الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

عهد التوظيف الذاتي

عهد التوظيف الذاتي
عدد : 09-2021
بقلم الدكتور/ عادل عامر

العامل المشترك الذي يتيح فرص النجاح للجميع هو مستوى التفاؤل وجودة الإقبال على الحياة وما يتمتع به هؤلاء من اتجاهات واستعدادات ومهارات. تعتبر المؤسسات والشركات والمنظمات على اختلاف مجالات عملها من أكثر المهتمين بالدورات التدريبية في التطوير الذاتي والتنمية الذاتية، ذلك أن الإدارة العصرية تنظر إلى تطوير الذات كجزء من استراتيجية تحسين الأداء والإنتاجية وتعزيز الولاء والانتماء وتحقيق الاستقرار الوظيفي.

نحاول أن نتعرف عن قرب إلى العلاقة بين منهج تطوير الذات والحياة المهنية، واستعراض مجالات وأشكال تطوير الذات التي تهتم بها الإدارة والتي تهم الموظف، إضافة إلى فوائد التنمية الذاتية التي تعود على الشركة، والفوائد التي يحققها الموظفون من التنمية الذاتية في مكان العمل وحياتهم الشخصية.

أذكر أن أي فرد من جيلي كان بوسعه أن يعثر على خيارات كثيرة للتوظيف الحكومي في وزارات ومؤسسات الدولة، باعتبار أن تلك المرحلة شهدت نموًا وازدهارًا في المشاريع الخدمية وتسارع وتيرة التنمية وحاجة الحكومة التي كانت في بواكير نشأتها إلى كوادر يتم تدريبها وتأهيلها ثم تعيينها في مختلف القطاعات المدنية والعسكرية والأمنية والخدمية، ثم بدأ التوظيف في القطاع الحكومي يتراجع شيئًا فشيئًا، مفسحًا المجال لظهور التوظيف في القطاع الخاص الذي أتاحت له مشاريع التنمية الحقيقية أن يتأسس وأن يكبر ويتطور في أواخر التسعينيات وفي مطلع الألفية.

وأذكر تعليق أحد الزملاء ممن تعينوا في وظيفة مرموقة في إحدى شركات المساهمة العامة وهو يقود سيارته الفاخرة التي استلمها بحكم وظيفته القيادية في تلك الشركة بقوله: لقد أفل بريق بريستيج أرقام السيارات الحكومية التي كان يحظى بها المديرون ورؤساء الأقسام في فترة ازدهار الوظائف في القطاع الحكومي، ثم صار الرقم التجاري الأحمر على السيارات الكزز والكروزر..

وغيرها من السيارات الفارهة علامة مجد وظيفي جديد يحظى به رؤساء الشركات ومديرو العموم والمهندسون والمتنفذون في شركات ومؤسسات القطاع الخاص.

هناك من يرى بأن الفرص متاحة في جميع الأوقات، ولكن طبيعة الفرص تختفي في قطاع معين لتظهر وتزدهر في قطاع آخر، فإذا خفت بريق التوظيف في القطاعين الحكومي والخاص بالنسبة للشباب العمانيين والباحثين عن العمل، فإنّ فرصًا كثيرة وبلا حدود تظهر في مجال التوظيف الذاتي عبر الاتجاه نحو إنشاء المشاريع الذاتية الصغيرة، وخاصة النوعية منها التي صارت متاحة للشباب الخريجين في مجالات الهندسة وإدارة الأعمال والسياحة، بالإضافة إلى الفرص الحرفية في مجالات الصناعة والزراعة والرعي والصيد والخياطة والحلاقة والتجارة الخدمية الصغيرة.. وغيرها. إن الفرص متاحة بحجم كبير، لقد رأيت ذلك بنفسي من خلال قيامي بزيارات إلى مكاتب سند ووزارة التجارة والمناطق الصناعية والموانئ.. وغيرها. هناك تراكم كبير للكثير من الفرص التي يعرض عنها الشباب ولا يتحمسون لخوضها وهي نتيجة حقيقية للمرحلة التي نعيشها ونشهدها اليوم،

يجب أن نرأف بالقطاع العام، فأغلب الوظائف التي يمكن أن تنشأ في القطاع الحكومي ستكون مجهدة للاقتصاد الوطني في المرحلة القادمة، وأي إكراه للقطاع الخاص لتوفير المزيد من وظائف لا يحتاجها ستضيف عليه أعباء مرهقة، والبديل المناسب هو أن يتغير وعي الباحثين عن العمل، وأن يكتشفوا الفرص الحقيقية في قطاع التوظيف الذاتي الرشيد. تحقيق أهداف التنمية الذاتية ودورات تطوير الذات في الشركات يتوقف إلى حد بعيد على حكمة الإدارة باختيار البرامج التدريبية المناسبة وتنفيذها بالشكل الأفضل، في حين نرى أن بعض الإدارات تتبع التنمية الذاتية من باب الموضة والسير مع التيار، ما يجعل هذه التدريبات غير الهادفة معدومة الفاعلية إن لم نقل أن لها آثار سلبية.

إن مجالات التوظيف الذاتي واعدة جدًّا، وتزخر بفرص غير محدودة متى تغير تفكير الباحث عن العمل، ونظرته إلى الوظيفة، وعلى مؤسسات التعليم والتدريب ومؤسسات الإعلام التقليدي والرقمي أن تقوم بدورها في توجيه الباحثين عن العمل إلى هذا القطاع الواعد. في البداية لا بد أن نحدد بشكل دقيق العلاقة بين تطوير الذات المعروف لدينا وبين الحياة المهنية، فتطوير الذات هو مجموعة من الممارسات والتقنيات التي تهدف إلى إدخال تغييرات على منهج الحياة العام وعلى الاستراتيجية التي نتبعها في التعامل مع المواقف المختلفة وعند اتخاذ القرارات وحل المشكلات، وفي هذا السياق يعتبر كل نشاط يهدف إلى اكتساب مهارات جديدة مهما كانت طبيعتها جزء من عملية التطوير الذاتي.

على صعيد تطوير الذات للموظفين في المؤسسات والشركات فعادة ما يستهدف المدراء نقاط محددة في شخصية الموظفين ومهاراتهم لتنميتها وتطويرها، تتركز بشكل أساسي على جعل الموظفين أكثر مرونة وأكثر قابلية لمواكبة التطورات الجديدة من حولهم سواء على صعيد الشركة نفسها أو على صعيد المهنة ككل، إضافة إلى تعزيز قدرتهم على أداء العمل الجماعي وخلق الاتصال الفعال بينهم، وسنتحدث بالتفصيل عن مجالات تطوير الذات في العمل في الفقرات القادمة.

وعلى الرغم أن الخضوع للدورات المهنية المتعلقة بالعمل نفسه يعتبر جزءاً من تطوير الذات، إلا أن المنهج الرئيسي لتطوير الذات هو منح الموظفين القدرة المستمرة على تطوير خبراتهم ومهاراتهم بشكل ذاتي، أي أن التنمية الذاتية للموظفين تقوم على منحهم التقنيات والأساليب العقلية والنفسية التي تجعلهم أكثر قابلية لاكتساب مهارات أخرى.

التدريب الذاتي والمهارات الشخصية: تستهدف برامج تطوير المهارات الشخصية والحياتية التي تنظمها المؤسسات والشركات منح الموظفين أهم وأبرز الأساليب والتقنيات المتعلقة بتحسين قدرتهم على التواصل، تعزيز مهارات اتخاذ القرارات وحل المشكلات، وتطوير مهارات القيادة للمدراء، كما تلجأ بعض الشركات لبرامج تدريبية أكثر اتصالاً بمهارات الحياة بسبب طبيعة عملها. فإذا أرادت الشركة تدريب فريق البيع المباشر أو فريق خدمة الزبائن عبر الهاتف، ستعمل على تعزيز مهارات إدارة الغضب ومهارات التفاوض واحتواء الزبون الغاضب، كذلك تسعى الشركات التي تعمل في أكثر من دولة على منح الموظفين الأجانب أهم ما يلزم للتعامل مع العملاء المحليين، الثقافة المحلية، وفهم السكان المحليين بالشكل الأمثل.

وعلى وجه العموم تستهدف المدرسة الحديثة في التنمية البشرية تعليم الموظفين وتدريبهم على تقنيات التعلم السريع والتفاعل السريع مع المعارف والمهارات الجديدة، وتقنيات الاستجابة السريعة للتغيرات المتسارعة في أسواق الأعمال، فالهدف الأساسي من عملية تطوير الذات ليس إعطاء الموظفين المعلومات أو المعرفة كما هي؛ إنما تحفيزهم على الاتصال الدائم والطوعي بالمعرفة وتعزيز ميلهم نحو تطوير أنفسهم بأنفسهم.

التعليم الرسمي أو شبه الرسمي للموظفين: في هذا النمط من التنمية البشرية تقوم المؤسسة أو الشركة بمنح موظفيها الفرصة للحصول على شهادات من جهات تعليمية رسمية أو شبه رسمية في مجالات تكون متصلة بمجال العمل نفسه، هذه الطريقة قد تستهدف مجموعة من الموظفين بشكل منظم ودوري، أو قد تمنح لفرد بعينه.

ورشات العمل المهنية للموظفين: تقوم المؤسسات بتنظيم ورشات عمل مهنية خاصة بها بهدف مراجعة آخر التطورات المهنية وإبقاء الموظفين على اتصال دائم بمجال العمل، كما يشارك الموظفون بورش عمل على مستوى أوسع خارج الشركة لنفس الأهداف.

حيث تقوم وزارة التربية مثلاً بتنظيم ورشة عمل للمدرسين من مدارس مختلفة بهدف تبادل الخبرات حول تقنيات التربية والتعليم الحديثة وأهم المشاكل التي يواجهها المعلمون وكيفية حلِّها، كذلك تقوم الشركات التجارية بتنظيم ورشات عمل بين موظفي الأقسام المختلفة والفروع المختلفة، أو مع موظفي الشركات الأخرى التي تعمل في نفس المجال.