الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

سويد بن مقرن المزني
-ج2-

 سويد بن مقرن المزني 
-ج2-
عدد : 09-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"

وبعد المعركة أرسل خالد بن الوليد من يأتي له بأخبار الفرس فجاءته الأخبار بأن كسرى بعد الهزيمة في المزار قد قام بحشد الجيوش لقتال المسلمين فوافاه أول الجيوش بقيادة أندرزغر حاكم خراسان إلى عاصمته كتسفون فأرسله لقتال المسلمين وبعث في أثره جيشا آخر بقيادة بهمن جاذويه وسلك كل منهما طريقا غير الآخر حيث كان مسير أندرزغر نحو الولجة علي نهر الفرات وإنضم موالي الفرس من العرب من بني بكر بن وائل إلى جيشه وهنا أمر خالد جيشه بسرعة الإستعداد للرحيل لقتال جيش الفرس في الولجة ولم يأخذ طريق أرض السواد ما بين المزار والولجة إلي الغرب من المزار حتي لا يتعرض لخطر التطويق أو أن تضرب مؤخرته ولذا عاد من نفس الطريق الذى جاء منه فإتجه جنوبا نحو الأبلة وعبر شط العرب ثم أخذ طريق نهر الفرات مرة أخرى وعاين خالد أرض المعركة المرتقبة مع الفرس في الولجة ووجد أن الأرض مناسبة جدا لإتباع تكتيك الكمين وفي ليلة المعركة أمر خالد بن الوليد بسر بن أبي رهم الجهني وسعيد بن مرة العجلي بأن يسيرا بقوتين من الفرسان ويختبئا خلف التلال التي كانت في ظهر جيش الفرس وأن ينتظرا منه إشارته بالهجوم علي مجنبتي ومؤخرة الجيش الفارسي وقد دارت معركة الولجة أيضا في شهر صفر عام 12 هجرية وبدأت بالمبارزة فتقدم قائد جيش المسلمين خالد بن الوليد فبارزه رجل من الفرس وصفه الإمام الطبرى بأنه رجل بألف رجل فقتله خالد بن الوليد ثم بدأ القتال بهجوم المسلمين الذى إمتصه الفرس ثم بدأوا هجومهم المضاد وبدأ المسلمون في التراجع ببطء طبقا للخطة التي رسمها خالد والذى كان مدركا تمام الإدراك أنه كلما طال وقت صمود المسلمين أمام الفرس زاد ذلك من إرهاقهم وإنهاك قواهم ولما أحس أن خطته قد نضجت أطلق جناحي الكمين حيث أشار لقوات بسر وسعيد بمهاجمة جناحي جيش الفرس ومؤخرته وأطبق هو وجيشه على جيش الفرس من الأمام مطبقا تكتيك الكماشة لتنتهي المعركة بإنتصار ساحق للمسلمين وخسائر فادحة للفرس ومقتل أعداد كبيرة منهم والذين فر قائدهم أندرزغر نحو صحراء العرب والتي تاه فيها وعثر علي جثته في اليوم التالي للمعركة حيث كان قد مات جوعا وعطشا وإستمر خالد بن الوليد بعد ذلك في طريقه نحو الحيرة وتمكن من فتحها في شهر ربيع الأول عام 12 هجرية وجعلها مقرا لقيادته وقاعدة له ثم واصل طريقه نحو شمال العراق وكانت آخر معاركه هناك معركة الفراض في شهر ذي القعدة عام 12 هجرية وبنهايتها كان قد سيطر المسلمون على حوض نهر الفرات وكل الأراضي غرب نهر دجلة بالكامل ولتبدا بعد ذلك مرحلة أخرى من مراحل فتح بلاد العراق وفارس حيث إنتقل قائد جبهة العراق خالد بن الوليد إلى جبهة الشام بأمر من الخليفة أبي بكر الصديق بنصف الجيش وترك النصف الآخر مع المثنى بن حارثة الشيباني .

وإستمر سويد بن مقرن المزني في جهاده مع القيادة الجديدة لجبهة العراق وخاض مع جيش المسلمين المعارك العديدة التي تلت خروج خالد بن الوليد من العراق حيث خاض مع المثنى معركة بابل ثم ارسل عمر بن الخطاب مددا لجيش العراق وعين ابا عبيد بن مسعود الثقفي قائدا لجبهة العراق بدلا من المثنى وخاض جيش المسلمين تحت قيادته عدة معارك هي النمارق والسقاطية وباقسياثا وكانت معارك محدودة حقق فيها المسلمون النصر على الفرس ثم جاءت معركة الجسر في شهر شعبان عام 13 هجرية والتي حشد فيها الفرس جيشا مدعوما بالفيلة المدرب ة على القتال بقيادة بهمن جاذويه توجه إلى قس الناطف وعسكر على الضفة الشرقية لنهر الفرات الذى فصل بين الجيشين الإسلامي والفارسي وتحدى الفرس قائد المسلمين أبا عبيد بالعبور إليهم أو يعبر المسلمون إليهم وفي النهاية قرر أن يعبر أبو عبيد بالمسلمين فنهاه المثنى بن حارثة الشيباني فإعتبر ذلك جبنا وتخاذلا وتحكمت به عواطفه وأخذه الحماس وقال لا يكونون أَجرأَ على الموت منا بل نعبر نحن إليهم وبلا شك كان هذا القرار قرارا خاطئا من جانب أبي عبيد ويخالف الخط الإستراتيجي الذى رسمه منذ البداية الخليفة أبو بكر رضي الله عنه حتي لا يتعرض المسلمون للتطويق او الحصار بأرض السواد المليئة بالمجارى والمسطحات المائية التي من المؤكد أنها ستعيق تحركاتهم وإنسحابهم إذا سارت الأمور في غير صالحهم وذلك لكي يعيدوا تجمعهم وتنظيم صفوفهم وخاصة أنهم في هذه الحالة قد يتعرضون للغرق في نهر الفرات حيث كان أغلبهم لا يجيد السباحة وهو ما كان قد إلتزم به خالد بن الوليد والمثني بن حارثة منذ بداية فتوحات العراق وفي النهاية نفذ أبو عبيد قراره وعبر المسلمون نهر الفرات وكان بهمن قد ترك لهم مكانا ضيقا خاليا من مجال الكر والفر أجبرهم على النزول فيه مما أققدهم حرية الحركة والإنتشار وميزة المناورة ففرض عليهم بذلك المعركة وأُسلوب القتال ودارت بين الطرفين رحى معركة ضارية أدت الفيلةُ فيها دورا كبيرا بل إنها حددت نتائجها مبكرا حيث كانت نخيف خيل المسلمين وكنتيجة لإنحشار المسلمين في مكان ضيق فقد أمطرهم جنود الفرس بالسهام ومزقوا صفوفهم وحاول أبو عبيد قتل قائد الفيلة وكان فيلا أبهت لونا من بقية الفيلة عرف بالفيل الأبيض إلا أن ضربته طاشت ثم وطئه الفيل فمات شهيدا وتولي المثني بن حارثة قيادة جيش المسلمين والذى أدرك حرج الموقف وأن المعركة خاسرة فغتخذ قراره بالإنسحاب لكن عبد الله بن مرثد الثقفي قطع الجسر على المسلمين ليرغمهم على الصمود فوقع المسلمون في مصيدة القتل والغرق وأعاد المثنى بن حارثة عقد الجسر بعد مجهود كبير وتحت ضغط الجيش الفارسي فتراجع عليه حوالي ثلاثة آلاف رجل نحو أُليس بعد أن قتل وغرق في الفرات حوالي أربعة آلاف من جيش المسلمين وأُصيب المثنى بجراح خطيرة ولم يتعقب قائد الفرس بهمن جاذويه المسلمين لأن أخبارا وصلته عن نشوب ثورة ضد رستم في العاصمة الفارسية كتسفون فآثر العودة إليها حتى يكون قريبا من مجرى الأحداث كما أنه خشي أن يضل جنود الفرس طريقهم في صحر اء العرب إذا ما تعقبوا المسلمين وهم علي غير دراية بدروبها ومسالكها وكانت هذه المعركة التي سميت بمعركة الجسر أو المروحة أو قس الناطف هي المعركة الوحيدة التي هزم فيها المسلمون في حروب بلاد فارس .

وقد تبعت معركة الجسر معركة البويب وكانت في شهر رمضان عام 13 هجرية والني قادها المثنى بن حارثة وإنتصر فيها المسلمون على الفرس لكن المثنى أدرك أنه لن يستطيع التمسك بالمناطق المفتوحة في العراق بما معه من جنود خاصة وأن الفرس كانوا قد بداوا في تنظيم صفوفهم وحشد جيش فارسي ضخم فتراجع إلى منطقة ذي قار قرب الكوفة فنقض أهل الذمة في العراق العهود والذمم والمواثيق التي كانوا قد أعطوها لخالد بن الوليد بإستثناء البعض منهم فأخذ المثنى يطلب الإمدادات من الخليفة عمر بن الخطاب الذي قال والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب وخرج بنفسه في شهر المحرم عام 14 هجرية الموافق لشهر فبراير عام 635م ليعسكر في صرار على بعد ثلاثة أميال من المدينة على الطريق المتجه نحو العراق يريد قيادة الجيش الإسلامي بنفسه والذهاب للحرب لكن الصحابة أشاروا عليه أن يبقى في المدينة المنورة لأن ذهابه يتعارض مع المصلحة العامة وأشاروا عليه أن يعين قائدا للجيش يذهب بدلا منه وتقرر بعد التشاور تعيين الصحابي سعد بن أبي وقاص قائدا عاما للحملة والذى خرج في 4 آلاف جندى من المدينة المنورة ثم لحق به بعد خروجه 4 آلاف أخرى وإنضم إليه 3 آلاف من بني أسد فيهم طليحة بن خويلد الأسدى الذى تنبأ أيام الردة ثم عاد للإسلام وحسن إسلامه كما لحق به الأشعث بن قيس في ألف وسبعمائة من أهل اليمن وقبل وصوله بقليل إلى المثتى بن حارثة إنتفض عليه الجرح الذى كان قد اصابه يوم الجسر وتوفي بعد أيام قليلة وترك وصية لسعد بن أبي وقاص أن لا يقاتل العدو إذا إستجمع أمرهم وجندهم في عقر دارهم وأن يقاتلهم على حدود أرضهم على أدنى حجر من أرض العرب وأدنى حد من أرض العجم فإن يظهر الله المسلمين عليهم لهم ما ورائهم وإن تكن الأخرى فأووا إلى فئة ثم يكون أعلم بسبيلهم وأجرأ على أرضهم إلى أن يرد الله الكرة عليهم وبوفاته فقد المسلمون قائدا فذا من قواد المسلمين وبطلا من أبطال فتوحات العراق وفارس ووصل قائد المسلمين سعد بن أبي وقاص إلي شراف وهي تقريبا في منتصف الطريق بين المدينة المنورة وبلاد العراق حيث إنضمت إليه القوات الموجودة في العراق ثم سار بالقوات مجتمعة فنزل بها بين العذيب والقادسية غربي الكوفة حاليا وأخذت الإمدادات تتوالى عليه حسب أوامر الخليفة فإنضم إليه المغيرة بن شعبة الثقفي وجنده وعمرو بن معديكرب الزبيدى وقيس بن المكشوح وكان هؤلاء أخبر من غيرهم في حرب الفرس نظرا لأن أغلبهم كانوا مع خالد بن الوليد أيام الفتوحات الأولى للعراق كما إنضمت بعض القبائل العربية المسيحية إلى صفوف المسلمين وأعلنت أن نقضها العهد الذى كانت قد قطعته لخالد عند مجئ رستم كان بضغط من الفرس الذين أخذوا منها الخراج ودخل الكثير من أبنائها في الإسلام ودارت المفاوضات بين المسلمين والفرس لكي يدخلوا في الإسلام أو يقبلوا الجزية أو يكون الخيار الأخير هو الحرب فإختار الفرس الحرب وكانت معركة القادسية في شهر شعبان عام 15 هجرية والتي إستمرت 4 أيام وإنتصر فيها المسلمون وبذلك فتح أمامهم الطريق نحو كتسفون عاصمة الفرس وبالفعل تم فتحها في شهر صفر عام 16 هجرية .


وبعد فتح المدائن أتى المسلمون خبر فرار ملك الفرس يزدجرد إلى حلوان وإرساله قائد يسمى مهران رازى بجيش فارسي إلى حصن جلولاء شمالي المدائن كذا بتجمع أهل نينوى في تكريت فكتب سعد بذلك إلى عمر فأمره بإرسال هاشم بن عتبة إلى جلولاء بإثني عشر ألف مقاتل وأن يجعل على مقدمته القعقاع بن عمرو التميمي وعلى ميمنته سعر بن مالك وعلى ميسرته عمرو بن مالك بن عتبة وعلى ساقته عمرو بن مرة الجهني فخرج هاشم من المدائن بجيشه فضرب حصارا على جلولاء وأخذ القتال يتجدد بين المسلمين والفرس كل يوم وكل منهم لا يستطيع أن يهزم الآخر حتى جاء يوم عاصف شد فيه القعقاع مع بعض الفرسان على فرسان الفرس فسقط الفرس في الخندق الذى كانوا قد حفروه حول الحصن فإضطروا لردم جزء يصعدوا منه فإنتهزها القعقاع فرصة وشد عليهم حتى وصل إلى باب حصنهم فتحمس المسلمون وإستطاعوا هزيمة الفرس الذين كثر القتل فيهم يومها حتى جللت الأرض بالقتلى وغنم المسلمون من المال والسلاح قُرابة ما غنموا يوم المدائن ثم أمر هاشم القعقاع بمطاردة فلول الفرس فأدرك مهران فقتله وواصل القعقاع إلى حلوان فوجد يزدجرد قد فر حين بلغه خبر جلولاء من حلوان إلى الجبال وترك بحلوان فرسانا بقيادة خسرو شنوم فهزمهم القعقاع ودخل حلوان ثم عاد إلى سعد وجدير بالذكر أن الخليفة عمر بن الخطاب لم يكن قد خطط في هذا الوقت لفتح بلاد فارس المعروفة بإيران اليوم وكان هدف الإصطدامات التي حدثت حتى تلك المرحلة داخل الأراضي الفارسية هو الحفاظ على إنجازات المسلمين والمحافظة على الأراضي الإسلامية فبلاد العراق التي تم ضمها إلى رقعة الدولة الإسلامية كانت تعتبر أساسا جزءا من بلاد العرب لأن العرب سكنوا في أنحائه قبل الإسلام مثلما سكنوا في الجزيرة العربية واليمن وكان عمر يقول وددت لَو أن بيننا وبين بلاد فارس جبلا من نار لا يصلون إلينا منه ولا نصل إليهم ولكن الفُرس لم يركنوا إلى الهدوء ويسلموا بالأمر الواقع بعد فتح المسلمين لبلاد العراق مثلما سلم الإمبراطور البيزنطي هرقل بإستيلاء المسلمين على بلاد الشام فكان الفرس يجهزون الجيوش إستعدادا لإستمرار ومواصلة الحرب كما أن أهل البلاد المفتوجة كانوا يقومون بأعمال التمرد بعد عقد الصلح مع المسلمين وتأمينهم على أرواحهم وأموالهم ودورهم ولما سأل عمر كبار الصحابة عن سبب ذلك أجابوه بأن تلك الفتن لا يمكن أن تخمد ما لم يخرج ملك الفرس يزدجرد من حدود البلاد الفارسية وأن آمال الفرس لا يمكن أن تنقطع طالما تراودهم فكرة بقاء وريث عرش ساسان على قيد الحياة ومما زاد في تشجيع الفرس على التمادى في الخروج على حكم المسلمين والإستعداد لحرب الإسترداد إخفاق هؤلاء في فتح مدينة إصطخر حاضرة فارس قبل المدائن حيث كان الصحابي العلاء بن الحضرمي عامل عمر على البحرين قد عبر الخليج العربي إلى البر الفارسي دون الحصول على إذن من الخليفة فقصد إصطخر وتغلب على حامية السواحل وتابع زحفه بإتجاه المدينة إلا أنه لم يؤمن مؤخرته وطريق عودته حيث تقضي السياسة العسكرية السليمة بضرورة تمركز قوة عسكرية في النقاط المهمة على الطريق إلى إصطخر فقطع الفرس عليه خط الرجعة ولم ينقذه سوى قرار الخليفة بِإرسال مدد من حاميات البصرة والكوفة وقام عمر بعزله بعد ذلك بسبب مغامرته غير المدروسة ووضعهُ تحت تصرف سعد بن أبي وقاص والي الكوفة وقام عمر بتعيين كل من النعمان وشقيقه سويد إبني مقرن المزني على الصدقات في مناطق ما بين نهرى دجلة فكرها هذا المنصب الإدارى وكتبا إلى عمر يسألانه أن يعزلهما لأنهما لا يريدان أن يكونا جابيين بل يريدان أن يجاهدا في سبيل الله تعالى .

وفي ذلك الوقت كان يزدجرد قد إستطاع أن يحشد جيشا فارسيا ضخما في نهاوند بشمال غرب إيران حاليا وجعل الفيرزان قائدا له وبالطبع فقد بلغ ذلك الأمر الخليفة عمر بن الخطاب فقال أشيروا على أيها الناس برجل أوله ذلك الثغر غدا قالوا أنت أفضل رأيا وأحسن مقدرة قال أشيروا علي به وإجعلوه عراقيا قالوا يا أمير المؤمنين أنت أعلم بأهل العراق وجندك قد وفدوا عليك ورأيتهم وكلمتهم فقال أما والله لأولين أمرهم رجلا ليكونن لأول الأسنة إذا لقيها غدا فقيل من يا أمير المؤمنين فقال النعمان بن مقرن فقالوا هو لها وكان النعمان يومئذ بالبصرة ومعه قواد من أهل الكوفة أمده بهم عمر فكتب إليه بالخبر ثم إستطرد وإني قد وليتك حربهم فسر من وجهك ذلك حتى تأتي مدينة ماه بشمال غرب إيران حاليا فإني قد كتبت إلى أهل الكوفة أن يوافوك بها فإذا إجتمع لك جنودك فسر إلى الفيرزان ومن تجمع إليه من الأعاجم من أهل فارس وغيرهم وإستنصروا الله وأكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله وكان كل من نعيم وسويد إبني مقرن المزني مع أخيهما في الجيش المتجه إلى نهاوند لقتال الفرس وإلتقى جيش المسلمين بجيش الفرس في حرب شديدة قرب مدينة نهاوند وقيل كان ذلك في شهر رمضان عام 18 هجرية وقيل عام 21 هجرية وظلت المعركة يومين لم يستطع أحد الجيشين خلالهما أن يحقق النصر على الآخر وفي اليوم الثالث نجح المسلمون في أن يبعدوا الفرس عن مواقعهم ويدخلوهم خنادقهم وحصونهم ويحاصرونهم فيها وطال حصار المسلمين للفرس ففكر النعمان وجنده في حيلة يخرجون بها الفرس من حصونهم فأشار طليحة بن خويلد الأسدى رضي الله عنه بأن يوهم بعض المسلمين الفرس أنهم قد إنهزموا وينسحبوا من الميدان فينجذب نحوهم الفرس ويتركوا مواقعهم ثم ينقض عليهم الجيش الإسلامي كله مرة واحدة فيهزموهم بإذن الله وقام قائد الجيش النعمان بن مقرن بإعادة تنظيم جيشه وكان عدده ثلاثون ألفا وعبأ الكتائب وجعل على مقدمة الجيش شقيقه نعيم بن مقرن وعلى المجنبتين حذيفة بن اليمان وسويد بن مقرن وعلى المجردة أى علي الفرسان القعقاع بن عمرو التميمي وعلى الساقة مجاشع بن مسعود ونفذ القعقاع بن عمرو رضي الله عنه مع بعض جنود المسلمين الخطة التي أشار بها طليحة بن خويلد ونجحت الحيلة وظن الفرس أن في جيش المسلمين ضعفا فخرجوا وراءهم ليقضوا عليهم فإنقض المسلمون علي جيش الفرس وإندفع قائد المسلمين النعمان بن مقرن في صفوفهم يقاتل قتالا شديدا طامعا في النصر للمسلمين وفي الشهادة لنفسه ودعا الله قائلا اللهم إني أسألك أن تقر عيني بفتح يكون فيه عز الإسلام وإقبضني إليك شهيدا وبالفعل نال النعمان أمنيته فسقط شهيدا في أرض المعركة بعد أن إنزلق فرسه بسبب الدماء التي غطت أرض المعركة فأصابه سهم في جنبه ولما زلق فرس النعمان به لمحه معقل بن يسار فجاءه بقليل من الماء فغسل عن وجهه التراب فقال النعمان من أنت قال أنا معقل بن يسار قال ما فعل الناس قال فتح الله عليهم فقال النعمان الحمد لله إكتبوا بذلك إلى عمر وكانت هذه هي آخر كلماته ثم فاضت روحه إلي بارئها .

وقبل أن تقع الراية من يد النعمان أسرع إليه أخوه نعيم وأخذها منه ليواصل المسلمون جهادهم ويكتم نعيم خبر إستشهاد القائد ويتولي القيادة الصحابي حذيفة بن اليمان الذى أوصى النعمان بن مقرن له بقيادة الجيش من بعده ولما أظلم الليل وبعد أن إنهزم الفرس هربوا بدون نظام فوقعوا في واد فكان إذا وقع احدهم يقع معه ستة فمات في هذه المعركة 100 ألف أو يزيد حيث قتل في الوادى فقط 80 ألفا وهرب القائد الفارسي الفيرزان وعلم بهربه القعقاع بن عمرو فتبعه هو ونعيم بن مقرن فأدركاه في واد ضيق فيه قافلة كبيرة من بغال وحمير محملة عسلا ذاهبة إلى كسرى فلم يجد طريقا فنزل عن دابته وصعد في الجبل ليختفي فتبعه القعقاع راجلا فقتله وبذلك إنتهت المعركة بنصر كبير أعز الله به الإسلام والمسلمين وفي جو الفرحة تساءل المسلمون عن قائدهم فأجابهم نعيم قائلا هذا أميركم قد أقر الله عينه بالفتح وختم له بالشهادة ووصل خبر الإنتصار في المعركة إلى المدينة المنورة وأيضا وصل معه خبر إستشهاد النعمان فصعد الخليفة عمر بن الخطاب المنبر ينعي للمسلمين ذلك البطل الشهيد ويقول وعيناه تذرفان بالدموع إنا لله وإنا إليه راجعون فيبكي المسلمون بالمدينة وهكذا سجل التاريخ يوما من أعظم أيام الإسلام يوم نهاوند ذلك اليوم الذي إستشهد فيه أمير نهاوند وقائد المسلمين فيها النعمان بن مقرن وفي نهاوند دفن النعمان في سهل ممتد تكسوه الأشجار العالية ودفن معه من إستشهد في ذلك اليوم الخالد وكان منهم إثنان من أبطال فتوحات بلاد العراق وفارس هما طليحة بن خويلد الأسدى وعمرو بن معديكرب الزبيدى وكانت هذه المعركة والتي سميت بفتح الفتوح هي حد النهاية للإمبراطورية الفارسية أو الساسانية فقد سقطت بعد إنتصار المسلمين فيها للأبد وأصبحت في ذمة التاريخ وبعد معركة نهاوند أمر حذيفة بن اليمان نعيم بن مقرن والقعقاع بن عمرو بمطاردة فلول نهاوند حتى بلغا همذان بشمال غرب إيران فصالحهم حاكمها خسروشنوم على الجزية فرجعا عنها ثم عاد ونقض العهد فكتب الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى حذيفة بالعودة إلى الكوفة وأن يسير نعيم بن مقرن المزني إلى همذان ويجعل أخوه سويد بن مقرن المزني على مقدمة جيشه وربعي بن عامر التميمي ومهلهل بن زيد الطائي على جناحيه فحاصر نعيم بن مقرن في إثني عشر ألفا همذان ثم أرسل السرايا فإستولت على كل المناطق التابعة لها حينئذ سأل أهل المدينة نعيم بن مقرن الصلح فوافقهم على ذلك كما بعث الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عبد اللَّه بن عبد الله بن عتبان لفتح مدينة أصفهان بوسط إيران حاليا وأمده بأبي موسى الأشعرى فسار عبد الله بجنده ومن تبعه من جند النعمان بن مقرن نحو أصفهان فقابل جندا فارسيا كثيفا بقيادة الأسبيدان وعلى مقدمته شهريار بن جاذويه خارج المدينة وبدأت المعركة بخروج شهريار للمبارزة فخرج له عبد الله بن بديل بن ورقاء الرياحي فقتله ثم دارت معركة كبيرة هزم فيها أهل أصفهان .

وبعد ذلك سار عبد الله بن عبد الله بن عتبان إلى أصفهان فحاصرها حتى صالحه حاكمها الفاذوسفان على الجزية فكتب إبن عتبان لعمر بالنصر فأمره بأن يمدد سهيل بن عدى رضي الله عنه بجيشه لقتال كرمان بوسط إيران فإستخلف إبن عتبان السائب بن الأقرع على أصفهان ولحق بسهيل وسار أبو موسى الأشعرى فإفتتح مدينتي قم وقاشان واللتان تقعان جنوب العاصمة الإيرانية طهران حاليا وتراسل أهل الديلم بجنوب إيران وأهل الرى بجنوب شرق طهران حاليا وأهل أذربيجان على قتال المسلمين ثم إجتمعوا في بواج روذ بشمال غرب إيران وبلغ قائد المسلمين نعيم بن مقرن المزني خبر تجمع الفرس فسار إليهم ودارت بينهم معركة كبيرة إنتصر فيها المسلمون وأرسل نعيم الخبر إلى عمر فرد هذا الأخير الرسول ليبلغ نعيم بأن يستخلف على همذان ويسير إلى الرى فإستخلف نعيم على همذان وسار للرى وفي الطريق قابله الفرخزاد أحد قادة الفرس مسالما لحسده على حاكم الرى سياوخش بن مهران بن بهرام جوبين وفي نفس الوقت تجمع أهل طبرستان وهو إقليم تاريخي يقع حاليا شمال دولة إيران وفي جنوب غرب دولة تركمانستان اليوم ويمتد في معظمه على الساحل الجنوبي لبحر قزوين ودنباوند وقومس وجرجان وهذه الثلاثة تقع بشمال إيران حاليا لقتال المسلمين وإلتقوا في سفح جبل الرى فإقتتلوا به ولما طال القتال أشار الفرخزاد على نعيم بن مقرن بأن يباغت أهل الرى في الليل بكتيبة من الفرسان يدخل بهم الفرخزاد المدينة من موضع لا يتوقعه الفرس فبعث معه نعيم بن مقرن خيلا بقيادة المنذر بن عمرو إبن أخيه فتفاجأ بهم الفرس ودار القتال في المدينة وإنتصر فيه فرسان المسلمين ثم فوجئ المقاتلين من الفرس عند سفح الجبل بالتكبير من خلفهم فإضطربت صفوفهم وإنتهى الأمر بهزيمة الفرس ثم طلب الفرخزاد من قائد المسلمين نعيم بن مقرن أن يؤمره على أهل الرى وللمسلمين منهم الجزية فوافقه وحين وفد المضارب العجلي بالأخماس إلى الخليفة عمر بن الخطاب بعث معه عمر لنعيم بأن يرسل أخاه سويد بن مقرن المزني إلى قومس فوصلها سويد دون أن يواجه مقاومة فأخذها سلما ثم سار إلى جرجان فقابله صاحبها رزبان صول بالسلم ودخل في عهد المسلمين على أن يؤدى أهلها الجزية للمسلمين .


وبعد أن إفتتح سويد بن مقرن المزني قومس أرسل إليه الفرخان إصبهبذ طبرستان يسأله الصلح فأجابه سويد وأمنه هو وأهل طبرستان على أنفسهم وأموالهم ودورهم وأبقاه حاكما على المدينة على أن يؤدى الجزية كما أرسل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لنعيم بن مقرن المزني بأن يبعث بسماك بن خرشة الأنصارى المعروف بأبي دجانة الأنصارى رضي الله عنه مددا لبكير بن عبد اللَّه بأذربيجان وكان بكير قد سار حين بعث إلى أذربيجان فإلتقى بفلول الفرس المنهزمين في واج روذ بقيادة إسفندياذ بن الفرخزاد فهزمهم وأسر قائدهم إسفندياذ قبل مقدم سماك بن خرشة الذى إفتتح المناطق التي مر بها في طريقه وحين وصل أبو دجانة أرسل بكير إلى عمر بن الخطاب يستعفيه من القيادة فأذن له على أن يسير إلى مدينة الباب وأن يستخلف على عمله فإستخلف بكير عتبة بن فرقد السلمي والذى سار نحو أذربيجان فوجد الفرس قد تجمعوا بقيادة بهرام بن الفرخزاد فقاتلهم وهزمهم وفر بهرام ولما بلغ الخبر أهل أذربيجان صالحوا عتبة ولايفوتنا في النهاية أن نذكر أنه مع جهاد سويد بن مقرن المزني فقد كان أيضا ممن رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها قوله أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنبيذ جر فسألته عنه فنهاني عنه فأخذت الجرة فكسرتها وأيضا قال سويد بن مقرن أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من قتل دون مظلمته فهو شهيد وعن هلال بن يساف قال كنا نبيع البر في دار سويد بن مقرن فخرجت جارية وقالت لرجل منا كلمة فلطمها فغضب سويد وقال لطمت وجهها لقد رأيتني سابع سبعة من إخواني مع رسول الله ما لنا خادم إلا واحدة فلطمها أحدنا فأمرنا رسول الله فأعتقناها وأخيرا فقد سكن سويد البصرة أولا ثم سكن الكوفة ومات بها ولم تذكر المصادر التاريخية في أى عام كانت وفاته وإن كان من المؤكد أنه بعد عام 21 هجرية وقبل أن نختم هذا المقال نقول كلمة أخيرة وهي أنه كان للفتح الإسلامي الكثير من الآثار على العالم أجمع منها رفع الثقل الإقتصاديّ عن الناس وذلك عن طريق تخفيض المكوس والضرائب الباهظة التي كان الفرس والروم يفرضونها على أهل البلاد التي كانوا يحكمونها علاوة على منح اهالي البلاد المفتوحة الحرية الدينية حيث لم يتم إكراه أهل تلك البلاد على الدخول في الإسلام وإقامة الأمن والنظام والإصلاح في جميع جوانب الحياة وتطويرها وكذلك تحقيق الرقي والتقدم في التجارة والزراعة والإقتصاد والثقافة والعلم مما أدى إلى تحويل الأشخاص الذين إعتنقوا الإسلام من أهل تلك البلاد إلى طاقات للخير ومن أعداء إلى أصدقاء يشاركون في صنع الحضارة بالإضافة إلى مشاركتهم في القضاء على الامبراطورية الفارسية الساسانية إلى الأبد وطرد الروم نهائيا من بلاد الشام والمشاركة في فتوحات مصر وشمال أفريقية وجُزر البحر المتوسط وبلاد الأندلس فيما بعد وكل ذلك أدى في النهاية إلى نهضة وإزدهار البلاد الإسلامية في جميع المجالات العلمية والثقافية والفنية والإجتماعية والإقتصادية وشعور المسلمين بالقوة والأمن والرخاء .
 
 
الصور :
معاودة فتح همذان + فتح الري وصلح دنباوند