الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

لمحة تاريخية عن القلاع والحصون

لمحة تاريخية عن القلاع والحصون
عدد : 08-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى


من الناحية التاريخية كانت بداية بناء القلاع والحصون بسبب حاجة الإنسان منذ أقدم العصور لحماية نفسه من الأعداء والحيوانات المفترسة حيث كانت القبائل البدائية تحمي مضاربها من الضواري والمغيرين عليها بواسطة سياج بما يتوفر حولها من جذوع الأشجار والأشواك أو حتى الحجارة والتراب وذلك بما يوافق الظروف الطبيعية للموقع ثم تطور فن بناء القلاع مع تقدم الزمن فتقدمت من كونها أعمال ترابية وأسيجة تبعا للحاجة إلى مباني خشبية وحجرية دائمة ومعقدة مبنية في مواقع تحمل أهمية إستراتيجية عسكريا وإقتصاديا وكانت تختلف حصانتها وشدة منعتها بحسب الهدف منها وبحسب قوة العدو المحتمل وطبيعة أسلحته ومدى مهارته في القتال وقد أثبتت الدراسات الأثرية في تاريخ بناء القلاع أن معظم مدن بلاد الشام والعراق ومناطق آسيا الصغرى ومصر كانت محاطة بأسوار للحماية ومدعمة بأبراج مراقبة وبوابات حصينة كما كان لها تحصينات من الأمام إضافةً إلى خنادق تتناغم مع الجغرافيا الطبيعية التي ساعدت علي حمايتها في بعض الجهات كما كانت القلاع والحصون تبنى على الطرق التجارية وبالقرب من النقاط الإستراتيجية الهامة أو لحماية حدود الدول البرية والبحرية حيث بقيت الحصون والقلاع وأسوار المدن تحتل المرتبة الأولى في وسائل الدفاع لعشرات القرون إلى حين إخترعت الأسلحة النارية وظهرت المدافع وقد بنتها معظم شعوب العالم من قدماء المصريين والإغريق والرومان إلى العرب والصينيين والأوربيين والأفارقة وغيرهم وقد إزداد بناء الحصون والقلاع في فترة العصور الوسطى حيث إتخذ بناء القلاع والحصون نمطين مختلفين الأول هو النمط الدفاعي والهجومي في آن واحد والثاني هو النمط الدفاعي لتوفير الأمن لساكنيه وهذا النمط الأخير يرجع إلى عصابة الحشاشين حيث كانت كافة قلاعهم دفاعية والتي إنتشر بناؤها من إيران وصولا إلى بلاد الشام حتى سميت هذه العصابة بدولة القلاع كما أطلق عليها القلقشندي .

وكان من أولي القلاع التي بنيت في مصر قلعة بوهين وقلعتا سمنة وقمنة جنوبي مصر فيما وراء الجندل الثاني بنهر النيل لحماية حدود مصر الجنوبية والغربية من غارات النوبيين وذلك في عهد الفرعون سنوسرت الثالث الذى حكم مصر لمدة 38 عاما مابين عام 1878 ق.م وحتي عام 1839 ق.م وفي العصر الروماني أقيمت في منطقة الوادى الجديد الحالية قلعة بنيت من الطوب اللبن تسمي أم الدبادب وهو إسم عين في هذه المنطقة التي تبعد عن مدينة الخارجة حوالي 65 كيلو متر كما أقام السلطان صلاح الدين الأيوبي قلعتان معروفتان باسمه وأولهما قلعة صلاح الديد بجزيرة فرعون بطابا عام 1171م لصد غارات الصليبيين وحماية الطرق البرية والبحرية بين مصر والشام والحجاز وحماية طريق الحج المصري عبر سيناء وكقاعدة بحرية متقدمة لتأمين خليج العقبة والبحر الأحمر من أي غزوة بحرية وثانيهما قلعة صلاح الدين بالقاهرة والتي تم إختيار موقع لبنائها يقع فوق جبل المقطم كان يعرف باسم قبة الهواء وهو موقع إستراتيجي من الدرجة الأولى بما يوفره من أهمية دفاعية لأنه يسيطر على مدينتي القاهرة والفسطاط كما أنه يشكل حاجزا طبيعيا مرتفعا بين المدينتين كما أنه بهذا الموقع يمكن توفير الإتصال بين القلعة والمدينة في حالة الحصار كما أنها سوف تصبح المعقل الأخير للإعتصام بها في حالة إذا ما سقطت المدينة بيد العدو وقد بدأ في العمل في بنائها عام 1176م وإفتتحت في عام 1183م دون أن يكتمل بها البناء والذى لم يكتمل سوى في عهد الملك الكامل إبن الملك العادل خامس السلاطين الأيوبيين الذى حكم مصر بين عام 1218م وعام 1238م وكان أول من سكنها وإتخذها مقرا للحكم وهي بحق تعد من أفخم القلاع الحربية التي شيدت في العصور الوسطى .

وفي العصر المملوكي تم بناء قلعة قايتباى في نهاية شبه جزيرة فاروس بأقصي غرب اﻹسكندرية في نفس الموقع الذى بنيت فيه فنارة اﻹسكندرية القديمة والتي تهدمت بسبب زلزال قوى أصاب المنطقة عام 702 هجربة في عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون والذى أمر بترميمها ولكنها إنهارت بالكامل عام 777 هجرية الموافق عام 1375م وفي عام 882 هجرية الموافق عام 1477م زار السلطان المملوكي اﻷشرف قايتباى اﻹسكندرية فأمر ببناء قلعة في نفس موقع الفنارة المنهارة ويقال أنه قد تم إستخدام نفس أحجار الفنارة المنهارة في بناء القلعة الجديدة وكان سبب إهتمامه ببناء تلك القلعة بالإسكندرية كثرة التهديدات المباشرة لمصر من قبل الدولة العثمانية والتي هددت المنطقة العربية بأسرها وإكتمل البناء بعد عامين أى في عام 884 هجرية الموافق عام 1479م ومن بعده إهتم السلطان المملوكي قنصوه الغورى بالقلعة لنفس السبب فقام بتقويتها وشحنها بالسلاح اللازم للدفاع عنها وعن مدينة الإسكندرية .

وفي السطور القادمة سنتكلم بشيء من التفصيل عن هذه القلعة والتي بنيت علي مساحة شبه مربعة حيث بلغ طول ضلعيها 130 مترا في 150مترا ويحيط البحر بها من 3 جهات وتحتوى علي البرج الرئيسي واﻷسوار في الناحية الشمالية الغربية واﻷسوار المشار إليها تنقسم إلي سور داخلي وآخر خارجي والسور الداخلي يشمل ثكنات الجند ومخازن السلاح أما السور الخارجي فيضم في أركانه اﻷربعة أبراجا دفاعية ترتفع إلي مستوى السور والذى يوجد في الناحية الشرقية منه فتحات دفاعية للجنود وفي الفناء الداخلي للقلعة يوجد البرج الرئيسي للقلعة وهو علي شكل قلعة كبيرة مربعة الشكل طول ضلعها 30 مترا وإرتفاعها 17 مترا وتشمل 3 طوابق اﻷول منها عبارة عن مسجد يتكون من صحن وعدد 4 إيوانات وفي المسجد حجرة ملحقة لجلوس الإمام أو الخطيب ومن العجيب أن في هذه الغرفة ضريح قيل إنه عبارة عن ضريح رمزي إذ لم يتم العثور فيه على رفات موتى وقيل إنه أِعد لجندي مجهول إتهم في سرقة أسلحة من القلعة وتم إعدامه ثم إكتشف أنه بريء فأقاموا له هذا الضريح الرمزي تكريما له كما توجد بالقلعة عدة ممرات دفاعية تسمح للجنود بالحركة بسهولة ويسر أثناء الدفاع عن القلعة والطابق الثاني يشمل حجرات وممرات وقاعات داخلية والطابق الثالث يشمل قاعة السلطان والذى يجلس فيها لرؤية السفن علي مسيرة يوم من اﻹسكندرية ويغطيها قبوان متقاطعان وقد إتخذها الملك السابق فاروق أحيانا كإستراحة ويشمل الطابق الثالث أيضا فرن ﻹعداد الخبز وطاحونة لطحن الغلال للجنود المقيمين بالقلعة وحاليا توجد أماكن للجلوس في فنائها كما يهوى الزائرون الجلوس أعلى مدرجات وأسوار القلعة والصعود إلي أعلى نقطة فيها لإلتقاط الصور التذكارية وبالقرب من القلعة توجد مراكب صغيرة للنزهة كما يوجد في مواجهة القلعة مباشرة ناد ومتحف للأسماك البحرية يضم أسماك ملونة وأنواع نادرة من الأحياء البحرية كالأسماك والسلاحف والمحار والقواقع وغيرها معروضة به بشكل بديع وجذاب .


وكان الهدف الرئيسي من بناء القلعة هو الدفاع عن السواحل الشمالية للبلاد بعد أن هددت الدولة العثمانية المشرق العربي كله ولذلك إهتم بها جميع سلاطين مصر من دولة المماليك كما أسلفنا القول وفي عهد السلطان المملوكي قنصوة الغورى تم تجديدها وتقوية أسوارها ومدها بالمزيد من الجنود واﻷسلحة ولما دخل العثمانيون مصر في أوائل القرن السادس عشر الميلادى جعلوها مقرا لحاميتهم وزودوها بفرق من الجند المشاة والفرسان ولما ضعف العثمانيون في أواخر القرن الثامن عشر الميلادى وقل اﻹهتمام بالقلعة وضعفت حاميتها إستطاعت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت اﻹستيلاء علي القلعة ودخول اﻹسكندرية عام 1798م وفي عهد محمد علي باشا إهتم هو ومن خلفوه بالقلعة وقاموا بتقويتها ومدها بمزيد من الجنود واﻷسلحة وقاموا بعمل تعديلات وفتحات في أسوارها لتتناسب مع نوعية اﻷسلحة التي ظهرت حديثا في ذلك الوقت حيث نصبت فيها مدفعية ساحلية ولما قام الإنجليز بقصف مدينة الإسكندرية في يوم 11 يوليو عام 1882م ثم كان دخولهم الإسكندرية وإحتلالها ومن ثم الإحتلال الإنجليزي لمصر تم تخريب قلعة قايتباي وإحداث تصدعات بها وقد ظلت القلعة على هذه الحالة حتى عام 1904م في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني حينما عاد اﻹهتمام بها كأثر من آثار العصر المملوكي وقامت لجنة حفظ الآثار العربية بترميمها وإعادة بناء ماتهدم منها وعمل العديد من الإصلاحات بها إلي جانب القيام بمشروع شامل لعمل التجديدات بها إستنادا علي الدراسات التي قام بها علماء الحملة الفرنسية والمنشورة في كتاب وصف مصر وأيضا على أساس الدراسات التي قام بها الرحالة كاسيوس في كتابه المنشور سنة 1799م هذا وتعد قلعة قايتباى في أيامنا هذه أحد أهم معالم مدينة اﻹسكندرية وأحد المزارات السياحية الهامة بها ويفد إليها الكثير من زوار اﻹسكندرية من المصريين واﻷجانب لزيارتها وللتعرف علي صفحة من صفحات تاريخ مصر وبعد حوالي 100 عام من بناء قلعة قايتباى وفي العصر العثماني وفي عهد السلطان العثماني سليم الثاني الذى تولي الحكم من عام 1566م حتي عام 1574م بنيت قلعة بمدينة وميناء القصير الذى كان يقع علي ساحل البحر الأحمر لحماية الحجاج والقوافل التجارية من إعتداء العربان عليها حيث كانت تلك الإعتداءات تعطل العمل في الميناء وتفزع وتروع أهل المنطقة فيهجرونها لفترات طويلة .

وكان من أشهر القلاع التي بنيت خارج مصر في فترة العصور الوسطي قلعة حلب والتي تعد واحدة من أقدم القلاع في العالم بأسره والتي بنيت على تلة بإرتفاع 50 متر في وسط مدينة حلب بسوريا وتشير الدلائل الى أن إستحدام هذه التلة في بناء الحصون والقلاع قد بدأ في الألفية الثالثة قبل الميلاد وفيما بعد إستخدمت هذه التلة من قبل الإغريق والبيزنطيين أما البناء الحالي فيعود إلي العصر الأيوبي حيث إستخدمت في مواجهة غارات الصليبيين وفي سوريا أيضا بنيت قلعة الحصن في عام 1031م علي بعد حوالي 60 كم من مدينة حمص ولعبت دورا كبيرا في فترة الحروب الصليبية مابين القرن الحادي عشر والقرن الثالث عشر الميلادى وفي بلاد الأندلس بني المسلمون إبان فترة الحكم الإسلامي هناك العديد مما سمي بالقصبات الأندلسية في المدن الكبرى كألمرية وغرناطة وجيان وقرطبة وملقا وشقوبيه وكانت عبارة عن حصون وقلاع وثكنات عسكرية يوجد في وسطها قصر الحاكم وكان الغرض منها الدفاع عن منطقة ما وما جاورها وكانت تبني في أماكن حصينة ومنيعة بحيث يكون بوسع الجنود المتمركزين بها مجابهة أعداءهم مدة أطول حتى لو سقطت المنطقة التي يدافعون عنها وفي القارة الأوروبية بنيت العديد من القلاع أيضا منها قلعة براج التي أنشئت في القرن التاسع الميلادى وتعد من أكبر قلاع العالم ومقر الحكام في تشيكيا على مر العصور وهي تقع في الجزء الشرقي من العاصمة التشيكية براج وتحديدا في حي القلعة التاريخي وهي تتميز بتنوع الفنون المعمارية فيها من الرومانتيكي إلى الحديث وقلعة وندسور بجنوب شرق إنجلترا والتي بنيت عام 1070م وتعد حاليا أحد المقرات الملكية البريطانية وقلعة هوهن فيرفين التي تقع وسط جبال الألب علي بعد حوالي 40 كم جنوبي مدينة سالزبورج بشمال النمسا والتي أنشئت مابين عام 1075م وعام 1078م وقلعة بودا بالعاصمة المجرية بودابست والتي أنشئت عام 1265م وهي إلي جانب كونها قلعة تاريخية حصينة تضم مجمع قصور الملوك المجريين وقلعة نويشافنشتاين في جنوب غرب ولاية بافاريا بجنوب المانيا قرب الحدود النمساوية والتي تم بناؤها أواخر القرن التاسع عشر الميلادى .
 
 
الصور :
قلعة الحصن بسوريا قلعة حلب بسوريا قلعة بهلاء بسلطنة عمان قلعة أربيل بالعراق قلعة بني حماد بالعراق قلعة شيفرين بالمانيا قلعة هيروساكي باليابان