الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع الخليج المصرى .. بور سعيد ( حالياً )

شارع الخليج المصرى .. بور سعيد ( حالياً )
عدد : 07-2020
بقلم المهندس فاروق شرف
استشارى ترميم الاثار

الشكر الجزيل للمستشار خالد فؤاد على دعوته الرفيعة وقد إستمتعت بحديثه الشيق وإسلوبه الرقيق وثقافته المستنيرة والتى تنم عن وعيه البناء والهادف .. ثم تركت سيادته على أمل اللقاء ومتجهاً للعودة الى ميدان سليمان باشا ( سابقاً ) طلعت باشا حرب ( حاليا ) .

وفى هذه المرة إتجهت الى شارع الخليج المصرى ( سابقاً ) بور سعيد ( حالياً ) فى طريقى متجهاً لقراءة الفاتحة للسيدة زينب من الخارج وفى أثناء المسيرة شاهدت على اليسار مدرسة الخديوية العسكرية ثم مسجد وسبيل مصطفى فاضل وعلى اليمين شارع مجلس الأمة ثم مصنع حلاوة الرشيدى الميزان وأمامة شارع قدري المشهور بمستشفى الحوض المرصود للجلدية يساراً ويميناً حديقة الطفل وفى أخر الشارع شاهت المأذنة الملوية الخاصة بجامع أحمد بن طولون وهذه المأذنة الفريدة لا يوجد مثيل لها إلا فى سامراء وجامع طولون أمامه مسجد الأمير صرغطمش ومسجد الخضيرى والذى سمى هذا الجزء من الشارع بإسمه ولكن الشارع يربط بين شارع بور سعيد و بميدان صلاح الدين أمام باب العزب بقلعة صلاح الدين الأيوبى وهذا الشارع وتفرعاته يعتبر من أقدم المناطق بعد الفسطاط ومدينة القطائع فبداية الشارع من بور سعيد الى مسجد الخضيرى يسمى ماراسينا ومن الخضيرى الى ميدان القلعة يسمى بشارع الصليبة.

واصلت المسير وقرأت الفاتحة لأم العواجز ودخلت شارع نوبار باشا المؤدى الى ميدان لاظوغلى تلك الميدان الملئ بالوزارات والمؤسسات الكبيرة .. فتوقفت أمام هذا الشارع متسائلاً من هو نوبار باشا ولماذا سمى هذا الشارع العريق بإسمه ؟
نوبار باشا أحد وزراء مصر العظام ( وُلد سنة ١٨٢٥ وتُوفِّي سنة ١٨٩٩ ).

فقد امتازت مصر عن سائر ممالك الأرض بتعدد الجنسيات، واختلاط أهلها بسائر أصناف الناس، وقد خدم حكومتها رجال من أمم شتى وفيهم الفرنساويون والإنكليز والألمان وغيرهم من أمم أوروبا، والأتراك والأرناءوط والأرمن والشركس والسوريون وغيرهم من رعايا الدولة.

وقد تناوب رئاسة وزارتها من أول عهد العائلة الخديوية إلى أمد غير بعيد ثلاثة من كبار الوزراء؛ اثنان تركيان هما: المرحوم شريف باشا، وصاحب الدولة رياض باشا، وواحد أرمني هو نوبار باشا صاحب الترجمة، وقد اشتهر الأرمن بالإقدام وعلو الهمة والذكاء والثبات، وقضت عليهم بيئتهم بالاغتراب، وتجشم الأسفار التماسًا للرزق بعرق الجبين والصبر والمواظبة، فلم يعدموا حيثما حلُّوا نصيبًا حسنًا من ثمار أتعابهم، فنبغ بينهم رجال اشتهروا بالسياسة، وآخرون بالثروة، ومنهم في الآستانة جماعة كبيرة من أهل اليسار، وجاء بعضهم مصر على عهد محمد علي باشا، فتولوا أعظم المناصب الإدارية وخدموا الحكومة المصرية خدمات تستحق الاعتبار، أشهرهم باغوص بك، وأرتين بك، ونوبار باشا.


وُلد نوبار باشا في أزمير سنة ١٨٢٥، وتلقى العلم في مدارس سويسرا ثم فرنسا، فخرج من المدرسة وهو في السابعة عشرة من عمره، ونفسه تتطلب المعالي.

فقدم إلى الديار المصرية سنة ١٨٤١، وقد حبَّب إليه الإقامة فيها بوغوص بك وكان ناظرًا للتجارة والأمور الخارجية على عهد محمد علي باشا، وكان من ذوي قرابته فقدمه إلى محمد علي فعيَّنه سكرتيرًا للأمور الأجنبية، ثم صار سنة ١٨٤٤ سكرتيرًا ثانيًا، ومترجمًا في مجلس محمد علي، ولم يمضِ قليل حتى ظهرت نجابته، وعُرِف قدره فارتقى إلى رتبة سكرتير أول ومترجم لإبراهيم باشا، ولما شخص هذا القائد العظيم إلى أوروبا لتبديل الهواء سنة ١٨٤٥ سار نوبار في معيته، وشهد ما لاقاه إبراهيم هناك من الحفاوة والإكرام.

وفي سنة ١٨٤٨ تُوفِّي محمد علي و إبنه إبراهيم، وارتقى عباس باشا الأول إلى منصة الأحكام، فأدخل نوبار في خدمته كما كان عند عمه إبراهيم، ورقَّاه إلى الرتبة الثانية مع لقب بك، وحدث خلاف يتعلق بحقوق ورثة الأريكة المصرية فأنفذه عباس باشا إلى لندرة سنة ١٨٥٠ لإثبات تلك الحقوق، فعاد منها ظافرًا، فعرف عباس باشا له ذلك، فلم يصبر على مكافأته فسماه وزيرًا وهو في فينَّا، وما زال في هذا المنصب حتى تُوفِّي هذا الوالي سنة ١٨٥٤ وتولى عمه سعيد، فأسرع هذا إلى خلعه، ولم تمضِ سنتان حتى استقدمه وعهد إليه إنشاء مصلحة تتولى شئون البضائع الصادرة إلى الهند، فقام بتلك المهمة قيامًا دل على ذكائه وحكمته.

فلما تولى إسماعيل باشا الخديوي الأسبق سنة ١٨٦٣ انتدبه للمسير إلى الآستانة لهذا الشأن، وللمفاوضة بأمور أخرى هامة، فلما عاد أنعم عليه إسماعيل باشا بالرتبة المتمايزة، وبعد قليل نال رتبة اللواء من السلطان عبد العزيز أثناء مروره بالإسكندرية في سياحته إلى أوروبا، ولم يزداد إسماعيل باشا إلا ثقة في نوبار واعتمادًا عليه، فلما نشأت مشكلة قنال السويس بين الحكومة المصرية وشركة القنال سنة ١٨٦٤ عهد إليه السعي في حلها فسوَّى ذلك على أسلوب رضي به الفريقان، فعينه إسماعيل باشا عند عودته ناظرًا للأشغال العمومية. وفي سنة ١٨٦٦ وكَّل إليه وزارة الخارجية.

وفي السنة التالية دارت المخابرات بين الباب العالي وإسماعيل باشا بشأن وراثة الحكم، وكانت لا تزال في أكبر أعضاء العائلة وإسماعيل يريد حصرها في نسله، فأنفذ نوبار باشا إلى الآستانة لتسوية ذلك، فعاد إليه بالفرمان القاضي بترقيته إلى رتبة الخديوية مع توسيع دائرة استقلاله، وحصر الحكومة في نسله.

وفي تلك السنة سافرنوبار باشا إلى أوروبا مندوبًا مفوضًا من إسماعيل باشا لمخابرة الدول العظمى في إنشاء محاكم مختلطة تقوم مقام المحاكم القنصلية التي كانت مرجع محاكمة الأجانب في ذلك الحين فقضى في سعيه هذا سبع سنوات يتردد في أثنائها بين ممالك أوروبا، ويفاوض عظماءهما وملوكها والخزينة المصرية مفتوحة بين يديه، فأنفق أموالًا طائلة، ولكنه عاد مظفرًا غانمًا، وكان قد عهد إليه سنة ١٨٦٧ أيضًا النيابة عن الحكومة المصرية في مؤتمر النقود في باريس فحضره.

ولما قضى مهمته في إنشاء المحاكم المختلطة عام ١٨٧٤ اعتزل الأعمال مدة ثم عاد إليه.

وأصاب مصر في أثناء ذلك أزمة مالية مما تراكم عليها من الديون لما أتاه إسماعيل من النفقات في سبيل عمارة القاهرة وغيرها كما هو مشهور، حتى أفضى الأمر إلى مراقبة الدول والسعي في غل يديه وضبط الميزانية والاقتصاد فيها، ورأت الدول أن تقيد حكومته بالشورى، فاقترحت عليه تشكيل مجلس النظار على ما هو عليه الآن، فلم يرَ إسماعيل خيرًا من نوبار لتشكيل ذلك المجلس، فاستقدمه إليه وكلفه بذلك سنة ١٨٧٨، فألَّفه وجعل في جملة أعضائه عضوين أجنبيين: أحدهما إنكليزي، وهو المستر ولسن، والآخر فرنساوي، وهو المسيو دي بليفير يراقبان سير الأعمال بالنيابة عن إنكلترا وفرنسا، ولكن ذلك لم يكن ليرضي إسماعيل باشا، فلم تمضِ على تلك الوزارة الشورية سبعة أشهر حتى حلها إسماعيل فحدثت ثورة عسكرية نسبها إلى الوزيرين الأجنبيين، وحمل نوبار على خلعهما ليلقي تبعة الأمر عليه، فاستعفى نوبار، وكان ما كان على أثر ذلك من تداخل الدول في خلع الخديوي، فصدر الأمر الشاهاني في ٢٦ يونيو سنة ١٨٧٩ بخلع إسماعيل باشا وتولية نجله المغفور له توفيق باشا الخديوي السابق، وسافر نوبار باشا من مصر، على أنه كان يتردد إليها حينًا بعد آخر، إلى أن حدثت الثورة العرابية .
وكان رحمه الله ذكيًّا حازمًا، حسن السياسة، ليِّن العريكة، وقد أحرز ثروة طائلة، وهو يُعَدُّ من أغنى سكان وادي النيل، وكان كريمًا غيورًا على مصلحة أبناء جلدته، فنال الأرمن في أيام وزارته مساعدات كثيرة بذل لهم فيها المال الكثير.