في الوقت الذي يعلن فيه رئيس هيئة تنشيط السياحة بأنه قام باستشارة بيت خبرة عالمي لدراسة طبيعة سلوك السائح العربي في شهر رمضان والذي أكد له أن العرب يفضلون قضاء أيام الشهر الفضيل مع ذويهم داخل أوطانهم ،إلا أن السيد رئيس الهيئة ضرب عرض الحائط بتلك الدراسات وقرر تخصيص مليون دولار لإقامة مهرجان 'فوانيس رمضان 2010' داخل وخارج مصر لمدة أربع سنوات متتالية... ألا يكفينا ملايين الجنيهات والأخطاء الجسيمة التي ارتكبت بالقوافل العربية نتيجة سوء التخطيط والتي تؤكدها إحصاءات انخفاض أعداد السائحين العرب الوافدين إلى مصر مقارنة بالدول المجاورة لنا؟!...لكن ها هو رئيس الهيئة يصرح عبر وسائل الإعلام بأنه يتوقع حدوث سلبيات نتيجة قصر المدة الزمنية (30 يوم) التي لن تكفى بأي حال من الأحوال لإنجاح هذا المهرجان هذا العام ولكنه يتوقع النجاح في السنوات الثلاث المقبلة.
اسمحوا لنا من هنا أن نكشف لكم بعض الأسباب الأخرى التي ستؤدى بلا شك إلى فشل هذا المهرجان لعدم قدرة الهيئة على ابتكار وتنفيذ طرق مثلى لجذب السياحة العربية إلى مصر:
أولاً: قرار الهيئة ببث إعلان لمدة 30 ثانية احتفالاً بالمهرجان في مختلف وسائل الإعلام في مصر و الدول العربية ... حتى الآن لم يبث هذا الإعلان بالرغم من أن الشهر الكريم لم يتبق علي بدئه سوى أياماً قليلة ... فمتى إذن سيأخذ السائح قراره بالسفر استجابة لدعوة الهيئة 'مصر روحها في رمضان'؟... ولماذا يتجاهل مسئولي التسويق بالهيئة حقيقة سلوك السائح العربي الذي إذا قرر السفر في شهر رمضان تكون وجهته الأولى والأخيرة دولة السعودية من أجل أداء مناسك العمرة ؟
ثانياً: كيف تنجح فعاليات المهرجان الأربعة المقامة ليلاً على صفحات نهر النيل الخالد بالقاهرة، بينما رئيس الحكومة أصدر قراره لجميع المحافظات المصرية بخفض استهلاك الكهرباء بنسبة50 % في جميع الشوارع المصرية، وهناك قرارا أخر جارى دراسته حالياً بغلق المحلات التجارية بعد ال7 مساءاً ،وحينئذٍ سيضطر المواطنون أن يقبعوا في منازلهم بعد أن كانت وزارة السياحة المصرية تسوق دولياً للعاصمة على أنها 'الساهرة ليلاً'؟... ومن المعروف لدى الجميع أن السائح العربي الذي يأتي لزيارة مصر هو باحث عن قاهرة المعز التي لا تنام ... فهل سيتجولون بشوارع القاهرة ليلاً على أضواء الفوانيس الرمضانية الورقية؟
ثالثاً: قرار الهيئة بإقامة ليلة رمضانية كل يوم خميس علي مسرح عائم بالنيل بدءاً من ليلة الرؤية، فضلا عن الخميس الأخير من الشهر الكريم الذي سيشهد احتفالية جماهيرية نظرا لقرب انتهاء المهرجان .. فهل هيئة تنشيط السياحة المصرية عايشة في كوكب تانى؟... أم هي تتعمد تجاهل عادات ومشاعر المسلمين الذين ينتظرونهم على المسارح العائمة بالنيل في احد الليالي العشرة الأواخر من الشهر الكريم تلك الليالي المباركة التي يعتكف فيها المسلمون من جميع بقاع الأرض في المساجد والمنازل ليشهدوا فيها ليلة القدر المباركة ويؤدون فيها كل فروض ومظاهر التقرب إلى الله عز وجل؟
فهل بعد كل ذلك يجوز لرئيس هيئة تنشيط السياحة أن يقيم مهرجان فوانيس رمضان هذا العام لمجرد أن الفكرة طرأت على ذهن عباقرة التسويق للسياحة المصرية قبل بداية الشهر الكريم ب 30 يوم فقط؟... فالله الأمر من قبل ومن بعد فى خزعبلات السياحة المصرية في أيام الشهر الفضيل ،أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات.
|