الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

إفساد الذوق العام

إفساد الذوق العام
عدد : 07-2021
بقلم الدكتور/ عادل عامر

إن ما نشاهده من تدن واضح للذوق العام ، يعود في مجمله إلى هذا الأمر، وإلى تحفيز القيم المادية للإنسان للأخذ بها ولو بالطرق غير المشروعة، ومن هنا نجد، بأن من يقوم بالتحايل على القانون للحصول على مبلغ زهيد عن طريق السحت والحرام، لا نتعجب حين يقوم بركن سيارته بطريقة تفتقر إلى الذوق وأصول اللباقة ليحجز حرية المركبات الأخرى، ولا نستغرب منه حين يخالف كل قواعد السير، وطوابير الانتظار المحترمة.

الأخلاق الحميدة كانت أحد أهم صفات المصريين وكانت أحد ما يتميز به المصريون، ولكن سرعان ما تغير الحال، إلا من رحم ربى، وأصبحت الألفاظ غير المعتادة على المصريين معتادة وأمراً طبيعياً، وصار التحرش عادة لصيقة بالشعب المصري

حتى أصبحت البلاد الأجنبية تحذر رعاياها من شيئين أثناء زيارة مصر أولها التحرش، الحضارة المادية تصنع هاتفاً ذكياً، لكن ليس بمقدورها أن تصنع إنساناً ذكياً أيضاً، وبمقدور المدنية المادية البحتة أن تصنع رجلاً آلياً، لكنها في نفس الوقت، لا تستطيع أن تصنع رجلاً خلوقاً، لأنها حضارة اعتنت بحاجات الجسد ولم تلتفت إلى الروح، ومن هنا، إذا لم يلتفت

وتغير المجتمع بصورة سيئة، بعدما كان الرجل يعتبر أي فتاة بالشارع فرداً من عائلته يخاف عليها، ومن تسول له نفسه بذلك مصيره لا يعلمه إلا الله،

فيجد العديد ممن يقفون له ويدافعون عن تلك الفتاة، فتسير في أمان واطمئنان فهي ليست وحدها، ومع تغير الوقت تحول بعض الرجال الشرقيين الذين كانوا يحمون النساء في الشوارع من أي تطاول هم أنفسهم من يتحرشون بها.

حين تتغير ثقافة المجتمع الوادع، وحين يدخل الناس في عالم السرعة واللهث خلف المصالح والمطامع، وحين يقدم الإنسان مصلحته على مصالح الآخرين، حين ذاك، يفسد الذوق العام.

في هذه الأيام، كل لا يرى سوى مصلحته الشخصية فقط، ولا يرى سوى نفسه في كل شيء، ولهذا فهو يحاول جاهداً في أن يكون الأول في كل مكان، وأن يسعى ولو بالصعود على أكتاف غيره للوصول إلى مصالحه الخاصة، وسواء كان ذلك عن طريق المسالك المشروعة والقانونية والإنسانية، أو عن طريق التحايل والنهب والظلم والوسائل الحرام.

أصبح إنسان اليوم، أكثر حرصاً على «الحياة»، فهو يريد كل شيء، ولا يريد أن يفوته أي شيء، ولهذا فإنسان هذه المرحلة الزمنية وبعد أن تغيرت ثقافته في جوهرها ومضمونها، بدأ يتحول إلى كائن متسلق كالقرود، ومن هنا زادت أعداد الوصوليين.

نستطيع التعرف على هؤلاء النكرات من خلال أبسط الأمور وأصغرها، بدءاً من استهتارهم بقواعد السير، ومروراً برمي المخلفات في الشوارع، وانتهاء بالتكسب بالمال الحرام، ولو كان المال مال يتيم أو فقير أو محتاج.

الإنسان إلى أن تسارع وتيرة الحياة المادية بعجلاتها القاسية، هي السبب الرئيس لتدني المستوى الأخلاقي لدى المجتمعات البشرية، فإنه سوف ينسحق أمام إغراءاتها وترسانتها المليئة بالشهوات. لفساد الذوق، وتعطل أجهزة الاستقبال الإيمانية في الكثير من المسلمين، وتبدد نعمة البصيرة في المجتمع بسبب ما بثه الإعلام والثقافة المضللة الضحلة في عقول المسلمين من وضيع الاهتمامات وخسيس الهمم والتصورات؛ صار معيار الرجولة ومقياس البطولة عندهم فاسداً عفِناً كذلك.

أننا نحتاج إلى حملة للحد من هذا الانحدار، شرط أن يتم فيها التعاون بين مختلف النقابات الفنية والأجهزة الرقابية لمنع انتشار مظاهر العنف والقتل والمخدرات بجرعات زائدة ودفعة واحدة في أغلبية المسلسلات التي تعرض على كل القنوات ، والدفع نحو إنتاج الأغاني الراقية الجميلة، وانتعاش الموسيقى من دون صخب وضجيج وقرقعات وتلاعبات كومبيوترية.

نحتاج إلى وعي بأهمية العودة إلى الرقي في الفن، بمختلف طبقاته، حتى الشعبي منه، لأن الشعبي جميل أيضاً ومطلوب، ولا يعني أبداً الفساد في الأخلاق والذوق واللغة والأفكار.

‏الذوق العام أفسد, والقيم أفسدت, والولاء الوطني أفسد، العلاقات الإنسانية أفسدت، كل شيء في وطني استهدف بالفساد والإفساد، ولن يصلح حالنا إلا بمجاهدة أنفسنا ومحاولة أن نصبح قدوة فاضلة وصادقة لمن حولنا،

وهذا يتطلب منا الصدق مع الله أولا ثم مع أنفسنا، نختار أطيب العبارات والجمل في التخاطب مع بعضنا ومع الآخرين على أن نطبق هذه الأقوال سلوكاً في واقعنا, لأن تأثير السلوك أبلغ من تأثير الكلام، ونصبر على الأذى من الآخرين،،

اقتداء بخير الخلق محمد- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- فأدعو نفسي وأدعو كل الأحبة أن تكون خطاباتنا مع بعضنا ومنشوراتنا على الفيس بوك وكتاباتنا في كل الوسائل, هادفة وفق رؤى ثاقبة واستشعار منا بمسئولياتنا نحو مجتمعنا ولا نتعجل التغيير حتى لا نحبط إذا لم نلمس التغير فيمن حولنا إلى الأفضل، لأن السلوك لا يتغير بين يوم وليلة ولكن يحتاج إلى صبر ومصابرة وإلى أن نكون قدوة في واقع الحياة..

فأزمتنا اليوم أزمة أخلاق وقيم وعلينا العمل على استعادة قيمنا الفاضلة وأخلاقنا النبيلة، فلنقتدِ بالمصطفى- عليه السلام- القائل "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وبدون القيم والأخلاق فإننا سنظل في خطر عظيم"، ولله در القائل:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. فالتقطع وقطع السبيل دليل فساد القيم، والاعتداء على النفس- التي حرم الله- دليل فساد الدين والقيم والأخلاق، وضرب أبراج الكهرباء وأنابيب النفط لا يمكن أن تصدر ممن يتمتعون بقيم فاضلة ولكنه الانحطاط الأخلاقي في أوضح صوره والإفلاس الذي ما بعده إفلاس، وإساءة الجار لجاره فساد في الأخلاق، وصدق القائل: وإذا أصيب القوم في أخلاقهم ... فأقم عليهم مأتماً وعويلاً.

وعندما يرى فناني المستقبل من طلاب الأكاديميات الفنية والموسيقية هؤلاء الطفيليين يتصدرون المشهد ويطفون على السطح كيف لهم أن يقتنعون ويحبون ما يدرسون , فالطفل عندما يلتحق بأكاديمية الفنون للعزف يلتحق بها عن عمر 7 أو 8 سنوات يظل يدرس قواعد وأساسيات الموسيقى والفن حتى يصل إلى المرحلة الجامعية وحتى بعد أن يتخرج يظل ملتزمًا بالقواعد الفنية الصارمة وإن تعرقل في سنة واحدة يُحكم على سنواته الماضية بالفشل ويأخذ أوراقه وملفاته باحثًا عن أي مدرسة أخرى يُكمل فيها دراسته بعيدًا عن الدراسة الفنية!!!,

ومن يتخصص في الغناء يُحاسب على النفس الخاطئ وكل هؤلاء الفنانين المتخصصين والموهوبين يتم اختيارهم بعناية فائقة وشروط صارمة ماذا هم بفاعلين أمام هذا الانحدار الفني الذى تتعرض له الذائقة المصرية التي لطالما تربعت على عرش الثقافة والفنون منذ ألاف السنين فحضارة مصر حضارة فن وإبداع وليست حضارة قُبح وإسفاف ولابد من محاربة هذا القبح الذي تفشى وأنتشر بالجمال

وإعادة إحياء القيم الرفيعة و نجدة هذا الذوق العام الذي أصابه المرض الشديد تحت تأثير المخدر الموضعي من أغاني وأفلام هابطة وراقصات مبتذلات متهتكات كل هؤلاء ينشرون الفساد والعُهر ويجعلون من البذاءة شيء عادي مُباح لأنه يُعرض على شاشات السينما والفضائيات واللوم الأكبر على الأعلام المتواطئ مع هذا الفساد

واستضافة مثل هؤلاء الفشلة في استديوهاتهم بل والرقص أمام الجمهور على هذا القُبح فما هذا الاستفزاز القميء الذي لا أجد له أي مبرر أو عذر للإعلاميين والإعلاميات الذي يمكن أن نفترض جدلاً أنهم مثقفون ومثقفات وأرجو من الله أن يشفي مصر من هذه الأمراض اللعينة ورحمة الله على كوكب الشرق والعندليب وفوزي وعمالقة الزمن الجميل !!!!!