الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

لماذا كان البريطانى "روبرت والبول" سياسياَ استثنائياً؟

لماذا كان البريطانى -روبرت والبول- سياسياَ استثنائياً؟
عدد : 03-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى

روبرت والبول والذى يعرف أيضا بإسم إيرل أورفورد هو سياسي ورجل دولة بريطاني وكان أول من يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء في بريطانيا منذ يوم 4 أبريل عام 1821م وحتي يوم 11 فبراير عام 1842م أي لمدة حوالي 21 عاما وكانت هذه الفترة أطول من فترة تولي أي رئيس وزراء جاء بعده بل كانت أيضا أطول من مجموع فترات من تولي المنصب أكثر من مرة وجدير بالذكر أن لقب رئيس الوزراء لم يكن معروفا آنذاك في بريطانيا وكان المستخدم هو سيد الخزانة الأول أما لقب رئيس الوزراء أو الوزير الأول فلم يتم إستخدامه إلا مع أوائل القرن العشرين الماضي وهو يعد واحدا من أهم الشخصيات التي برزت في النصف الاول من القرن الثامن عشر الميلادى وأحدثت تغييرات جوهرية في مفاصل الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية وتكمن أهمية شخصيته في تأسيسه أهم ركن من أركان النظام السياسي في بريطانيا وهو نظام مجلس الوزراء الذي تبلور بمفهومة الحقيقي عبر الممارسة السياسية ولذا فقد إستحق من خلال توليه منصبه أن يصفه المؤرخون بأنه يعد من الشخصيات الإستثنائية التي تبوأت مواقع مهمة في تاريخ الدولة البريطانية وأن شخصيته كانت إستثنائية بكل المقاييس ويمكن إيجاز الأسباب التي دفعتهم إلي ذلك في أنه قد إستطاع أن ينقل السلطة من الملك والبرلمان إلى الحكومة أي مجلس الوزراء وفقا للقوانين والأنظمة الدستورية ومن ثم فقد عمل كرئيس دولة أكثر من رئيس وزراء في بريطانيا وإستطاع إدارة عدد من الوزارات الى جانب رئاسته للحكومة ونجح فيها جميعا نجاحا باهرا وكانت النتيجة أنه إستطاع نقل الإقتصاد البريطاني من اللا تخطيط والعشوائية إلى المنهج الإقتصادي المدروس والمخطط فضلا عن أنه إستطاع بكل ما يملك من مواهب وحنكة تجنيب البلاد أية حرب داخلية أو خارجية بعد تطبيقه سياسة السلام كما أنه نجح في نقل سلطة القرار السياسي من الملك الى الحكومة ومنه الى البرلمان وبذلك أنهى الفيتو الملكي ووظف كل إمكانياته وخبراته لخدمة الدولة وبنائها وترسيخ قواعد نظام العمل السياسي وكان يحاول تجنب الدخول في الصراعات السياسية مع المعارضة ودعاها مرارا وتكرارا أن تمارس نشاطها بكل حرية حتى وهو يعلم علم اليقين أن حملاتها المعادية كانت موجهة ضده بالذات وكان هذا هو سر نجاحة السياسي وجدير بالذكر أنه عند عمل تصنيف لأفضل عدد 10 رؤساء وزراء في بريطانيا جاء روبرت والبول في المركز الرابع متفوقا علي مارجريت تاتشر التي إحتلت المركز الخامس والمعروفة بلقب المرأة الحديدية لدورها الحاسم في القيام بإصلاحات إقتصادية ودورها في حرب فوكلاند والمساعدة في إنهاء الحرب الباردة وكذلك لأنها كانت أول إمرأة تتولى هذا المنصب وسبقه في المركز الثالث وليم جلادستون الذي شغل المنصب لأربع مرات وتم وصفه بأنه كان عبقريا في الإدارة المالية كما أنه كان مصلحا إجتماعيا وإقتصاديًا وسياسيا وجاء في المركز الثاني وليام بيت الأصغر والذى شغل المنصب مرتين كانت أولاهما وهو في سن الرابعة والعشرين من عمره وبذلك يكون أصغر من شغل هذا المنصب حتي وقتنا الحاضر وقاد بريطانيا بكفاءة وهيمن على المشهد السياسي أثناء فترة من عدم الإستقرار في البلاد أعقبت الحروب مع فرنسا كما خدم لثاني أطول مدة بعد والبول والتي بلغت حوالي 19 عاما وإستطاع أن يضفي إصلاحات كبيرة على ميزانية بلاده وكانت وفاته أثناء فترة حكمه الثانية وأخيرا فقد جاء المركز الأول من نصيب ونستون تشرشل الذي أظهر قيادة بطولية وإستثنائية فذة لبريطانيا خلال فترة الحرب العالمية الثانية من عام 1940م وحتي عام 1945م عندما واجهت البلاد أسوأ وأحرج أوقاتها في الثلاثة قرون التي حكم فيها بريطانيا رؤساء وزراء .

ولد روبرت والبول في يوم 26 أغسطس عام 1676م في قاعة هوتون في مقاطعة نورفولك شرقي إنجلترا والمطلة علي بحر الشمال من الناحيتين الشرقية والشمالية وكان والده سياسي يمثل دائرة قلعة رايزن الإنتخابية في مجلس العموم وكان روبرت هو الطفل الخامس لعائلة من سبعة عشر إبنا توفي ثمانية منهم في سن الطفولة ولذلك كان روبرت يحمل الرقم القياسي لأكبر عدد من الأشقاء من بين رؤساء الوزراء البريطانيين علي مر العصور وتلقى روبرت والبول تعليمه في كلية إيتون الشهيرة بداية من عام 1690م وحتي عام 1695م ثم إنتقل إلي جامعة كامبردج في عام 1696م وبعد مرور سنتين أي في عام 1698م غادر الجامعة بعد وفاة أخيه الأكبر لمساعدة والده في إدارة الثروات العائلية وكان حينذاك يطمح في أن يصبح أحد رجال الدين ولكنه تخلى عن الفكرة عندما أصبح الإبن الحي الوحيد للأسرة بل وأيضا الوريث الوحيد لتراث وثروة والده وفي عام 1700م تزوج من كاثرين شورتر وأنجب منها إبنتان وثلاثة أنجال وبعد أن توفيت زوجته تزوج في عام 1737م من ماريا سكيريت والتي توفيت أثناء الولادة وقد بدأت مسيرة روبرت والبول السياسية في شهر يناير عام 1701م عندما فاز في الإنتخابات في دائرته الإنتخابية قلعة رايزن وغادر القلعة في عام 1702م ليكون قادرا على التواجد في مدينة كينجز لين بمقاطعته نورفولك والتي تبعد عن شمالي لندن بمسافة 158 كيلو متر وقد أعيد إنتخابه بعد ذلك أكثر من مرة ليظل عضوا في مجلس العموم لمدة 40 عاما كان خلالها السياسي البارع والمتحمس كما كان عضوا في حزب الويج الذي كان يعتبر أكثر قوة من حزب المحافظين المعارض حينذاك وفي عام 1705م تم تعيين والبول كعضو مجلس إدارة اللوردات الأميرالية والذى من مهامه الإهتمام بالشئون البحرية وفي هذه المرحلة بدأت تظهر قدراته الإدارية العالية ولذا فقد تمت ترقيته من قبل اللورد جودولفين المسؤول الأول عن خزينة الدولة ورئيس الأركان وفي عام 1708م تم تعيينه وزير الحرب لفترة وجيزة وفي عام 1710م أصبح أمين الصندوق الأول للبحرية وقد جعلت هذه المسؤوليات من روبرت والبول مستشار حكيم لدوق مارلبورو قائد القوات البريطانية خلال حرب الخلافة الأسبانية والتي كان من أهم قادتها الدوق المذكور والتي كانت قد نشبت منذ عام 1701م وإستمرت حتي عام 1714م وكانت صراعا أوروبيا كبيرا بدأت بوادره في الظهور عام 1701م مع موت الملك الأسباني كارلوس الثاني وهو آخر ملوك سلالة هابسبورج النمساوية والذى كان قد أورث كامل مملكته لفيليب حفيد الملك الفرنسي لويس الرابع عشر والذى أصبح ملك أسبانيا بإسم فيليب الخامس ومن ثم بدأت الحرب في البداية في نطاق محدود وببطء عندما شرع رأس الإمبراطورية الرومانية المقدسة حينذاك ليوبولد الأول بالمطالبة بعرش أسبانيا وأنه الأحق به وكان لويس الرابع عشر حينذاك يقوم بتوسيع أراضيه في قارة أوروبا بعنف مما دفع جيرانه وعلى الأخص إنجلترا وجمهورية هولندا للدخول في حلف مع الإمبراطورية الرومانية المقدسة لإيقاف التوسع الفرنسي وكان للإنجليز سببا إضافيا في ذلك وهو حماية الملكية الإنجليكانية في بلادهم وقد إنضمت دول أخرى لذلك النزاع وإمتدت المعارك من قارة أوروبا لقارة أمريكا الشمالية وأصبحت تعرف بين المستوطنين الإنجليز في العالم الجديد بحرب الملكة آن وإستمرت الحرب أكثر من عقد من الزمن لمع فيها نجم العديد من القادة والجنرالات من كلا الطرفين مثل دوق فيلار ودوق بيرويك من فرنسا ودوق مارلبورو من إنجلترا والأمير يوجين من النمسا .

وقد إنتهت هذه الحرب بتوقيع معاهدة أوتريخت عام 1713م ثم تلتها في العام التالي 1714م معاهدة راستات وكنتيجة لذلك بقي فيليب الخامس ملكا لأسبانيا ولكنه أزيح من سلسلة خلافة العرش الفرنسي وذلك لتجنب حدوث أي إتحاد مستقبلي بين مملكتي أسبانيا وفرنسا وفازت النمسا بمعظم إقطاعيات أسبانيا في إيطاليا وهولندا ونتيجة لذلك إنتهت الهيمنة الفرنسية على القارة الأوربية وأصبحت فكرة إيجاد توازن للقوى الدولية آنذاك حقيقة واقعة بفضل هذه المعاهدات وبالإضافة إلي ما سبق كسبت بريطانيا المستعمرات الأسبانية في جبل طارق ومينوركا إحدى جزر الباليار التابعة لأسبانيا حاليا والتي تقع شرق ساحلها الشرقي المطل علي البحر المتوسط كما كسبت عقدًا تقوم بموجبه بإمداد كل المستعمرات الأسبانية في أمريكا بالعبيد الأفارقة وأيضًا منحت فرنسا بريطانيا مقاطعة خليج هدسون ونيوفوندلاند ومنطقة نوفا سكوتيا بأكاديا وبوجوده إلي جوار دوق مارلبورو أصبح والبول من أهم الشخصيات بين أعضاء مجلس الوزراء لكن على الرغم من نفوذه لم يتمكن والبول من توقيف اللورد جودولفين وأعضاء حزبه عن مهاجمة وزير ألقى مجرد خطبة ضد حزب الويج وبما أن هذه الإجراءات تعد غير شعبية في بريطانيا فقد أدى ذلك إلى سقوط دوق مارلبورو وهزيمة حزب الويج في الإنتخابات العامة في عام 1710م ومن ثم تم سحب منصب والبول كوزير حرب ولكن سمح له بالبقاء كأمين خزنة البحرية حتى يوم 2 يناير عام 1711م وحاول روبرت هارلي زعيم حزب المحافظين إقناعه بالإنضمام إلى حزبه لكن والبول رفض عرضه وفضل عوضا عن ذلك الدفاع عن اللورد جودولفين ضد هجمات حزب المحافظين والصحافة بعد الإنزعاج الذي سببته الهجمات السياسية عليهما ومن ثم حاول حزب المحافظين بشتى الوسائل تخريب مسيرته السياسية ومسيرة دوق مارلبورو وتلويث سمعتهما وفي عام 1712م إتهم بالفساد كوزير حرب وسرعان ما حكم عليه بأنه مذنب من قبل أغلبية أعضاء حزب المحافظين فتم طرده من البرلمان وسجن في برج لندن لمدة ستة أشهر ثم تم الإفراج عنه وإعتبره أعضاء حزب الويج ضحية بريئة وأنه قد أدين ظلما وتم إنتخابه في عام 1713م للبرلمان مرة أخرى فأطلق العنان لكراهية لا حدود لها ضد روبرت هارلي واللورد بولينجبروك المحرضين على إدانته وفي يوم 1 أغسطس عام 1714م توفيت آن ستيوارت ملكة بريطانيا العظمى وذلك بعد معاناتها من ظروف صحية سيئة منذ بداية العام والتي كانت قد تولت الحكم في عام 1702م وبما أنه لم يكن هناك من وريث لها فقد إستولى قريبها الألماني جورج الأول على العرش والذى كان لا يثق في المحافظين ن الذين كانوا يعارضون سلطته مما سمح لحزب الويج بالعودة إلى دائرة السلطة مرة أخرى والإحتفاظ بها لمدة خمسين عاما .

وبعودة روبرت والبول إلي دوائر السلطة أصبح المستشار الخاص للملك وتمت ترقيته ليصبح صراف رواتب القوات في وزارة كان يرأسها اللورد هاليفاكس ولكن أيضا تحت إشراف اللورد تاونشند صهر والبول وجيمس ستانهوب كما أصبح والبول الرئيس التنفيذي للجنة سرية كانت تعد مكتبا للتحقيق في تصرفات وزراء حزب المحافظين السابقين الذين ساهموا في سقوط والبول في عام 1712م والذين وجدوا أنفسهم حينذاك في دائرة الإتهام كما تم إتهام بعض أعضاء حزب المحافظين بتهم مختلفة مثل اللورد أوكسفورد الذى إتهم بالخيانة العظمى كما تم حرمان اللورد بولينجبروك من جميع حقوقه المدنية وتوفي اللورد هاليفاكس في عام 1715م حينها إعترف بوالبول كرجل دولة فعال وإسترجع منصبه كلورد أول ووزير للخزنة فقام بإنشاء ما أطلق عليهSinking Fund الشهيرة والتي تعتبر نوع من الأموال النقدية غرضها الأساسي الحد من ديون البلاد وقد إنقسم مجلس الوزراء الذي هو عضو فيه إلى فريقين والبول وتاونشند من جهة ومن الجهة الأخرى ستانهوب واللورد سندرلاند وكان الجدل الرئيسي بين الفريقين حول السياسة الخارجية لأن والبول وتاونشند إعتبرا أن الملك جورج الأول كان يقود المصالح الخارجية للبلاد وفقا لإهتمامات هانوفر على حساب بريطانيا العظمى ومع ذلك فإن فريق ستانهوب وسندرلاند كان يحظى بدعم من الملك مما جعل تاونشند يضيع وظيفته كوزير لدولة الشمال ويعين في منصب أقل مكانة مما كان عليه حيث أصبح لورد ملازم أول لأيرلندا ولكن هذا التغيير في المنصب لم يرض ستانهوب وسندرلاند حتى بعد الحصول على إستقالة تاونشند من رتبته كملازم أول في شهر أبريل عام 1717م وفي اليوم التالي إنسحب والبول من الحكومة للإنضمام إلى تاونشند في الجهة المعارضة وأصبح سندرلاند وستانهوب هما الرئيسان الأساسيان للحكومة الجديدة وبعد وقت قصير من إستقالة والبول إندلعت مشاجرة بين الملك جورج الأول من جانب وأمير ويلز وهو نجل الملك ووالبول وغيرهما ممن عارضوا الحكومة من جانب آخر والذين كانوا غالبا ما كانوا يجتمعون في ليستر هاوس مقر إقامة أمير ويلز للتنسيق والتشاور وتبادل الرأي فيما بينهم وأصبح والبول الصديق المقرب لزوجة أمير ويلز كارولين دو براندنبورج أنسبش وفي عام 1720م عزز موقفه من خلال تسببه في مصالحة بين أمير ويلز ووالده الملك جورج الأول وإستمر والبول في كونه الوجه المؤثر في حجرة البلديات وكان نشطا بشكل خاص في مكافحة واحدة من أهم مقترحات الحكومة وهو قانون لقب النبيل حيث سعى إلى الحد من قدرة الملك على إنشاء الألقاب الجديدة وقد تسبب في التخلي المؤقت عن مشروع القانون في عام 1719م والذي تم رفضه نهائيا في العام التالي 1720م فدفعت هذه الهزيمة اللورد ستانهوب واللورد سندرلاند للتصالح مع خصومهما ومن ثم عاد روبرت والبول إلى مجلس الوزراء بإعتباره أمين الصندوق وأصبح تاونشند رئيس المجلس لكن هذه العودة إلى السلطة أدت إلى فتور علاقته مع أمير ويلز والذى أصبح فيما بعد الملك جورج الثاني بعد وفاة والده والذى كان معارضا لحكومة والده في ذلك الوقت .

وبعد فترة وجيزة من عودة والبول إلى مجلس الوزراء إجتاحت بريطانيا موجة من الحماس التي أدت إلى فقاعة بحر الجنوب حيث كانت الحكومة قد أعدت مشروع لشركة بحر الجنوب الذي ينص على تحمل الدين القومي لبريطانيا العظمى في مقابل إتفاقات مربحة معتقدة أن الشركة في نهاية المطاف ستجني أرباح ضخمة وكثيرون في البلاد بما في ذلك والبول قاموا بالإستثمار في هذه الشركة وفي أواخر عام 1720م بدأت الشركة في الإنهيار في حين إنخفض سعر أسهمها وتم إنقاذ والبول من الإنهيار الإقتصادي الذي تعرضت له الشركة من قبل مصرفي كان تابعا له والذي نصحه ببيع حصته من الأسهم في حين لم تسنح الفرصة للمستثمرين الأخرين ببيع حصصهم من الأسهم وفي عام 1721م قامت لجنة بالتحقيق في فضيحة إنهيار الشركة المذكورة وتم العثور على أدلة تفيد وجود فساد في الحكومة من جانب الوزراء المعنيين منهم وزير الخزانة جون إيسلابي ومدير مكتب البريد العام جيمس كراجز الأكبر وأمين الجنوب جيمس كراجز الأصغر واللورد ستانهوب وسندرلاند ولقي الأخوان كراجز حتفهما وهما يحملان وصمة عار فيما تمت مقاضاة الأخرين بتهمة الفساد وأدين إيسلابي وسجن ولكن نفوذ والبول أنقذ كلا من ستانهوب وسندرلاند ومن ثم لم يتعرضا للعقاب وقد فضل سندرلاند تقديم إستقالته بينما توفي ستانهوب عام 1721م ومن ثم أصبح والبول أهم شخصية في الحكومة وفي شهر أبريل عام 1721م تم تعيينه اللورد الأول للخزينة أي وزير الخزينة كما أصبح زعيم مجلس العموم وتزامن ذلك مع دخوله في إطار منصب رئيس الوزراء وفي الواقع تشارك والبول في سلطته مع صهره اللورد تاونشند الذي كان يعتبر وزير دولة الشمال والمهتم يالشئون الخارجية مما إستوجب عليهما مواجهة وزير الدولة لشئون الجنوب اللورد كارتيت وحاول البرلمان حل الأزمة المالية المترتبة علي إنهيار شركة بحر الجنوب تحت وصاية والبول حيث كان على مدراء الشركة الإهتمام بالعمل على تخفيف آلام الضحايا حيث تم تقسيم أسهم شركة بحر الجنوب بين بنك إنجلترا وشركة الهند الشرقية وقد هزت هذه الأزمة بشكل كبير مصداقية الملك وحزب الويج لكن والبول دافع عن الإثنين ببلاغته بطريقة ذكية أمام مجلس العموم وقد تميز العام الأول لوالبول كرئيس للوزراء بإكتشاف مؤامرة ضد الملك نظمها فرانسيس أتربيري أسقف روتشستر مما خيب آمال حركة اليعاقبة بالخصوص الذين لم ينالوا النجاح الذي كان متوقعا وكانت هذه الحركة حركة سياسية تأسست في بريطانيا العظمى وأيرلندا وكانت تهدف إلى إرجاع الملك الكاثوليكي المخلوع جيمس الثاني من أسرة ستيوارت وورثته إلى عرش إنجلترا وسكتلندا وأيرلندا وتمرد أتباعه ضد الحكومة البريطانية في عدة مناسبات مابين عام 1688م وعام 1746م وكان اليعاقبة يعتقدون أن تدخل البرلمان في أمر خلافة العرش الإنجليزي والإسكتلندي غير قانوني ومن جهة أخرى خارت قوى المحافظين خصوصا أن اللورد بولينجبروك زعيم حزب المحافظين قد تم تقديمه للقضاء لتعاطفه مع اليعاقبة وتم نفيه إلى فرنسا ولم يسمح له بالعودة إلى بريطانيا إلا في عام 1723م وخلال الفترة المتبقية من عهد الملك جورج الأول إزدهر عمل والبول وتزايدت سلطته بينما أخذت سلطة الملك تتناقص تدريجيا مما سمح لسلطة وزرائه السياسية بالصعود إلى القمة وفي عام 1724م تمت إزالة المنافس السياسي الرئيسي لوالبول وتاونشند من مجلس الوزراء وهو اللورد كارتريت من منصب أمين الجنوب وعين كملازم أول لأيرلندا ومن ثم أصبح والبول وتاونشند هم سادة الوزارة واللذان قاما بخلق سياسة مواتية للسلام ولا سيما من خلال فتح المفاوضات مع فرنسا وبروسيا في عام 1725م والتي أسفرت عن إقامة تحالف بينهما وبين بريطانيا ومن ثم تم التخلص من تهديد اليعاقبة بشن الحرب كما إستطاعا التغلب علي الأزمة المالية التي تعرضت لها البلاد مما سمح لوالبول بكسب الملك جورج الأول في صفه .

وفي عام 1725م تم تكريم والبول حيث حصل علي وسام فارس باث وفي عام 1727م منح أيضا لقب فارس بعد حصوله علي وسام الرباط الذي أكسبه أيضا لقب السير الصاخب وعلاوة على ذلك تم منح إبنه الأكبر ويسمى أيضا روبرت بارونية وفي نفس العام المذكور 1727م تهدد موقف والبول عندما توفي الملك جورج الأول وتولي إبنه جورج الثاني العرش ولبضعة أيام كان هناك إحتمال لإستبعاد والبول من منصبه ولكن الملك وافق على وجوده في السلطة وكمستشار للملكة كارولين زوجته وعلى الرغم من أن الملك كان يكره تاونشند إلا أنه في السنوات التالية واصل والبول مع تاونشند تقاسم السلطة ولكن أخذت ترتفع أصوات في الحكومة تدريجيا معارضة للسياسة الخارجية للحكومة خاصة بشأن السياسة الواجب إتباعها تجاه بروسيا لكن والبول خرج في النهاية منتصرا ثم تقاعد زميله تاونشند في عام 1730م وعادة ما يتم إعتبار هذا التاريخ كبداية لدخول والبول رسميا إلى مكتب رئيس الوزراء علي الرغم من توليه هذا المنصب منذ أكثر من 9 سنوات وخلال السنوات التالية كان والبول أكثر قوة من أي وقت مضى خاصة بعد الحصول على الدعم من الملكة كارولين وكذلك من الملك جورج الثاني وإستطاع والبول أن يستقطب عدد كبير من المعارضين كان أهمهم اللورد بولينجبروك وإن ظلت هناك دورية تسمى الحرفي كانت تندد بإستمرار بسياسة رئيس الوزراء كما كان والبول أيضا موضوع العديد من مقالات النقد والهجاء الساخرة وعلى الرغم من هذه المعارضة ظل والبول يحتفظ بتأييد الشعب ومجلس العموم وفي عام 1733م نجح في منع دخول بريطانيا العظمى في حرب الخلافة البولندية التي نشبت بين عام 1733م وعام 1735م وكانت صراعا أوروبيا ضخما سببه الصراع على خلافة أغسطس الثاني القوي ملك بولندا والذي كانت قد ساهمت في إشعاله القوى الأوروبية الأخرى بحثًا عن مصالحها الوطنية الخاصة وكان من نتائج رفض بريطانيا العظمى التدخل في هذه الحرب إلى جانب النمسا عن ضعف التحالف الإنجليزي النمساوي وقد يكون هذا الرفض من العوامل التي ساهمت في إخفاقات النمسا العسكرية حيث لم تحقق أي مكاسب من هذه الحرب وفي العام نفسه حدث تهديد خطير كان ينذر بأزمة مالية من شأنها تهديد الإستقرار في البلاد حيث إنخفضت بشدة الحصيلة الضريبية بسبب التهريب ومن ثم إقترح والبول بهدف مواجهة التهريب أن يتم إستبدال التعريفة الجمركية على الخمور والتبغ بأن يتم سداد ضريبة عليها لا في الموانئ ولكن في المستودعات وكان هذا الإقتراح الجديد لا يحظى بشعبية للغاية وأدى إلي حدوث حركة معارضة من جانب التجار ومن جانب خصومه السياسيين وقد أدى هذا إلي فقدان والبول جزء كبير من أصوات الناخبين اليمينيين ومن ثم فبعد الإنتخابات العامة التي أجريت في عام 1734م حاز والبول الأغلبية في مجلس العموم لكنها كانت أقل عددا من ذي قبل ومن ثم بدأت شعبيته وشعبية حكومته تتأثر سلبيا وفي عام 1736م إندلعت أعمال شغب في لندن وأدنبره نتيجة الموافقة علي بعض الزيادات الضريبية وقام ضابط برتبة نقيب يدعي جون بورتيوس بأمر قواته بإطلاق النار على مجموعة من المتظاهرين وأصدر الملك عفوا عنه وعلى الرغم من كل هذه الأحداث المتتابعة قد أدت إلي تضاؤل شعبية والبول وحكومته إلا أنه لم تهتز أغلبيته في البرلمان وظل مهيمنا علي مجلس العموم وتمكن من الحصول علي الموافقة علي رفض إقتراح تقدم به السير جون بارنارد للحد من الفائدة على الدين القومي كما تمكن والبول أيضا من إقناع البرلمان علي التصويت في عام 1737م على ترخيص قانون بشأن تنظيم المسارح في العاصمة لندن وقد صادف هذا القانون الإزدراء والإستنكار من جانب البابا سويفت فيلدينج والشخصيات الأدبية الأخرى الذين كانوا يهاجمون والبول والحكومة في أعمالهم .

وقد تميز أيضا عام 1737م بوفاة الملكة كارولين وهي صديقة حميمة لوالبول ومع ذلك لم ينكسر النفوذ الشخصي من والبول على جورج الثاني والذي كان داعما ومؤيدا لرئيس وزرائه في السنوات السابقة إلا أن شعبية روبرت والبول وحكومته قد أخذت في التناقص خاصة بعد حصول خصومه على دعم كبير في شخص أمير ويلز إبن الملك جورج الثاني والذى ورث منه هذا اللقب والذي إختلف مع والده وإستقطب العديد من السياسيين الشباب منهم وليم بيت الأكبر وجورج جرينفيل واللذان شغلا منصب رئيس وزراء بريطانيا فيما بعد وقام بتشكيل فصيل عرف بإسم الشباب الوطنيين والذين إنضموا إلى أمير ويلز في المعارضة ومن جانب آخر كانت بريطانيا العظمي في عام 1729م قد عقدت معاهدة تعرف بإسم معاهدة إشبيلية وافقت بريطانيا بموجبها على التجارة مع المستعمرات الأسبانية في أمريكا الشمالية إلا أنه في عام 1837م طالبت أسبانيا بمقاضاة المخالف من السفن البريطانية لضمان تطبيق المعاهدة المشار إليها وتوتر الموقف بين البلدين مهددا بنشوب حرب بينهما وبذل والبول العديد من المحاولات لمنع الحرب حيث كان مصرا علي الوصول لحلول سلمية ولكنه لاقي معارضة من قبل الملك والمعارضين وحتي من جانب بعض أعضاء حكومته وفي الإنتخابات العامة في عام 1741م لم يحصل والبول علي الأغلبية المطلوبة وخسر الكثير من أنصاره ومؤيديه كما كان العديد من اليمينيين يعتقدون أن والبول قد أصابته الشيخوخة وأنه غير قادر على إجراء حملة عسكرية ضد أسبانيا وفي النهاية فضل والبول تقديم إستقالته متمسكا بمبادئه السلمية إلي مجلس اللوردات وقال فيها إنه يتنازل عن السلطة رسميا في يوم 6 فبراير عام 1742م وتم قبولها بعد خمسة أيام في يوم 11 فبراير عام 1742م وخلفه سبنسر كومبتون والذى عرف أيضا بلقب إيرل ويلمنجتون ليكون ثاني رئيس وزراء لبريطانيا والذى شغل هذا المنصب من يوم 16 فبراير عام 1742م وحتي وفاته أثناء شغله لمنصبه في يوم 2 يوليو عام 1743م ليخلفه هنرى بلهام ليكون ثالث وزراء لبريطانيا وجدير بالذكر أنه بعد إعتزال والبول إلا أنه قد ظل تأثيره حتي وفاته علي الملك جورج الثاني قائما وكان يستشيره في العديد من الأمور والقضايا حتي أطلق عليه إنه وزير من وراء الستار وكانت وفاته في لندن في يوم 18 مارس عام 1745م عن عمر يناهز 69 عاما ودفن في مسقط رأسه في هوتون وتم منح لقبه ككونت نبيل لإبنه الأكبر روبرت وبعدها ورث اللقب حفيده جورج إبن روبرت وبعد وفاته تم منح اللقب لأصغر إبن للكونت الأول أي روبرت والبول وهو هوراس والبول المهندس المعمارى والمؤلف الشهير الذى كان أول من كتب نوع أدب الرعب القوطي كما يرجع إليه الفضل أصلا في وجود هذا المصطلح وكانت روايته قلعة أوترانتو هي العمل الأهم له والتي كتبت في عام 1764م لتكون نوعا أدبيا جديدا وليكرس هوراس والبول لفكرة أدب الرعب القوطي وكانت وفاته في يوم 2 مارس عام 1797م عن عمر يناهز 80 عاما دون أن يتزوج أو ينجب لذا فقد كان من دون ورثة وعلي ذلك فقد كان آخر من حمل هذا اللقب من عائلة والبول .