الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أقطاب العالم الجديد

أقطاب العالم الجديد
عدد : 11-2013
بقم الأديب / عبد الرازق أحمد الشاعر
Shaer129@me.com



لم يعد الخطر النووي الشيعي بعيدا عن شواطئنا الثائرة، بعد أن صارت قنابل إيران النووية قاب شهر أو أدنى من عواصمنا العابثة. من المؤكد أن بريق القنبلة لن يخطف أبصار زعماء تل أبيب وحدهم لأن مدن الشرق الأوسط قاطبة ستكون في متناول قبضة خامنئي وأذرعه الطويلة. وعندها، ستضطر بعض الدول الداعمة لثوار سوريا إلى سحب آلياتها وإغلاق بواباتها الحدودية إلى أجل غير مسمى. وبعدها بأيام يصافح الأسد أوباما، ويعلن نصر الله من دمشق أن الرب قد نصر أولياءه وأن "حزب الله" هم المفلحون.

ويقينا، سيخرج الإيرانيون إلى الشوارع وهم يحملون بعض الدمى، لكن إحداها لن يكون لأوباما، وسيحرقونها في أفئدة الميادين وهم يرددون شعارات غاية في البذاءة، لكنها ستخلو حتما من شعار "الموت لأمريكا". أما شوارعنا، فستكون غارقة إلى حقويها في مد كبير من أمواج بشرية هائلة تحمل السلاح الأبيض وقنابل الغاز والمولوتوف لتحرق ماضيها وتقطع الطريق أمام أي مستقبل عربي مشرق.

وعندها ستسارع حكومتا مصر والسعودية لاتخاذ قرارات عاجلة بالارتماء الكامل في أحضان الروس، بعدما غررت بهم المواقف الأمريكية المتلونة، وسيعلن ملك السعودية الدائم ورئيس مصر المؤقت عن إقامة أكبر مشروع للطاقة النووية في مصر. وعندها، ستدرك إسرائيل أنها قد أصبحت في مرمى حجر من صبية المقاومة بعدما طوى الأمريكان مظلتهم النووية عن شرقها الأوسط. وربما تنحني للعاصفة فتبادر باتخاذ خطوات متراجعة أمام الجيران الألدة بانسحاب تكتيكي إلى حدود حروبها القذرة.

لكن مبادرة توازن الرعب التي توشك أمريكا أن توقعها مع الدب الروسي لن تجعل الشرق الأوسط آمنا كما كان على مدار ستة عقود، لأن التراجع الأمريكي سيغري الكثير من الدول بتبديل حلفائها، وستنبت في رأس العالم عدة قرون لن تكون معقوفة في اتجاه واحد بالضرورة، وسيعرف العالم أحادي القطب بزوغ أقطاب جديدة في كافة جهات البسيطة. لكن تمزق مظلة الرعب الأمريكية لن يكون خيرا كله لا سيما على شعوبنا التي ظلت تحلم بالتحرر من التبعية الأمريكية على مدار عقود.

فعلى وقع انسحاب مجنزرات الأمريكان من شوارعنا المتأهبة للنزال، لن يكون ثمة منتصر في حروبنا الأهلية المستعرة. وستفرض الآليات القادمة من جهات شتى واقعها المر على فسيفساء نسيجنا الهش، لتحرق قنابل المولوتوف ما تبقى من يابس وأخضر في مشاريعنا التنموية المتأخرة. ولسوف يتقاتل إخوة كرامازوف بما تيسر في أياديهم من مشاريع هدم لتحويل المنطقة إلى براكين تستعر.

كنا نتمنى أن يخرج المارينز من صفحات تاريخنا المحبط ونحن على أعتاب قوة، لكنهم يغادرون مياهنا الإقليمية ونحن في أشد الحاجة لاحتلالهم البغيض. سيخرج الأمريكان ليأتي الروس، وكأنهم يتناوبون حراسة قطعان لا تملك أن تحرث حقلا أو تفلح أرضا. وسيبقى التاريخ شاهدا علينا لا شاهدا لنا، لأننا لا نستطيع أن ندخل حربا إلا تحت راية كافرة أو فوق دبابة غادرة، إلا إذا كانت الحرب ضد أخ أو صديق.

اليوم يعيد الكون حساباته، وتتشكل في أفقه المنظور قوى إقليمية ودولية لا تنطق أي منها بالضاد. وأخشى ما أخشاه أن نخرج من الجغرافيا كما خرجنا ذات غفلة من التاريخ بسبب صراعاتنا الداخلية (طائفية ومذهبية) لنصبح كهنود أمريكا أو يهود هتلر. أخوف ما أخافه أن يصبح بأسنا بيننا أشد من بأس عصابات الهاجناة ومدن البحرية الأمريكية العائمة في محيطنا الهزيل. لكنني آمل أن يشكل التحالف المتأخر للغاية بين المملكة السعودية وما تبقى من مصر نواة قطب يستطيع أن ينفض رأسه يوما من غبار الأحذية الروسية البغيضة ليعلن عن ميلاد قوة عربية قادرة على البقاء. آمل أن نخرج من طموحاتنا الصغيرة إلى عالم يحاول أن يتعرف على نفسه من جديد بعد سقوط مظلة القهر الأمريكية من فوق رؤوس الجميع.