البيمارستان ، أو المارستان : كلمة فارسية من مقطعين ، بيمار أو مار ، وتعني المريض . وستان ، وتعني مكان . والمعني مجملاً : يعني دار أو مكان الشفاء ، أو مكان معالجة المرضي ، أي المستشفي بوجه عام ...ومن الثابت والمعلوم أن ديننا الإسلامي الحنيف قد حث علي الاستشفاء ومعالجة الأمراض ؛ فلكل داء دواء ، فعني بصحة الأبدان وسلامة الإنسان . وكان من مظاهر هذا الاهتمام في بلادنا الإسلامية ، هو حرص المسئولون علي إنشاء البيمارستانات ( دور الشفاء / أو المستشفيات) ، وحرصوا علي تزويدها بما تحتاجه من أطباء وأدوات طبية وغيرها مما يلزم . وأول من أنشأ بيمارستانا في الإسلام ، هو الخليفة الأموي " عبدالملك بن مروان " ، في دمشق سوريا الشام . أما في مصر فأقدم ما عرف منها (وغير موجود الآن)، كان لأحمد بن طولون ، مؤسس الدولة الطولونية .
قلاوون وإنشاء البيمارستان
يعتبر مارستان السلطان المنصـــــــــور قــــــــلاوون ، قسماً رئيسياً من مجمعه الذي شيده بالشارع الأعظم ، أو شارع القصبة ، أو شارع قصبة القاهرة ، المعروف الأن بشارع المعز لدين الله الفاطمي ، ويشتمل هذا المجمع علي مدرسة وضريح ومكتب سبيل أيضاً ، ويقال أن البيمارستان ، هو السبب الأول ي إنشاء هذا المجمع المعماري الضخم ، وانشأ قلاوون هذا البيمارستان ، محاكاة لنور الدين محمود ، لأن قلاوون عولج وهو أمير ببيمارستان نور الدين محمود بدمشق ، وفي أثناء علاجه قطع علي نفسه عهدا ، إن أكرمه وأتاه الله مُلك مصر سيبني بها مارستاناً ، وهذا ماتحقق له ..
الموقع ، والمكـــــــــــــــــــان
اختار موقع القصر الغربي الفاطمي ، وكانت به داراً ، تسمي ( الدار القطبية ) ، نسبة إلي الأميرة مؤنسة القطبية ، وهي الدار التي كانت من قبل تقع في أملاك ( ست المُلك أخت الخليفة الحاكم بأمر الله) . فأشتري قلاوون هذه الدار وما يجاورها ، وعوض سكانها بقصر الزمرد ، أحد القصور الفاطميـــــــــة ..
الإشراف - وتاريخ الإنشــــــــاء
أسند قلاوون ،مهمة الإشراف علي العمارة ، للأمير " علم الدين سنجر الرفاعي "، وبدأت العمارة في (ربيع الآخر 683هـ / 1284م ) ، وتمت حسب النص التأسيسي في (جمادي الأولي 684هـ / 1285م )..
قلاوون والبيمارســـــــــــــــتان
كان قلاوون شديد الإحتفاء بالبيمارستان ، وجعله في خدمة جميع الناس بمختلف طبقاتهم ، وجعل لمن يخرج معافي منه كسوة ، ومن مات جُهز وكُفن ودفُن ، كما عني بتنظيم إدارته ، وخصص له قسماً كبيراً من أوقافه . ورتب فيه : أطباء في شتي التخصصات ، وكذلك الصيادلة والممرضين والمعاونين رجالاً ونساء ، وزوده بأفخر الاثاث والأدوات ، وألحق به عيادة خارجيــــــــــــة .
بقايا البيمارســـــــــــــــــــــان
لم يبق منه سوي قسم من الإيوان الشرقي به فسقية رخامية تنساب إليها المياة علي سلسبيل صغير . كما توجد نوافذ تحيطها أفاريز بها كتابات كوفية . وبقايا من الإيوان الغربي ، وبه سلسبيل زينت حوافه برسوم حيوانية . وقد عثر به علي أفاريز من الخشب تشتمل علي رسوم ملونة محفورة ، لمناظر من الحياة الاجتماعية ، أجمعت آراء المختصين علي انها أفاريز كانت تزين القصر الغربي الفاطمي الصغير ، أعيد استخدامها في تزيين البيمارستان المنصوري .
وعلي الرغم من إنشاء هذا المارستان كمستشفي عمومي لمعالجة شتي الأمراض ، إلا أنه منذ عام (1274هـ/ 1856م) ، خصص للأمراض العقلية ، وبعد فترة ارتبطت كلمة المارستان بالأمراض العقلية من قبل العامة، فصارت العامة تسميه بعد التحريف " مورستان " ، واستمرت الكلمة في موروثنا الشعبي إلي الآن يطلقها الناس حتي لو مزاحا لبعضهم البعض .ثم نقلت الامراض العقلية منه ، ومنذ سنة (1334هــــ/ 1915م ) وإلي الأن صار مستشفي لأمراض العيون والرمد. |