الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الأميرة فاطمة إسماعيل

 الأميرة فاطمة إسماعيل
عدد : 12-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

الأميرة فاطمة إسماعيل هي إحدى بنات الخديوى إسماعيل من زوجته شهرت فزا هانم وشقيقة عدد 3 من الولاة الذين حكموا مصر وهم الخديوى توفيق والسلطان حسين كامل والملك فؤاد الأول وعمة عدد 2 أيضا هما الخديوى عباس حلمي الثاني والملك فاروق وكان ميلادها في شهر يونيو عام 1853م وإشتهرت بحبها الشديد للأعمال الخيرية ومساهماتها الكبيرة في أعمال البر والإحسان كما أنها تعودت على تذوق الفن والثقافة من خلال حياتها بالسرايات والقصور الملكية ولذا فقد إهتمت برعاية الثقافة والفنون والعلم لكنها لم تتمكن من دخول إحدى المدارس العليا حينذاك نظرا لمنع الفتيات في هذا الوقت من الإلتحاق بها وقد تزوجت من الأمير محمد طوسون بن محمد سعيد باشا والي مصر في عهد أبيها عام 1871م بعد وفاة زوجته الأولي والدة الأمير عمر طوسون وفي حفل زواجها منه إرتدت تاجا من الماس ثمنه 40 ألف جنيه و كان فستانها من الحرير الأبيض الفرنسى الثمين المرصع بأغلى أنواع اللؤلؤ والماس وكان ذيله طوله 15 مترا وأنجبت منه الأمير جميل والأميرة عصمت ثم تزوجت من الأمير محمود سرى باشا بعد وفاة زوجها الأول عام 1876م في عهد أبيها أيضا وأنجبت منه ثلاثة أولاد وبنتا وقد ذاعت شهرة إمتلاك الأميرة لكثير من الحلى الرائعة لدرجة أن ما تملكه من المجوهرات كان يقوم بحمله العديد من الخدم كما أن ملابسها كانت دائما مرصعة بكمية كبيرة من الأحجار الكريمة وكانت وفاتها في يوم 18 نوفمبر عام 1920م عن عمر يناهز 67 عاما في عهد شقيقها السلطان فؤاد الذى أصبح الملك فؤاد الأول فيما بعد وقد قامت الأميرة فاطمة إسماعيل بدور مشهود لها في تأسيس الجامعة المصرية والحديث عن هذا الدور مرتبط بتطور الفكرة ذاتها وبتحويل حلم إنشائها إلى حقيقة وكان ذلك بعد تردد طلاب البعثات المصرية على الجامعات الأوروبية قي إيطاليا وفرنسا وسويسرا والمانيا وإنجلترا ثم عودتهم إلي مصر بعد إنتهاء دراستهم في الخارج ليتحدثوا عن أبنيتها الضخمة ومميزاتها وفوائدها وإشتمال كل جامعة على عدد من الكليات ومن هنا فإن طلاب العلم كان لديهم إيمانا راسخا بأهمية وضرورة تأسيس الجامعات في مصر من أجل تحقيق النهضة والتقدم والرقى في البلاد لكن ظل أمر تأسيس جامعة مصرية حلما بعيد المنال يتمنون تحقيقه وفي ذلك الوقت كانت توجد في مصر العديد من المدارس العليا المختلفة التي كان قد تم إنشاؤها منذ بداية عصر محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة مثل مدرسة المهندسخانة التي تأسست عام 1816م ومدرسة الطب التي تأسست عام 1827م ومدرسة الحقوق التي تأسست في أواخر الستينيات من القرن التاسع عشر الميلادى وفي بداية القرن العشرين الماضي وفي عهد الخديوى عباس حلمي الثاني بدأت الدعوة إلى إنشاء جامعة أهلية ولقيت تلك الدعوة صدى طيب لدى الجميع علي الرغم من المعارضة الشديدة من جانب الإنجليز الذين كانوا يحتلون مصر حينئذ وعلي رأسهم رجل الإستعمار البغيض اللورد كرومر المعتمد السامي البريطاني في مصر حينذاك نظرا لإدراكه أن وجود جامعة سيترتب عليه نشأة أجيال متعلمة واعية لن يكون من السهل السيطرة عليها بعد ذلك في ظل الإحتلال الإنجليزى لمصر وأن تلك الأجيال لن ترضي ببقاء مصر محتلة وسوف تقاتل من أجل الحصول على الإستقلال وطرد المحتل الإنجليزى من البلاد .

وعلي الرغم من ذلك تم تكوين لجنة لبحث إنشاء تلك الجامعة وكان الأمير أحمد فؤاد قبل أن يصبح سلطانا ثم ملكا لمصر علي رأس أعضاء هذه اللجنة ومن أشد المتحمسين للفكرة وبالفعل تم الإعلان عن إفتتاح الجامعة الأهلية في حفل مهيب تم إقامته في قاعة مجلس شورى القوانين حضره الخديوى عباس حلمي الثانى والأمير أحمد فؤاد وبعض رجال الدولة وأعيانها في يوم 21 ديسمبر عام 1908م وسميت بالجامعة المصرية وتم تعيين الأديب الكبير أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد باشا مديرا للجامعة الوليدة وبدأت المحاضرات في الجامعة مساء يوم الإفتتاح وأعلنت الصحف اليومية مكان قاعات المحاضرات مثل مجلس شورى القوانين ونادى المدارس العليا ودار الجريدة حيث لم يكن لهذه الجامعة حينذاك مقر ثابت ثم قامت الجامعة بعد ذلك بإستئجار سراى الخواجة نستور جاناكليس والذى تشغله الجامعة الأميريكية بالقاهرة حاليا كمقر للجامعة والتي تطل علي ميدان التحرير عند إلتقاء شارعي القصر العيني ومحمد محمود بمبلغ 400 جنيه في العام وكان جاناكليس لا يريد تأجير السراى بل بيعه سواء للجامعة أو لغيرها إلا أنه تم إقناع جاناكليس من قبل الأمير أحمد فؤاد بمد عقد الإيجار أربع سنوات فوافق جاناكليس على شرط أن لا يؤجرها لهم بعد هذه المدة ومما يذكر أن الأمير أحمد فؤاد الذى كان يترأس اللجنة المسؤولة عن الجامعة كان من أشد المهتمين بالشئون الثقافية وقضايا التعليم في مصر في هذه الفترة وكانت حجرة مكتبه هي نفس حجرة مكتب رئيس الجامعة الأميريكية الآن بحسب ما ذكره الباحث الراحل عمرو مختار في مدونته مملكة الخديوى والأميرة عن هذا المبني وكانت هذه السراى في الأصل قصرا فخما شيده الخديوى إسماعيل في عام 1870م ليكون مقر سكن لزواج إحدى بناته وإسمها زينب هانم زوجة أحمد خيري باشا وهو تركي الأصل وأصبح وزيرا للمعارف العمومية في عهد الخديوي توفيق شقيق زوجته زينب هانم لمدة سنة وقام بتصميم زخارف المبنى المهندس المعماري ماكس هيردز وهو من مواليد المجر في يوم 19 من شهر مايو عام 1865م وتوفي في مدينة زيورخ السويسرية في يوم 5 من شهر مايو عام 1919م في حين أن المعماري الذي قام بتصميم المبنى غير معروف بحسب ما ذكر في أحد المواقع التي إهتمت بتاريخ توثيق تاريخ المبنى وصوره وبعد وفاة أحمد خيري باشا في عام 1883م في عهد الخديوى توفيق أقام بالقصر نجله حسن بك خيري فترة من الزمن ثم إنتقل فيما بعد للسكن بحي الزمالك وفي عام 1899م إشترى التاجر اليوناني نستور جاناكليس القصر وقام بتحويله إلى مصنع لصناعة السجائر بعد أن قام بعدة تعديلات معمارية وإنشائية به ليصلح لهذا النشاط وفي عام 1908م وحتي عام 1914م تم إستغلال المبنى ليكون مقرا للجامعة الأهلية والتي واجتها العديد من الأزمات والصعوبات المالية ولما قامت الحرب العالمية الأولي في منتصف عام 1914م إشتدت هذه الأزمة بشكل أكبر قتم نقلها إلى سراى محمد صدقي بميدان الأزهار بشارع الفلكي تقليلا للنفقات ولكي تكون للجامعة هيئة تدريس مؤهلة تأهيلا علميا متميزا كانت إدارتها قد بادرت بإرسال مجموعة من طلبتها المتميزين للدراسة في الخارج ثم العودة بعد الحصول على شهادة الدكتوراة للتدريس بها وكان منهم الدكتور طه حسين ومنصور فهمي وأحمد ضيف كانت الجامعة قد قامت بإنشاء مكتبة جمعت بها نفائس الكتب في شتي العلوم والتي كانت قد أهديت لها من داخل وخارج مصر وأدى كل ذلك إلي زيادة نفقاتها مما زاد من أزمتها المالية .

وعلي الرغم من المجهودات الغير عادية التي بذلتها إدارة الجامعة من أجل الحصول علي دعم مالي يمكنها من مواصلة رسالتها إلا أن مشروع الجامعة الوليدة ظل يعاني من أزمات وصعوبات مالية نظرا لإختلال ميزانيتها والإحتياج المتزايد إلي معونة جادة وكافية ومستديمة لضمان إستمرارها في تأدية رسالتها مما كان يهدد مشروع بناء الجامعة بالتوقف وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الجامعة الوليدة نقل الدكتور محمد علوى باشا الطبيب الخاص بعائلة الأميرة فاطمة إسماعيل ورائد طب الرمد في مصر الصورة كاملة إليها فأظهرت له إستعدادها للتبرع بما تستطيع من أجل مواجهة هذه الظروف ومن ثم بادرت في يوم 2 يوليو عام 1913م بتخصيص ست أفدنة في مقر وزارة الزراعة الحالى ليتم إنشاء الجامعة عليهم بالإضافة إلى تخصيص الإيراد الناتج من مساحة 661 فدانا من أجود الأراضى الزراعية بمديرية الدقهلية لميزانية الجامعة وكانت هذه المساحة من الأرض الزراعية من ضمن 3357 فدانا كانت تمتلكها وكانت قد خصصتها لأعمال البر والإحسان وكان هذا الإيراد في حدود 4000 جنيه سنويا وبذلك أصبح البدء في تنفيذ مشروع بناء مقر دائم للجامعة وبناء كلياتها ممكنا ومن ثم تم تنظيم إحتفالية تحملت نفقاتها بالكامل الأميرة فاطمة لوضع حجر الأساس لمباني الجامعة الناشئة فى يوم الإثنين الموافق 3 جمادى الأولي عام 1322 هجرية الموافق يوم 31 مارس عام 1914م فى الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر وذلك فى الأرض التى وهبتها الأميرة فاطمة لمشروع الجامعة وتصدر الإحتفال الخديوى عباس حلمى الثانى وقام بوضع حجر الأساس بيده بحضور الأمراء ومحمد سعيد باشا رئيس النظار والنظار وفضيلة قاضى مصر وشيخ الجامع الأزهر الشريف وكبار العلماء وقناصل الدول ورئيس وأعضاء الجمعية التشريعية وذوى المقامات وأصحاب الصحف والأدباء ولم يحضر هذا الإحتفال اللورد هربرت كيتشينر المندوب السامي البريطاني في مصر حينذاك ولا قائد جيش الإحتلال كما أنهما لم يعتذرا وذلك نظرا لإدراكهما أن بناء الجامعة معناه إيجاد طبقة من المثقفين المصريين الذين يعرفون أن الإستقلال هو تحرير الشخصية المصرية وإنطلاقها نحو المدنية والحضارة وليس مجرد تحرير للأرض وكتب على حجر الأساس هذه العبارة الجامعة المصرية الأميرة فاطمة بنت إسماعيل سنة 1332 هجرية وأودع الحجر في بطن الأرض ومعه أصناف العملة المصرية المتداولة ومجموعة من الجرائد التى صدرت فى يوم الإحتفال ونسخة من محضر وضع حجر الأساس الذى توج بتوقيع الخديوى والأميرة فاطمة وتلاهما فى التوقيع دولة الأمير أحمد فؤاد رئيس شرف الجامعة فرئيس وأعضاء مجلس إدارتها .

لاحظت الأميرة فاطمة تعثرا في بناء كلية الآداب التي كان يجرى إنشاؤها حينذاك لقلة الأموال ولذا فمن أجل إتمام بناء الكلية تبرعت بمجوهراتها من أجل هذا الغرض وإلى الآن هناك بالكلية لوحة مكتوب عليها ذكرى عطرة للأميرة فاطمة إسماعيل التي أسهمت في بناء هذه الكلية وقد وكلت الجامعة الدكتور محمد علوى باشا عملية بيع المجوهرات والذى نجح في بيعها بسعر مناسب و هو حوالى 70 ألف جنيه وهو مبلغ ضخم جدا بمقاييس ذلك الزمان وكنتيجة للتقدم الذى حققته الجامعة الأهلية المصرية الوليدة وفي أوائل عهد السلطان فؤاد والذى كان مهتما جدا بكل ماله علاقة بالتعليم والثقافة وفي أواخر عام 1917م توجهت الحكومة إلى فكرة إنشاء جامعة حكومية فكونت لجنة لدراسة كيفية التنفيذ وأشارت تلك اللجنة بضرورة ضم المدارس العليا القائمة منذ زمن طويل بالبلاد إلى الجامعة الأهلية كما أن السلطان فؤاد إستطاع باتصالاته وعلاقاته الطيبة مع المسؤولين في إيطاليا وفرنسا وبريطانيا أن يحصل علي موافقة الجامعات في كل من روما وباريس ولندن علي تعليم الطلبة المصريين في تلك الجامعات مجانا بدون مصروفات وتم بالفعل في يوم 12 مارس عام 1923م ضم مدرستي الطب والحقوق إلي الجامعة الأهلية وبعدها تم الإتفاق بين الحكومة وإدارة الجامعة الأهلية علي أن يكون هناك جامعة حكومية تندمج معها الجامعة الأهلية مع إنشاء كلية جديدة هي كلية الآداب وفي يوم 11 مارس عام 1925م تم إصدار مرسوم من الملك فؤاد بإنشاء الجامعة الحكومية بإسم الجامعة المصرية وكانت حينذاك تضم 4 كليات هي الحقوق والعلوم والطب والآداب وفي نفس العام تم ضم مدرسة الصيدلة لكلية الطب وفي عام 1928م بدأت الجامعة في إنشاء مقار دائمة لها في موقعها الحالى بمحافظة الجيزة والذى حصلت عليه من الحكومة بدلا من الأرض التي كانت قد تبرعت بها الأميرة فاطمة من أجل بناء مقر وكليات الجامعة وتم إنشاء مبني إدارة الجامعة بقبته المشهورة وعن يمينه كلية الحقوق وعن يساره كلية اﻵداب وإلي جواره برج الساعة المشهور الذى تم تشييده عام 1937م بإرتفاع 40 متر ويعد أشهر وأقدم ساعة علي مستوى العالم بعد ساعة بيج بين بالعاصمة الإنجليزية لندن وبعد ذلك وفي يوم 22 أغسطس عام 1935م تم صدور مرسوم ملكي بالقانون رقم 91 بضم مدرسة المهندسخانة والتي كانت مبانيها أمام المبني الجديد للجامعة إلى الجامعة المصرية بالإضافة إلى مدرسة الزراعة ومدرسة التجارة العليا ومدرسة الطب البيطرى التي تم ضمها إلى كلية الطب وبعد سنتين تقريبا وفي يوم 31 أكتوبر عام 1935م تم صدور مرسوم ملكي آخر بإلحاق معهد الأحياء المائية بالجامعة المصرية وفي عهد الملك فاروق وفي عام 1938م تم فصل كلية الطب البيطرى عن كلية الطب البشرى ولتصبح كلية مستقلة بذاتها وبعدها بحوالي سنتين وفي يوم 23 مايو عام 1940م صدر مرسوم ملكي بالقانون رقم 27 بتغيير مسمي الجامعة إلي جامعة فؤاد الأول وفي يوم 24 أبريل عام 1946م صدر مرسوم آخر بالقانون رقم 33 يضم مدرسة دار العلوم للجامعة ولتصبح كلية دار العلوم وبعد قيام ثورة يوليو عام 1952م وفي يوم 28 سبتمبر عام 1953م تم إصدار قرار بتغيير مسمي الجامعة ليصبح جامعة القاهرة وهو إسمها الحالي ولي الفخر أنني أحد خريجي هذه الجامعة العريقة والتي تعتبر الجامعة الأم لجميع الجامعات المصرية الأخرى من قسم العمارة بكلية الهندسة دفعة شهر يوليو عام 1981م وقد حصل هذا القسم على المركز رقم 151 على مستوى العالم فى تصنيف كيو إس العالمى على مستوى أقسام العمارة بالجامعات العالمية ويعد هذا الترتيب هو الأول عربيا وأفريقيا .

جدير بالذكر أن قسم الهندسة المعمارية بكلية الهندسة بجامعة القاهرة يعد من أقدم أقسام الكلية حيث إرتبطت نشأته ومراحل تطوره بالبدايات المبكرة والنمو الحثيث للتعليم الهندسى فى مصر منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادى وخلاله حيث كان قسم الهندسة المعمارية بين التخصصات الأساسية والتقليدية لمدرسة المهندسخانة التى أنشأها محمد على باشا فى عام 1816م وفي آخر تصنيف عالمي معلن في عام 2018م تصدرت جامعة القاهرة الجامعات المصرية فى التصنيف الذى أعلنته المؤسسة الأميريكية المتخصصة يو إس نيوز لأفضل 1250 جامعة على مستوى العالم حيث جاءت ضمن أفضل 500 جامعة وإحتلت المركز رقم 448 بين جامعات العالم .

ولم تكن هذه هي فقط مساهمات الأميرة فاطمة في التبرع للمنفعة العامة حيث قررت منح الحكومة ما تبقى من ممتلكاتها البالغة أكثر من 30 فدانا لتتحول إلى منطقة الدقي وأطلق علي الشارع الرئيسي بها حينذاك شارع الأميرة فاطمة إسماعيل وفضلا عن ذلك فقد تنازلت أيضا عن سرايتها التي قدرت مساحة أرضها بحوالي 125 ألف متر مربع والذي تحول إلى المتحف الزراعي في عهد شقيقها الملك فؤاد الأول والذى كان من أشد المتحمسين لإقامة هذا المتحف ويعود إليه الفضل في إنشائه فقد كانت رؤيته أنه من الضرورة أن يكون لمصر متحف زراعي تكون مهمته نشر المعلومة الزراعية والإقتصادية في البلاد علاوة علي أنه كان من أشد المهتمين بالنواحي الثقافية والتعليمية حتي قبل أن يصبح ملكا لمصر فقد كان عضوا في اللجنة التي تكونت من أجل تأسيس الجامعة الأهلية في البلاد كما ذكرنا في السطور السابقة كما أنشئت جامعة القاهرة في عهده وكانت تسمي جامعة فؤاد الأول كما تأسست مجموعة كبيرة من المدارس الكبيرة المشهورة في عهده منها كلية سان مارك بالإسكندرية ومدرسة كلية النصر للبنات بالإسكندرية أيضا كما أنشئ في عهده مجمع اللغة العربية والإذاعة المصرية ومعهد الموسيقي العربية إلي جانب العديد من المتاحف الهامة منها متحف البريد المصرى ومتحف سكك حديد مصر ومتحف الركائب الملكية ومتحف الشمع وقد بدأت أعمال تنفيذ التعديلات المعمارية اللازمة لتحويل مبني سراى الأميرة فاطمة إلى متحف فى شهر مارس عام 1930م وخصص هذا المبني لعرض معروضات المملكة الحيوانية وتنفيذا لخطة إنشاء متحف تتناسب مع عظمة ومكانة وحضارة مصر الزراعية أنشئ مبنى جديد مستقل على نفس طراز القصر لعرض مقتنيات المملكة النباتية فى عام 1935م كما أنشئ مبنى آخر ليكون قاعة للمحاضرات والسينما ومكتبة فى عام 1937م بعد وفاة الملك فؤاد في عام 1936م .

وفى يوم 16 من شهر ذى القعدة عام 1356 هجرية الموافق يوم 16 يناير عام 1938م إفتتح الملك فاروق المتحف رسميا وأطلق عليه إسم متحف فؤاد الأول الزراعى وبعد ثورة يوليو عام 1952م أصبح إسمه المتحف الزراعي المصرى وقد إستمرت خطة الإنشاءات الخاصة بالمتحف الزراعي فيما بعد فأضيف له متحف البهو العربى فى عام 1961م ومتحف الزراعة المصرية القديمة الذى تم تقسيمه إلى متحفين الزراعة المصرية القديمة فى العصر الفرعونى والزراعة المصرية القديمة فى العصور اليونانية الرومانية والقبطية والإسلامية ثم أضيف بعد ذلك متحف القطن فى عام 1996م وأخيرا تم إضافة متحف المقتنيات الفنية فى عام 2002م ثم تم مؤخرا إنشاء متحف الحياة البرية والبيئة ومتحف آلات الرى والزراعة وبوجه عام يعرض المتحف الزراعي المصرى تاريخ تطور الزراعة في مصر بداية من عصر ماقبل التاريخ وحتي عصر الفراعنة ثم تاريخ تطور الزراعة وأنواع المحاصيل والأدوات الزراعية حتي عصرنا الحاضر كما ينفرد المتحف بإقتناء مجموعة أثرية زراعية كاملة وفضلا عن ذلك يعرض المتحف معروضات تجعله متحفا فنيا للتاريخ الطبيعي وكل مايتعلق بالحياة البرية والحيوانية والحشرية ومع المعروضات توجد صور فوتوغرافية ولوحات زيتية مرسومة لأنواع المحاصيل والنباتات والأدوات الزراعية والحيوانات الأليفة والبرية ولقطات طبيعية من الريف المصرى تجعلك تتخيل وأنت تزور المتحف أنك تنتقل إلى أجواء الماضي وتجعلك تتخيل أنك تعيش هذه الحياة بالفعل ويضم المتحف أيضا مكتبة وقاعات للسينما والمحاضرات .

جدير بالذكر أنه قد تم تكريم الأميرة فاطمة إسماعيل في الإحتفال بذكرى مرور 90 عاما علي إنشاء جامعة القاهرة في يوم 7 ديسمبر عام 1996م وبحث في هذا الوقت المسؤولون عن الجامعة وعلي رأسهم الأستاذ الدكتور فاروق إسماعيل رئيسها عن ورثتها من أجل توجيه الدعوة لهم لحضور هذا الحفل ونشر نداءا في جريدة الأخبار القاهرية يناشدهم الإتصال به من أجل ذذلك وعلم الأمير عزيز طوسون حفيدها المقيم في فرنسا بهذا الأمر فإتصل بالسفير المصرى في العاصمة الفرنسية باريس وحصل منه علي رقم تليفون الدكتور فاروق إسماعيل وتواصل معه وكان له شرف حضور حفل تكريم جدته والذى تضمن عرض مجموعة من الصور لها ولمجوهراتها التي تبرعت بها لإنشاء كلية الآداب حيث كانت من المتحمسات لتشييد الجامعة الأهلية في هذا الوقت وتخليدا لذكراها وتكريما لها أقيم بمتحف الجامعة جناح خاص بها معروض به كل صورها وصور مجوهراتها ومتعلقاتها الشخصية .