الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أبو أيوب الأنصارى

 أبو أيوب الأنصارى
عدد : 10-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"


أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج النجارى الأنصارى رضي الله عنه صحابي جليل من صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأحد السابقين إلى الإسلام من الأنصار وأحد رجال بني النجار الأفاضل وهم بطن من بطون قبيلة الخزرج وهم أخوال عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم والد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهم من خير قبائل الأنصار حيث ورد في صحيح البخارى في باب فضل دور الأنصار عن أبي أسيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن خزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير وكان من أشهر الصحابة من بني النجار غير الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصارى رضي الله عنه شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي حسان بن ثابت الخزرجي رضي الله عنه والصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه حيث يرجع نسبه إلى عدي بن النجار عن طريق أمه الصحابية الأنصارية أم سليم بنت ملحان رضي الله عنها وأيضا الصحابي الجليل أسعد بن زرارة الأنصارى الخزرجي النجاري الذى كان يلقب بنقيب بني النجار وكان من فضل بني النجار في الإسلام أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم نقب على النقباء أسعد بن زرارة فلما توفاه الله أثناء بناء المسجد النبوى الشريف إجتمعت بنو النجار إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يجعل منهم شخصا مكانه نقيبا عليهم فقال لهم أنتم أخوالي وأنا فيكم وأنا نقيبكم وكره الرسول أن يخص بها بعضهم دون بعض ويروى أنه بعد وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بعد هجرته إليها أن خرجت بنات صغيرات من بني النجار مستبشرات وفرحات بقدومه صلى الله عليه وسلم وهن ينشدن نحن جوار من بني النجارِ يا حبذا محمد من جارِ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهن الله يعلم إني لأحبكن وكان النبي عطوفًا يكرم الأنصار وأبناءهم ويعطيهم كل رعاية وإهتمام ويروى أنه كانت الأرض التي بني عليها المسجد النبوى الشريف كانت ملكا لغلامين يتيمين من بني النجار هما سهل وسهيل إبنا عمرو وكانا في حجر أسعد بن زرارة وكانت هذه الأرض في موضع في وسط المدينة المنورة وكانت تستغل كموقف للإبل ومحبسا لها وكان المسلمون الأوائل من الأنصار قبل الهجرة النبوية يجتمعون ويصلون في جانب منها وكان يؤمهم الصحابي أسعد بن زرارة رضي الله عنه ثم من بعده كان الصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه المبعوث من النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة يصلي بهم ويعلمهم القرآن الكريم أيضا بها وعندما قدم النبي محمد المدينة المنورة بركت ناقته في ذلك الموضع وقال هذا المنزل إن شاء الله فدعا الغلامين ليعرض عليهما شراء أرض المربض ليتخذها مسجدا فقالا بل نهبها لك يا رسول الله فأبى أن يقبلها هبة حتى إبتاعها منهما ودفع ثمنها أبو بكر الصديق رضي الله عنه وشارك المهاجرون والأنصار في بناء المسجد ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يدعو لهم قائلا إن العيش عيش الآخرة فإرحم الأنصار والمهاجرة ولم تذكر المصادر التاريخية أي معلومات عن تاريخ ميلاد الصحابي أبي أيوب الأنصارى مثل العديد من الصحابة والصحابيات وإن كان من المؤكد أنه قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته إلى المدينة المنورة وكان معروفا بالصدق والزهد في الحياة والتواضع لله ومحبة الناس والتسامح وإحترام من هم أكبر منه سنا كما إشتهر بسمو الأخلاق والإيثار وتقديم العون وقضاء حوائج الناس ويساعدهم ويؤثرهم على نفسه وإشتهر أيضا بعدم التكبر فكان كل من يعرفه يحبه وقد حضر أبو أيوب الأنصارى رضي الله عنه بيعة العقبة الثانية وبايع الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسلام ومنذ ذلك اليوم كرس حياته لدعوة الإسلام والجهاد في سبيل الله تعالى حبا لله ولرسول الله صلى الله عليه وسلم .

وحدث أنه عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة نزل أولا في قباء وأقام في بني عمرو بن عوف خمسة أيام أسس فيها مسجد قباء ثم هم بدخول المدينة فإعترض ناقته القصواء بنو سالم بن عوف ثم بني بياضة فبني ساعدة فبني الحارث بن الخزرج فأخواله بني عدى بن النجار يسألونه ويرجونه أن يقيم بين ظهرانيهم ويقولون هلم يا رسول الله إلى العدد والعدة والمنعة وسار الرسول وسط الجموع التي إضطرمت صفوفها وأفئدتها حماسة ومحبة وشوقا له وهو يعتذر ويقول متحدثا عن ناقته القصواء خلوا سبيلها فإنها مأمورة حتى مر ببني مالك بن النجار فبركت القصواء في موضع باب مسجده في الأرض الفضاء التي كان يمتلكها الفتيان اليتيمان سهل وسهيل إبنا عمرو اللذين ذكرناهما في السطور السابقة ثم نهضت وطافت بالمكان ثم عادت إلى مبركها الأول وإستقرت في مكانها فنزل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فإحتمل أبو أيوب الأنصارى رحله كأنما يحمل كنوزَ الدنيا كلها ومضى به إلى بيته وكانت داره أمام الموضع الذى بركت فيه الناقة فأدخله داره وأمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد بعد أن إشترى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الأرض التي بني عليها المسجد من صاحبيها سهل وسهيل إبني عمرو وأخذ الناس يتنافسون على إستضافة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم وقال لهم المرء مع رحله فكان أن نزل بدار أبي أيوب الأنصارى ووقف أهل المدينة المنورة جميعا يغبطونه على حظوظه الوافية وعلى فوزة بإستضافة الرسول في بيته وأقام النبي في دار أبي أيوب مدة قيل إنها بلغت سبعة أشهر حتى بنيت حجرة زوجته السيدة أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي الله عنها وبني أيضا المسجد النبوى الشريف فإنتقل الرسول إليها وغدا جارا لأبى أيوب أكرم بهما من جارين وكانت دار أبي أيوبَ تتألف من طابقين فأخلى أبو أيوب الطابق العلوى من متاعه ومتاع أهله لكي ينزل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنه فضل أن ينزل بالطابق السفلي ولكن ما كاد أبو أيوب يصعد إلى غرفته في الدور العلوى هو وزوجته حتى أخذته الرجفة ولم يستطع أن يتصور نفسه قائما أو نائما وفي مكان أعلى من المكان الذى يقوم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينام وظل أبو أيوب وزوجته يلحان عليه لكي ينزل بالطابق العلوى لكن النبي قال لهما إنه رجل تأتيه الناس ولا يريد أن يشق عليهم ولا على أصحاب الدار وبقي مقيما في الطابق السفلي وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أبي أيوب والصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه وكانت أم أيوب تعد الطعام يوميا للرسول صلى الله عليه وسلم وبعد أن يتناول طعامه كانت هي وزوجها يلتمسان بركة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيأكلان من موضع يده الشريفة حتى كانت ليلة بعثا فيها بعشاء كان فيه بصل أو ثوم فرده النبي دون أن يأكل منه فجاءه أبو أيوب فزعا وقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي رددت عشاءك ولم أر فيه موضع يدك وكنت إذا رددته علينا تيممت أنا وأم أيوب موضع يدك نبتغي بذلك البركة فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني وجدت فيه ريح بصل وثوم فكرهت أن آكل فأنا رجل تأتيه الملائكة وهي تتأذى من تلك الروائح وكذلك من يأتيني من صحابتي وأما أنتم فكلوه فأكلا منه ولم يقدما له طعاما كهذا بعد ذلك وقد روى التابعي سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن أبا أيوب أخذ من لحية النبي محمد فقال له النبي لا يصيبك السوء يا أبا أيوب .


وفي يوم من الأيام إنسكبت جرة ماء في الدور العلوى الذى يقيم فيه أبو أيوب وزوجته فخشيا أن يصيب الماء النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الدور السفلي فتتبع هو وإمرأته أم أيوب الماء بقطيفة ثم نزل وقال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لا ينبغي أن نكون فوقك إنتقل إلى الغرفة بالدور العلوى ثم نقل متاعه إلى الأعلى وإستراح بذلك أبو أيوب وزوجته أيما راحة وكان من مواقف أبي أيوب مع النبي صلى الله عليه وسلم ماحدثنا عنه الصحابي الإمام عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال خرج أبو بكر في الهاجرة يعني في منتصف النهار في شدة الحر فرآه عمر فقال يا أبا بكر ما أخرجك هذه الساعة قال ما أخرجني إلا ما أجد من شدة الجوع فقال عمر وأنا والله ما أخرجني غير ذلك فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخرجكما هذه الساعة قالا والله ما أخرجنا إلا ما نجده في بطوننا من شدة الجوع فقال وأنا والذى نفسي بيده ما أخرجني غير ذلك قوما معي وإنطلقوا جميعا فأتوا باب أبي أيوب الأنصارى وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله كل يوم طعاما فإذا لم يأت أطعمه لأهله فلما بلغوا الباب خرجت إليهم أم أيوب وقالت مرحبا بنبي الله ومن معه فقال رسول الله أين أبو أيوب فسمع أبو أيوب صوت النبي وكان يعمل في نخل قريب له فأقبل يسرع وهو يقول مرحبا برسول الله وبمن معه ثم قال يا رسول الله ليس هذا بالوقت الذى كنت تجئ فيه فقال صدقت ثم إنطلق أبو أيوب إلى نخيله فقطع منه عذقا فيه تمر ورطب وبسر وقال يا رسول الله كل من هذا وسأذبح لك أيضا فقال إن ذبحت فلا تذبحن ذات لبن وقدم الطعام إلى رسول الله فأخذ منه قطعة من لحم الجدى ووضعها في رغيف وقال يا أبا أيوب بادر بهذه القطعة إلى فاطمة الزهراء فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام فلما أكلوا وشبعوا قال النبي خبز ولحم وتمر وبسر ورطب ودمعت عيناه ثم قال والذى نفسي بيده هذا هو النعيم الذى تسألون عنه يوم القيامة وبعد الطعام قال رسول الله لأبي أيوب إئتنا غدا فقال أبو أيوب سمعا وطاعةً لرسول اللّه وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصنع له أحد معروفًا إلا أحب أن يجازيه فلما كان الغد ذهب أبو أيوب إلى النبي فأهداه جارية صغيرة تخدمه وقال له إستوص بها خيرا فعاد أبو أيوب إلى زوجته ومعه الجارية وقال لزوجته هذه هدية من رسول الله لنا ولقد أوصانا بها خيرا وأن نكرمها فقالت أم أيوب وكيف تصنع بها خيرا لتنفذ وصية رسول الله فقال أفضل شئ أن نعتقها إبتغاء وجه الله وقد كان هذا وكان لأبي أيوب وزوجته أيضا موقفا في حادثة الإفك التي إتهم فيها المنافقون السيدة عائشة رضي الله عنها في شرفها حيث قالت له زوجته يا أبا أيوب أما تسمع ما يقول الناس في عائشة رضي الله عنها قال نعم وذلك الكذب أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب قالت لا والله ما كنت لأفعله قفال لها فعائشة والله خير منك ونزل قول الله تعالى في سورة النور مادحا لهما حيث قال تعالى وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ وهكذا تكون أخلاق المسلم بأن يحسن الظن بإخوانه من المسلمين .

وقد شهد أبو أيوب مع النبي محمد المشاهد كلها بدر وأحد والخندق وبيعة الرضوان وفتح مكة وحنين وتبوك وقال إبن هشام إن أبا أيوب رضي الله عنه هو من أسر أبا العاص بن الربيع ختن النبي صلى الله عليه وسلم زوج إبنته الكبرى زينب رضي الله عنها يوم بدر وعلاوة على ذلك فقد كان أبو أيوب متعلقا بالنبي صلى الله عليه وسلم شديد الحب له مقتفيا لأثره منفذا لأوامره وقد روى أنه لما إستهزأ بعض المنافقين في المسجد بالمسلمين أمر بهم النبي فأُخرجوا من المسجد إخراجا عنيفا حيث قام أبو أيوب الأنصارى إلى أحدهم فأخذ برجله وسحبه حتى أخرجه من المسجد وهو يقول لأبي أيوب أتخرجني يا أبا أيوب من مربد بني ثعلبة ثم أقبل أبو أيوب أيضا إلى آخر منهم فلببه بردائه ثم نتره نترا شديدا ولطم وجهه ثم أخرجه من المسجد وهو يقول له أف لك منافقا خبيثا أدراجك يا منافق من مسجد رسول الله وروى أنه بعد فتح خيبر في شهر المحرم عام 7 هجرية أعرس النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب بعد أن أسلمت فبات أبو أيوب الأنصاري متوشحا سيفه يحرس النبي ويطوف بقبته حتى أصبح النبي فلما رآه قال مالك يا أبا أيوب فقال يا رسول الله خفت عليك من هذه المرأة وكانت إمرأة قد قتلت أباها وزوجها وقومها وكانت حديثة عهد بكفر فخفتها عليك فدعا له قائلا اللهم إحفظ أبا أيوب كما بات يحفظني وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إستمر يغزو في سبيل الله في عهد الخلفاء الراشدين الثلاثة ابي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعا وقد حفظ الصحابة الكرام لأبي أيوب الأنصارى فضله فقد روى حبيب بن أبي ثابت أن أبا أيوب الأنصارى رضي الله عنه قدم على عبد الله بن عباس رضي الله عنه البصرة فأفرغ له بيته وقال لأصنعن بك كما صنعت برسول الله صلى الله عليه وسلم ولما إستخلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه سأله ما حاجتك يا أبا أيوب قال حاجتي عطائي وثمانية أعبد يعملون في أرضي وكان عطاء أبي أيوب رضي الله عنه أربعة آلاف فضاعفها الإمام علي له خمس مرات حيث أعطاه عشرين ألفا وأربعين عبدا ولما أطلت الفتنة برأسها ووقع الخلاف بين الإمام علي ومعاوية رضي الله عنهما بشأن الثأر من قتلة الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه إستعمل علي رضي الله عنه أبا أيوب على المدينة المنورة لما أراد الخروج إلى العراق وظل واليا عليها إلى أن وجه معاوية بن أبي سفيان بسر بن أرطاة من الشام في ثلاثة آلاف رجل إلى الحجاز فقدموا المدينة المنورة فغادرها أبو أيوب ولحق بعلي رضي الله عنه في الكوفة وهناك خلاف على هل شهد أبو أيوب صفين مع علي أم لا إلا أنه من المؤكد أنه قد شهد معه يوم معركة النهروان ضد الخوارج في عام 38 هجرية والتي وقعت بعد صفين وكان يومذاك قائدا للخيل .


وكانت آخر غزوات أبي أيوب الأنصارى رضي الله عنه في عام 52 هجرية حين جهز الخليفة الأموى الأول معاوية بن أبي سفيان جيشا بقيادة إبنه يزيد لفتح القسطنطينية وكان أبو أيوب رضي الله عنه وقتها قد بلغ عمره ثمانين عاما ولم يمنعه كبر سنه من أن يخرج غازيا في سبيل الله لكنه مرض مرضا شديدا أثناء حصارها ولما ثقل عليه المرض أوصى أصحابه قائلا إدفنوني تحت أقدامكم فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة فأتاه يزيد يسأله ألك مني حاجة يا أبا أيوب فقال أبو أيوب نعم إذا أنا مت فإركب بي ثم توغل في أرض العدو ما وجدت مساغا فإذا لم تجد مساغا فإدفني ثم إرجع فلما مات ركب وسار به وحفروا له قبرا وتم دفنه تحت أسوار حصون القسطنطينية وصلى عليه يزيد وشاهد البيزنطيون جنازته والصلاة عليه في دهشة من خلف أسوار المدينة وبعدما علموا أن الشخص الذي دفن تحت تلك الأسوار كان شخصا مهما للمسلمين والنبي محمد خاصة فقام الإمبراطور البيزنطي بتهديد المسلمين من أنه سينبش قبره ويطعم جثمانه للضوارى فرد المسلمون بأن المسيحيين سيتكبدون خسائر أفدح وسيدفعون الثمن غاليا إن هم فعلوا ذلك فتراجع الإمبراطور البيزنطي عن تهديداته وطمأن المسلمين بأنه ستتم حماية القبر والمحافظة عليه وعندما تم فتح القسطنطينية في عام 1453م على يد السلطان العثماني السابع محمد الفاتح أو محمد الثاني أمر السلطان بإقامة ضريح فوق قبر الصحابي أبي أيوب الأنصارى رضي الله عنه وأمر أيضا بتشييد مسجد ومدرسة بالإضافة إلى مؤسسة خيرية حول الضريح وكان الجنود العثمانيون قد عثروا على القبر خارج أسوار القسطنطينية أثناء توجههم لفتحها فإستبشروا خيرا بذلك وقد إنتهي بناء الضريح والمسجد والمدرسة عام 1458م أي بعد خمس سنوات من فتح القسطنطينية ومنذ ذلك اليوم أصبحت لأبي أيوب الأنصارى رضي الله عنه مكانة عظيمة في الثقافة العثمانية وقد جرت العادة فيما بعد أن يتقلد كل سلطان عثماني جديد سيف السلطان عثمان الغازى الأول مؤسس الدولة العثمانية في هذا المسجد إيذانا بإعتلائه العرش رسميا وقد إستمر هذا التقليد حتى عام 1922م عندما تولى السلطان محمد السادس عرش الدولة العثمانية وكان هو آخر سلطان عثماني وبحلول نهاية القرن الثامن عشر الميلادى كان هذا المسجد قد وصل إلى حالة في غاية السوء نتيجة حدوث زلزال قوى وفي عام 1798م أمر السلطان العثماني سليم الثالث بهدم كل مباني المسجد عدا المئذنتين وإعادة بنائه وتم الإنتهاء من العمل في عام 1800م ثم أعيد بناء المئذنة الشرقية من قبل السلطان العثماني محمود الثاني في عام 1822م ويسمي الأتراك هذا المسجد بإسم أيوب سلطان تقديرا ومحبة للصحابي الجليل الذى إستشهد علي أبواب القسطنطينية أبو أيوب الأنصارى رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته فقد أبى إلا أن يموت على ظهور الجياد الصافنات غازيا في سبيل اللّه وقد بلغ من الكبر عتيا وترك من الولد عبد الرحمن وكانت أمه هي أم حسن بنت الصحابي الجليل كاتب الوحي وجامع القرآن الكريم زيد بن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه .


وبخلاف إستضافة أبي أيوب الأنصارى رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في داره عندما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة وحبه الجارف له وإرتباطه به وجهاده الدائم في سبيل الله ومن أجل نشر دين الله في الأرض ورفع راية الإسلام عالية خفاقة فإنه كان أيضا من رواة الحديث النبوى الشريف فقد روى عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه وروى عنه الكثير من الصحابة والتابعين منهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب وأنس بن مالك وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير بن العوام وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وبلغ جملة ما رواه أبو أيوب رضي الله عنه 155 حديث منها سبعة متفق عليها وإنفرد الإمام البخارى بحديث والإمام مسلم بخمسة أحاديث وروي الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصارى وكان مما روى أبو أيوب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره شرقوا أو غربوا وعن البراء بن عازب عن أبي أيوب رضي الله عنهما قال خرج النبي وقد وجبت الشمس فسمع صوتا فقال يهود تعذب في قبورها وعن إبن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصارى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذى يبدأ بالسلام ومما يذكر عن أبي أيوب رضي اله عنه في روايته للحديث أنه كان يتحرى الدقة إلى أقصى حد فنجده مثلا قد رحل من المدينة المنورة إلى مصر ليلتقي بالصحابي عقبة بن عامر رضي الله عنه ليسأله عن حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم في أثناء طريقه على منزل الصحابي مسلمة بن مخلد الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه وكان أمير مصر في ذلك الوقت خرج إليه فعانقه ثم قال له مسلمة ما جاء بك يا أبا أيوب فقال حديث واحد سمعه عقبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستر المؤمن فدلني على عقبة فقال نعم وذهب معه إلى عقبة رضي الله عنه ثم ذكر لهما الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من ستر مؤمنا في الدنيا ستره الله يوم القيامة وإنتهى الحديث على ذلك فلنتأمل سطرا واحدا جعل أبا أيوب يرحل من المدينة المنورة إلى مصر لكي يتأكد من صحة رواية الحديث وبعدما سمع أبو أيوب الحديث ركب راحلته عائدا إلى المدينة المنورة فلم يقعد في مصر ولا لحظة واحدة بل جاء ليتعلم سنة واحدة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يعود إلى بلده فكان الهدف واضحا جدا عنده ألا وهو التعرف على سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم وليس عنده وقت يصرفه في أى شئ آخر وأخيرا كان لأبي أيوب بعض المواقف مع التابعين حيث كان أبو أيوب الأنصارى رضي الله عنه يخالف مروان بن الحكم وهو وال على المدينة فقال له مروان ما يحملك على هذا قال إني رأيت رسول الله يصلي الصلـوات فإن وافقته وافقناك وإن خالفته خالفناك .
 
 
الصور :
جامع سلطان أيوب بإسطنبول