الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

المنذر بن عمرو الأنصارى

المنذر بن عمرو الأنصارى
عدد : 03-2024
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"

المنذر بن عمرو بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن خزرج الأنصارى الخزرجي الساعدى رضي الله عنه صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينتمي إلى بني ساعدة بن كعب بن خزرج أحد بطون قبيلة الخزرج التي كانت إحدى القبائل العربية الرئيسية في المدينة المنورة وكانت القبيلة الأخرى هي قبيلة الخزرج وكانت هناك نزاعات وصراعات وحروب طاحنة بين القبيلتين قبل الإسلام إستمرت 140 عاما وكانت قبائل اليهود التي تسكن المدينة تغذى تلك النزاعات والحروب وتحيك المؤامرات والفتن بما يحقق لهم البقاء والريادة بالمدينة ولم تتوقف تلك الحروب بين القبيلتين إلا قبل هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات وبدخول معظم أبناء القبيلتين في الإسلام إنتهت الصراعات والحروب وساد السلام بين القبيلتين حيث أصلح النبي صلى الله عليه وسلم بين قلوبهم من خلال إستيعاب كلا الفصيلين في المجتمع المسلم ومنع سفك الدماء بين المسلمين وتم تضمين كل من القبيلتين في دستور المدينة بكونهم مسلمين في دولة واحدة ومجتمع واحد وشكلت القبيلتان الأنصار بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وكان من أشهر رجال قبيلة الخزرج غير الصحابي المنذر بن عمرو الصحابة عمرو بن حزم وشقيقه الأكبر عمارة بن حزم والذى كان ممن شهدوا بيعة العقبة الثانية ضمن الثلاثة وسبعين رجلا والإمرأتين وفد الأنصار من قبيلتي الأوس والخزرج وشهد مع النبي محمد غزواته كلها ثم شارك في حروب الردة ضمن جيش خالد بن الوليد وكان من شهداء معركة اليمامة ضد مسيلمة الكذاب والتي وقعت في شهر شوال عام 11 هجرية وسليط بن قيس وسعد بن عبادة سيد الخزرج وإبنه قيس بن سعد بن عبادة وعبد الله بن عمرو بن حرام وإبنه جابر بن عبد الله راوى الحديث النبوى الشريف وسعد بن الربيع وأبو اليسر كعب بن عمرو وعمرو بن الجموح ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم جميعا ويعد بنو ساعدة من خير دور الأنصار حيث ورد في صحيح الإمام البخارى في باب فضل دور الأنصار قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن خزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير وكان لبني ساعدة ذكر في تاريخ الإسلام عندما توفي النبي محمد صلى الله عليه وسلم في يوم الإثنين 12 من شهر ربيع الأول عام 11 هجرية حين تجمع العديد من رجال الأنصار وعلى رأسهم الصحابي سعد بن عبادة سيد الخزرج وأسيد بن حضير سيد الأوس وبشير بن سعد وعباد بن بشر والحباب بن المنذر تحت السقيفة التي عرفت بإسمهم سقيفة بني ساعدة والذين إنضم إليهم فيما بعد بعض من المهاجرين كان على رأسهم الصحابة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم جميعا لبحث أمر خلافة النبي صلى الله عليه وسلم وإنتهى الأمر بمبايعة أبي بكر الصديق بالخلافة وكانت هذه السقيفة تقع في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوى الشريف بين مساكن عشيرة بني ساعدة الخزرجية وكانت داخل مزرعة تتخللها بيوت متفرقة حيث تسكن عشيرة بني ساعدة داخل البساتين المتجاورة وكانت مساحتها كبيرة بحيث يمكن أن يجتمع فيها عدد كبير كما كان أمامها رحبة واسعة تتسع لعدد آخر إن ضاقت عنهم السقيفة نفسها وكانت قد تحولت هذه السقيفة إلى مبنى تغير شكله عبر العصور وحاليا أصبح مكانها حديقة تطل مباشرة على السور الغربي للمسجد النبوى الشريف ومما يذكر أنه كان من الصحابة الكرام من بني ساعدة غير الصحابي المنذر بن عمرو الصحابة سعد بن عبادة سيد الخزرج وإبنه قيس وعبد الرحمن بن ساعدة وأسعد بن حارثة وأبو دجانة سماك بن خرشة رضي الله عنهم جميعا .


وكان ميلاد الصحابي الجليل المنذر بن عمرو رضي الله عنه بالمدينة المنورة وغير معلوم لنا بالتحديد تاريخ ميلاده وإن كان من المؤكد أنه قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ثم هجرته إلى المدينة المنورة وغير معلوم لدينا أى تفاصيل عن حياته قبل الإسلام غير أنه كان يجيد القراءة والكتابة وكان ذلك غير منتشر بين العرب في ذلك الزمان وكان إسلامه على الأرجح على يد الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه سفير الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهل المدينة المنورة بعد بيعة العقبة الأولى لكي يعلم من دخل الإسلام منهم القرآن الكريم وفرائض الإسلام ولكي يدعو باقي أهل المدينة للدخول في الإسلام وبإسلام الصحابي المنذر بن عمرو رضي الله عنه صار واحدا من رجال الأنصار الذين إمتلأت قلوبهم بالإيمان وعرف عنهم الصبر والشجاعة وقوة الإيمان ومن الشخصيات الذين يشهد تاريخ الإسلام لهم بأنهم أخلصوا لله الواحد القهار وعاشوا وخلدهم إيمانهم ومواقفهم القوية دفاعا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها ومن ثم فقد تركت هذه الشخصيات أثرا كبيرا محفوظا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق ففاحت عطور فضائلهم وعبقت في ديار الإسلام حيث إجتمعت فيه العديد من صفات البر والتقوى والصلاح والزهد والعبادة وإمتاز بالكرم والجود والسخاء والعفو والتسامح وسار في درب السعداء وقد نجح الصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه في مهمته نجاحا باهرا وأسلم على يديه أغلب أهل المدينة من قبيلتي الأوس والخزرج كان منهم غير الصحابي المنذر بن عمرو رضي الله عنه الصحابة سعد بن عبادة سيد الخزرج وإبنه قيس وسعد بن معاذ سيد الأوس وأسيد بن حضير أحد سادة الأوس أيضا وفي موسم الحج خرج من المدينة بصحبة مصعب رضي الله عنه عدد 73 رجلا وإمرأتين من الأنصار كان منهم عدد 62 رجلا والإمرأتين من الخزرج كان على رأسهم الصحابة الكرام سعد بن عبادة سيد الخزرج والمنذر بن عمرو وأسعد بن زرارة وأبو أيوب الأنصارى وعبد الله بن عمرو بن حرام والبراء بن معرور وسعد بن الربيع وبشير بن سعد وقيس بن أبي صعصعة رضي الله عنهم جميعا بالإضافة إلى عدد 11 رجلا من الأوس كان منهم أسيد بن حضير وسعد بن خيثمة وأبو الهيثم بن التيهان وعويم بن ساعدة رضي الله عنهم جميعا وواعد هذا الوفد النبي صلى الله عليه وسلم بشعب العقبة فإجتمعوا عليه فرادى أو كل إثنين معا حتى لا تنتبه قريش ولما إكتمل عددهم قالوا يا رسول الله نبايعك قال تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة فقاموا إليه فبايعوه وبعد تمام البيعة قال النبي صلى الله عليه وسلم لوفد الأنصار أخرجوا إلي منكم عدد 12 نقيبا يكونون على قومهم بما فيهم فأخرجوا منهم عدد 12 نقيبا تسعة من الخزرج وهم سعد بن عبادة سيد الخزرج والمنذر بن عمرو عن بني ساعدة وأسعد بن زرارة وعبد الله بن رواحة وسعد بن الربيع وعبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو بن حرام ورافع بن مالك والبراء بن معرور عن باقي بطون الخزرج وثلاثة من الأوس وهم أسيد بن حضير وسعد بن خيثمة ورفاعة بن عبد المنذر رضي الله عنهم جميعا وقال النبي صلى الله عليه وسلم للنقباء أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لنبي الله عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام وأنا كفيل على قومي وجعل أسعد بن زرارة رضي الله عنه نقيبا على هؤلاء النقباء فأصبح يلقب بنقيب النقباء وعند البيعة كان الرجال يصفقون على يدى النبي صلى الله عليه وسلم بالبيعة أما الإمرأتان اللتان حضرتا البيعة مع أزواجهما فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم قد بايعتكما إني لا أصافح النساء ومما يذكر أن قريش لما علمت بأمر هذه البيعة لما ذهب زعماء مكة إلى أهل المدينة للإحتجاج عليها لكن مشركي الخزرج كانوا لا يعرفون شيئا عنها فأنكروا ذلك ولما عادوا تأكدوا من صحة الخبر فطاردوا وفد الأنصار المسلمين المبايعين للنبي محمد صلى الله عليه وسلم فأدركوا إثنين منهما خارج مكة هما سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو رضي الله عنهما فأما المنذر فقد إستطاع الهرب وأما سعد فقد لحقوا به وأخذوه فربطوا يديه إلى عنقه ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة وأخذوا يضربونه ويعذبونه فجاء جبير بن مطعم بن عدى والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من بين أيديهم حيث كان بينهما وبين سعد تجارة وجوار وتشاور الأنصار حين فقدوا سعدا فيما يفعلون فإذا هو قد طلع عليهم فواصل المبايعون جميعا طريقهم إلى المدينة المنورة حتى وصلوها في أمان وسلام .


ومما يذكر أن عم النبي صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد المطلب كان حاضرا هذه البيعة مع أنه كان لم يسلم بعد وبهذه البيعة بدأت هجرة المسلمين إلى المدينة المنورة ثم هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إليها لما أذن له ربه بذلك وفي المدينة المنورة آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين الصحابيين المنذر بن عمرو الأنصارى وطليب بن عمير وهو إبن السيدة أروى بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم وكان من السابقين إلى الإسلام وكان من أصحاب الهجرتين إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة ولتبدأ بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة مرحلة جديدة من مراحل الدعوة الإسلامية من أجل بناء حضارة عظيمة كان لها الأثر الأكبر في تقدم ونهضة البشرية منذ بزوغ شمسها وحتى وقتنا الحاضر وفي شهر رمضان عام 2 هجرية شارك الصحابي المنذر بن عمرو رضي الله عنه في غزوة بدر وحدث أن قتل في هذه الغزوة حنظلة بن أبي سفيان وأسر شقيقه عمرو ورفض أبو سفيان أن يفتديه لأن أخاه حنظلة قتل في المعركة وقال قتل حنظلة وأفتدى عمرا فأصاب بمالي وولدى لا أفعل ولكني أنتظر حتى أصيب منهم رجلا فأفديه فحاول ان يأسر بعض الأنصار ليفدى بهم إبنه عمرو ولما كان الصحابي سعد بن النعمان الأنصارى رضي الله عنه قد جاء إلى مكة معتمرا وكان معه المنذر بْن عمرو رضي الله عنه فطلبهما أَبو سفيان فأدرك سعدا فأسره بينما أفلت منه المنذر وفيه قال ضرار بن الخطاب الفهرى وكان لم يسلم بعد تداركت سعدا عنوة فأخذته وكان شفاء لو تداركت منذرا فجاء قوم سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلبون فكاك عمرو مقابل إبنهم سعدا فأجابهم وفي شهر شوال عام 3 هجرية كانت غزوة أحد وشهدها الصحابي المنذر بن عمرو رضي الله عنه وفي بداية هذه الغزوة كان النصر حليفا للمسلمين إلا أن الرماة الذين طلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم الثبات في مواقعهم أيا كانت نتيجة المعركة قد خالفوا هذا الأمر وتخلوا عن مواقعهم ونزلوا من فوق جبل الرماة ليجمعوا الغنائم فدارت الدائرة على المسلمين بعد أن إنكشف ظهرهم وإستشهد منهم سبعون شهيدا وتعرض النبي صلى الله عليه وسلم للخطر لولا ثبات البعض من المهاجرين والأنصار حوله وفي حقيقة الأمر فقد كانت الكبوة التي تعرض لها المسلمون في غزوة أحد لها أثر كبير في إضعاف هيبتهم في نفوس أعدائهم وظهور الشماتة من اليهود والمشركين والمنافقين ومن قبائل الجزيرة العربية المعادية للإسلام فكانت هناك بعض الأحداث العدائية الموجهة ضد المسلمين منها حادثة بئر معونة في شهر صفر عام 4 هجرية بعد أربعة أشهر من غزوة أحد والتي إستشهد فيها حوالي عدد 70 من الصحابة كان منهم الصحابي المنذر بن عمرو رضي الله عنه كما كانت حادثة يوم الرجيع في نفس الشهر وإستشهد فيها عدد 10 من الصحابة ثم محاولة قريش تدبير مؤامرة لإغتيال النبي صلى الله عليه وسلم وأيضا محاولة يهود بني النضير قتل الرسول صلى الله عليه وسلم والتي كانت سببا في طردهم من المدينة المنورة .


وتتلخص حادثة بئر معونة التي إستشهد فيها الصحابي المنذر بن عمرو وصحابته رضي الله عنهم جميعا أنه قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر الملقب بملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة فعرض عليه الإسلام ودعاه إليه فلم يدخل فيه لكنه قال يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم إني أخشى عليهم أهل نجد فقال أبو براء أنا لهم جار فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي المنذر بن عمرو رضي الله عنه والملقب بالمعنق في سبعين رجلا من أصحابه الكرام وكانوا كلهم من قراء وحفظة القرآن الكريم ومن خيار المسلمين حيث كان فيهم الصحابة الكرام القراء الحارث بن الصمة وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي وحرام بن ملحان أخو بني عدى بن النجار وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فساروا حتى نزلوا بئر معونة وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم فلما نزلوا بعثوا الصحابي حرام بن ملحان رضي الله عنه بكتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل لعنه الله فلما أتاه لم ينظر في الكتاب حتى عدا على الرجل فقتله ثم إستصرخ عليهم بني عامر فأبوا أن يجيبوا إلى ما دعاهم وقالوا لن نخالف أبا براء وقد عقد لهم عقدا وجوارا فإستصرخ عليهم قبائل من بني سليم وهم عصية ورعلا وذكوان والقارة فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم ولما رأى المسلمون مهاجميهم أخذوا أسيافهم ثم قاتلوا القوم حتى قتلوا عن آخرهم إلا الصحابي كعب بن زيد رضي الله عنه أخو بني دينار بن النجار فإنهم تركوه به رمق وبه جراح وعاش حتى إستشهد يوم غزوة الخندق في شهر شوال عام 5 هجرية وقبل مقتل الصحابة الكرام قالوا اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا وأتى رجل حراما بن ملحان من خلفه فطعنه برمح حتى أنفذه فقال حرام فزت ورب الكعبة وكان في هذه السرية رجلان هما عمرو بن أمية الضمرى ورجل من الأنصار من بني عمرو بن عوف كانا خلف القوم الذين قتلوا فأفلتا من هذه المؤامرة ولم ينبئهما بمقتل القوم إلا الطير تحوم حول العسكر فقالا والله إن لهذه الطير لشأن فأقبلا لينظرا فإذا القوم في دمائهم وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة فقال الأنصارى لعمرو بن أمية ماذا ترى فقال أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره الخبر فقال الأنصارى لكني لم أكن لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو وما كنت لأخبر عنه الرجال فقاتل القوم حتى إستشهد وأخذ عمرو أسيرا فلما أخبرهم أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل وجز ناصيته وأعتقه عن رقبة كانت على أمه فيما زعم ثم خرج عمرو بن أمية حتى إذا كان بالقرقرة وهو في طريقه للمدينة المنورة أقبل رجلان من بني عامر حتى نزلا في ظل هو فيه وكان مع الرجلين العامريين عهد من الرسول صلى الله عليه وسلم وجوار لم يعلمه عمرو بن أمية وقد سألهما حين نزلا من أنتما قالا من بني عامر فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما وقتلهما وهو يرى أن قد أصاب بهما ثأرا من بني عامر فيما أصابوا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فلما قدم عمرو بن أمية على الرسول أخبره بالخبر فقال الرسول لعمرو بن امية الضمرى لقد قتلت قتيلين معهما عهد وجوار ولأدفعن ديتهما ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم لصحابته هذا عمل أبي براء قد كنت لهذا كارها متخوفا وقال النبي لأصحابه إن أصحابكم أصيبوا وإنهم قد سألوا ربهم فقالوا ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك ورضيت عنا ولما بلغ ذلك أبا براء فشق عليه ما أصاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه وجواره وقام النبي صلى الله عليه وسلم بجمع دية القتيلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمرى رضي الله عنه مع أنه كان بإمكانه أن يعتبر عمله إنتقاما وثأرا لما فعل بأصحابه لكنه الوفاء النبوى للعهود الذى لم يعرف له مثيل في التاريخ وشهد به الأعداء قبل الأصدقاء وكان الرسول صلى الله عليه وسلم لما شرع في جمع دية قتيلي بني عامر خرج إلى يهود بني النضير يستعينهم في دية هذين القتيلين وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت مما إستعنت بنا عليه ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم فقالوا من رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه فقال أحدهم وكان إسمه عمرو بن جحاش بن كعب أنا لذلك فنهاهم عن ذلك أحد أحبارهم وهو سلام بن مشكم وقال لهم هو يعلم أى أن الوحي سيخبره وسيفضحكم فلم يقبلوا منه وصعد من تطوع لتنفيذ تلك المؤامرة ليلقي على النبي صلى الله عليه وسلم صخرة لكن الوحي كان قد أخبره بتلك المكيدة الماكرة فقام وإنصرف وكانت هذه الواقعة سببا في إجلاء بني النضير عن المدينة بعد حصار ديارهم لخيانتهم ومخالفتهم العهد مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقد دام هذا الحصار ست ليال وقيل خمس عشرة ليلة وفي النهاية قذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على الجلاء ووافق النبي صلى الله عليه وسلم على أن يخرجوا من المدينة بنفوسهم وذراريهم وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح فوافقوا على ذلك ولحقدهم قاموا بتخريب بيوتهم بأيديهم ليحملوا معهم الأبواب والشبابيك والجذوع حتى لا يأخذها المسلمون ثم حملوا النساء والصبيان على ستمائة بعير وأسلم منهم رجلان فقط .


وقد ذكرت حادثة بئر معونة المسلمين بمصيبة يوم أحد حيث كان عدد شهداء سرية بئر معونة مساويا تقريبا لشهداء غزوة أحد إلا أن شهداء هذه الغزوة كان إستشهادهم في قتال واضح بينما إستشهد شهداء بئر معونة في خيانة وغدر وخسة ونذالة وقد ظل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يدعو على من قتلوهم بعد الركعة الثانية من صلاة الصبح لمدة شهر كامل فكان يقول اللهم إشدد وطأتك على مضر اللهم سنين كسني يوسف اللهم عليك ببني لحيان وعضل والقارة وزغب ورعل وذكوان وعصية فإنهم عصوا اللَّه ورسوله وكان من خلفه يؤمنون على هذا الدعاء ولم يحزن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم على أحد من شهداء المسلمين مثلما حزن على شهداء حادثة بئر معونة وأنزل اللَّه فيهم قرآنا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إهد بني عامر وإطلب خفرتي من عامر بن الطفيل وقدم بعد ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وفد بني عامر فيهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس وجبار بن سلمى وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم وكان عامر بن الطفيل عدو الله ينوى الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قومه قد قالوا له يا عامر إن الناس قد أسلموا فأسلم فقال والله لقد كنت قد آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش ثم قال لأربد إذا قدمنا على الرجل فإِني سأَشغل عنك وجهه فإِذا فعلت ذلك فإعله بالسيف فلما إلتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر بن الطفيل يا محمد خالني فقال له لا والله حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له فقال عامر مرة أخرى يا محمد خالني وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان قد إتفقا عليه إلا أنه لم يصنع شيئا ولما أبى النبي صلى الله عليه وسلم الإستجابة إلى عامر قال هذا الأخير أَما واللَّه لأملانها عليك خيلا ورجالا فلما ولى خارجا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إكفني عامر بن الطفيل وقال عامر لأربد لما خرجا ويلك يا أربد أين ما كنت أمرتك به واللَّه ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندى على نفسي منك وأيم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا قال لا أبا لك لا تعجل علي والله ما هممت بالذى أمرتني به من أمره إلا دخلت بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك أفأضربك بالسيف وأثناء عودة وفد بني عامر لديارهم فلما كانوا ببعض الطريق بعث الله على عدو الله ورسوله عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله الله في بيت إمرأة من بني سلول فجعل يقول قبل أن تخرج روحه يا بني عامر أغدة كغدة الإبل وموتا في بيت سلولية ثم خرج أصحابه بعد أن دفنوه وواصلوا سيرهم حتى قدموا ديار قومهم فأتوهم وقالوا ما وراءك يا أربد فقال لهم لا شئ والله لقد دعانا الرجل إلى عبادة شئ لوددت أَنه عندى الآن فأَرميه بالنبل حتى أقتله فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين ومعه جمل له يتبعه فأرسل الله تعالى عليه وعلى جمله صاعقة من السماء فأحرقتهما وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال وأنزل الله عز وجل في عامر وأربد عليهما اللعنة من الله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة في سورة الرعد نصه اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ * هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ وهكذا إستجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء نبيه صلى الله عليه وسلم والمسلمين من وراءه فكان إنتقام الله عز وجل من بني عامر الذين غدروا بالمسلمين يوم بئر معونة شر إنتقام وسبحان الله المنتقم الجبار وإن الله عزيز ذو إنتقام .


وقد يقول قائل كيف يوافق النبي صلى الله عليه وسلم على إيفاد سبعين من أصحابه مع أناس ليسوا بمسلمين وفي جوار رجل لم يدخل الإسلام مع إحتمال أن يكون هذا إستدراجا لهم ومكيدة للإيقاع بهم وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من رجاحة العقل والحكمة ما هو معروف به والجواب على ذلك بإختصار إن حفظ الجوار كان من فضائل العرب والخلق المتأصل فيهم فكانوا في الجاهلية يدافعون عن الجوار ويمنعون من حالفهم أو إستجار بهم مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم وعلى ذلك فإن إحتمال الغدر مستبعد ولا سيما أن القراء كانوا في جوار رجل له منزلته في بني عامر ثم إن إرسال النبي صلى الله عليه وسلم لهم لم يكن إلا حلقة من حلقات الدعوة إلى الإسلام والجهاد في سبيل الله ثم أليس غاية ما يحتمل أن يموتوا شهداء فهذا ما كانوا يرجونه رضوان الله عليهم وعلى الرغم من عظم المصاب في حادثة بئر معونة إلا أنها لم تفت في عضد المسلمين ولا أضعفت من عزمهم في مواصلة الدعوة إلى الإسلام لأن دين الله فوق الأنفس والدماء بل إن الدعوة إلى الله لا يكتب لها الفتح والنصر إذا لم يبذل في سبيلها الغالي والنفيس ومن ثم لم تتوقف وفود الصحابة عن الخروج من المدينة لنشر الدعوة الإسلامية مهما كانت التضحيات وفضلا عن ذلك فقد أظهرت فاجعة بئر معونة بعض المناقب والكرامات لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم والكرامة هي الخارقة التي يسوقها الله عز وجل على يد ولي من أوليائه ومن أولى بذلك من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانت آيات صدقهم ظاهرة وعلامات إيمانهم وجهادهم وتضحياتهم باهرة فعامر بن فهيرة رضي الله عنه لما قتل ببئر معونة رفع إلى السماء فلم توجد جثته يرون أن الملائكة وارته ولما أُسر عمرو بن أمية الضمرى قال له عامر بن الطفيل عن عامر بن فهيرة لقد رأيته بعد ما قتل قد رفعَ إِلى السماء حتى إِني لأنظر إِلى السماء بينه وبين الأرض وايضا حرام بن ملحان رضي الله عنه عندما إخترق الرمح ظهره حتى خرج من صدره وأصبح يتلقى الدم بيديه ويمسح به وجهه ورأسه يقول فزت ورب الكعبة وفي ذلك الموقف منقبة وكرامة لحرام بن ملحان رضي الله عنه إذ هو علامة على صدقه في طلبه للشهادة في سبيل الله ثم إنه قال فزت ورب الكعبة لعلمه بمنزلة الشهيد عند الله عز وجل فعن المقدام بن معديكرب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويحلى حلة الإيمان ويزوج من الحور العين ويشفع في سبعين إنسان من أقاربه كما أن حياة الشهداء لا تنتهي بمجرد موتهم بل هم أحياء يرزقون ويتنعمون عند ربهم كما قال الله تعالى في سورة آل عمران وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ وعلاوة على كل ما سبق فقد أظهرت حادثة بئر معونة عدم معرفة النبي صلى الله عليه وسلم للغيب إذ لو كان يعلم الغيب ما أرسل أصحابه ليقتلوا كما دل على عدم علمه للغيب أدلة أخرى منها قول الله عز وجل في سورة الأعراف قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فالرسل جميعا لا يعلمون الغيب إلا ما علمهم ربهم عز وجل كما قال في سورة الجن عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً وأخيرا فإن حادثة بئر معونة تبصرنا بالمسؤولية الضخمة عن دين الله والدعوة إليه وتحذرنا من غدر الغادرين وتفيدنا كيف أن الله سبحانه وتعالى يكرم بعض عباده بكرامات تزيد إيمان أوليائه وتؤثر في نفوس أعدائه ومن مات صابرا محتسبا فله البشارة من الله كما أنها تضع نصب أعيننا نماذج من التضحيات العظيمة التي قدمها الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من أجل دينهم ومرضاة ربهم .
 
 
الصور :