بقلم/ خالد عبده
Khaledabdo70@yahoo.com
أكدت دراسة تاريخية صدرت في مناسبة احتفالات العالم باليوم العالمي للتسامح: إن قدماء المصريين هم أصحاب أول دعوات لنشر التسامح واحترام الآخر فى التاريخ وأن الفراعنة عرفوا الوحدة الوطنية وحافظوا عليها وتصدوا للفتن الطائفية قبل خمسة آلاف عام.
وأوضحت الدراسة الصادرة عن مركز الأقصر للدراسات والحوار أن الفراعنة وحكامهم عرفوا احترام الآخر، وحرصوا على الحفاظ على وحدة وطنهم وانسجام أفراده في نسيج واحد وأن مصر ظلت وطن التسامح والوحدة والوطن الذي يصبغ المفردات بمصريته طوال آلاف السنين وأن مصر عبر تاريخها الضارب في أعماق التاريخ لم تعرف ما يسمى بالضد أو النقيض ولكن عرفت ما يسمى بالوئام والعمل من اجل رفعة الوطن.
كما أن قدماء المصريين كانوا يعتقدون أن المجتمع المثالي على الأرض صورة مطابقة للنظام السماوي الأعلى فكان الملوك يقومون بطرد فوضى الأشاوس وإقامة النظام القائم على العدل والتسامح بين أفراده والاستقامة المسمى بالماعت.
و احترمت مصر على مر العصور مبدعيها ومفكريها، وأن الجميع كانوا يلتقون بمصريتهم فهي وطن من نسيج واحد ذو ألوان وأطياف متعددة تزيده ثراءاً وجمالًا وتسامحًا ولا يفرق بين أبنائه دين ولا عرق ولا عصبيه فالدين لله والوطن للجميع.ولا وجود للانحياز او التفرقة ،ففى مصر الأديان كانت وستظل مصدرًا للوئام والمحبة والتسامح والسلام وليست مصدرًا للفوضى.
فجميع ملوك مصر الفرعونية اشتركوا في لقب واحد هو ملك الوجهين القبلي والبحري وفى هذا اللقب يكمن تعبير قوى عن الوحدة، نعم وجهين ولكن يمثلهما شخص واحد كوجهي العملة الواحدة ولو لم تكن بوجهين مختلفين لما صارت عملة إن أدرتها من أي أوجهها عرفت ماهيتها فكل وجه منها ينبئ عن الآخر لأنها وحدة واحدة.وأن أجمل لوحة عبر بها المصري القديم عن وحدته ووحدة مفرداته وتسامحه وكيفية جعل الثنائية وحدة واحدة ما نقش بالحفر الغائر على جوانب عشرة تماثيل للملك سنوسرت الأول الأسرة الثانية عشرة -1971-1928ق م - بمعبده الجنائزي في الجيزة فنجد في منتصف المنظر عبارة عن رئتين تخرج منهما القصبة الهوائية في نهايتها خرطوش الملك سنوسرت الأول بينما يعقد كل من حورس إله الشمال وست إله الجنوب نباتي اللوتس والبردي اللذان يمثلان الوجهين البحري والقبلي والعجيب أن الرئتين لم يستخدما كلفظ يدل على كلمة رئتين فقط وإنما كذلك يمثلان اللفظ 'وحد' لذا صارت الكلمة 'رئتين' ورمزها الهيروغليفي المكون الأساسى عندنا يقصد موضوع توحيد المملكة.
وفى عصرنا الحاضر وقع ممثلو أكثر من 188 دولة من الدول الأعضاء بمنظمة اليونسكو بيانًا سمى بمبادىء التسامح والذى يهدف لتحقيق السلام والاحترام المتبادل بين البشر.. فهل لنا فيما قدمناه من امثلة للتسامح فى ماضينا وحاضرنا ما يساعدنا على الخروج من محنتنا؟..أم ان الفراعنه دفنوا مبادئهم فى التسامح ولم يتركوا لأحفادهم سوى لعنتها.
|