الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

ميدان التحرير

 ميدان التحرير
عدد : 07-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى

يعد ميدان التحرير أكبر ميادين القاهرة عاصمة مصر وقد تم تخطيطه وإنشائه في عهد الخديوى إسماعيل ضمن مخططه الذى كان يستهدف تحويل مدينة القاهرة إلي باريس الشرق بعدما تلقي تعليمه في العاصمة الفرنسية باريس وشاهد تخطيطها وميادينها وشوارعها وطرقاتها وحدائقها وقصورها ومنشآتها العامة وكان هذا الميدان يسمي في البداية ميدان الإسماعيلية نسبة إليه وبدأ يسمى ميدان التحرير مع إندلاع ثورة عام 1919م وتم تثبيت وترسيخ الإسم رسميا بعد ثورة عام 1952م وهو يشبه إلي حد كبير ميدان شارل ديجول بباريس ولم يكن هذا هو الميدان الوحيد الذى أنشأه الخديوى إسماعيل حيث أنشأ أيضا ميدان عابدين وميدان الأوبرا وميدان العتبة كما شق العديد من الشوارع الهامة في وسط القاهرة منها شارع عبد العزيز وشارع إبراهيم باشا والذى أصبح شارع الجمهورية حاليا وعلاوة علي ماسبق فعلي إمتداد ميدان التحرير أنشا الخديوى إسماعيل كوبرى قصر النيل القديم لربط الميدان ومنطقة وسط المدينة بجزيرة الزمالك التي بدأ العمران يمتد إليها في عهده وأنشأ بها حديقة الأسماك التي تعد من أهم وأشهر حدائق الأسماك في العالم وقصر الجزيرة والذى كان الهدف من إنشائه أن يكون مقرا لضيوف مصر خلال إحتفالات إفتتاح قناة السويس للملاحة البحرية عام 1869م والذى أصبح فندق الماريوت حاليا ويتميز ميدان التحرير بأنه تلتقي عنده مجموعة من أهم شوارع وسط القاهرة منها شارع عمر مكرم وشارع القصر العيني وشارع محمد محمود وشارعي التحرير وطلعت حرب وشارعي البستان وشامبليون وشارعي قصر النيل وميريت باشا كما يتميز أيضا بأنه علي مر السنين أقيمت به العديد من المباني الهامة التي تطل عليه أولها مبني الجامعة الأميريكية بالقاهرة وكان في الأصل قصرا فخما شيده الخديوى إسماعيل في عام 1870م ليكون مقر سكن لزواج إحدى بناته وإسمها زينب هانم زوجة أحمد خيري باشا وهو تركي الأصل وثانيها المتحف المصرى والذى إفتتح عام 1902م وقام بتصميمه المهندس المعمارى الفرنسي مارسيل دورنون وثالثها مبني وزارة الخارجية القديم والذى كان في الأصل قصر الأميرة نعمت الله توفيق إبنة الخديوى توفيق وتم إنشاؤه عام 1906م وقام بتصميمه المهندس المعمارى الإيطالي الشهير أنطونيو لاشياك وذلك بالإضافة إلي مسجد عمر مكرم باشا والذى أنشيء في فترة الأربعينيات من القرن العشرين الماضي وقام بتصميمه المهندس المعمارى الإيطالي ماريو روسي ومجمع التحرير الذى أنشيء عام 1951م وقام بتصميمه المهندس المعمارى المصرى محمد كمال إسماعيل ومبني جامعة الدول العربية وفندق هيلتون النيل سابقا والريتز كارلتون حاليا وتم إنشاؤهما في النصف الثاني من الخمسينيات وأخيرا فندق هيلتون رمسيس الذى تم إنشاؤه في بداية الثمانينيات من القرن العشرين الماضي .


وفي عام 1997م وحلا لمشكلة الزحام ومشكلة إنتظار السيارات في محيط ميدان التحرير والشوارع المؤدية إليه ومن أجل المساهمة في تحقيق سيولة المرور وإستيعاب كافة السيارات المترددة على منتصف المدينة تقرر بناء جراج تحت الميدان علي مساحة 20 ألف متر مسطح وقامت بتنفيذه شركة المقاولون العرب وبتمويله شركة التحرير للجراجات الإستثمارية تيكو والبنك الأهلي المصري وبنك مصر لصالح محافظة القاهرة وهو يتكون من أربع أدوار بعمق 14 متر تحت سطح الأرض ويستوعب 1700 سيارة ملاكي و24 أتوبيس سياحي وتم تزويده بأحدث أنظمة الأمان والتهوية والحماية ضد الحرائق واللوحات الإرشادية إلى جانب إستحداث نظام لبيان الأماكن الخالية والمشغولة بالجراج وكان هذا المشروع بمثابة تحدي جديد خاضته شركة المقاولون العرب وأثبتت أنها قادرة على إنجاز المستحيل فعلى الرغم من الظروف التي أحاطت بالمشروع منذ بدايته كونه يقع في قلب ميدان التحرير مهد ثورة يناير عام 2011م حيث كان قد تم عمل الدراسات اللازمة والتصميمات المعمارية واستكمال أعمال الحوائط اللوحية ثم قامت الثورة وتم غلق الميدان لمدد متتالية تلاها أحداث سياسية متنوعة وإنفلات أمني الأمر الذي مثل تحدي أمام رجال المقاولون العرب ورغم تضاؤل نسب الإنجاز التي بلغت 20% فقط خلال تلك الأوقات العصيبة إلا أنهم أصروا على الإستمرار و تكثيف الجهود وتطبيق نظام الورديات الثلاثة على مدار اليوم كله في الفترة التي تلت 30 يونيو عام 2013م وقد تضمنت أعمال المشروع ثلاث مراحل هامة كان أولها أعمال الحوائط اللوحية والتي بدأت في نهاية عام 2010م كما ذكرنا في السطور السابقة وتم خلالها تنفيذ حوائظ الديفرام وهي الحوائط الخارجية بسمك متر وعمق 37 متر تحت سطح الأرض والحوائط الداخلية بسمك 60 سم وعمق 33 متر تحت سطح الأرض وتم تنفيذها بواسطة إدارة الأساسات وتلاها المرحلة الثانية وهي مرحلة الحقن والآبار حيث تم عمل طبقة حقن على عمق 32 متر بسمك 4 متر بكامل مسطح المشروع وذلك للسيطرة علي المياه الجوفية لقرب المشروع من نهر النيل وتلا ذلك المرحلة الثالثة وشملت أعمال الحفر وتدعيم الحوائط اللوحية أثناء الحفر ونظرا لوجود منشآت هامة مثل المتحف المصري ومحطة مترو السادات حول موقع الجراج كان يتم رصد حركة التربة خارجه أولا بأول لرصد أي تأثير علي أساسات هذه المنشآت و بعد الإنتهاء من أعمال الحفر والوصول لمنسوب التأسيس وصب الخرسانة العادية وأعمال عزل الجراج بإستخدام شرائح البي في سي تم البدء في أعمال البنية المسلحة ثم أعمال إستكمال بلاطات الأدوار العلوية التي قامت بها إدارة الأعمال التكميلية ثم أعمال التشطيبات والتي قامت بتنفيذها إدارة الصحي والتشطيبات وهي عبارة عن الغرف الميكانيكية لأعمال التهوية وغرف الكهرباء والخدمات والمخازن ثم الأعمال الكهروميكانيكية والتي قامت بتنفيذها إدارة المنشآت المتميزة وتمثلت في أعمال التهوية الميكانيكية وأعمال إنذار ومكافحة الحريق والأعمال الكهربائية والتى تشمل الأركان وكاميرات المراقبة ونظام التحول وشاشات العرض واللوحات الإرشادية وقد بلغت التكلفة الإجمالية لهذا الجراج حوالي 700 مليون جنيه وتم إفتتاحه في أوائل شهر ديسمبر عام 2015م .

مؤخرا تم تطوير هذا الميدان الشهير بداية من مدخله عند تمثال الشهيد الفريق عبد المنعم رياض حيث تم إزالة الحدائق الموجودة بالميدان وإعادة زراعتها بالنخيل ونباتات الزينة وأشجار الزيتون ونباتات البردى وغيرها من النباتات الفرعونية ،وذلك بالتنسيق مع وزارتى السياحة والأثار والإسكان ومحافظة القاهرة كما تم زراعة المنطقة السطحية لجراج التحرير بأشجار الزيتون والنخيل ونشر مقاعد للجلوس بطول الحدائق الموجودة بالميدان،علاوة علي ذلك فقد شهدت المنطقة المواجهة لمجمع التحرير زراعة النخيل والزيتون ونباتات الزينة داخل أحواض متنقلة بالإضافة إلى تجهيز حديقة المجمع وزراعتها بالنخيل وأشجار الزيتون أيضا بالإضافة إلى إستحداث منظومة إنارة للميدان بالكامل لإظهاره مضاء بالكامل مع توزيع الإنارة التجميلية بجوار النخيل المنتشر بالميدان ومن جانب آخر إنتهت وزارة الآثار من تثبيت مسلة الملك رمسيس الثاني بوسط الميدان بالصينية الموجودة بوسط الميدان والتي تزن 90 طن بالإضافة إلى قاعدتها والتي تم نقلها من منطقة صان الحجر بالشرقية والتي يبلغ إرتفاعها 19 متر هى منحوتة من حجر الجرانيت الوردى وتصور الملك رمسيس الثانى واقفا أمام أحد المعبودات بالإضافة إلى الألقاب المختلفة له كما تم الإنتهاء من إنشاء قواعد لتثبيت عدد 4 تماثيل كباش تم نقلها من الفناء الأول خلف الصرح الأول بمعبد الكرنك بمدينة الاقصر وذلك بعد ترميمها وذلك لإضفاء طابع الحضارة الفرعونية على الميدان والتي تم تثبيتها علي هذه القواعد وتم أيضا إنشاء نافورة دائرية بمحيط المسلة الفرعونية المشار إليها لتظهر صينية الميدان وبها المسلة وتماثيل الكباش الفرعونية الأربعة والنافورة التى تحيط بالمسلة ومنطقة دائرية خضراء سيتم زراعتها بنباتات صغيرة حتى لا تغطى على شكل المسلة والكباش الفرعونية وتخصيص مساحات سيتم إستخدامها كمناطق لإنتظار الدراجات ضمن المشروع التجريبى لإستخدام الدراجات بوسط مدينة القاهرة وإنشاء منحدرات على الأرصفة لتسهيل حركة ذوى الإحتياجات الخاصة وعلاوة علي ذلك فقد تم إزالة جميع التشوهات البصرية والإعلانات من أعلى العقارات المطلة على الميدان حتى يتسنى أن يصبح ميدان التحرير في رونقه التراثي ليحاكي أشهر ميادين العالم وهو ما يليق بميدان له مثل هذه الأهمية التاريخية العظيمة بفضل العديد من الأحداث التي شهدها والمنشآت الهامة التي يحتويها وللوصول إلي ميدان التحرير يوجد العديد من وسائل المواصلات أهمها مترو أنفاق القاهرة الكبرى سواء الخط الأول حلوان المرج أو الخط الثاني الجيزة شبرا الخيمة حيث توجد محطة أنور السادات ويوجد بها مخارج تؤدى مباشرة إلي ساحة المجمع وأيضا توجد العديد من خطوط الأوتوبيسات تبدأ وتنتهي مساراتها بمحطة الأوتوبيس المركزية المتواجدة بميدان التحرير بالإضافة إلي العديد من خطوط الميكروباصات .

ويتبقى لنا أن نقول إن ميدان التحرير كما شهد أحداث ثورة الشعب المصرى في شهر مارس عام 1919م فقد شهد بعدها وخلال ثلاثينيات وأربعينيات وأوائل خمسينيات القرن العشرين الماضي العديد من المظاهرات الحاشدة التي كانت تطالب بالاستقلال التام ورحيل الإنجليز عن مصر نهائيا كما شهد الميدان مظاهرات التاسع والعاشر من شهر يونيو عام 1967م الرافضة لهزيمة الخامس من شهر يونيو من العام المذكور وفي أوائل عام 1972م وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات شهد المظاهرات الحاشدة التي كانت تطالب بضرورة إزالة آثار العدوان الإسرائيلي وتحرير سيناء وفي شهر يناير عام 1977م وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات أيضا شهد المظاهرات الحاشدة التي إندلعت بعد صدور بعض القرارات الاقتصادية الخاصة برفع أسعار بعض السلع الأساسية ثم دارت الأيام والسنين وبعد 34 عاما شهد الميدان أيضا أحداث ثورة 25 يناير عام 2011م والتي كان من أهم نتائجها تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم وسقوط نظامه يوم 11 فبراير عام 2011م بعد أن إعتصمت الجماهير في الميدان لمدة 15 يوما متتالية مصرة على رحيله وسقوط نظامه بعد أن ظل في الحكم قرابة الثلاثين عاما وقد شهدت هذه الثورة سقوط العديد من الشهداء وسط الميدان وبعد ذلك بسنتين وعدة شهور شهد الميدان ثورة أخرى هي ثورة 30 يونيو عام 2013م والتي أسفرت عن سقوط الرئيس السابق محمد مرسي وخلعه عن الحكم يوم 3 يوليو عام 2013م بعد أن اعتصمت أيضا الجماهير في الميدان لمدة 4 أيام مطالبة بسقوطه وسقوط نظامه بعد أن حكم لمدة عام فقط وكأنه قد كتب علي الميدان أن يكون شاهدا على الأحداث التاريخية الهامة التي تمر بها مصر علي مر السنين وعاشت مصر وعاش شعب وجيش ورئيس مصر .
 
 
الصور :