الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

العالم "جورج سيمون أوم" صانع التاريخ الفيزيائى

العالم -جورج سيمون أوم- صانع التاريخ الفيزيائى
عدد : 03-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى


جورج سيمون الفريد أوم هو عالم فيزياء الماني تخصص في العلوم عامة وفي الفيزياء بشكل خاص ويعد من أهم العلماء في الفيزياء عموما وفي الكهرباء بوجه خاص حيث أنه إكتشف العلاقة بين مرور التيار الكهربائي في النواقل وإنخفاض التوتر أو بمعني آخر قد إكتشف العلاقة بين شدة التيار الكهربي في سلك وفرق الجهد بين طرفي ذلك السلك وهو ما يعرف بالمقاومة الكهربائية وقد سميت تلك العلاقة بقانون أوم وكان هذا الإكتشاف في غاية الأهمية في مجال العلم لأنه يرمز إلى البداية الحقيقية لتحليل الدوائر الكهربائية .

جدير بالذكر أن أوم لم يكن العالم الوحيد الذي حاول تطوير هذه العلاقة بل كان هناك العديد من العلماء والباحثين الذين حاولوا ذلك بداية من عالم الفيزياء بريور وإنتهاءا به لكن كان أوم بتحليلاته الفلسفية وتجاربه الواقعية في الفيزياء هو من إستطاع أن يثبت فرضيته ومما يذكر أيضا أنه كان عالم رياضيات وأستاذ جامعي وقام بالتدريس في عدة معاهد كان آخرها جامعة لودفيج ماكسميليان بمدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا كبرى الولايات الألمانية الستة عشر والتي تقع في جنوبها الشرقي.

ولد جورج أوم في يوم 16 مارس عام 1789م في إرلينجن في ولاية بافاريا والتي كانت تعتبر جزءً من الإمبراطورية الرومانية المقدسة وكان أبوه جوهان فولفجانج أوم يعمل بصناعة الأقفال الحديدية والأسلحة وهي المهنة التي ورثها عن أبيه وجده وكانت والدته ماريا إليزابيث بيك إبنة أحد الخياطين في مدينة إرلينجن وكانت تنتمي إلي عائلة بروتستانتية ولم يكن أبواه متعلمين تعليما جامعيا ولكن كان أبوه قد تعلم وحده وكان شخصية موقرة وإستطاع مساعدة إبنيه جورج ومارتن خلال مراحل دراستهما نتيجة ثقافته العالية ومن ثم تلقيا التعليم منذ الطفولة على يديه وإستطاع أن يصل بهما إلى مستوى عال من المعرفة في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والفلسفة وكانا هما طفلاه الوحيدان اللذين ظلا علي قيد الحياة من أبنائه بالإضافة إلي شقيقتهما إليزابيث باربارا والتي تلقت تعليمها من أبيها مثل شقيقيها حيث كان قد توفي بعض من أبنائه خلال مرحلة الطفولة وبذلك أوقف الوالد تتابع مهنته التي كان يزاولها وتمرد عليه عندما وجه ولديه جورج ومارتن لدراسة العلوم المختلفة ولم يورثهما المهارات الميكانيكية للأسلاف وقد توفيت والدتهما عندما كان حورج في العاشرة من عمره والذى إستمر في المرحلة الثانوية من عمر الحادية عشر حتى الخامسة عشر من عمره في ثانوية إرلينجن برفقة أخيه مارتن ولكنهما وجدا فرق كبير بين ما تلقياه على يد أبيهما وما وجداه في المدرسة وكان هذا الفرق هو السبب في إكتشافهما لأفاق اخرى في التعليم ودفعتهما الى البحث والعمل المستمر حيث حصلا على قدر من التدريب العلمي وصار كل منهما مدرسا متميزا للرياضيات مما جعل حياتهما مشابهة لحياة عائلة برونولي وهي عائلة سويسرية ذاع صيتها في القرن الثامن عشر الميلادى في مجال الرياضيات والعلوم حيث ظهر فيها عدد لافت جدا للنظر من الرياضيين والعلميين البارعين مثلما ظهر فيما بعد جورج أوم كعالم فيزيائي ومارتن أوم كعالم في الرياضيات وقد ذكر هذا التشابه أيضا عالم الرياضيات والفيزياء الألماني البروفيسور في جامعة إرلينجن كارل كريستيان فون لانجسدورف الذى أشرف علي رسالة أوم لنيل شهاد الدكتوراة فيما بعد .

وفي عام 1805م سجل أوم في جامعة إرلينجن وبدلا من التركيز على دراسته قضى وقته في الأنشطة اللامنهجية وعندما رأى والده أن إبنه يضيع أهم سنين حياته ويفوت علي نفسه فرصة التعليم قام بإرساله إلى سويسرا في عام 1806م وعمل هناك مدرسا للرياضيات في إحدى المدارس بمدينة جوتشتاد بولاية برن السويسرية وقد هال مشرف المدرسة الذي إستأجره من غير أن يراه منظر ذلك المدرس الصغير النحيل الذى كان لم يتم 18 عاما من عمره بعد إلا أنه سرعان ما إعترف بكفاءة ومهارة الشاب وقدراته وتميزه في مجال الرياضيات وتابع جورج أوم دراسته وحصل في عام 1811م على الدكتوراة في الرياضيات من جامعة إرلينجن تحت إشراف البروفيسور كارل كريستيان فون لانجسدورف وأراد أن يلتحق بالجيش المعارض حينذاك لإمبراطور فرنسا نابليون بونابرت إثناء فترة الحروب النابليونية في قارة أوروبا والتي كانت في مراحلها الأخيرة وقتذاك غير أن توسلات والده بأن يعرض عن هذا تغلبت وإستمر في عمله مدرسا للرياضيات وفي عام 1813م عين مدرسا للفيزياء والرياضيات في مدرسة ثانوية متخصصة في العلوم في مدينة بامبرج بولاية بافاريا الألمانية وهي واحدة من المدن القليلة في المانيا التي لم تدمرها الحرب العالمية الثانية لوجود مصنع للمدفعية قريب منها حماها من قصف طائرات قوات الحلفاء وهي موضوعة علي قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو وبقي فيها حتى عام 1817م حتي حصل على كرسي الرياضيات في كلية الآباء اليسوعيين في مدينة كولونيا شمالي غربي المانيا وفي عام 1825م قدم أوم ورقة علمية يتحدث فيها عن إنخفاض القوة الكهرومغناطيسية الناتجة عن سلك يمر به تيار كهربي بزيادة طول السلك وهذه المعلومات قدمها بناءا على أدلة تجريبية نتيجة إختباراته وتجاربه وفي السنة التالية 1826م قدم أوم ورقتين علميتين تحتويان وصفا رياضيا للتوصيل في الدوائر الكهربائية بناءا على دراسة فورييه للتوصيل الحراري ووفقا لأبحاث أوم فقد حدثت إتصالات بالكهرباء بين جسيمات متلاصقة ومن ثم سرى التيار الكهربائي داخل الدائرة الكهربائية من القطب السالب إلى القطب الموجب وكانت الورقة الثانية بشكل خاص مهمة جدا حيث إقترح أوم القوانين التي توضح نتائج أعمال أخرى على التيارات الكهربائية وفي عام 1827م نشر كتابه الشهير النظرية الرياضية للتيارات الكهربائية حيث قدم شرحا مفصلا لنظرية إنتقال الكهرباء في الدوائر الكهربائية وكان من المثير للإهتمام في الكتاب أن أوم بدلا من القفز مباشرة على الموضوع أعطى مقدمة وخلفية رياضية ضرورية لفهم بقية العمل وكان هذا ضروريا فحتى أكثر الفيزيائيين الألمان وغير الألمان علما كانوا في إحتياج حينذاك لمثل هذا التقديم لأن منهج الفيزياء في الكتاب كان مفهوما غير رياضي وهي ظاهرة كانت جديدة ولم يسمع بها في تلك الأيام وكان أوم في هذا الوقت قد قارب علي سن الاربعين من عمره وفي ذلك الوقت كان يجري أبحاثا عن التيارات الكهربائية والتي إستعان فيها بأبحاث العالم الإيطالي الشهير مخترع البطاريات الكهربائية اليساندرو فولتا والذى أثبت بهذا الإختراع أن الكهرباء يمكن أن تتولد كيميائيا وهدم النظرية السائدة في وقته أن الكهرباء تتولد فقط بواسطة الكائنات الحية وقام أوم بنشر بحثه وأطلق عليه التقديرات الحسابية للتيارات الكهربائية .

وفي ذلك الحين لم يحظ هذا البحث على التقدير المناسب له مما أصابه بالإحباط الشديد فإستقال من وظيفته بمعهد الآباء اليسوعيين بكولونيا ولكنه سرعان ما عاد مرة اخرى الى عمله في التدريس الذي دائما ما شغف به كما أنه لم يكن يمتلك مصدرا آخر للرزق إلا من خلال عمله بالتدريس ومن ثم قضى ست سنوات في ممارسة التدريس الخصوصي في مدينة برلين أي حتي عام 1832م وفي العام التالي 1833م عمل أستاذا في مدرسة البوليتكنيك أي التقنيات المتعددة في مدينة نورمبرج بولاية بافاريا الألمانية وأصبح مديرها في عام 1839م وبالإضافة إلى ما سبق فقد أجرى أوم تجربة لقياسِ فرق جهد الكهرباء بين الدوائر الكهربائيّة بالإعتماد على شدة التيار الكهربائي وتمكن من إكتشاف مجموعة من المعادلات الرياضية والتي تشير بشكل مباشرٍ إلى فرق الجهد الكهربائي والذي عرف لاحقا بإسم قانون أوم والذى ينص علي أن شدة التيار الكهربائي الذي يمر عبر موصل يتناسب طرديا مع فرق الجهد بين طرفي الموصل وعكسيا مع مقاومته أو بمعني آخر يكون فرق الجهد بين طرفي أي دائرة كهربائية والذى يقاس بالفولت يساوى حاصل ضرب شدة التيار في الدائرة التى تقاس بالأمبير مضروبة في مقاومة الموصل بالدائرة والتي تقاس بوحدة الأوم التي نسبت إليه تكريما له علي إكتشافه لهذا القانون.

ومن هذا القانون يتضح لنا أنه بزيادة فرق الجهد في الدائرة الكهربائية تزداد شدة التيار مع ثبات المقاومة وبالعكس عندما يقل فرق الجهد مع ثبات المقاومة تقل شدة النيار أي أن مقدار المقاومة الكهربائية هو ما يحدد مقدار التيار الذي سيمر عبر الموصل ومعني هذا هو أنه من جانب آخر يمكن إستخدام المقاومات للتحكم في مستويات التيار والجهد بحيث تسمح المقاومة العالية بمرور كمية صغيرة من التيار الكهربائي فقط وبالمقابل فإن المقاومة المنخفضة جدًا ستسمح بمرور كمية كبيرة من التيار الكهربائي وبذلك تمكّن أوم بعد دراسات عديدة في مجال الفيزياء والعلاقات الكهربائية من التوصل إلى العديدِ من النتائج المهمة والمؤثرة في مجالِ الكهرباء والتي حرص على نشرها في مجلد علمي إستخدم في التدريس في جامعة لودفيج ماكسميليان بمدينة ميونيخ والتي تعد من أهم وأقدم وأعرق الجامعات الألمانية حيث تأسست في عام 1472م ويعتبر هذا المجلد العلمي من أفضل الإنجازات والمراجع في علم الكهرباء وفي عام 1842م حصل أوم على جائزة وسام كوبلي من الجمعية الملكية البريطانية وهو أحد الجوائز العلمية العشرة المرموقة التي تقدمها الجمعية الملكية البريطانية وقد تم تقديمها لأول مرة عام 1731م وحصل عليها ستيفن جراى وكان يعمل صباغا وعالِم فلك هاوي وكان أيضا صاحب أول تجربة منهجية في المقاومة الكهربائية وفي العام التالي 1843م تم تعيينه كعضو أجنبي في الجمعية البريطانية الملكية للعلوم .

ولم يقتصر نشاط العالم جورج أوم على دراسة الكهرباء بل إمتد أيضا إلى مجالات أخرى فقد بين في نفس العام 1843م أنه يمكن للأذن أن تدرك الإهتزازات الجيبية وتميِزها من مجموعة من الإهتزازات وبعد 4 سنوات وفي عام 1849م تولى منصبا في ميونيخ كمسؤول في مجلس الوزراء الفيزيائي في أكاديمية بافاريا وألقى محاضرات في جامعة لودفيج ماكسميليان بميونيخ وفي عام 1852م تم تعيينه في كرسي الفيزياء في نفس الجامعة وهو منصب كان يتوق إليه ويكافح من أجله طوال حياته وفي نفس العام 1852م درس تداخل الأشعة الضوئية المستقطبة في الصفائح البلورية وفي عام 1853م نال النيشان البافاري الماكسيميلياني للعلوم والفن وعلاوة علي ذلك فقد كان للعالم جورج أوم مؤلف آخر إلي جانب كتاب النظرية الرياضية للتيارات الكهربائية الذى ذكرناه في السطور السابقة وهو كتاب عناصر الهندسة التحليلية وعلاوة علي ما سبق فقد حصل أوم في عام 1845م علي عضوية الأكاديمية البافارية للعلوم والعلوم الإنسانية وهي أكاديمية علمية تأسست عام 1758م وتقوم أيضا بنشر الكتب كما حصل أيضا علي عضوية الأكاديمية البروسية للعلوم والتي أصبحت فيما بعد أكاديمية برلين براندنبرج للعلوم وهي منظمة المانية تعني بالأبحاث في مجالات العلوم الإنسانية والعلوم الإجتماعية والرياضيات والعلوم الطبيعية وعلم الأَحياء والطب والهندسة وكتنت قد تأَسست في شهر يوليو عام 1700م وهي تعد حاليا واحدة من أهم المؤسسات البحثية المستقلة في المانيا وبالإضافة إلي ما سبق فقد تم تأسيس جامعة في مدينة نورمبرج تحمل إسمه متخصصة في العلوم التطبيقية وتشمل العديد من الأقسام العملية منها قسم الهندسة المعمارية وقسم الهندسة المدنية وقسم هندسة العمليات وقسم الهندسة الكهربائية وقسم الهندسة الميكانيكية وقسم هندسة المواد وقسم علوم الحاسوب وقسم العلوم الاجتماعية وقسم الكيمياء التطبيقية وقسم الرياضيات التطبيقية وقسم إدارة الأعمال.

وعن الحياة الشخصية للعالم جورج أوم فقد عاش أعزبا طوال حياته ولم يتزوج وتفرغ طوال عمره لأبحاثه وتجاربه وكان يتبع الطائفة المسيحية البروتستانتية وتوفي في مدينة ميونيخ في يوم 6 يوليو عام 1854م عن عمر يناهز 65 عاما وأخيرا فقد عرف عن أوم مقولة شهيرة نصها :"إن تاريخ العالم لا يصنعه إلا تقدم وعي الحرية" .
 
 
الصور :