم وشقوا طريقهم في نهاية المطاف صوب مخبأ في قبو كاتدرائية القديسين سيريل وميثوديوس بموجب ترتيب من قِبل جماعات المقاومة التشيكية وذلك بالتعاون مع الأسقف جوراسد قس هذه الكاتدرائية أرثوذكسية المذهب وظل هؤلاء مختبئين هناك لمدة ثلاثة أسابيع كاملة وقبل أن تتمكن حملة المطاردة والملاحقة الهائلة التي قادها النازيون من الوصول إليهم كان قبو الكنيسة قد إستقبل مظليين تشيكيين آخرين وكان لهم دور مساعد في العملية ليصل العدد في النهاية إلى سبعة جنود محاصرين داخل الكنيسة والتي أطلق عليها كنيسة المظليين بسبب ذلك .

أما هايدريش فقد كان ينزف بغزارة من الجزء الأيسر من جسده وجاءت إمرأة تشيكية تواجدت في موقع الحادث مصادفة لمساعدته ووضع في شاحنة نقلته إلي مستشفي قريب ودخل إلى غرفة الطوارئ وكانت إصابته خطيرة في جنبه الأيسر مع وجود أضرار كبيرة في الحجاب الحاجز والطحال والرئة وكسر في أحد ضلوعه أيضا وقام أحد الأطباء بفتح صدره بينما كان طبيب آخر يحاول دون جدوى إزالة الشظايا من جسمه وأجريت لهايدريش العديد من عمليات نقل الدم كما تم إستئصال الطحال و تم تنفيذ عدة عمليات أيضا داخل الجرح في الصدر فى الرئة اليسرى والحجاب الحاجز وأمر رئيسه هاينريش هيملر بإستدعاء طبيب ثالث للسفر إلى براج لكي يتولي علاجه ورعايته وعلى الرغم من إرتفاع درجة الحرارة بدأ هايدريش يشعر بالإنتعاش وكانت حالته تتقدم بشكل جيد لكن سرعان ما تدهورت حالته وتوفي في يوم 4 يونيو عام 1942م عن عمر يناهز 38 عاما وتم تشييع جنازته في براج يوم 7 يونيو عام 1942م ثم تم نقل الجثمان إلى برلين بالقطار حيث أقيم حفل تأبين له في مستشارية الرايخ الجديدة يوم 9 يونيو عام 1942م وتم منحه أعلى درجة من الرتب الألمانية ووسام الدم و شارة الجراح من الذهب وصليب إستحقاق الحرب من الدرجة الأولى وأراد هتلر أن يكون لهايدريش قبر ضخم تذكارى ولكن نظرا لهزيمة المانيا في النهاية لم بتم بناؤه أبدا وعلى الرغم من أن وفاة هايدريش قد تم إستغلالها للدعاية للرايخ فقد ألقى هتلر باللوم علي هايدريش وإعتبره مسؤولا عن هلاكه نتيجة الإهمال في تأمين تحركاته وسوء تصرفه عند تعرضه لمحاولة الإغتيال وقيامه بمواجهة مهاجميه مع أن الفرصة كانت متاحة أمامه لكي ينجو بنفسه فيما لو كان قد طلب من سائقه الإسراع بالسيارة بعيدا عن موقع الحادث بعد أن فشل جابتشيك في إصابته نتيجة العطل الذى أصاب مدفعه الرشاش بدلا من التوقف ومواجهته .

أدت عملية إغتيال راينهارد هايدريش إلى تغيير مجرى التاريخ فقد دفعت الحلفاء إلى إلغاء معاهدة ميونيخ على الفور وتأكيد ضرورة أن تستعيد تشيكوسلوفاكيا بعد هزيمة المانيا منطقة السوديت وهو الإقليم التشيكوسلوفاكي المحاذي للحدود الألمانية الشرقية الذي ضمه هتلر إلي المانيا بموجب الإتفاقية المشار إليها التي تم توقيعها يوم 30 سبتمبر عام 1938م بعد المؤتمر الذى تم عقده في مدينة ميونيخ الألمانية بين المانيا النازية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكانت بمثابة تسوية تسمح بضم المانيا النازية لمنطقة السوديت التابعة لتشيكوسلوفاكيا والتي يعيش فيها مواطنون ناطقون باللغة الألمانية في محاولة لإحتواء المانيا النازية وتجنب إندلاع حرب عالمية أخرى وكان الهدف من هذا المؤتمر المشار إليه هو مناقشة مطالب أدولف هتلر حول منطقة السوديت التي يقطنها مواطنون ناطقون بالألمانية حيث كانت هذه المنطقة تابعة للإمبراطورية النمساوية المجرية ثم ضمت إلى تشيكوسلوفاكيا بعد الحرب العالمية الأولى حسب قرارات معاهدة فرساي عام 1919م فبعد أن هدد أدولف هتلر بإستعمال القوة ضد تشيكوسلوفاكيا لضم منطقة السوديت تأزمت العلاقات بين الدول العظمى في أوروبا حيث أن تشيكوسلوفاكيا كانت قد وقعت على إتفاقيات تحالف عسكري مع فرنسا ومع الإتحاد السوفيتي فإذا أعلن أدولف هتلر الحرب ضد تشيكوسلوفاكيا فإنه سيلزم فرنسا والإتحاد السوفيتي بالوقوف إلى جانب تشيكوسلوفاكيا وهكذا إزداد الخوف من إندلاع حرب عالمية ثانية بسبب هذه الأزمة وللخروج منها دعت الدول العظمى في قارة أوروبا لعقد مؤتمر لتسوية هذه المسالة وتم عقد هذا المؤتمر في مدينة ميونيخ وحضر هذا المؤتمر رئيس وزراء بريطانيا نيفيل تشامبرلين ورئيس مجلس الوزراء الفرنسي إدوار دلادييه والرئيس والمستشار الألماني أدولف هتلر ورئيس مجلس وزراء إيطاليا بينيتو موسوليني ولم تدع الدول الأوروبية تشيكوسلوفاكيا أو الإتحاد السوفيتي للمؤتمر من أجل زيادة إمكانية التوصل إلى إتفاق وإستمر المؤتمر 3 ايام وفي النهاية تم التوقيع على الإتفاقية وكانت نتيجة هذه المعاهدة تقسيم تشيكوسلوفاكيا بين كل من المانيا النازية وبولندا والمجر وعلاوة علي ذلك أشعل إغتيال راينهارد هايدريش شرارة أعمال إنتقامية مروعة داخل تشيكوسلوفاكيا المحتلة شملت تدمير قريتي ليجيتسه ولجاكي وإعدام جميع سكانهما من الذكور البالغين أما النساء والأطفال فقد تم نقلهم والتحفظ عليهم في معسكرات الإعتقال الألمانية وهو ما عزز روح التعاطف مع القضية التشيكية في مختلف أنحاء العالم إلى حد أن آلاف الأشخاص في بقاع متنوعة من العالم أطلقوا إسم ليجيتسه على فتياتهم المولودات حديثا كبادرة تضامن من جانبهم وذلك للتيقن من أن أولئك الذين سفكت دماؤهم لن يسقطوا قط في طي النسيان .

وبالفعل بعد سقوط العاصمة الألمانية برلين وإستسلام المانيا لقوات الحلفاء في شهر مايو عام 1945م كان هجوم براج والذى يعد آخر العمليات الكبرى التي قامت بها القوات المسلحة السوفيتية في قارة أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية حيث شهدت الجبهة الأوروبية الشرقية هذا الهجوم والذى إنتهي بإحتلال العاصمة التشيكوسلوفاكية براج خلال الفترة ما بين يوم 6 مايو وحتى يوم 11 مايو عام 1945م وكانت هذه المحركة تحديدا والتي إنتهت في أعقاب زوال الرايخ الثالث قد إندلعت بالتزامن مع إنتفاضة براج والتي بدأت قبيل دخول قوات الجيش الأحمر السوفيتي للمدينة بيوم واحد فقط وكان النظام النازى الألماني قد إعتبر حينذاك أن تشيكوسلوفاكيا والمناطق المجاورة لها هي ملاذه الأخير بعد سقوط برلين ولكن لم يستطع جنود مجموعة الجيوش الوسطى الألمانية التي كان قد إستمر وجودها نشطة في جنوب المانيا وفي بعض أجزاء النمسا وتشيكوسلوفاكيا الصمود وإنتهي الأمر بإستسلامها وسقوط مدينة براج في أيدى الجيش الأحمر وإحتلالها بعد تسعة أيام من سقوط برلين وثلاثة أيام من نهاية الحرب العالمية الثانية في قارة أوروبا وبهذه النهاية المأساوية للألمان بدأ طرد الألمان من تشيكوسلوفاكيا وكان هذا الأمر جزءا من سلسلة إجلاءات وترحيلات للألمان من شرق أوروبا ووسطها خلال المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية وبعدها حيث أنه أثناء الإحتلال الألماني لتشيكوسلوفاكيا طالبت جماعات المقاومة التشيكية بإجلاء ذوي الأصول الألمانية من البلاد ووافقت حينذاك الحكومة التشيكوسلوفاكية المنفية في العاصمة البريطانية لندن على قرارَ ترحيل الألمان وأخذت منذ عام 1943م تناشد الحلفاء أن يدعموا هذا القرار لكن لم يتم الاتفاق النهائي مع الحلفاء على طردهم إلا في يوم 2 أغسطس عام 1945م في نهاية مؤتمر بوتسدام والذى تم عقده في مدينة بوتسدام الألمانية التي تقع قرب العاصمة برلين خلال المدة من يوم 17 يوليو حتى يوم 2 أغسطس عام 1945م وحضره الرئيس الأمريكي هاري ترومان ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والذي خلفه كليمنت أتلي خلال المؤتمر والرئيس السوفيتي جوزيف ستالين بهدف تأسيس نظام ما بعد الحرب وكيفية إدارة المانيا كما تناول المؤتمر أيضا قضايا إقرار السلام في قارة أوروبا وعلاج آثار الحرب وما سببته من دمار وخراب وكان من مقررات هذا المؤتمر إعادة إقليم السوديت الذى كانت قد إستولت عليه المانيا عام 1938م إلي تشيكوسلوفاكيا وفي الشهور التي أعقبت هذا المؤتمر تم تنفيذ عمليات ترحيل شرسة من تشيكوسلوفاكيا لذوي الأصول الألمانية وتمت هذه العمليات بأوامر السلطات المحلية في تشيكوسلوفاكيا على أيدي جماعات ومتطوعين مسلحين وأحيانًا كانت تنفذ أيضًا على يد الجيش نفسه وأثناء ذلك مات عدة آلاف من المرحلين ميتات عنيفة ومات غيرهم من الجوع والمرض وقد إستمرت هذه العمليات من يوم 25 يناير وحتي أواخر شهر أكتوبر عام 1946م وطُرد من ذوي الأصول الألمانية إلى الجانب الإحتلالي الأميريكي الذي صار لاحقًا المانيا الغربية عدد يقدر بحوالي 1.6 مليون نسمة وإلى الجانب السوفيتي الذي صار المانيا الشرقية حوالي 800 الف نسمة وقد إنتهت هذه الترحيلات في عام 1948م وفي عام 1993م وبعد تحقيق الوحدة الألمانية أكد المستشار الألماني هيلموت كول حينذاك من خلال عقده إتفاقية مع جمهورية التشيك أن المانيا لن تطالب في المستقبل بإقليم السوديت المتاخم للحدود الألمانية التشيكية ذو الغالبية السكانية التي من أصول المانية .
 
 
الصور :