قال لنا النبي صلي الله عليه وسلم :" إن الله سيفتح عليكم مصر" ؛ ولم يقل أنكم ستغزون مصر ؛ فهناك فرق شاسع .. فمن المؤكد ان النبي لا ينطق عن الهوي ؛ ويعلم ما يقول .. كما لم يثبت في مصادر التاريخ انه تم قتل مصريا علي يد الفاتح عمرو بن العاص ؛ بل رحب به المصريون ليخلصهم من نير وهلكة الرومان..ومن الطبيعي جدا أن يصحب الفاتحون عتادا وسلاح علي الأقل لتامين أنفسهم ؛ أو حتي للفتح نفسه ؛ فمن الذي حدد أن الفرق بين الفتح والغزو هو استخدام السلاح ؟
أري أن الفرق بينهما هو فرق الحق والباطل ؛ الفتح يكون لنصرة حق ؛ أما الغزو فهدفه الاستيلاء والاحتلال دون وجه حق ؛ فهناك فرق بين نشر دين سماوي ؛ وبين الرغبة في تحقيق أهداف استعمارية منحطة ..بالإضافة إلى أن الفتح تعمير وبناء فكري واجتماعي وتعميري ؛ أما الغزو ؛فهو سلب ونهب واستغلال ثروات ومحو الهوية الوطنية المحلية ..هكذا كان يفعل الفرس والروم ؛ أما المسلمون فكان ما يهمهم هو نشر دين الله ؛ دون مساس بالروح الوطنية المحلية ؛ بدليل كانت حرية العقيدة والبناء مكفولة لأخواتنا المسيحيون ،أما عن نشر المسيحية باللين ،فلكل فترة ظروفها التي أرادها الله منهجاً لرسله وأنبيائه . فالمسيحية ظهرت في عز ومجد وجبروت الفرس والروم ،وكان نشرها قد تم فى آن واحد على يد الحواريون والأسباط ، وكان ذلك يحتاج إلى هوادة وذكاء ،أما الفتوح الإسلامية فلم تتم إلا تباعاً ، بعد أن قويت الأمة واستطاعت ، وأيضا بعد بلوغ الفرس والروم مرحلة الهرم والشيخوخة ، فى حين كانت دولة الإسلام وستظل تعيش فترة الفتوة الشابه ..كما بجب أن لا ننسى أن الدعوتين المسيحية وبعدها الإسلامية ،كل ما حدث من سيناريوهات لانتشارهما كان من الأول والأعظم في القرار ، الذي يقول للشيء كن فيكون إنه مولانا وحبيبنا الحكيم "رب العزة سبحانه وتعالى ،تجلت أسماؤه ،عز شأنه ، جل جلاله ".
|