الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

كتامة ولواتة: صراع المغاربة في دلتا النيل

كتامة ولواتة: صراع المغاربة في دلتا النيل
عدد : 12-2020
بقلم دكتور/ عمر محمد الشريف

منذ عصر الفراعنة وللمغاربة تواجد في بلاد النيل، وبلا شك أن كل ملم بعلم الأنساب والتاريخ يعلم أن هناك نسبة ليست بالقليلة من سكان مصر تعود أصولهم إلى المغرب العربي سواء كانوا عرباً أو أمازيغ، منهم من قدموا إليها مع حملات الدولة الفاطمية واستقروا بها، وتوالت بعد ذلك الهجرات على فترات مختلفة.

وخير دليل على ذلك قرى مصرية عديدة حملت اسم تلك القبائل المغربية مثل قرية كتامة الغابة بمركز بسيون محافظة الغربية، واسمها الأصلي منية الكتاميين، وردت في كتاب وقف السلطان الغوري المحرر سنة ٩٢٢هـ بمنية كتامة، وكذلك قرية كتامة الشرقية التابعة لمركز طلخا، وردت في قانون ابن مماتي من أعمال السمنودية.

وحصة المغاربة من كورة الدنجاوية من أعمال الغربية، وكذلك قبيلة زنارة والتي تحمل اسمها حالياً قرية تتبع مركز تلا بالمنوفية، وقبيلة لواتة وتنسب لها عزبة اللواتي بمركز قويسنا بالمنوفية، وبني غريان بمركز قويسنا أيضاً.

والمعروف أن كتامة قبيلة امازيغية شكلت العنصر الأساسي للجيش الفاطمي مع قبلية صنهاجة، وممن برز اسمه من الكتاميين شيخهم أبو عيسى بلابان بن عساس بن نيوط الكتامي، كان يمتلك بعض الضياع، توفي في سنة ٤١٥هـ، ومنهم نزار بن حسين بن عين الكتامي متولى الشرطة السفلى.

أبناء تلك القبائل تمصروا مع مرور الأيام وذابوا مع المصريين حتى تناسوا أصولهم المغاربية، لكن كتب التاريخ شاهدة على هذا التواجد في دلتا النيل، وقصت لنا صراع مرير بين الكتاميين واللواتيين، فعندما كان الأمير سنان الدولة بن جابر الكتامي والياً على القاهرة أثناء الشدة المستنصرية أو الشدة العظمى، والتي حدثت في الفترة من ٤٥٧ هـ وحتى ٤٦٤هـ ، عمل الكتامي على محاباة أهل الذمة على حساب اللواتيين، كما عمل على نجدة الخليفة المستنصر بالله أثناء تجمع الأهالي وقت الشدة.

تلك الأحداث أشعلت فتيل الصراع بين كتامة ولواتة، واستطاعت لواتة الانتقام بعد ذلك بقتل صارم الدولة بن جابر الكتامي أخو الأمير سنان الدولة بن جابر الكتامي أثناء دفاعه عن ضيعته وقتل بناحية طنطا، فسمع أبو الطيب الزراوى ذلك وكان كاتب لأخيه سنان فى مصر، فذهب إلى طنطا وشتم اللواتيين الذين قتلوه، فوثب عليه أحد اللواتيين يدعى موسى ابن القرن فضربة بالسيف وقتله، وقام البقية بتقطيعه بسيوفهم ورموه فى حفرة.

كانت لواتة قد تغلغلت في الدلتا وخاصة الغربية لاعتماد الفاطميين عليهم بجانب التواجد والاستقرار الكتامي في قريتي كتامة الغابة وكتامة الشرقية، وعندما خرج ناصر الدولة الحسين بن حمدان التغلبي زعيم الأتراك على الخليفة الفاطمي المستنصر بالله واستولى على الوجه البحري والصعيد وهدد بوضع مصر تحت سيادة بني العباس ببغداد انضمت له أعداد غفيرة من لواتة قدرت بحوالي ٤٠ الف لواتي، وكان ذلك في سنة ٤٦٢هـ.

إلا أنه لم ينجح في ازاحة المستنصر بالله، فقُتل ابن حمدان ومعه كل أفراد أسرته بمصر عام ٤٦٥هـ، ليستعين الخليفة الفاطمي بالوزير بدر الدين الجمالي لإصلاح الأوضاع، واستطاع الجمالي أن يعيد نفوذ الخليفة وأنهى سيطرة بني لواتة على الوجه البحري، حيث هاجم اللواتيين في الغربية والشرقية والبحيرة عام ٤٦٧هـ وقتل منهم حوالي ٢٠ الف فرد وعلى رأسهم زعيمهم "سليم اللواتي"، رغم أن سليم قدم كل فروض الولاء والطاعة إلا أن الجمالي أراد كسر شوكتهم، فكانت تلك المذبحة.

وبلغت ذروة الصراع بين كتامة ولواتة عندما مات المستنصر بالله في سنة ٤٨٧هـ، وتولى ابنه المستعلي الحكم بدلاً من ابنه نزار، وانقسمت الدولة إلى مستعلية ونزارية، فكانت كتامة في صف المستعلي، أما لواتة فكانت بجانب نزار وعلى رأسهم زعيمهم محمد بن مصال اللكي.

كما تلقى نزار الدعم من والي الاسكندرية أفتكين التركي، إلا أن الأفضل الجمالي استطاع انهاء الأزمة وقبض على نزار ومات لاحقاً في السجن، واستقر المستعلي فى الخلافة وعمره إحدى وعشرين سنة، ومن هنا بدأت فتنة انقسام الفاطميين إلى طائفتين: طائفة "النزارية" وطائفة "المستعلية".

هزيمة نزار لم تكن نهاية اللواتيين، فعادوا عام ٥٣٨هـ بثورة بقيادة محمد بن رافع اللواتي وهاجموا المناطق المجاورة لمقر اقامتهم بالبحيرة واستولوا على الأراضي، حتى جاء الصالح طلائع ابن رزيك فكسر شوكتهم وتخلص من قائدهم محمد بن رافع اللواتي.

كما ساعدت لواتة صلاح الدين الأيوبي وعمه أسد الدين شيركوه أثناء سيرهم بالاتجاه من القاهرة إلى الاسكندرية عام ٥٦٢هـ، على مدار تلك القرون كانت القبائل المغربية لاعبًا محورياً في الأحداث السياسية التي مرت بها مصر، كما انصهر أفرادها في المجتمع الحضري والقروي المصري.