يفتح البحر المتوسط ذراعيه يحتضن عروسه الخالدة الإسكندرية وهي تختال وتنكسر أمواجه علي صخورها الدنيا كلها تشهد علي ذلك العرس الذي عقده التاريخ منذ نحو 2330 عام عرسا مهيبا معطرا بعبق التاريخ ينعقد فخره بلواء الاسكندر الأكبر فبعد سقوط أسيا الصغرى وبلاد الشام في يد الاسكندر اثر الاسكندر أن يتجه صوب مصر وذلك لتامين ظهر جيشه من خطر الأسطول الفارسي القابع علي مقربة من سواحل مصر الشمالية في البحر المتوسط وضمان الحصول علي القمح اللازم لبلاد اليونان ولأفراد جيشه ويصل الاسكندر إلي بلوزيوم (بالوظه الحالية في شمال سيناء ) ومنها إلي منف وتصبح مصر في قبضته بعد أن سلمها له الوالي الفارسي "مازاكس" وأهلها يظهرون له الود والترحيب وهو يقابل ذلك بإظهار التوقير والاحترام لألهتهم وشعائرهم ويتم تنصيبه فرعونا علي الطريقة المصرية ويزمع الاسكندر الرحيل إلي الغرب لزيارة معبد الإله أمون اله مصر الأعظم في سيوه واعتبره كهنه هذا المعبد ابنا للإله أمون مما قوي من مركزه عند المصريين
نشاه مدينه الاسكندرية :
لفت نظر الاسكندر وهو في طريقة من منف إلي سيوه تلك البقعة المستطيلة الواقعة بين البحر المتوسط و بحيرة مريوط ويفكر الاسكندر مليا في تلك البقعة ذات المواصفات العجيبة التي تصلح لإنشاء مدينة حلمه الكبير علي احدث الطرز في ذلك الوقت حيث تتميز بما يلي : بإمكان وصول مياه الشرب العذبة من النيل عن طريق الفرع الكانوبي ووجود جزيرة صغيرة في مواجهة تلك البقعة لا تبعد عنها أكثر من ميل واحد مما يمكن وصلهما معا تعتبر هذه الجزيرة جبهة دفاعية أمامية للمدينة جفاف المنطقة وبعد الموقع عن التأثر بطمي النيل حيث يتم طرده بواسطة التيارات البحرية في البحر المتوسط المتجهة ناحية الشرق وارتفاع موضع الاسكندرية عن مستوي الدلتا مما يحفظها من الغرق أثناء فيضان النيل أن تصبح الاسكندرية ميناءا عالميا يخدم التجارة الدولية في المنطقة خاصة بعد أن دمر الاسكندر ميناء صور وهو في طريقة إلي مصر ولعل عبقرية المكان في الاسكندرية قد اوحت لفارسها المقدوني أن يؤسس مدينة يتحاكي بها الزمان وتتفاعل علي أرضها الحضارتان المصرية والإغريقية فأضفي الاسكندر بعبقريته الفذه إضافة إلي عبقرية المكان طرزا متفردا لهذه المدينة
تخطيط المدينة:
كلف الاسكندر الأكبر المهندس "دينوقراط" بتخطيط مدينة الاسكندرية واختار المهندس دينوقراط النمط الهيبودامي لتخطيط هذه المدينة "وهو عبارة عن شارعين رئيسين متقاطعين بزاوية قائمة ثم تخطيط شوارع أخري فرعية تتوازي مع كل من الشارعين مما يجعل مساحة الأرض أشبه بقطعة الشطرنج وبدا المهندس بربط جزيرة فاروس بالشاطئ بسد من الأتربة نشأ عنه ميناءان احدهما في الشرق وكان يطلق عليه الميناء الكبير "الشرقي " وكان أهمهما والأخر في الغرب أطلق عليه اسم العود الحميد وهو الميناء المستعمل حاليا يحدثنا استرابون انه في لحظه تأسيس مدينة الاسكندرية وعند تخطيط شوارع المدينة استخدمت كميات من الجير المتاح في المنطقة ولكنه نفذ قبل أن يتم تخطيط كل الشوارع لذا استعان المهندس دينوقراط بالدقيق الخاص بطعام الجنود لتخطيط بقية الشوارع تقسيم المدينة: تم تقسيم مدينة الاسكندرية إلي خمسة أحياء حملت حروف الأبجدية اليونانية الأولي ( ألفا, بيتا , جاما , دلتا , ابسلون ) والتي تمثل الحروف الأولي خمس كلمات يونانية ترجمتها "شيدها الاسكندر الملك ابن الإله"
أحياء مدينة الاسكندرية :
كانت مقسمة إلي خمس أحياء رئيسية كما يذكر استرابون وفيلون السكندري هذه الأحياء "حي ميدان السباق , حي البروكيون , حي كوم الدكا "السوما" ,وحي الموسيون , حي راكوتيس "رع- قدت " ) إذا نظرنا إلي هذه الأحياء الخمسة نجد أن حي ميدان السباق هو بطبيعة أرضه أوسع الأحياء ولو أن ذلك لا يعني انه كان أكثرها سكانا ولابد أن حي البروكيون المجاور له قد طغي عليه لتوسيع قصوره وحدائقه العامة ولتشيد قصور أخري من تلك القصور التي كانت كثيرة العدد وذلك يتفق مع قول استرابون " أن المدينة تشمل أماكن وحدائق عامة وقصورا ملكية تشغل ربع مساحتها بل ثلثها لان كل ملك كان يحرص علي أن يضيف بدوره جديدا إلي المباني العامة وكذلك القصور الملكية" وبصدد اتساع الحي الملكي يختلف بلينيوس في قوله " أن المهندس المدني الذي خطط لمدينة الاسكندرية كان قد افرد خمس المدينة للمباني الملكية ويذكر محمود بك الفلكي وهو جغرافي ومهندس مصري أن حي البروكيون هو الحي الذي يقع به معظم القصور لذا سمي الملكي حيث كان يشمل المنطقة الواقعة بين البحر وبين ما يقع من الشارع الكانوبي بين ميدان الهيبتاستاديوم وميدان الجمنازيوم وكان يضم أيضا مراسي السفن ومعبد الاسينيوم ثم المسرح والمكتبة والمعابد والمقابر الملكية والضريح الفاخر الذي أقيم لموارة جثمان الاسكندر في عهد بطلميوس الثاني"فيلادلفوس "عندما احضره من منف حسب احدي الروايات وظل الأباطرة الرومان يعدون هذا القصر مكانا مقدسا يحج اليه الناس
ضواحي مدينة الاسكندرية :
مدينة الموتي:
وهي تجاور مدينه الاسكندرية من الناحية الجنوبية الغربية وكانت هي الضاحية الوحيدة الملاصقة لها فلا يفصلها عنها سوي الأسوار المحيطة وكانت تمتد بين البحر وبحيرة مريوط وهي مخصصة للمقابر وسراديب الدفن التي عثرت عليها بعثة الآثار الفرنسية في عام 1997 بالقرب من الكوبري العلوي الذي يربط بين ميناء الاسكندرية والطريق الصحراوي
مدينة النصر:
وهو الجزء الذي قال عنه استرابون بعدما عبر ميدان السباق توجد علي مسافة ثلاثين ستاديا من الاسكندرية وعلي شاطئ البحر ناحية نيكوبوليس الاهله بالسكان كأنها مدينة من المدن وقد ادخل الإمبراطور اوغسطس الكثير من التحسينات علي هذه الناحية بعد أن هزم فيها أولئك الذي تقدموا ضده مع انطونيوس " قد كان لمدينه الاسكندرية صدي في تعليقات الكتاب القدامى حيث أشار كل زارها بجمالها الفائق وحسن تنسيقها وروعة مبانيها بل واتفق الجميع وان لم يتعاصروا علي اعتبارها أجمل المدن قاطبة فهي مهد الحضارة والتاريخ ومركز أشعاع حضاري وثقافي وهكذا أراد الاسكندر أن يحقق لهذه المدينة الخلود بإعطائها اسمه فخلدته هي علي مر العصور تكتب |