الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

عبد الله بن عبد الله بن أبي إبن سلول

عبد الله بن عبد الله بن أبي إبن سلول
عدد : 12-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"


عبد الله بن عبد الله بن أبي إبن سلول الأنصارى الخزرجي رضي الله عنه صحابي من صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان إسمه الحباب فغيره النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله ونلاحظ هنا أننا كتبنا في إسمه إبن سلول بإضافة الهمزة حيث أجمع الباحثون وعلماء اللغة العربية أن سلول هى أم عبد الله بن أبي والد الصحابي عبد الله بن عبد الله بن أبي وهو ينتمي إلى بني سالم بن عوف أحد بطون قبيلة الخزرج التي كانت إحدى القبائل العربية الرئيسية في المدينة المنورة وكانت القبيلة الأخرى هي قبيلة الأوس وكانت هناك نزاعات وصراعات وحروب طاحنة بين القبيلتين قبل الإسلام إستمرت 140 عاما وكانت قبائل اليهود التي تسكن المدينة تغذى تلك النزاعات والحروب وتحيك المؤامرات والفتن بما يحقق لهم البقاء والريادة بالمدينة ولم تتوقف تلك الحروب بين القبيلتين إلا قبل هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات وبدخول معظم أبناء القبيلتين في الإسلام إنتهت الصراعات والحروب وساد السلام بين القبيلتين وشكلت القبيلتان الأنصار بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وكان من أشهر رجال قبيلة الخزرج غير عبد الله بن عبد الله بن أبي الصحابة الكرام سعد بن عبادة وكان سيد الخزرج وإبنه قيس بن سعد بن عبادة وعبد الله بن عمرو بن حرام وإبنه راوى الحديث جابر بن عبد الله ومعاذ بن جبل وعمرو بن الجموح رضي الله عنهم جميعا وكان بنو سالم بن عوف يسكنون قباء التي تقع على بعد حوالي 6 كيلو مترات من المسجد النبوى الشريف وقد نزل النبي صلى الله عليه وسلم في ديارهم عندما وفد المدينة المنورة قادما من مكة المكرمة مهاجرا ومكث لديهم أربعة أيام أدركته خلالها صلاة الجمعة فصلاها في مسجدهم الذى أسسه لهم في بطن وادى رانوناء وهو أحد أودية المدينة المنورة والذى سمي بمسجد الجمعة فكانت أول جمعة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة وكان ميلاد الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي بالمدينة المنورة وغير معلوم لنا بالتحديد تاريخ ميلاده وإن كان من المؤكد أنه كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته إلي المدينة المنورة وغير متوافر لدينا أيضا معلومات كافية قبل إسلامه غير أنه نشأ في بيت من أشرف بيوت المدينة حيث كان أبوه من كبار أشراف وأعيان المدينة وسيدا من سادات قبيلة الخزرج ولما بدأت الدعوة إلى الإسلام في المدينة المنورة أسلم الأب والإبن وصار الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي من أتقي الصحابة رضوان الله عليهم بعكس أبيه الذى دخل فعلا في الإسلام لكنه أضمر الحقد والضغينة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الإسلام والمسلمين وتزعم المنافقين في المدينة المنورة حتى سماه المسلمون رأس النفاق في المدينة وتسبب في الكثير من المشاكل والأزمات والفتن الخطيرة في المدينة المنورة وكان قد تم الإتفاق على تنصيبه ملكا على المدينة المنورة فبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها وذلك بعد يوم بعاث وهي آخر معركة من المعارك التي كانت تنشب بين قبيلتي الأوس والخزرج بالمدينة قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها وقد وقعت هذه المعركة قبل هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بخمس سنوات وتعد أشهر وأدمى معركة نشبت بين قبيلتي الأوس والخزرج وآخرها حيث كانت قد أخذت بهم الأحقاد والضغائن حتى أخذوا يستعدون لهذا اليوم ويعدون عدتهم قبل شهرين من هذه الواقعة حيث حالفت قبيلة الخزرج قبائل بلي وأشجع وجهينة وحالفت قبيلة الأوس قبيلة مزينة وقبائل اليهود بني قريظة وبني النضير وغيرهم وسميت المعركة ببعاث نسبةً للمنطقة التي تصادم بها الحشدان وقامت عليها الحرب وهي منطقة ليهود بني قريظة كانت تقع قرب المدينة المنورة .


وبعد الإستعداد الطويل لهذا اليوم المرتقب وإزدياد الإحتقان المتصاعد بين الطرفين إلتقيا ودارت رحى المعركة بيتهما فإنكسر الأوسيون عندما إشتد وطيس المعركة ولم يقاوموا فإنهزموا هزيمة واضحة ولاذوا بالفرار إلا أن قائدهم حضير الكتائب قام بطعن قدمه بالرمح وصاح بأعلى صوته واعقراه كعقر الجمل والله لا أعود حتى أقتل فإن شئتم يا معشر الأوس أن تسلموني فإفعلوا وعندما سمعوا صوته عطفوا عليه عطفة رجل واحد وإستعرت الحرب وإشتد سعيرها فقلب الأوسيون الحال رأسا على عقب وقتل عمرو بن النعمان قائد الخزرج بسهم لا يعرف له رام وحمل ملفوفا بعباءة يحمله أربعة ولم ينقض وقت طويل حتى إنهزم الخزرج هزيمة نكراء والأوس من خلفهم بالسلاح لا تأخذهم بهم رحمة فصاح أحد الأوسيون يا معشر الأوس أحسنوا ولا تهلكوا إخوانكم فجوارهم خير من جوار الثعالب يقصد اليهود الذين كانوا يبثون نار الفتنة بين الطرفين ومع هذا الصوت توقفوا عن قتلهم وسلبهم وفي واقع الأمر كانت الحروب الأهلية التي كانت تنشب كل فترة بالمدينة المنورة بين قبيلتي الأوس والخزرج قد أنهكتهما وبعد يوم بعاث قرر عقلاء الطرفين وضع حد لهذه الحال فإتفقوا على تنصيب رجل واحد منهم يقبله الطرفان ملكا عليهم فوقع الإختيار على عبد الله بن أبي إبن سلول وفيما كانا يجهزان له ملكه حدثت بيعة العقبة الأولى والثانية ودخل أهل المدينة المنورة في الإسلام ثم هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم فزال ملك عبد الله بن أبي إبن سلول قبل أن يهنأ به ولو ليوم واحد فعاش تحت سيادة النبي صلى الله عليه وسلم وتحول إلى أكبر منافق ومعاد للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين عرفه التاريخ الإسلامي حيث كان يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد إنتزع منه ملكه الذى كان يجهز نفسه له فإمتلأت نفسه هو وأنصاره بالكراهية والغل والحقد والضغينة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الإسلام والمسلمين وهكذا كان يوم بعاث نهاية للحروب بين الأوس والخزرج وبدخولهم في الإسلام جميعا أصبحت سيوفهم تسل على عدو واحد دفاعا عن عقيدتهم .


وكانت بداية الجهاد في سبيل الله للصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه مع غزوة بدر في شهر رمضان عام 2 هجرية ثم غزوة أحد في شهر شوال عام 3 هجرية وينسب المؤرخون المسلمون إلى أبيه أنه في هذه الغزوة خذل المسلمين بإنسحابه هو ومجموعة من أصحابه المنافقين وعادوا إلى المدينة وشهد بعد ذلك الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه غزوة الخندق أو الأحزاب في شهر شوال عام 5 هجرية ثم غزوة بني قريظة في شهر ذى القعدة من نفس العام وأبلى في كل تلك المشاهد بلاءا حسنا وحدث بعد غزوتي الخندق وبني قريظة أن أبلغت الإستخبارات الإسلامية النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان قد بدأ يتسلل إلى قلوب بني المصطلق ويزين لهم بأنهم أقوياء يستطيعون إقتحام المدينة المنورة والتغلب على المسلمين وبدأوا مع زعيمهم الحارث بن أبي ضرار في التجمع لتجهيز الخيل والسلاح إستعدادا للإغارة على المدينة المنورة فبعث النبي محمد بريدة بن الحصيب الأسلمي ليؤكد له الخبر فرجع وأكد للنبي صلى الله عليه وسلم صحة هذه الأخبار وكان النبي قد إستن سنة بعد غزوة الخندق بأن يغزو المسلمون أعداءهم قبل أن يغزوهم وقبل أن يهاجموا المدينة المنورة حصن الإسلام الحصين وقبل أن يستكملوا إستعداداتهم وحشودهم وحيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال بعد الغزوتين المذكورتين من اليوم نغزوهم ولا يغزونا فقام بجمع المسلمين في سبعمائة مقاتل وثلاثين فرسا وإنطلق إلى ديار بني المصطلق لكي يرد شرهم قبل أن يشكلوا خطرا على المدينة المنورة وكان خروج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة المنورة في يوم 2 شعبان عام 6 هجرية فباغتهم على حين غرة عند منطقة تعرف بماء المريسيع وأغار المسلمون عليهم وهم غافلون وأنعامهم تسقي الماء وكان قتالا غير متكافئ بين المسلمين وبني المصطلق لهول المفاجأة التي وقعت على رؤوسهم كالصاعقة ووقع بعضهم في الأسر وغنم المسلمون منهم غنائم ضخمة وتم سبى نساءهم وذراريهم وكانت منهن إبنة سيد القوم السيدة جويرية بنت الحارث رضي الله عنها التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وصارت من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا ولما تحقق الإنتصار الساحق للمسلمين في غزوة بني المصطلق إزداد غيظ وحقد المنافقين وعلى رأسهم رأس النفاق عبد الله بن أبي وكشفوا عن مدى حقدهم على الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم وسعوا إلى إثارة الفتنة بين المهاجرين والأنصار لكن في النهاية باءت محاولاتهم بالفشل ومع كون غزوة بني المصطلق ليست من الغزوات الكبرى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن فيها الصراع طويلا ولا عدد القتلى كثيرا إلا أن هذه الغزوة إكتسبت أهمية خاصة في السيرة النبوية لخطورة ما كان يمكن أن يحدث من آثار سيئة على دعوة الإسلام بسبب الفتن الخبيثة التي تسبب فيها المنافقون حيث كان منهم من رأى الإنتصارات المتعددة والغنائم الكثيرة التي جاءت في السرايا والغزوات التي أعقبت غزوة الأحزاب خلال السنة السادسة من الهجرة والتي بلغ عددها عشرين غزوة وسرية فقرروا الخروج مع المسلمين في غزواتهم وسراياهم طمعا في الغنائم فكادوا أن يتسببوا في أكثر من أزمة كل واحدة منها كانت كافية للإطاحة بكيان الدولة الإسلامية ويقول الله تعالى في سورة التوبة عن ذلك لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وكان هذا بالتحديد عين ما حدث كما سنرى في السطور القادمة .


وكان مما حدث في غزوة بني المصطلق من المنافقين أنهم تسببوا في إثارة العديد من الفتن وكما قال الله وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ أي فيكم أيها المؤمنون الصادقون من يلتبس عليه الأمر فيشارك في الفتنة ويقع فيها وكانت الفتنة الأولى هي الإيقاع بين المهاجرين والأنصار على السقاية من بئر من آبار المنطقة وهذا الحدث نادر في السيرة ولعله الوحيد وكانت الفتنة ستتفاقم لولا حكمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في السيطرة عليها وتتلخص هذه القصة في أنه تنازع سنان بن وبر الجهني حليف بني سالم من الأنصار وجهجاه بن سعيد الغفارى الكناني على الماء فضرب جهجاه سنانا بيده فنادى سنان يا للأنصار ونادى جهجاه يا لقريش يا لكنانة فأقبل رجال قريش سراعا وأقبل رجال الأوس والخزرج وشهر الجميع السلاح فتكلم في ذلك ناس من المهاجرين والأنصار حتى ترك سنان حقه وعفا عن جهجاه وإصطلحا وقد نجمت عن هذه الفتنة فتنة أخرى خطيرة وهي فتنة نداء المنافقين في أوساط الأنصار بأن يخرجوا المهاجرين من المدينة حيث قال رأس النفاق عبد الله بن أُبي إبن سلول كلمة يعلق فيها على المهاجرين بقوله والله ما نحن وهم إلا كما قال الأولون سمن كلبك يأكلك أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منا الأذل وكان يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أقبل على من حضر من قومه فقال هذا ما فعلتم بأنفسكم فسمعه الصحابي زيد بن الأرقم الأنصارى فأبلغ النبي محمد صلى الله عليه وسلم بما سمع فإستدعى رأس النفاق عبد الله بن أبي إبن سلول هو وأنصاره وأصحابه فكذبوا زيد بن الأرقم وأنكروا ذلك وحلفوا بأنهم لم يقولوا شيئا فأنزل الله سورة المنافقين تصديقا لكلام زيد رضي الله عنه وتكذيبا لهم والتي يقول الله تعالى فيها هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ولما علم إبنه الصحابي عبد الله بن عبد الله بن أبي إبن سلول وكان من خيار الصحابة وأتقى الناس كما أسلفنا عكس أبيه بما قال ذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله قد علمت المدينة أنه لا يوجد أحد أبر لأبيه مني فإن تريد قتله فمرني أنا فأقتله وآتي إليك برأسه فإني لا أصبر على قاتل أبي وقد ألقاه فأنظر إليه فأقتله فأكون قد قتلت مؤمنا بكافر فأدخل النار فنهاه النبي عن فعل ذلك وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرحيل وخرج من ساعته وتبعه الناس وتقدم عبد الله رضي الله عنه حتى وقف لأبيه على الطريق شاهرا سيفه فلما رآه أناخ به وقال لا أفارقك ولا تدخلن المدينة حتى تزعم أنك الذليل والنبي محمد صلى الله عليه وسلم هو العزيز وحتى يأذن لك الرسول فمر به النبي صلى الله عليه وسلم وقال له دعه لا يتحدث الناس أَن النبي محمد يقتل أصحابه ولعمرى لنحسنن صحبته ما دام بين أظهرنا ولتبره وأحسن صحبته وكان موقف الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي هذا كله يظهر لنا مدى حب الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي لرسول الله عليه الصلاة والسلام وكذلك تعظيمه لمكانته وشأنه حيث لا كرامة لمن عمد إلى أذى الرسول عليه الصلاة والسلام أو عمد إلى إنتقاصه كائنا من يكون وبعد العودة إلى المدينة المنورة حدثت فتنة ثالثة شنيعة وهي حادثة الإفك وفيها إتهم المنافقون وعلى رأسهم أيضا رأس النفاق عبد الله بن أبي إبن سلول أم المؤمنين الطاهرة العفيفة السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بالفاحشة والعياذ بالله وقد وقع بعض المؤمنين في الأمر وإتسع نطاق الأزمة حتى شمل المسلمين كلهم ما بين مدافع ومهاجم وما بين مبرئ ومتهم ولم ينزل وحي في القضية إلا بعد شهر كامل حين نزل بتبرئة السيدة الطاهرة العفيفة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما من التهمة البشعة الشنيعة التي أثارها المنافقون حولها وإشترك فيها بعض المؤمنين وبلا شك كانت هذه الحادثة من أشد الأزمات التي مرت بالمسلمين فالسيدة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما هي أحب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأبوها هو الصحابي الأول ورفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة أبو بكر الصديق رضي الله عنه كما أن هذه الفتنة كادت أن تتسبب في فتنة أخرى بين قبيلتي الأوس والخزرج لولا إحتواء النبي صلى الله عليه وسلم لها وقوله دعوها أى الفتنة فإنها منتنة .


وبعد ذلك شهد الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه بيعة الرضوان وصلح الحديبية في شهر ذى القعدة عام 6 هجرية ثم شهد غزوة خيبر في شهر المحرم عام 7 هجرية ثم شهد عمرة القضاء في شهر ذى القعدة عام 7 هجرية ثم فتح مكة في شهر رمضان عام 8 هجرية وغزوة حنين في شهر شوال من نفس العام وحصار الطائف في شهر ذى القعدة من نفس العام أيضا ثم شهد غزوة تبوك آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته في شهر رجب عام 9 هجرية وبعد العودة من غزوة تبوك وبعد أقل من 3 شهور كانت وفاة رأس النفاق عبد الله بن أبي إبن سلول بعد أن مرض عشرين ليلة وحدث أنه لما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضه عاده في منزله أكثر من مرة بالرغم من عداوته له فطلب منه أن يصلي عليه إذا مات ويقوم على قبره ولعل النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك أن يتألف قلب هذا المنافق لعله يلين إلى ذكر الله والتوبة والقلوب بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء إضافةً إلى كون ذلك فرصةً فاعلة لدعوة أتباعه وأوليائه وأنصاره أيضا للتوبة وكف أيديهم عن أذى المسلمين ثم أرسل عبد الله بن أبي بعد ذلك إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يطلب منه قميصه ليكفن فيه فأرسل إليه القميص الخارجي فرده وطلب منه قميصه الذى يلي جسده ليكفن فيه فقال عمر رضي الله عنه لا تعط قميصك لهذا الرجسَ النجس فقال عليه الصلاة والسلام إن قميصي لا يغني عنه من الله شيئا فلعل الله يدخل به ألفا في الإسلام وكان المنافقون لا يفارقون كبيرهم فلما رأوه يطلب هذا القميص ويرجو أن ينفعه تاب منهم يومئذ ألف فلما مات عبد الله بن أبي جاء إبنه للرسول صلى الله عليه وسلم يعرفه فقال عليه الصلاة والسلام له صل عليه وإدفنه فقال إن لم تصل عليه يا رسول الله لم يصل عليه مسلم فقام عليه الصلاة والسلام ليصلي عليه فقام عمر فحال بين رسول الله وبين القبلة لئلا يصلي عليه وعن هذه الواقعة جاء في الصحيح من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لما توفي عبد الله بن أبي إبن سلول ودعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره فقلت يا رسول الله أتصلي على عدو الله عبد الله بن أُبي القائل يوم كذا كذا وكذا أعدد أيامه ورسول الله عليه الصلاة والسلام يبتسم حتى إذا أكثرت عليه قال أخر عني يا عمر إني خيرت فإخترت وقد قيل لي إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فلو أني أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت قال ثم صلى عليه ومشى معه فقام على قبره حتى فرغ منه قال أتعجب لي وجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم فوالله ما كان إلا يسير حتى نزل قول الله تعالى في سورة التوبة ولا تصل على أحد منهم مات أبدا فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله ومما يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له بالرحمة والمغفرة لكنه لم يفعل ذلك عندما دفن عبد الله بن أبي وتدلنا هذه الواقعة على مدى رحمة وحلم وسماحة نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدى إكرامه للصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه الذى تحقق له صلاحه وورعه وتقواه وحسن إسلامه وعلاوة علي ذلك تأليفا لقلوب قومه .


وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وتولي أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة ووقعت فتنة الردة شارك الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه في حروب الردة وكان ممن أبلوا بلاءا حسنا في موقعة اليمامة ضد مسيلمة الكذاب والتي وقعت في شهر شوال عام 11 هجرية تحت قيادة سيف الله المسلول عبقرى الحرب خالد بن الوليد رضي الله عنه وفي بداية المعركة إنكشف المسلمون وكادت أن تلحق بهم الهزيمة لولا رجال من ذوى الدين والحمية الذين ثبتوا وصرخوا في الناس يا أصحاب سورة البقرة يا أهل القرآن زينوا القرآن بالفعال وحمل جيش المسلمين على جيش مسيلمة حملة إستطاعوا بها أن يزحزحوا جيوشه عن موقفهم الأول ثم شد المسلمون حتى فر بنو حنيفة إلى الحديقة التي كانت تسمى حديقة الرحمن وكانت منيعة الجدران فتحصنوا بها إلا أن المسلمين إستطاعوا أن يقتحموها بمعونة الصحابي البراء بن مالك رضي الله عنه الذى حين رأى تحصن جيش مسيلمة بها طلب من أصحابه أن يحملوه على ترس على أسنة رماحهم ويرفعوه فوق سور الحديقة ثم نزل إليها وشدّ على المدافعين عن الحديقة حتى تمكن من فتح بابها فدخل المسلمون وهم يكبرون وقتل فيها مسيلمة وكان قاتله هو وحشي بن حرب قاتل أسد الله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه الذى رماه بحربته وفي نفس الوقت كان الصحابي الجليل أبو دجانة الأنصارى رضي الله عنه يهوى عليه بسيفه وإنتهت المعركة بإنتصار ساحق للمسلمين على مسيلمة وجيشه وكانت هذه المعركة من أعنف واشرس معارك الردة وبإنتهائها إنتهت الردة في شبه الجزيرة العربية قتل فيها مسيلمة الكذاب وعدد 21 ألف من قومه وبلغ عدد شهداء المسلمين يومذاك عدد 1200 شهيد كان منهم الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي وزيد بن الخطاب وعباد بن بشر وأبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة ومولاه سالم وأبي دجانة وثابت بن قيس بن شماس والطفيل بن عمرو الدوسي والسائب بن العوام رضي الله عنهم جميعا وغيرهم كثير من كبار الصحابة وحفظة وقراء القرآن الكريم رضي الله عنهم جميعا رحمهم الله رحمة واسعة وغفر لهم وأسكنهم فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وجزاهم عنا وعن الإسلام خير الجزاء ومما يذكر هنا أنه كان من أهم نتائج حروب الردة أنها كانت هي السبب الرئيسي الذى دفع الخليفة العظيم أبا بكر الصديق رضي الله عنه لجمع القرآن الجمع الأول في كتاب واحد بعد مشورة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه نظرا لإستشهاد العديد من حفظة وقراء القرآن الكريم في تلك الحروب خاصة في معركة اليمامة .