الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الخديوى عباس حلمي الثاني

الخديوى عباس حلمي الثاني
عدد : 04-2020
بقلم المهندس: طارق بدراوى

كانت وفاة الخديوى توفيق يوم 7 يناير عام 1892م بعد عودته من الأقصر التي كان يزورها مع أسرته بقصره في حلوان وهو في ريعان الشباب حيث لم يكن بعد قد أكمل الأربعين سنة ومن ثم إنتقلت دفة الحكم إلى الأمير عباس حلمي الثاني أكبر أبنائه ووريث عرشه وولي عهده وكان صبيا يافعا لم يكمل الثمانية عشر سنة وليصبح لقبه منذ ذلك اليوم الخديوى عباس حلمي الثاني وننوه هنا أننا سنشير إليه فيما بعد بالخديوى عباس حيث أن عباس باشا الأول لم يحصل علي لقب الخديوى وهو اللقب الذى يعني الأمير أو السيد وإختص به ولاة مصر فقط دونا عن باقي ولاة الدولة العثمانية في البلاد الأخرى وأول من حصل عليه كان الخديوى إسماعيل بموجب فرمان من السلطان العثماني صدر يوم 8 يونيو عام 1867م وثاني من حصل عليه كان إبنه الأكبر وخليفته الخديوى توفيق والثالث والأخير حفيده والإبن الأكبر للخديوى توفيق الخديوى عباس حلمي الثاني الذى سنستعرض معا مسيرته في حكم مصر وصراعه وصدامه مع رجل الإستعمار البغيض اللورد كرومر الذى كان يشغل منصب المندوب السامي البريطاني في مصر وأيضا الأعمال والإنجازات والمشاريع الضخمة التي تمت في عهده في هذا المقال بكل حياد وموضوعية وسوف نذكر ماله وما عليه ونترك الحكم عليه للتاريخ .

ولد الخديوى عباس يوم 14 يوليو عام 1874م وأبوه كما أسلفنا هو الخديوى توفيق وأمه هي أمينة هانم إلهامي الزوجة الوحيدة للخديوى توفيق وهي إبنة الأمير إلهامي نجل عباس باشا الأول نجل الأمير طوسون باشا نجل محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية وقد عاشت حوالي 40 سنة بعد موت الخديوى توفيق لتموت في عام 1931م في عهد الملك فؤاد بعد عودتها من إسطنبول بحوالي سنة وكانت تلقب بأم المحسنين لكثرة إحسانها على الفقراء والمحتاجين وكان له أخ وحيد شقيق هو الأمير محمد علي توفيق وعدد 3 شقيقات هن الأميرات نازلي هانم وخديجة هانم ونعمة الله هانم وقد تزوج الخديوى عباس مرتين كانت الأولي إقبال هانم وأنجب منها ولدين وعدد 4 بنات والولدان أولهما الأمير محمد عبد المنعم والذى كان وصيا علي العرش بعد تنازل الملك فاروق لإبنه الطفل أحمد فؤاد عن العرش يوم 26 يوليو عام 1952م بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952م بثلاثة أيام وقبل إلغاء الملكية في العام التالي 1953م وثانيهما هو الأمير محمد عبد القادر أما البنات فهن الأميرات أمينة هانم وعطية الله هانم وفتحية هانم ولطيفة هانم أما الزوجة الثانية له فكانت جاويدان هانم وتزوجها في شهر مارس عام 1910م وإنفصلا عام 1913م ولم ينجب منها .

وقد حاول الخديوى عباس بعد وصوله إلى الحكم بحماس الشباب أن ينتهج سياسة إصلاحية وأن يتقرب من الشعب المصرى وأن يقاوم الإحتلال الإنجليزى بعد السنوات العجاف العصيبة التي سادها الإرتباك والإضطرابات التي عاشها الشعب المصرى أيام حكم والده الخديوى توفيق إلي جانب دخول الإنجليز مصر وإحتلالها في شهر سبتمبر عام 1882م فإصطدم معهم عدة مرات وفي آخر الأمر إنتهزوا فرصة قيام الحرب العالمية الأولي في شهر ديسمبر عام 1914م وخلعوه عن عرش مصر وكان وقتها خارج البلاد ومنعوه من العودة إليها فعاش منفيا في جنيف في سويسرا ولم يعد إلى مصر إلا بعد وفاته في يوم 19 ديسمبر عام 1944م في عهد إبن عمه الملك فاروق الأول وكان أول صدام للخديوى عباس مع الإنجليز عندما أقال نظارة مصطفي فهمي باشا والتي كانت آخر نظارة في أيام والده الخديوى توفيق وإستمرت لمدة سنة بعد وفاته إلي أن أقالها إبنه الخديوى عباس في يوم 15 يناير عام 1893م وكلف حسين فخرى باشا بتشكيل النظارة ولكنها لم تمكث إلا 3 أيام فتم تكليف مصطفي رياض باشا بتشكيل نظارة جديدة فشكلها يوم 19 بناير عام 1893م وإحتج الإنجليز علي إقالة نظارة مصطفي فهمي باشا ووقعت أزمة بين الجانبين وأصر الخديوى على موقفه وتحدى اللورد كرومر المعنمد السامي البريطاتي في مصر حينذاك مما زاد من شعبيته ولما ذهب لأداء صلاة الجمعة يوم 11 يناير عام 1893م بمسجد الإمام الحسين تعالت الهتافات ترحيبا به وتحية له وأخذ الحضور يدعون له ويعبرون عن حبهم له وفرحتهم بقدومه وأبرق اللورد كرومر لوزارة خارجيته في لندن بما حدث كما ذكر في برقبته إن الخديوى عباس قد صرح له في إحدى المقابلات إن بريطانيا كانت قد قدمت وعدا بأنها ستترك مصر وترحل عنها وإن شرفها مرتبط بالوفاء بهذا الوعد وأنه قد ظهر تلميح بذلك في تصريحات الملك البريطاني نفسه وأيضا الوزراء في مجلس العموم وفي ذلك التوقيت وفي ظل هذه الظروف سافر الخديوى عباس إلى إسطنبول ليقابل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لينال الشكر على جهوده من أجل إعادة مصر إلى أحضان الدولة العثمانية مرة أخرى وقد ذكر الخديوى عباس في مذكراته إن السلطان العثماني قد شجعه وأيده في موقفه ومعارضته للإنجليز وإمعانا في التحدى أوعز الخديوى إلى أعضاء مجلس شورى القوانين برفض زيادة الإعتمادات المخصصة للجيش الإنجليزى والموافقة على تخفيض ضريبة الأطيان الزراعية وتعميم ونشر التعليم فهاجمه الإنجليز وإتهموه بأنه ينسق مع نظارة مصطفي رياض باشا ومع أعضاء مجلس شورى القوانين لكي يثير لهم المتاعب ويصنع لهم المشاكل ويضع أمامهم العراقيل مما جعل نظارة مصطفي رياض باشا ترضخ لمطالب الإنجليز وتوافق على زيادة المخصصات للجيش الإنجليزى .


وعلي الرغم مما حدث في هذا الصدام الذى يعتبر أنه خرج منه مهزوما إلا أنه قرر أن يخوض معركة جديدة مع الإنجليز ففي يوم 15 يناير عام 1894م قام الخديوى عباس بزيارة أسوان ودعا عدد 33 ابطا إنجليزيا للغذاء معه علي رأسهم قائدهم هربرت كيتشنر وفي أثناء الغذاء أبدى الخديوى عباس بعض الملحوظات حول عدم كفاءة الجيش الإنجليزى فإعترض كيتشنر علي تلك الملحوظات وغضب غضبا شديدا وأبلغ اللورد كرومر الذى أبلغ بدوره وزير خارجيته وثارت ضجة في بريطانيا وتعالت الأصوات تنادى بضرورة خلع الخديوى عباس وكتبت الصحف في صفحاتها الأولى إن الخديوى عباس يعامل الإنجليز في مصر معاملة الأعداء وطلب منه اللورد كرومر ومارس ضغوطا شديدة عليه بأنه من الضرورى أن يصدر أمرا عسكريا يثني فيه على كفاءة الجيش الإنجليزى ويشيد به وبالفعل صدر هذا الأمر يوم 21 يناير عام 1894م وإمعانا في إذلال الخديوى عباس والتنكيل به ومعاقبته علي ماصرح به طالبوه بضرورة إقالة نظارة مصطفي رياض باشا وبالفعل أقيلت هذه الوزارة وتم تكليف نوبار باشا بتشكيل النظارة الجديدة ثم كان الصدام الثالث مع الإنجليز فنتيجة الشعور الوطني المتزايد لدى أفراد الشعب إشتبك بعض الأهالي مع مجموعة من البحارة الإنجليز وإعتدوا عليهم وتم القبض عليهم وطالب اللورد كرومر بتشكيل محكمة خاصة تتولى محاكمتهم وبالفعل تشكلت المحكمة وجاءت أحكامها بالحبس لمدد تتراوح مابين 3 إلى 8 شهور لمن شارك من الأهالي في الإعتداء على البحارة الإنجليز ونظرا لتلك الهزائم في صدام الخديوى عباس مع الإنجليز فضل أن يوقف التحدى والصدام معهم مؤقتا وتوجه إلى ميدان آخر في محاولة لترضية الشعب المصرى الذى كان يؤيده في مناوئته وعدائه للإنجليز ويهتف بحياته ويدعو له فعمل علي إصلاح الأزهر وإختيار وتنصيب شيخ جديد له وإرسال كسوة جديدة كل سنة للكعبة المشرفة في مكة المكرمة وإمعانا من الإنجليز في ممارسة كل الضغوط على الخديوى عباس حتي لايستمر في الصدام معهم طلب الإنجليز من مصر ضرورة إعادة فتح السودان الذى كان قد سقط في أيدى وقبضة المهديين عام 1885م في عهد أبيه الخديوى توفيق وبواسطة جنود مصريين وأن تتكفل مصر بتكاليف الحملة العسكرية التي ستتولى تحقيق هذا الأمر وبعد أن تم فتح السودان مرة أخرى بأيدى المصريين إستولى عليها الإنجليز مما زاد من كراهية المصريين للإنجليز كما حاول الإنجليز الوقيعة بين الخديوى عباس ودولة الخلافة العثمانية والتي كانت تتبعها مصر إسميا فطالبوه بتعيين قاضي قضاة مصرى بدلا من القاضي العثماني المعين من جانب السلطان العثماني وصرح الخديوى عباس بأن ذلك ليس من سلطته بل من سلطة السلطان العثماني وفي لقاء له مع اللورد كرومر أصر علي رأيه وإستطاع أن يجعله يصرف نظر عن هذا الطلب وكان هذا بمثابة أول إنتصار سياسي يحققه الخديوى عباس علي غريمه وخصمه اللدود اللورد كرومر وفي عام 1904م حدث متغير هام حيث تم الإتفاق وديا مابين وزيرى خارجية كل من إنجلترا وفرنسا فيما عرف بإسم إتفاقية سايكس بيكو والتي بموجبها تم إطلاق يد فرنسا في المغرب العربي أى في تونس والجزائر والمغرب في مقابل إطلاق يد بريطانيا في مصر وبالتالي أصبح اللعب علي ورقة التناقض مابين الدولتين الإستعماريتين لا جدوى منه ولا طائل من ورائه مما شجع بريطانيا علي تشديد قبضتها علي مصر وزيادة الضغوط علي الخديوى عباس مما إضطره إلي مهادنتهم إلى أن تتحسن الظروف .


وكان قبل هذه الإتفاقية المشئومة ومنذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادى قد ظهر في مصر تيار وطني قوى وبتأييد من الخديوى عباس تزعمه مصطفي كامل باشا ورفيق دربه محمد فريد باشا وكان مصطفي كامل باشا قد غادر مصر عام 1893م إلى فرنسا ليلتحق بمدرسة الحقوق ليكمل درأسته وبعدها بعام إلتحق بكلية الحقوق بتولوز وحصل منها علي ليسانس الحقوق وخلال وجوده في فرنسا تعرف علي العديد من رجال وسيدات الفكر في فرنسا ومن أبرزهم مدام جولييت آدم وبعد عودته إلى مصر سطع نجمه في سماء الصحافة وفي عام 1900م أصدر جريدة اللواء اليومية وهاجم في مقالاته بريطانيا والإحتلال الإنجليزى وتعرض لهجوم شديد ونقد لاذع وشديد اللهجة من الصحف الإنجليزية وفي شهر يونيو عام 1906م وكان الوقت صيفا شديد الحرارة وكان مصطفي كامل موجودا في فرنسا للعلاج حدثت في مصر حادثة بشعة ومأساوية مشهورة هي حادثة دنشواى ودنشواى قرية في محافظة المنوفية كان بعض جنود الإنجليز يصطادون فيها الحمام وأصابوا أحد النساء من أهالي القرية بطلق نارى فطاردهم أهالي البلدة فسارعوا بالهرب إلا ان أحدهم مات من شدة الإعياء ونتيجة إصابته بضربة شمس فغضب اللورد كرومر المعتمد السامي البريطاني في مصر حينذاك غضبا شديدا وتم القبض على الأهالى الذين كانوا يطاردون الجنود الإنجليز وتمت محاكمتهم محاكمة صورية سريعة وحكم علي بعضهم بالإعدام وعلي بعضهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وعلي البعض الآخر بالجلد وتم تنفيذ الأحكام أمام أهالي القرية وتسببت الحادثة في تأجيج مشاعر الوطنية والإحساس بالظلم لدى المصريين فقطع مصطفي كامل رحلة علاجه بفرنسا وسافر إلي العاصمة الإنجليزية لندن وكتب مجموعة من المقالات هاجم فيها الإنجليز وسلطات الإحتلال في مصر واللورد كرومر شخصيا وسياسته في مصر وكان ممن أيدوه الكاتب الأيرلندي الشهير جورج برنارد شو ونجح في خلق رأى عام مناهض له ولسياسته في مصر وخارجها وكانت النتيجة في النهاية إستجابة الحكومة الإنجليزية ومجلس العموم البريطاني لمطلب إعفاء اللورد كرومر من منصبه وصدر بذلك قرار الحكومة الإنجليزية يوم 12 أبريل عام 1907م .


وقد تم تنظيم حفل لوداع اللورد كرومر الذى ألقي كلمة خلاله أثني فيها علي الخديوى توفيق وعلي نوبار باشا وتجاهل فيها الخديوى عباس تماما وأعلن أن الإحتلال الإنجليزى لمصر سيدوم إلي الأبد في تحد واضح وصريح للخديوى عباس وللشعب المصرى وبعد رحيله عن مصر أصدر الخديوى يوم 7 يناير عام 1908م عفوا عن عدد 9 ممن حكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة في حادثة دنشواى وفي نفس العام أرسل الخديوى وفدا رفيع المستوى إلى العاصمة البريطانية لندن لمطالبة الحكومة الإنجليزية منح مصر الحق في تكوين حكومة تنفيذية تكون مسئولة أمام مجلس نيابي منتخب وبإيعاز من الخديوى وكنوع من إعادة تجربة الصدام مع الإنجليز بعد رحيل رجل الإستعمار البغيض اللورد كرومر رفضت الحكومة والبرلمان الممثل في مجلس شورى القوانين الموافقة على مد إمتياز قناة السويس وفي يوم 27 سبتمبر عام 1911م تم تعيين اللورد هربرت كيتشينر كمعتمد سامي بريطاني في مصر وحاول أن يهدئ الأوضاع عن طريق إجراء إصلاحات محدودة فأنشأ الجمعية التشريعية بدلا من مجلس شورى القوانين وفي يوم 22 يناير عام 1914م أصدر الخديوى عباس مرسوما بإنشائها وتعيين سعد زغلول باشا رئيسا لها وفي بداية شهر أبريل عام 1914م رغب الخديوى في تغيير النظارة القائمة وكانت برئاسة محمد سعيد باشا لوجود شبهات بتقديم رشاوى للنظار وإفسادهم وتحريضهم ضد الخديوى فأبلغه كيتشينر بضرورة تعيين مصطفي فهمي باشا رئيسا للنظار وأنه لن يرضى بغيره بديلا وبعدما وافق الخديوى عاد كيتشينر إمعانا في إذلال الخديوى وإظهارا لقوته وطلب منه تغيير مصطفي فهمي باشا بآخر فكلف الخديوى حسين رشدى باشا بتشكيل النظارة فشكلها في يوم 5 أبريل عام 1914م وبعد حوالي شهر ونصف الشهر غادر الخديوى عباس البلاد مستقلا اليخت المحروسة وكان هذا اليوم هو آخر عهده بمصر ولم يعد إليها بعد ذلك إلا ميتا ليدفن في ترابها وكان آخر ما أصدره من مراسيم مرسوم بترقية وتنقلات بعض رجال القضاء الأهلي ومرسوم بتفويض رئيس النظار حسين رشدى باشا بسلطاته إلي حين عودته من الخارج .


وتوجه الخديوى عباس أولا إلى فرنسا ثم غادرها إلى تركيا وبينما كان خارجا من مقر السلطان العثماني وإذا بشاب مصرى يدعي محمود مظهر يطلق عليه الرصاص فيصاب بجروح في جسمه في أماكن غير مميتة ويتسبب هذا الحادث في تأخير عودته إلي مصر وشاءت الظروف أن تنشب الحرب العالمية الأولى في ذلك الوقت يوم 28 يوليو عام 1914م وكان إغتيال ولي عهد النمسا الأرشيدوق فرانز فرديناند وزوجته من قبل طالب صربي يدعي غافريلو برينسيب أثناء زيارتهما لسراييفو بمملكة صربيا قبل ذلك بشهر فكان أن حدثت أزمة دبلوماسية عنيفة وشديدة ترتب عليها إعلان الإمبراطورية النمساوية المجربة الحرب علي مملكة صربيا ثم توسع نطاق الحرب وإشتد أوارها وإنضمت بريطانيا وفرنسا وروسيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة الأميريكية إلى مملكة صربيا وإنضمت ألمانيا وبلغاريا والدولة العثمانية للإمبراطورية النمساوية المجرية وبنشوب الحرب العالمية الأولي أصبح السفر بالبحر غير مأمون وطلب السفير الإنجليزى في تركيا من الخديوى العودة إلى مصر ولكنه تردد في تلبية هذا المطلب خوفا علي حياته فطلب منه الرحيل إلى إيطاليا والإقامة بها حتي تتهيأ له الظروف المناسبة للعودة إلى مصر فرفض وفي نفس الوقت دخلت بريطانيا الحرب في صف مملكة صربيا ودخلت الدولة العثمانية الحرب مع الإمبراطورية النمساوية المجرية كما ذكرنا وخشي الإنجليز من عودته إلى مصر وعدم تأييده لهم وإنحيازه إلى صف الدولة العثمانية التي كان ميالا لتأييدها مما قد يسبب لهم المتاعب والقلاقل في مصر والموقف خطير والحرب قائمة ولا وقت لدى بريطانيا لكي تنشغل للتصدى لهذه الأمور وكان القرار من بريطانيا بعزله وخلعه عن عرش مصر والذى أعلنه وزير الخارجية البريطاني يوم 19 ديسمبر عام 1914م مسببا ذلك بإنحياز وإنضمام الخديوى عباس إلى أعداء التاج البريطاني مع منعه من العودة إلى مصر ونفيه إلى سويسرا التي أقام فيها في مدينة جنبف حتي وفاته ومن الطريف أن الشعب المصرى ظل يهتف في مظاهراته منذ عام 1914م حتي عام 1931م بهتاف عباس جاى وذلك لكون عباس هو رمز لنهاية وجود الإنجليز في مصر ولكنه تنازل عن جميع حقوقه في عرش مصر بعد مفاوضات أجراها معه إسماعيل صدقي باشا رئيس مجلس وزراء مصر مابين عام 1930م وعام 1933م في عهد عمه الملك فؤاد الأول نظير 30 ألف جنيه دفعتها له الحكومة المصرية وبذلك تنتهي فترة حكم الخديوى عباس لمصر وفي نفس يوم عزله وخلعه عن عرش مصر أعلنت بريطانيا الحماية علي مصر وتم تنصيب عمه حسين كامل شقيق الخديوى توفيق ونجل الخديوى إسماعيل سلطانا لمصر وليكون ثامن من تولي حكم مصر من الأسرة العلوية لتبدأ صفحة جديدة من تاريخ مصر ويتبقي لنا الحديث عن الأعمال والإنجازات التي تمت في عهد الخديوى عباس فمع أن فترة حكمه كانت أغلبها صدامات وصراعات مع الإنجليز ولكن في خلالها تم بناء وتشييد العديد من المنشآت العامة والهامة التي كان لها تأثير علي الحياة في مصر حتي يومنا هذا وقد إستمر الخديوى عباس في الحكم حوالي 23 سنة إلا أيام قليلة كانت أغلبها صراعات وصدامات مع سلطات الإحتلال الإنجليزى والمعنمد السامي البريطاني في مصر سواء أيام اللورد كرومر أو أيام هربرت كيتشينر وقد يتصور القارئ أنه لم تكن هناك أعمال أو إنجازات خلال فترة حكم الخديوى عباس كنتيجة طبيعية لما ذكرناه من ظروف سيئة عاشتها البلاد في ظل صراعه وصداماته المتكررة مع الإنجليز ولكن في واقع الأمر فإن الحقيقة عكس ذلك تماما فقد كانت هناك خلال فترة حكم الخديوى عباس العديد من الأعمال والإنجازات التي أثرت علي جميع نواحي الحياة في مصر وحققت نموا من الناحية الإقتصادية والإجتماعية والعمرانية ومايزال تأثيرها قائما حتي يومنا هذا ويمكننا تلخيص تلك الأعمال والإنجازات في النقاط التالية :-

-- تم في عهد الخديوى عباس إعادة فتح بلاد السودان مرة أخرى بعدما إستولى عليها المهديون عام 1885م في عهد أبيه الخديوى توفيق وخروج الجيش المصرى منها وتم رفع العلمين المصرى والبريطاني علي العاصمة الخرطوم يوم 4 سبتمبر عام 1899م وقد طمع الإنجليز في البداية في الإستيلاء على السودان بمفردهم ولكن الأمر إنتهى بتوقيع إتفاقية الحكم الثنائي للسودان مابين مصر وبريطانيا عام 1899م والتي نصت علي أن يكون حاكم عام السودان إنجليزيا ويعاونه نائب مصرى وأن تتحمل الحكومة المصرية كافة النفقات في السودان مع إلغاء أى إمتيازات أجنبية وتم تحديد مدينة سواكن يرفع عليها العلم المصرى فقط وباقي المدن يرفع عليها العلمان المصرى والإنجليزى وقد وقع علي تلك الإتفاقية كل من بطرس غإلي باشا ناظر الخارجية المصرى ممثلا لمصر واللورد كرومر المعتمد السامي البريطاني في مصر ممثلا عن بريطانيا .

-- تم تأسيس البنك الأهلى المصرى يوم 25 يونيو عام 1898م علي يد رجل الأعمال روفائيل سوارس والسير أرنست كاسل الإنجليزى الجنسية برأس مال قدره مليون جنيه إسترليني وتم الإحتفاظ برصيد مصر من الذهب بخزائنه وفي العام التالي 1899م قام البنك بإصدار أول عملة مصرية ورقية فئة الواحد جنيه وبمرور الأيام تطورت خدمات البنك تطورا كبيرا ويعد حاليا من أكبر البنوك العاملة في مصر .

-- في عام 1907م بدأ تأسيس الجامعة الأهلية المصرية وتشكلت لجنة من أجل بحث الخطوات التنفيذية لهذا العمل كان من أعضائها الأمير فؤاد قبل أن يصبح السلطان ثم الملك فؤاد وأستاذ الجيل أحمد لطفي السيد باشا وبالفعل تم وضع حجر أساس الجامعة في حفل ضخم حضره الخديوى عباس وكبار رجال الدولة يوم 21 ديسمبر عام 1908م وسميت بالجامعة المصرية وكانت تضم في البداية كليتي الحقوق والآداب وتم تعيين أحمد لطفي السيد باشا مديرا لها وبعد ذلك تطور الأمر وتحولت الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية في عهد الملك فؤاد عام 1925م وسميت جامعة فؤاد الأول وتم ضم المدارس العليا لها وهي مدارس المهندسخانة والطب ودار العلوم وغيرها .

-- تم في عهد الخديوى عباس رفض طلب مد إمتياز قناة السويس من جانب الحكومة والبرلمان وتم تأسيس الجمعية التشريعية برئاسة سعد زغلول باشا يوم 22 يناير عام 1914م كما تم في عهده أيضا إنتقال جريدة الأهرام التي أسسها الأخوان سليم وبشارة تقلا من الإسكندرية ليكون مقرها الأساسي في القاهرة وصارت مؤسسة الأهرام بعد ذلك أكبر مؤسسة صحفية في الشرق الأوسط كله كما إهتم الخديوى عباس بإصلاح الأزهر وبتعيين شيخ جديد له وبإرسال الكسوة السنوية للكعبة المشرفة التي كانت تصنع في مصنع تم إنشاؤه خصيصا لهذا الغرض عام 1817م بحي الخرنفش بالقاهرة في عهد محمد علي باشا وكذلك إهتم بعمارة وإصلاح وترميم مسجد الإمام الحسين وايضا توسعة وترميم الجامع الأزهر وبالإضافة إلى ذلك تم في عهده تشغيل ترام الإسكندرية العريق بالكهرباء بدلا من البخار والذى يعد وسيلة المواصلات الأساسية التي تربط أحياء غرب مدينة الإسكندرية بشرقها حتي يومنا هذا وكذلك تم في عهده بناء محطة الرمل التي تبدأ من عندها خطوط الترام .

-- وإستكمالا لمشاريع الرى الكبرى التي بدأت في عهد محمد علي باشا وتواصلت في عهد الخديوى إسماعيل والخديوى توفيق والتي إستهدفت توفير المياه اللازمة لرى الأراضي الزراعية طوال العام تم في عهد الخديوى عباس إنشاء مشروعين كبيرين علي النيل بصعيد مصر أولهما كان مشروع قناطر أسيوط والتي تم إنشاؤها مابين عام 1898م وعام 1903م بغرض تنظيم والتحكم في تحويل المياه من نهر النيل إلي ترعة الإبراهيمية التي تبدأ من أسيوط وتتجه شمالا إلى المنيا وبني سويف وكان قد تم حفرها في عهد جده الخديوى إسماعيل وتعد من أكبر مشاريع الرى في العالم وثانيهما مشروع خزان أسوان والذى تم إنشاؤه مابين عام 1899م وعام 1906م وكان الهدف منه تخزين مياه الفيضان الصيفي لرى الأراضي الزراعية خلال موسمي الشتاء والصيف التاليين لكل فيضان بالإضافة إلي إستغلال إندفاع الماء لإدارة توربينات محطة الكهرباء الملحقة بمشروع الخزان من أجل توليد الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل المصانع وأغراض الإنارة في عموم القطر المصرى ولا يفوتنا أن نذكر في هذا المقام أنه قد قام بتصميم المشروعين المهندس الإنجليزى الشهير السير ويليام ويل كوكس المتخصص في تصميم وتنفيذ مشاريع الرى وكان خزان أسوان في ذلك الوقت من أكبر مشاريع السدود علي مستوى العالم كما تم أيضا في عهد الخديوى عباس إنشاء قناطر دهتورة قرب مدينة زفتي بمحافظة الغربية بهدف التحكم في تنظيم رى الأراضي الزراعية في منطقة شرق الدلتا .

-- تم في عهد الخديوى عباس إنشاء بورصة الإسكندرية عام 1899م ولحقتها بورصة القاهرة عام 1903م وتم قيد الشركات ذات المسؤولية المحدودة التي زاد عددها مع إنشاء البورصتين زيادة كبيرة وكان الغرض من إنشائهما عقد الصفقات التجارية وتداول أسهم الشركات في مكان مخصص لذلك وطبقا لنظام مالي وحسابي يضمن تحقيق الدقة والكفاءة والشفافية بين المتعاملين وحفظ حقوقهم وحتي صدور قرارات التأميم عام 1961م في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كانت البورصة المصرية تحتل المرتبة الخامسة بين البورصات العالمية .
-- تم إنشاء واعمار ضاحية مصر الجديدة في عهد الخديوى عباس علي يد المليونير البلجيكي الجنسية البارون إمبان الذى تم تخصيص مساحة 5952 فدان له عام 1905م من الأرض الصحراوية الواقعة شرق القاهرة بغرض إنشاء مشروع إسكان متكامل الخدمات والمرافق بما يمثل توسعا عمرانيا لمدينة القاهرة وبالفعل بعد عام واحد وفي عام 1906م تم إفتتاح باكورة هذا المشروع الضخم وجدير بالذكر أن البارون امبان قد خطط الضاحية تخطيطا عصريا رائعا يتميز بوجود شوارع متسعة علي جانبيها فيلات ومنازل لايتعدى إرتفاعها 4 أدوار ومفصولة عن الشوارع بممرات تحفها حدائق وواجهاتها مطلية باللون الأبيض ومعظمها علي طراز العمارة السويسرية والبلجيكية مع وجود لمحات من فن العمارة الإسلامية وكذلك كان من ضمن تخطيط الضاحية وجود ترام يربط بينها وبين المدينة الأم وتم تنفيذه فعلا وتم تشغيله عام 1910م ومن أهم معالم هذه الضاحية الجميلة قصر البارون إمبان وكنيسة البازيليك والكنيسة الكاثوليكية وفندق هليوبوليس بالاس الذى أصبح الآن قصر الإتحادية حاليا وأصبح القصر الرسمي لرئاسة الجمهورية في الوقت الحاضر وفندق قصر البارون ومسجد السلطان حسين وعلاوة علي ذلك أيضا تم في نفس الوقت تقريبا بدء إعمار ضاحية المعادى جنوب القاهرة التي كان قد إشترى فيها موصيرى باشا أحد عمداء الجالية اليهودية في مصر آنذاك العديد من قطع الأراضي ثم عهد للضابط الكندى الكسندر آدامز ببداية تخطيطها وتشييد المباني السكنية بها .

-- تم في عهد الخديوى عباس تشييد العديد من المنشآت العامة والهامة والتي ماتزال تؤدى الوظيفة التي أنشئت من أجلها مثل المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية وتم إفتتاحه عام 1895م والمتحف الجيولوجي المصرى الذى تأسس عام 1901م وكان يشغل مبني علي الطراز اليوناني الإغريقي في ميدان التحرير تم هدمه لتعارضه مع مشروع مترو أنفاق القاهرة الكبرى وتم نقل المتحف إلي مكان آخر علي كورنيش النيل والمتحف المصرى بميدان التحرير والذى تم إفتتاحه عام 1902م لعرض الآثار المصرية القديمة ويمثل مزارا سياحيا أساسيا لكل الأفواج السياحية التي تزور مصر ومصدرا من مصادر الدخل القومي كما تم إنشاء متحف الفن الإسلامي بباب الخلق أيضا في عهده وتم إفتتاحه يوم 28 ديسمبر عام 1903م ومتحف الفن القبطي بمصر القديمة وتم إفتتاحه عام 1910م وأيضا مبني هيئة قناة السويس ببورسعيد الذى تشغله إدارة هيئة القناة وبالإضافة إلى ذلك تم أيضا في عهد الخديوى عباس بناء فندق سميراميس القديم علي نيل القاهرة أمام كوبرى الخديوى إسماعيل الذى أصبح كوبرى قصر النيل حاليا عام 1907م والذى كان علي درجة من الفخامة والأبهة تماثل أفخم وأعرق الفنادق العالمية وأخيرا قام الخديوى عباس بتشييد عدد 4 عمارات بشارع عماد الدين عام 1911م وهي من تصميم المهندس المعمارى الإيطالي أنطونيو لاشياك الذى إشتهر في مصر أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين وسميت بإسم عمارات الخديوى وهي تشغل مساحة إجمالية قدرها 9025 متر مربع وبإرتفاع 7 طوابق وجاء التصميم فريدا من نوعه وعلي طراز الباروك الذى يمزج مابين طراز العمارة الفرنسية وعمارة البحر المتوسط ويعلو كل منها قبة مما ميزها عن أى عمارات أخرى سواء في شارع عماد الدين أو غيره من الشوارع ووحداتها السكنية أغلبها مستغلة حاليا كمكاتب وعيادات وشركات متنوعة النشاط وقليل منها سكني .

-- تم في عهد الخديوى عباس تشييد مجموعة من القصور الخاصة بالأسرة المالكة التي مازالت موجودة حتي اليوم وتمثل ثروة قومية وبعضها مايزال مزارا سياحيا مثل قصر الحرملك بحدائق المنتزة بالإسكندرية وقصر الأمير محمد علي توفيق شقيق الخديوى عباس الأصغر بجزيرة منيل الروضة بالقاهرة وقصر الأمير يوسف كمال حفيد الأمير أحمد رفعت إبن القائد إبراهيم باشا إبن محمد علي باشا بحي المطرية بالقاهرة وقصر الطاهرة الخاص بالأميرة أمينة إبنة الخديوى إسماعيل ونجلها محمد طاهر باشا بمنطقة حدائق القبة بالقاهرة وأخيرا قصر الأمير سعيد باشا حليم نجل الأمير محمد عبد الحليم إبن محمد علي باشا بشارع شامبليون بالقاهرة وجدير بالذكر أن القصور المذكورة والموجودة بالقاهرة فيما عدا قصر الأمير محمد علي توفيق من تصميم المهندس المعمارى الإيطالي أنطونيو لاشياك مصمم عمارات الخديوى السابق الإشارة إليه .

-- تم في عهد الخديوى عباس تشييد مجموعة من الكبارى المعدنية العابرة لنهر النيل في القاهرة وخارجها وكان من أهمها داخل القاهرة كوبرى عباس المسمي بإسمه والذى يربط مابين جزيرة منيل الروضة والجيزة ومنها إلى شارع الهرم وطريق مصر الإسكندرية الصحراوى وطريق الصعيد غرب النيل ثم كوبرى إمبابة وهو كوبرى هام جدا فهو يربط منطقة روض الفرج شمال القاهرة بإمبابة شمال الجيزة والذى فيه ممشيان للمارة علي جانبيه وطريق للسيارات في الإتجاهين وفي المنتصف خط السكة الحديد الرئيسي الخاص بالوجه القبلي ومن هنا تأتي أهميته وكوبرى أبو العلا القديم الذى يربط منطقة بولاق بجزيرة الزمالك الذى كان تحفة رائعة في تصميمه وشكله الرائع والذى صممه المهندس الفرنسي الشهير مصمم برج إيفل بباريس العاصمة الفرنسية جوستاف ايفل وأيضا كوبرى الزمالك القديم والذى كان على إمتداد كوبرى أبو العلا الذى يربط بين جزيرة الزمالك والجيزة وهو من تصميم جوستاف ايفل أيضا وخارج القاهرة كان كوبرى المنصورة للسكة الحديد العابر فوق فرع نيل دمياط والذى ربط محافظات شرق الدلتا بمحافظات وسط الدلتا وأيضا كوبرى بنها للسكة الحديد العابر فوق فرع نيل دمياط الذى ربط محافظتي القاهرة والقليوبية بمحافظات المنوفية والغربية حتي مدينة كفر الزيات والذى تم تشييد الكوبرى العابر لفرع نيل رشيد عندها في مرحلة لاحقة ومنها إلى محافظتي البحيرة والإسكندرية وأيضا كوبرى دسوق المعدني القديم العابر لنيل رشيد والذى كان يربط محافظتي كفر الشيخ والبحيرة وأخيرا كوبرى زفتي العابر لفرع نيل دمياط بين مدينتي زفتي بمحافظة الغربية وميت غمر بمحافظة الدقهلية ومنها إلى محافظتي الشرقية والإسماعيلية وسيناء .

-- وكان من نتيجة شبكة الكبارى المعدنية التي تم تشييدها في عهد الخديوى عباس إستكمال خطوط السكك الحديدية بين مدن القطر المصرى سواء في الوجه البحرى أو القبلى مما سهل حركة التنقل سواء للأشخاص أو للبضائع وساهم مساهمة كبيرة في رواج النشاط السياحي في جنوب مصر في أسوان والأقصر بصفة خاصة فأنشئت الفنادق الفخمة في كل منهما مثل فندق أولد كتاراكت بأسوان وفندق ونتر بالاس بالأقصر والذى تم تشييده أواخر عهد الخديوى توفيق ولكنه لم يشهد رواجا كبيرا إلا في عهد الخديوى عباس بعد إستكمال خطوط السكة الحديد وإمتدادها إلى أقصي جنوب صعيد مصر .

وبذلك نكون قد وصلنا إلى نهاية رحلتنا مع الخديوى عباس ويبقى لنا أن نذكر إنه عاش في منفاه بسويسرا حوالي 30 عاما منذ عزله عن عرش مصر وحتي وافته المنية في يوم 19 ديسمبر عام 1944م وبالمصادفة أن يوافق يوم وفاته نفس يوم خلعه عن عرش مصر بعد 30 عاما ونظرا لظروف الحرب العالمية الثانية لم يعد جثمانه إلى القاهرة إلا يوم 26 أكتوبر عام 1945م في عهد إبن عمه الملك فاروق وتم يومها تنظيم جنازة رسمية له وليدفن في مقابر العائلة المالكة بمسجد الرفاعي بالقاهرة ويقام له سرادق للعزاء بجامع الكخيا بشارع إبراهيم باشا وهو شارع الجمهورية حاليا بالقاهرة ورحم الله الخديوى عباس حلمي الثاني رحمة واسعة فالأعمال والإنجازات والإصلاحات التي تمت في عهده لا يمكن إنكارها أو إنكار تأثيرها الذى مايزال مستمرا علي الحياة في مصر حتى يومنا هذا.
 
 
الصور :
 قصر سعيد باشا حليم متحف الفن الإسلامي المتحف القبطي جامعة القاهرة