الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع علوى

 شارع علوى
عدد : 09-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

شارع علوى يعد أحد شوارع وسط مدينة القاهرة وهو يمتد جنوبا من شارع رشدى باشا الذى يربط بين شارع صبرى أبو علم باشا وشارع شريف باشا ويمتد شمالا متقاطعا مع شارع البنك الأهلي المصرى وشارع شريف الصغير حتي ينتهي بتقاطعه مع شارع قصر النيل وتعود تسمية الشارع بهذا الإسم إلى أبو طب العيون في مصر الطبيب الأسطورى محمد علوى باشا والذى كان بيته يقع فى شارع الشريفين أمام البورصة التى لم تكن موجودة فى زمنه لكن إسمه أطلق على الشارع الموازى الخلفي الذي يبدو مثل ممر قد تلمحه أو تتوه عنه بسبب مدخله الصغير شبه المختبئ بين شارعى الشريفين وشارع شريف وكان ميلاد هذا الطبيب العظيم في عام 1847م بالقاهرة وتلقى تعليمه في مصر حتى إلتحق بمدرسة طب قصر العيني وتخرج فيها عام 1875م ثم سافر إلى فرنسا لإستكمال دراساته في طب العيون وهناك برع في الدراسة وتفوق فيها وكتب عدة أبحاث في طب العيون منها بحث عن أنسجة الملتحمة في القرنية عند الحيوانات الفقارية ونظرا للنتائج المبهرة التي توصل إليها في أبحاثه منحته فرنسا ميدالية مونبلييه وعين رئيسا لعيادة أمراض العيون بجامعة مونبلييه وبعد أن قضى فترة بفرنسا عاد ثانية إلى مصر و أصبح مدرسا لأمراض العيون بمدرسة طب قصر العيني عام 1883م وأصبح أيضا نظرا لمكانته العلمية الرفيعة طبيب العيون للأسرة الخديوية نظرًا لبراعته الشديدة وفضلا عن ذلك فقد كان أحد أعضاء الجمعية التشريعية ومجلس المعارف الأعلى وترأس قسم الرمد في المؤتمر المصري الأول للطب عام 1902م وفي عام 1914م عين مراقبا عاما للجامعة المصرية وقام بتأليف العديد من المؤلفات منها المؤتمر الطبي المصري وربما لم يسمع المصريون بطب الرمد قبل الدكتور محمد علوي باشا وربما لم يكن طب العيون برمته سوى وصفات شعبية تضر ولا تنفع وقد إستمر ذلك فترة طويلة فأطاح الرمد والعلاج الشعبي والوصفات الشعبية بين ما أطاح ببصر عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في دنيا الواقع غير أن بين هذا الواقع وذاك الخيال لا يمكن للعين ألا تبصر إسم محمد علوي باشا مؤسس طب العيون في مصر ونابغة زمانه والذى حاز العلم من مصر إلى فرنسا وإنجلترا وبدون مبالغة نستطيع أن نقول إن محمد علوي باشا قد حاز على العظمة في العلم وأن عيون أبناء مصر تدين له بالفضل .

وبالإضافة إلى نبوغه العلمي كان الدكتور محمد علوي باشا أحد ثلاثة أصروا على تخليد ذكرى الزعيم الوطني مصطفى كامل باشا عن طريق إقامة تمثال له في الميدان المعروف الآن بإسمه في وسط القاهرة والذى كان يسمي فيما سبق ميدان سوارس ولم يكتف محمد علوي باشا بما أنجز في طب الأبصار وفي مجال العمل العام ففضلا عن ذلك أبي محمد علوي باشا إلا أن يكون أيضا طبيبا لمشكلات التعليم والثقافة في مصر فكافح في الجامعة كما كافح في الطب حيث كان من الأعمال الخالدة التى لا تنسى ولها كيان يفتخر به المصريون جميعهم الجامعة الأهلية والتي صدقت الجمعية العمومية للمكتتبين على قانونها في يوم 20 مايو عام 1908م وفي يوم 24 مايو من العام المذكورتم إختيار أول مجلس إدارة للجامعة بمعرفة اللجنة التحضيرية وكان الدكتور محمد علوي باشا ضمن أعضاء هذا المجلس وكان مقر الجامعة حينذاك ليس ملكا لها لهذا كانت الجامعة تنفق على الإيجار وحده 350 جنيه وكان هذا مبلغ كبير جدا وقتها وبالرغم من ذلك كانت تلك الدار لا تسع كل أعمال الجامعة ولا تصلح لأن تكون مقرا ثابتا لها بل وكان صاحب الدار وإسمه نستور جاناكليس يريد بيعها وإستطاع محمد علوى باشا في هذه الظروف أن يقنع الأميرة فاطمة إبنة الخديوي إسماعيل بالتبرع من أجل بناء الجامعة المصرية التي أصبحت جامعة فؤاد الأول ثم جامعة القاهرة فيما بعد ومن ثم بادرت في يوم 2 يوليو عام 1913م بتخصيص ست أفدنة في مقر وزارة الزراعة الحالى ليتم إنشاء الجامعة عليهم بالإضافة إلى تخصيص الإيراد الناتج من مساحة 661 فدانا من أجود الأراضى الزراعية بمديرية الدقهلية لميزانية الجامعة وكانت هذه المساحة من الأرض الزراعية من ضمن 3357 فدانا كانت تمتلكها وكانت قد خصصتها لأعمال البر والإحسان وكان هذا الإيراد في حدود 4000 جنيه سنويا وبذلك أصبح البدء في تنفيذ مشروع بناء مقر دائم للجامعة وبناء كلياتها ممكنا ومن ثم تم تنظيم إحتفالية تحملت نفقاتها بالكامل الأميرة فاطمة لوضع حجر الأساس لمباني الجامعة الناشئة فى يوم الإثنين الموافق 3 جمادى الأولي عام 1322 هجرية الموافق يوم 31 مارس عام 1914م فى الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر وذلك فى الأرض التى وهبتها الأميرة فاطمة لمشروع الجامعة وقد لاحظت الأميرة فاطمة تعثرا في بناء كلية الآداب التي كان يجرى إنشاؤها حينذاك لقلة الأموال ولذا فمن أجل إتمام بناء الكلية تبرعت الأميرة بمجوهراتها من أجل هذا الغرض وإلى الآن توجد هناك بالكلية لوحة مكتوب عليها ذكرى عطرة للأميرة فاطمة إسماعيل التي أسهمت في بناء هذه الكلية وقد وكلت الجامعة الدكتور محمد علوى باشا في عملية بيع المجوهرات والذى نجح في بيعها بسعر مناسب وهو حوالى 70 ألف جنيه وهو مبلغ ضخم جدا بمقاييس ذلك الزمان .

ومن جانب آخر كانت للدكتور محمد علوى باشا مكانة دولية رفيعة ومرموقة حيث كان عضو شرف فى جمعية تحسين حالة العميان الدولية والتي كان عدد أعضاء الشرف فيها 12 عضوا منهم ملكة هولندا واللورد لستر والماركيز دى لاسيزرن وغيرهم من العلماء والشخصيات الأوروبية الكبرى كما إشتهر محمد علوى باشا وذاع صيته فى الأوساط العلمية وأوساط الجامعات العريقة في كل من أوروبا وأمريكا ولذا فقد إستحق أن يحمل نياشيين كثيرة من دول متعددة وفضلا عن كل ما سبق فقد ولدت فكرة إنشاء شركة طيران مصرية على يد الدكتور محمد علوي باشا في نادي الطيران الملكي الذي أنشئ عام 1910 بمناسبة الإعداد لمهرجان الطيران الدولي الذي أقيم في صحراء عين شمس و يذكر أن المقر الأول للنادي كان بقصر عابدين و كان أول رئيس للنادي هو الأمير أحمد فؤاد الذى أصبح السلطان ثم الملك فؤاد الأول فيما بعد وكان الدكتور محمد علوى باشا من محبي الطيران و قيل إنه تعلم الطيران في فرنسا حيث تلقى تعليمه مما قد يجعله أول طيار مصري معروف وإن كانت هذه المعلومة غير موثقة وكان نشاط نادي الطيران الملكي قد توقف مع قيام الحرب العالمية الأولى وقرب نهاية الحرب أخذ محمد علوي باشا على عاتقه إعادة الحياة إلى النادي فجمع المال وأقام له مقر جديد في منزل محمد الشواربي باشا بشارع الشورابي وقد إنتقل النادي بعد ذلك إلى عمارة الإيموبيليا بشارع شريف عام 1947م و هو المقر القائم حتى اليوم و الذي يعتبر متحف لتاريخ الطيران في مصر وعلاوة علي ذلك فقد أعد علوي باشا مشروع لإنشاء مدرسة لتعلم الطيران وإنشاء ورشة لصيانة وإصلاح الطائرات كما تبنى حملة لتكوين شركة طيران مصرية إلا أن أعضاء النادي لم يتحمسوا لها ولم يطل به العمر بعد ذلك لمواصلة السعي نحو تحقيق هذا الهدف وجدير بالذكر أنه كان قد أنجب الطيار المصري الشاب كمال علوي في عام 1898م والذى كان هو أيضاً قد تعلم الطيران في فرنسا والذى تولي منصب مدير شركة مصر للطيران عند تأسيسها كشركة من شركات بنك مصر عام 1932م .

توفى محمد علوى باشا في شهر أكتوبر عام 1918م وتكريما له أطلق إسمه علي أحد الشوارع بوسط القاهرة نظرا لدوره البارز الكبير فى مجال طب العيون وقد كتبت الأديبة والكاتبة المعروفة الآنسة مى زيادة مقالا في تأبين هذا العالم العظيم علما وعملا في جريدة المحروسة بتاريخ 26 أكتوبر عام 1918م وكان مما ورد في هذا المقال لو كنت شاعرة لقلت إن الأمطار المتدفقة في هذين اليومين ليست إلا دموع عيون تعهدتها عنايته وشفاها علمه وقالت عنه أيضا أما الجامعة المصرية فكان يصرف فيها من وقته شطرا كبيرا غير مبالٍ بما تكبِده أمورها من نصب وكد شأن الذين يحبون شيئا فيرون التعب لأجله راحة ويحسبون القيام بالواجب تقصيرا رحم الله الدكتور محمد علوي باشا عظيم العلم والعمل وفي يوم الإثنين 4 نوفمبر عام 1918م كتبت عنه جريدة اللطائف المصورة رثاءا جاء فيه خسرت مصر منذ أيام قليلة رجلا من كبار رجالها العاملين وطبيبا من أشهر أطبائها النابغين وهماما إشتهر بحب العلم والعلماء وجد فى ترقية المعاهد والمدارس وهو الدكتور محمد علوى باشا الذى كان من أكبر رجال النهضة العلمية والأدبية الحديثة فى وادى النيل وقد شهدت له أعمالة فى مجلس المعارف الأعلى ومجلس إدارة الجامعة المصرية وسواهما من اللجان بحب العلم والتعليم وأصالة الرأى وحب الوطن وأما مقامه فى عالم الطب فلا يحتاج إلى وصف أو تعريف فقد كان فى مقدمة أطباء العيون فى هذا القطر وكان محترما عند زملائه فى أوروبا وقد ناب فى مؤتمراتها الطبية عن الحكومة المصرية فى لندن وباريس وبروكسل وسان بطرسبرج ونابولى وغيرها من العواصم وعهد إليه برئاسة اللجان فى تلك المؤتمرات الدولية إعترافا بفضلة وغزارة علمة فلا غرو إذا قوبل رحيله بالأسف الشديد وشعر الجميع بالخسارة العظيمة التى أصابت مصر والعالم بفقد هذا العالم الجليل .

ومن أبرز المعالم التي تتواجد في شارع علوى إحدى العمارات المتميزة التي تزخر منطقة القاهرة الخديوية بها والتي تبرز الطابع الجمالي للمنطقة عمارة تسمي عمارة أسيكيوراتزيوني جينرالي دى تريستا أو إختصارا عمارة تريستا والتي يمتد تاريخها لأكثر من مائة عام حيث تم بناؤها في عام 1910م وكانت تمتلكها شركة التأمين الايطالية جينيرالي التي تأسست عام 1831م في مدينة تريستا بإيطاليا وكانت واحدة من أكبر شركات التأمين في العالم ًويمتلكها حاليا البنك المركزي المصرى ولذلك يطلق عليها عمارة البنك المركزي وتمتد هذه العمارة على مساحة 1330 مترا وتضم خمسة طوابق إدارية وقد قام بتصميمها والإشراف علي تنفيذها المهندس المعماري الإيطالي أنطونيو لاشياك على الطراز الكلاسيكي المستحدث وهو طراز إنتشر في تلك الفترة محاولاً أن يجد لغة معمارية جديدة تجمع بين عناصر العمارة المحلية وتظهر في التفاصيل المعمارية والفتحات وبين العمارة الأوروبية وتظهر في علاقة الكتل ببعضها البعض كما يتميز هذا الطراز أيضا بالأعمدة بانواعها المختلفة الآيونية والكورانثية والتوسكانية والمركبة وظهور العديد من العناصر الزخرفية الأخرى كعقود الأزهار والأكاليل ومناظر الأساطير وتتميز هذه العمارة أيضا بأنها تحمل في واجهاتها زخارف إسلامية مما يجعلها من العمارات المتميزة جدا في موقعها وكان المهندس المعمارى أنطونيو لاشياك قد وفد إلي القاهرة في أواخر القرن التاسع عشر الميلادى وإشتهر بتصميم وتنفيذ العديد من قصور الأمراء منها قصر سعيد باشا حليم بشارع شامبليون وقصر الأمير يوسف كمال بالمطرية وقصر الطاهرة بمنطقة حدائق القبة وقصر الأميرة نعمة الله توفيق والذى أصبح المقر القديم لوزارة الخارجية المصرية كما أعاد بناء قصر عابدين بعد أن تعرض لحريق ضخم أتي عليه حيث كان مبنيا بالخشب بالإضافة لتصميمه وتنفيذه عمارات الخديوى بشارع عماد الدين عام 1927م ومبني بنك مصر القديم بشارع محمد فريد عام 1927م والكنيسة البطرسية بالقاهرة ومبني محطة مصر بالإسكندرية ولذا فقد إختاره الخديوى عباس حلمي الثاني ليشغل منصب مدير القصور الخديويه وكبير مهندسيها بعد وفاة ديمتريوس فبريسوس باشا الذى كان يشغل هذا المنصب في السابق كما قام ومما يذكر أنه في عام 2015م بدأت أعمال تجديد وتجميل واجهة هذه العمارة ضمن أعمال مشروع تطوير القاهرة الخديوية مع عمل ترميمات داخلية أيضا بمبنى العمارة
 
 
الصور :