الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

محمود بسيونى.. النقيب ال 8 للمحامين

محمود بسيونى.. النقيب ال 8 للمحامين
عدد : 01-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

محمود بسيوني باشا سياسي وبرلماني ووزير مصري من أيام العهد الملكي وكان أحد أقطاب حزب الوفد المصرى وكان هو ثامن نقيب للمحامين وكان ميلاده بأسيوط عام 1876م في عائلة كبيرة من عائلات الصعيد كانت من كبار ملاك الأراضي وبعد أن نال الشهادة الإبتدائية ومن بعدها شهادة إتمام الدراسة الثانوية إلتحق بمدرسة الحقوق وبعد تخرجه منها عمل محاميا وكان له العديد من المواقف الوطنية منها ما هو خلال ثورة عام 1919م والتي كانت الحدث الأبرز لهذا الجيل من السياسين والقادة حيث كان محمود بسيوني باشا ضمن المحامين الذين إجتمع معهم مجلس النقابة بمقرها يوم 11 مارس عام 1919م والذي قرر فيه إضراب المحامين عن الحضور أمام المحاكم إعتراضا على إعتقال سلطات الإحتلال الإنجليزي لأربعة من رموز الحركة الوطنية بينهم سعد زغلول باشا كما أقر الإجتماع إنتداب عدد من المحامين لحضور إثنين منهم أمام كل محكمة إبتدائية أو جزئية لإثبات الإضراب في جلسات المحاكم وقد فشلت سلطات الإحتلال في إنهاء إضراب المحامين الذي تبعه عدة إضرابات وتظاهرات في عموم مصر منها خروج أهالي أسيوط في مسيرات سلمية كان أحد قوادها المحامي محمود بسيوني فتصدت قوات الإحتلال البريطاني لهذه التظاهرات وأطلقت الرصاص على المتظاهرين وألقت القبض على بعض القادة المحليين كان من بينهم المحامي محمود بسيوني وكان من نتائج ثورة عام 1919م بعد ذلك إعلان رفع الحماية البريطانية عن مصر وإستقلال البلاد بموجب تصريح 28 فبراير عام 1922م وتلا ذلك إصدار الدستور المصرى الأول في يوم 19 من شهر أبريل عام 1923م ذلك الدستور الذي مثل نقلة كبيرة على طريق إقامة الحياة النيابية السليمة في مصر والذى أخذ بالنظام النيابي البرلماني القائم على أساس الفصل والتعاون بين السلطات ونظم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على أساس مبدأ الرقابة والتوازن فجعل الوزارة مسؤولة أمام البرلمان الذى يملك حق طرح الثقة فيها بينما جعل من حق الملك حل البرلمان ودعوته إلى الإنعقاد لكنه أعطى للبرلمان حق الإجتماع بحكم الدستور إذا لم يدع فى الموعد المحدد كما نص الدستور أيضا علي أن يتكون البرلمان من غرفتين ومن ثم كانت الغرفة الأولي هي مجلس النواب وقد نص الدستور على أن جميع أعضائه منتخبون ومدة عضويته خمس سنوات بينما كانت الغرفة الثانية للبرلمان هي مجلس الشيوح والذى نص الدستور علي أن يكون ثلاثة أخماس أعضائه منتخبين بينما يكون الخمسان الباقيان معينين وفضلا عن ذلك فقد أخذ دستور عام 1923م حينذاك بمبدأ المساواة فى الإختصاص بين المجلسين كأصل عام مع بعض الإستثناءات .

وكان أن ترشح محمود بك بسيونى حيث لم يكن قد حصل علي رتبة البشوية بعد في أول إنتخابات لعضوية مجلس الشيوخ وفاز بعضوية المجلس بسهولة فى تلك الإنتخابات وما لبث أن إنتخب أيضا رئيسا للمجلس نفسه بينما إنتخب ويصا واصف وهو محام أيضا لرئاسة مجلس النواب الذى طالما ضم محامين أكثر بكثير من مجلس الشيوخ تولي سبعة منهم رئاسته كان أشهرهم بالطبع سعد زغلول باشا ومصطفى النحاس باشا ثم محمود بسيونى نفسه أيضا فيما بعد وفى منتصف عام 1928م إنقلب الملك فؤاد الأول ضد حزب الوفد وأقال الحكومة الإئتلافية التي كانت قائمة حينذاك وكانت تتكون من حزب الوفد وحزب الأحرار الدستوريين والتي كان يترأسها مصطفي النحاس باشا والتي كانت تحكم البلاد من يوم 16 مارس عام 1928م ولكنها لم تعمر طويلا حيث بقيت في الحكم حوالي 3 شهور حيث بدأ الوزراء المنتمين لحزب الأحرار الدستوريين في الإنسحاب من الوزارة وتقديم إستقالاتهم تباعا مما تسبب في سقوطها يوم 25 يونيو عام 1928م ولهذا السبب قرر حزب الوفد من يومها عدم الإشتراك في أى وزارة إئتلافية وليتم تكليف محمد محمود باشا رئيس حزب الأحرار الدستوريين حينذاك بتشكيل الوزارة الجديدة والذى أعلن أن وزارته سوف تكون وزارة اليد الحديدية من أجل القضاء علي ما سماه الفوضى والإنفلات في البلاد الأمر الذى تسبب فيه الحكم الحزبي وليعلن صراحة أنه سوف يعطل الدستور بالكامل من أجل ذلك وقام بإلقاء العديد من الخطب والتي أعلن خلالها صراحة عن تصميمه علي إهمال الحكم الدستورى وهو ماحدث بالفعل خلال حكم وزارته والتي تم تجميعها بعد ذلك في كتاب بإسم اليد الحديدية ومن ثم أمر بحل مجلسى النواب والشيوخ معا ولم يعترف المجلسان بهذا القرار وإجتمع محمود بسيونى على رأس مجلس الشيوخ وويصا واصف على رأس مجلس النواب خارج البرلمان الذى أغلقته الحكومة وأصدرا قرارا بسحب الثقة من حكومة محمد محمود باشا وكانت النتيجة وقوع أزمة حادة بين البرلمان والحكومة وفي الشهور الأولي من عمر تلك الوزارة قام حزب الوفد بتنظيم مظاهرات حاشدة للتنديد بتعطيل الدستور وكانت أكبر تلك المظاهرات مظاهرة يوم الإستقلال 15 مارس عام 1929م وهو اليوم الذى أعلن فيه إستقلال مصر وتأسيس المملكة المصرية في عام 1922م وحاول بعض المتظاهرين الوصول إلى قصر عابدين من أجل تقديم إلتماسات إلي الملك فؤاد الأول من أجل إعادة العمل بالدستور الصادر في عام 1923م وحدثت بعض الإشتباكات في ميدان عابدين بين قوات البوليس والمتظاهرين نتيجة لجوء قوات البوليس إلى بعض أعمال العنف لتفريق المتظاهرين حيث تم الإعتداء على بعضهم بالعصي والهراوات ولكن لم تحدث وفيات أو إصابات جسيمة وقد سمح للبعض منهم بدخول سراى عابدين لتقديم إلتماسانهم إلي الملك فؤاد الأول وقابلهم سعيد ذو الفقار باشا كبير الأمناء بشكل غير ودى وغير لائق وتعامل معهم بغلظة وجفاء وتدخل في هذه الأزمة السير بيرسي لورين المندوب السامي البريطاني في مصر حينذاك وقام بعدة إتصالات بزعماء الوفد والذين كانوا يهاجمون الحكومة بضراوة يوميا وكانت الحكومة لا تستطيع الرد علي هذا الهجوم في هذه الظروف المضطربة ووجد محمد محمود باشا نفسه هو ووزارته في موقف حرج في مواجهة هذه التحركات البريطانية في مصر .

ولما وصلت الأمور إلي هذا الحد عرض محمد محمود باشا تقديم إستقالته ليتيح الفرصة لقيام حكومة إئتلافية وفي نهاية شهر سبتمبر عام 1929م بات واضحا أن حكومة محمد محمود باشا تلفظ أنفاسها الأخيرة وكان كل وزرائها مدركين ذلك حتى أنهم كانوا يؤدون مهامهم اليومية بلا حماس وأخيرا تقدمت الحكومة بإستقالتها في يوم 4 أكتوبر عام 1929م حلا لهذا الموقف المتأزم وجاءت حكومة عدلى يكن باشا الإنتقالية وأجريت انتخابات برلمانية جديدة وفاز بها الوفد بالأغلبية فقدمت وزارة عدلي يكن باشا إستقالتها وتم تكليف مصطفي النحاس باشا رئيس حزب الوفد بتشكيل الوزارة الجديدة يوم أول يناير عام 1930م وشغل محمود بسيوني باشا بها منصب وزير الأوقاف وكانت أهم مهمة لتلك الوزارة هي إستكمال المفاوضات مع بريطانيا بشأن المعاهدة التي تم طرحها خلال وزارة محمد محمود باشا السابقة مع وزير الخارجية البريطاني المستر آرثر هندرسون حيث كان قد تم التوصل إلى مشروع معاهدة بين مصر وبريطانيا قدمها هندرسون الي محمد محمود باشا وكان من أهم بنودها قيام قوات الجيش البريطاني بالإنسحاب من القاهرة والإسكندرية إلى منطقة قناة السويس وكانت تلك النقطة مرفوضة من بريطانيا فيما سبق إلي جانب إعتراف بريطانيا بأن الحكومة المصرية هي المسؤولة من الآن فصاعدا عن حماية أرواح وأملاك الأجانب في مصر وأخيرا موافقة بريطانيا علي عودة قوة حماية مصرية إلى السودان بعدما تم خروج جميع العاملين المصريين المدنيين والعسكريين من السودان بعد حادثة مقتل السردار السير لي أوليفير ستاك سردار الجيش المصرى وحاكم عام السودان في عز النهار في وسط مدينة القاهرة يوم 19 نوفمبر عام 1924م ووافق الطرفان علي ذلك المشروع ووعد محمد محمود باشا حينذاك الجانب البريطاني بتقديم مشروع المعاهدة المقترحة إلى برلمان مصرى منتخب إنتخابا حرا مباشرا لإقرارها والتصديق عليها ولكن مفاوضات النحاس هندرسون كما أطلق عليها فشلت نتيجة تمسك بريطانيا بضرورة فصل السودان عن مصر فكان أن قطع النحاس باشا المفاوضات وقال قولته المشهورة تقطع يدى ولاتنفصل السودان عن مصر وإلى جانب ذلك وضع الملك فؤاد الأول الكثير من العوائق والعراقيل أمام تلك الوزارة وإمتنع عن توقيع المراسيم التي ترفعها الوزارة إليه فوجدت الوزارة نفسها عاجزة عن فعل أى شئ وكانت النتيجة الطبيعية التي إنتهى إليها الأمر أن قدمت الوزارة الوفدية إستقالتها للملك فؤاد في يوم 19 يونيو عام 1930م وتكليف الداهية إسماعيل صدقي باشا بتشكيل الوزارة الجديدة .

وكان من نصيب محمود بسيونى بعد سنوات قليلة العودة لتولى رئاسة مجلس الشيوخ فترتين الأولي من يوم 19 مايو عام 1936م وحتي يوم 12 أغسطس عام 1937م في عهد مجلس الوصاية علي عرش الملك فاروق وكانت الحكومة القائمة هي حكومة الوفد برئاسة مصطفي النحاس باشا والثانية من يوم 17 نوفمبر عام 1937م إلى يوم 7 مايو عام 1938م في الفترة التي أعقبت إلغاء مجلس الوصاية علي العرش وحتي إقالة حكومة الوفد في يوم 29 ديسمبر عام 1937م ثم خلال الأشهر الخمسة الأولي من عهد الحكومة التالية وهي وزارة محمد محمود باشا حينما قام محمد محمود باشا بحل مجلسي النواب والشيوخ وإجراء انتخابات نيابية جديدة في شهر أبريل عام 1938م وكانت الفترة الأولي من الفترين المذكورتين في السطور السابقة التي تولي خلالها محمود بسيوني باشا رئاسة مجلس الشيوخ قد تزامنت مع قيام الحكومة بعقد سلسلة من المفاوضات الشاقة مع بريطانيا للوصول إلي إتفاق حول التحفظات الأربعة التي شملها تصريح 28 فبراير عام 1922م وهي إحتفاظ بريطانيا بحق تأمين مواصلات إمبراطوريتها في مصر وحقها في الدفاع عنها ضد أي إعتداء أو تدخل أجنبى وحماية المصالح الأجنبية والأقليات فيها وإبقاء الوضع في السودان على ما هو عليه طبقا لإتفاقية الحكم الثنائي المصرى البريطاني المشترك والموقعة في عام 1899م وقد بدأت هذه المفاوضات بقصر الزعفران بالقاهرة وإنتقلت في بعض جولاتها إلى العاصمة البريطانية لندن وشهد قصر أنطونيادس بالإسكندرية جانبا منها وشاركت فيها جميع الأحزاب المصرية فيما عدا الحزب الوطني الذى كان شعاره منذ تأسيسه أنه لا مفاوضة إلا بعد الجلاء وقاد فريق المفاوضات من الجانب المصرى حينذاك مصطفي النحاس باشا رئيس مجلس الوزراء وواصف بطرس غالي باشا وزير الخارجية ومن الجانب البريطاني السير أنتوني إيدن وزير الخارجية والسير مايلز لامبسون المندوب السامي البريطاني في مصر حبنذاك وقد إنتهت تلك المفاوضات بتوقيع المعاهدة المصرية البريطانية يوم 26 أغسطس عام 1936م بالعاصمة البريطانية لندن والتي إصطلح على تسميتها بمعاهدة عام 1936م والتي كان من أهم بنودها تحديد عدد القوات البريطانية في مصر بما لا يزيد عن 10 آلاف جندي وضابط في وقت السلم وعلي أن يتواجدوا فقط في منطقة قناة السويس وفي الوقت نفسه يتم زيادة عدد ضباط وجنود الجيش المصرى وخاصة أعداد الضباط تدريجيا مع وجود بعثة عسكرية بريطانية في مصر طوال مدة سريان المعاهدة وهي 20 عاما تكون مهمتها تطوير وتدريب الجيش المصرى تدريبا عاليا حديثا وكذلك تسليحه بأحدث الأسلحة العصرية بحيث يكون بعدها قادرا علي الدفاع عن قناة السويس بمفرده وذلك علاوة علي تغيير مسمي ممثل بريطانيا في مصر من المندوب السامي البريطاني ليصبح السفير البريطاني .

وقام البرلمان المصرى بمجلسيه النواب والذى كان يرأسه الدكتور أحمد ماهر باشا والشيوخ وكان يرأسه محمود بسيوني باشا بالتصديق علي هذه المعاهدة يوم 22 ديسمبر عام 1936م حيث وافق أغلبية نواب المجلسين عليها وعلي بنودها وبذلك أصبحت سارية المفعول وتم تسجيلها في سجلات عصبة الأمم الخاصة بالمعاهدات الدولية يوم 6 يناير عام 1937م ومما يذكر أنه بموجب هذه المعاهدة تم فتح أبواب الكلية الحربية أمام أبناء الطبقة الوسطى من الشعب المصرى لتخريج دفعات متعاقبة من الضباط المصريين يتم إلتحاقهم فورا بالجيش المصرى من أجل زيادة عدده وتجهيزه وإعداده للدفاع عن مصر والقناة بعد إنتهاء مدة المعاهدة حتي يمكن الإستغناء نهائيا عن وجود أى قوات بريطانية في مصر بحجة الدفاع عن القناة وتشاء الأقدار أن يلتحق تباعا بالكلية الحربية حينذاك مجموعة من الشباب المصرى كان منهم الرئيسان الراحلان جمال عبد الناصر وأنور السادات وباقي أعضاء مجلس قيادة الثورة عبد الحكيم عامر والشقيقان صلاح وجمال سالم وإبنا العم زكريا وخالد محيي الدين وباقي تنظيم الضباط الأحرار الذين سيقومون بخلع الملك فاروق بعد عدة سنوات وعموما فقد كانت بنود تلك المعاهدة لا تحقق كل المطلوب والمأمول بالنسبة لمصر ولكنها كانت بلا شك نقلة كبيرة حققت كثير من الإيجابيات التي كانت تطالب بها مصر والتي دارت حولها المفاوضات بين الجانبين المصرى والبريطاني طوال 14 عاما منذ صدور تصريح 28 فبراير عام 1922م وحتي توقيع تلك المعاهدة عبر مفاوضات ثروت تشمبرلين عام 1927م ثم مفاوضات محمد محمود هندرسون عام 1929م ثم مفاوضات النحاس هندرسون عام 1930م وهكذا قال مصطفي النحاس باشا والذى أطلقوا عليه لقب أبو المعاهدة أحيانا ومهندسها أحيانا أخرى ما معناه إن ماحققته المعاهدة التي قمت بتوقيعها ليس كل ماكنت أريده وأتمناه ولكنه ما إستطعت الحصول عليه وفي شهر أبريل من العام التالي عام 1937م تم الإتفاق بين مصر والدول الأجنبية علي عقد مؤتمر في مدينة مونتيروه في سويسرا للنظر في أمر الإمتيازات الأجنبية في مصر وتم الإتفاق في هذا المؤتمر بين مصر وتلك الدول علي إلغائها .

وفي شهر مايو من نفس العام 1937م تم تقديم طلب من المملكة المصرية للحصول على عضوية منظمة عصبة الأمم وعرض الأمر في إجتماع للدول الأعضاء بها تم عقده في مدينة جنيف بسويسرا ووافقت تلك الدول بالإجماع علي الطلب ونم إنضمام مصر إلي عصبة الأمم رسميا يوم 29 يوليو عام 1937م وهو نفس اليوم الذى بلغ فيه الملك فاروق سن الرشد وتم إلغاء مجلس الوصاية علي العرش وتم تتويجه منفردا ملكا علي عرش مصر دون مجلس وصاية طبقا لنصوص دستور عام 1923م المعمول به في البلاد حينذاك وكان قد ثار جدل كبير حول حفل تتويجه رسميا ملكا علي عرش مصر حيث رأى البعض كنوع من التقرب والتودد للملك تنظيم حفل ديني يتم خلاله تسليمه سيف جده محمد علي باشا بواسطة شيخ الجامع الأزهر الشريف في الجامع الأزهر وقد أعجب الملك فاروق بهذا الإقتراح وسعد به نظرا لصغر سنه وعدم تقديره الجيد لأبعاد بعض الأمور في هذه السن وذلك بالطبع بخلاف المراسم الدستورية التي حددها دستور عام 1923م المعمول به في البلاد وهي حضور الملك إلى البرلمان في جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والشيوخ ويقوم بحلف اليمين الدستورية أمام المجلسين وعارضت حكومة الوفد القائمة في ذلك الوقت موضوع الإحتفال الديني علي أساس أن ذلك يمثل خلطا ممجوجا بين الدين والسياسة ويضفي سلطة ومكانة وحصانة دينية علي ملك البلاد مما قد يؤدى إلى حدوث فتن وخلافات ومشاكل خطيرة في المستقبل تكون وبالا على البلاد وأصرت الحكومة الوفدية وعلي رأسها رئيس الوزراء مصطفي النحاس باشا علي موقفها وكان لها ما رأت وإقتصرت مراسم التتويج علي المراسم الدستورية فقط حيث حضر الملك فاروق مساء يوم 29 يوليو عام 1937م إلى مبني البرلمان المصرى حيث تم عقد جلسة تاريخية مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ واللذان كان علي رأسيهما أحمد ماهر باشا ومحمود بسيوني باشا كما تقضي أحكام دستور عام 1923م والمعمول به في البلاد لكي يقوم الملك فاروق بأداء حلف اليمين الدستورية كملك علي البلاد أمام البرلمان المصرى بمجلسيه ومما لا شك فيه أن هذا الموقف من الحكومة الوفدية ومن رئيسها مصطفي النحاس باشا قد أوغر صدر الملك فاروق على الوفد ورئيسه خاصة وأن رجال وحاشية القصر قد ساهمت مساهمة كبيرة في هذا الأمر وأخذت تبث كراهية الوفد والنحاس باشا في نفسية وقلب الملك فاروق مما سيكون له أثره في ماتلا ذلك من أحداث طوال فترة حكم الملك فاروق والتي إنتهت في يوم 26 يوليو عام 1952م بعد قيام ثورة يوليو وإجباره علي التنازل عن العرش لإبنه الطفل أحمد فؤاد ونفيه خارج البلاد وإسدال الستار علي فترة حكم أسرة محمد علي باشا للبلاد إلي الأبد والتي إستمرت 147 عاما تعاقب خلالها عدد 10 حكام علي حكم مصر .

وفي الفترة الثانية التي تولي فيها محمود بسيوني باشا رئاسة مجلس الشيوخ من يوم 17 نوفمبر عام 1937م وحتي يوم 7 مايو عام 1938م وهي الفترة التي أعقبت تولي الملك فاروق عرش مصر منفردا بعد بلوغه سن 18 عاما بالتقويم الهجرى وإلغاء مجلس الوصاية في يوم 29 يوليو عام 1937م ففي حقيقة الأمر أنه بداية من هذا اليوم ومابعده بدأت تدب الخلافات بين الملك فاروق وبين الوزارة الوفدية القائمة برئاسة مصطفي النحاس باشا حيث كان الوفد قد كون فرقا من الشباب تسمي فرق القمصان الزرقاء ردا على تشكيل حزب مصر الفتاة فرقا بإسم القمصان الخضراء تكون مهمتها حراسة مقرات حزب الوفد ومنع أى محاولات للإعتداء عليها أو علي الشخصيات الوفدية المعروفة وبالطبع فقد أوصل رجال القصر للملك فاروق أن تلك الفرق ستمثل خطرا داهما على الملك نفسه فلا يستطيع مواجهة حزب الوفد أو إقالة الوزارة الوفدية إن لزم الأمر بعد ذلك كما نشأت مشكلة دستورية بين الملك فاروق والوزارة نتيجة خلو أحد المقاعد بمجلس الشيوخ فرشحت الوزارة شخصية وفدية هو حسن بك نافع بينما كان يريد الملك تعيين شخصية أخرى هو عبد العزيز باشا فهمي رئيس محكمة النقض ووزير الحقانية السابق كما أنه كان رئيسا لحزب الأحرار الدستوريين قبل ذلك وتمسك كل برأيه الوزارة تقول إن هذا الأمر من صميم إختصاصها وهي المسؤولة عن أمر التعيين أمام البرلمان والرأى العام والملك يرى أن الغرض من التعيين هو تزويد ومد مجلس الشيوخ بالكفاءات والشخصيات البارزة التي لاترغب في خوض المعارك الإنتخابية وأن مرشح الوزارة لن يضيف شيئا للمجلس وقامت الوزارة حلا لهذا الخلاف بإستبدال مرشحها بشخصية وفدية أخرى هو فخرى بك عبد النور ولم يوافق عليه الملك فاروق أيضا وفضلا عن ذلك ففي ظل تلك الأحداث والوقائع المتلاحقة بدأت تدب خلافات داخلية في حزب الوفد حيث كان لمحمود فهمي النقراشي باشا وزير المواصلات وجهة نظر في ضرورة حل فرق القمصان الزرقاء وكذلك كان معارضا علي ترسية عطاء مشروع كهربة خزان أسوان علي شركة إنجليزية دون إجراء مناقصة وأيده في ذلك أحمد ماهر باشا رئيس مجلس النواب الوفدى .

وقد ترتب على هذا الأمر إستبعاد وفصل محمود فهمي النقراشي باشا من حزب الوفد وخروجه من الوزارة التي تم إجراء تعديل في تشكيلها يوم أول أغسطس عام 1937م حيث تم إسناد وزارة الصحة العمومية إلى عبد الفتاح الطويل باشا بدلا من وزارة التجارة والصناعة التي كان وزيرا لها وكانت وزارة الصحة قد إستجدت في أواخر أيام وزارة علي ماهر باشا السابقة وكان يتولاها النحاس باشا إلى جانب رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الداخلية كما تم تعيين علي زكي العرابي باشا والذى كان يشغل منصب وزير المعارف العمومية وزيرا للمواصلات بدلا من محمود فهمي النقراشي باشا وتعيين أحمد بك حمدى سيف النصر وزيرا للحربية والبحرية بدلا من علي فهمي باشا وتم إسناد وزارة المعارف العمومية إلى عبد السلام فهمي جمعة باشا إلى جانب وزارة التجارة والصناعة التي كان وزيرا لها كما تم تعيين محمد صبرى أبو علم باشا وزيرا للحقانية بدلا من محمود بك غالب أما وزارة الخارجية فظل واصف بطرس غالي باشا وزيرا لها كما ظل مكرم عبيد باشا وزيرا للمالية وعثمان محرم باشا وزيرا للأشغال العمومية وفي وسط هذه الأحداث حاول أحمد ماهر باشا أن يكتسب تأييد أعضاء الوفد ضد النحاس باشا وأعلن أنه سيقبل الوزارة إذا ماطلب من شخصية وفدية تشكيل الوزارة إذا تم إقالة وزارة النحاس باشا في حين أن النحاس باشا كان من رأيه عدم إشتراك أى شخصية وفدية في الوزارة القادمة إذا اقيلت وزارته وفشل أحمد ماهر باشا في إكتساب تأييد أعضاء الوفد وتعرض للإهانة عند خروجه من الجلسة التي نوقش فيها هذا الموضوع وإنتهي الأمر بخروجه من حزب الوفد وتكوينه هو والنقراشي باشا لحزب السعديين أو الحزب السعدى نسبة إلى سعد زغلول باشا وبعد مناورات عديدة ومناقشات وعدة وساطات أعلن النحاس باشا قبوله لحل فرق القمصان الزرقاء لكنه تمسك بوجهة نظره في موضوع تعيين عضو مجلس الشيوخ ولكن كان من الواضح أن التوافق بين الملك فاروق ورئيس وزرائه قد أصبح صعبا في ذلك الوقت وكان على ماهر باشا رجل القصر القوى ورئيس الديوان الملكي في ذلك الوقت يناور هو الآخر ويغذى ويرجح الخلاف بين الملك فاروق والنحاس باشا مما كان له الأثر السئ علي العلاقات بينهما كما أن الملك فاروق كان قد أوغر صدره علي النحاس باشا في وقت سابق بسبب موضوع عدم موافقة النحاس باشا علي الإحتفال الديني الذى كان رجال القصر والحاشية قد إقترحوه يوم تنصيبه ملكا علي مصر دون مجلس وصاية ولاقي ذلك قبولا لدى الملك ومن جانب آخر كان السفير الإنجليزي السير مايلز لامبسون يراقب كل تلك التطورات ويطلع حكومته أولا بأول علي تلك التطورات ويتلقي منها التعليمات والتوجيهات ولكنه كان في ذلك الوقت يخشى من التدخل في تلك الخلافات والمناورات بشكل سافر بعد توقيع معاهدة عام 1936م وتغيير شكل العلاقة بين مصر وبريطانيا فظل يراقب الأحداث وينصح الجميع بالتوافق والوصول إلي حلول وسط وكل ما كان يهم بريطانيا في ذلك الوقت هو وجود وزارة تلتزم بتنفيذ بنود المعاهدة سواء وزارة النحاس باشا أو غيرها وأخيرا وصل الأمر إلي قيام مظاهرات حاشدة من جانب الوفديين ومؤيديهم تهتف للنحاس باشا والوفد وبسقوط الملك ومن الجانب الآخر تقوم مظاهرات يقودها أنصار الملك والسراى والأزهريون تهتف بحياة الملك وبسقوط النحاس باشا والوفد .

وبعد تعقد الأمور بهذا الشكل تم إقالة وزارة الوفد في يوم 29 من شهر ديسمبر عام 1937م وتم تكليف محمد محمود باشا الذى كان رئيسا لحزب الأحرار الدستوريين وزعيما للمعارضة في البرلمان والذى ترأس الوزارة قبل ذلك في عهد الملك فؤاد في شهر يونيو عام 1928م وحتي أوائل شهر أكتوبر عام 1929م تلك الوزارة التي عرفت بوزارة اليد الحديدية كما ذكرنا في السطور السابقة وكان ذلك في يوم 30 ديسمبر عام 1937م وكانت هذه هي المرة الأولي في عهد الملك فاروق التي يتم فيها إقالة الوزارة الأمر الذى تكرر بعد ذلك عدة مرات طوال فترة حكمه مما كان له آثار وأبعاد سيئة للغاية أدت في النهاية إلى فقدانه عرش مصر وإنتهاء حكم أسرة محمد علي باشا للأبد وقد بدأ محمد محمود باشا عهد وزارته الجديدة بقرار بحل البرلمان الوفدى القائم الأمر الذى رفضة غالبية النواب وإضطرت الحكومة لإستخدام الشرطة حتي تخرج النواب من البرلمان وتم فتح باب الترشح لإنتخابات برلمانية جديدة والتي تدخلت فيها الإدارة بشكل سافر من أجل الوصول إلى تشكيل برلمان لايحقق فيه الوفد الأغلبية وبالفعل جرت الإنتخابات في شهر أبريل عام 1938م وجاءت النتيجة حصول الوفد علي 12 مقعدا من إجمالي مقاعد البرلمان وباقي المقاعد وعددها 252 مقعدا حصل عليها مرشحو الحكومة والأحزاب الموالية لها وعلي رأسها حزب الأحرار الدستوريين ومما يذكر أن كلا من مصطفي النحاس باشا ومكرم عبيد باشا قطبي الوفد الكبيرين قد سقطا في تلك الإنتخابات في دائرتيهما ومع ظهور نتيجة الإنتخابات تقدمت الوزارة بإستقالتها لتفسح الطريق أمام الملك فاروق لإختيار وزارة جديدة وحيث أن حزب الأحرار الدستوريين كان هو صاحب الأغلبية طبقا لنتيجة الإنتخابات البرلمانية التي أجريت في البلاد فقد كلف الملك فاروق محمد محمود باشا بإعادة تشكيل الوزارة من جديد وتم إختيار محمد بهي الدين بركات باشا رئيسا لمجلس النواب بدلا من أحمد ماهر باشا ومحمد محمود خليل بك رئيسا لمجلس الشيوخ بدلا من محمود بسيوني باشا .

ومن جانب آخر فبعد تنصيب الملك فاروق ملكا علي مصر بدون مجلس وصاية وتقديم وزارة الوفد القائمة إستقالتها تم تكليف النحاس باشا بإعادة تشكيل الوزارة مرة أخرى في يوم أول أغسطس عام 1937م وعاد محمود بسيوني باشا مرة أخرى وزيرا للأوقاف وظل في هذا المنصب حتي يوم 30 ديسمبر من نفس العام وكانت هذه هي المرة الثانية والأخيرة التي تولى فيها محمود بسيوني باشا منصبا وزاريا وبعيدا عن المناصب الوزارية ورئاسة مجلس الشيوخ كانت الرئاسة التى ربما تكون هي الأهم لمحمود بسيونى باشا هى رئاساته المتتالية لنقابة االمحامين المصريين مابين يوم 30 ديسمبر عام 1927م وحتي يوم 26 ديسمبر عام 1930م ومابين يوم 23 ديسمبر عام 1932م وحتي يوم 15 ديسمبرعام 1933م ثم أخيرا ما بين عام 1939م وعام 1941م وبذلك كان هو النقيب الأكثر توليا لمنصب نقيب المحامين ومما يذكر له أن الإنجاز الأهم فى عهده كنقيب المحامين هو صدور القانون الذى نص على حصانة المحامى ليحمى لأول مرة أًصحاب الأرواب السوداء وأخيرا كانت وفاة هذا الرجل الذى يعد من رجال مصر الخالدين في عام 1948م عن عمر يناهز 72 عاما بعد رحلة نضال وكفاح من أجل رفعة وإستقلال الوطن وتكريما له تم إطلاق إسمه علي شارع من شوارع وسط القاهرة يمتد بين ميدانين مهمين هما ميدان طلعت حرب باشا الذى حل تمثاله محل تمثال سليمان باشا الفرنساوى وعلى الناحية الأخرى من الشارع ميدان الشهيد عبدالمنعم رياض وتمثاله ومما يذكر أن هذا الشارع ينتهى قبل ميدان طلعت حرب بشارع سد هو شارع كريم الدولة الذى رغم صغر مساحته طالما شهد أحداثا وتظاهرات وصراعات ثقافية كبرى حيث أنه يضم أول منبر رسمى شرعى منح لليسار المصرى وهو حزب التجمع وجمعية الفنانين والأدباء الشهيرة بإسم أتيليه القاهرة وجدير بالذكر أنه في عام 2012م تم إطلاق إسم البروفيسور محمود بسيونى على زاوية صغيرة فى أحد شوارع مدينة شيكاغو الأميريكية وهو حفيد محمود بسيونى باشا إبن نجله شريف والذى يحمل نفس إسم جده وهو خبير قانون دولى ويعد من أحد أهم رواد القانون الجنائى الدولى فى العالم وكانت مدينة شيكاغو حينذاك تحتفل بعيد الميلاد الخامس والسبعين للبروفيسور محمود بسيوني الذى يقوم بالتدريس في جامعتها العريقة .