الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

قراءة جديدة فى اوراق قديمة
آخر الهوانم وردة باشا

قراءة جديدة فى اوراق قديمة
آخر الهوانم وردة باشا
عدد : 07-2014
منذ فتح الكاتب اللبناني الدكتور فاروق سعد ملف هذه السيدة فى كتابه( فتح ملف كوتشوك هانم) أثار فى نفسى كوامن كثيرة منذ تعرفت عليها فى كتاب اتحفنى بقراءته صديقى المرحوم عبدالباسط العقبى عن كتابات الرحالة عن مصر، ظل فى ذاكرتى سنوات طويلة، ولأنى مهتم بتراث الصعيد شدتنى حكاية " كوتشوك هانم" كجزء من تراث الصعيد.

فقد عاشت فى مدينة إسنا بعد أن نفاها عباس باشا الأول خديوى مصر اليها. وتقول الروايات إنها صفية التى عثر عليها عباس باشا فى سوق شعبى بمدينة طنطا واتخذها محظية له ثم نسيها الى أن وجد نرجيلة كان قد أهداها اليها فى حيازة احد ضباطه فأمر بالقبض عليها وحكم بجلدها ونفيها الى إسنا بالرغم من إنها باعت النرجيلة لفاقة ألمت بها. وقيل أنها سورية الأصل نزحت الى مصر واشتهرت كعالمة، وان عباس باشا نفاها مع عدد من العوالم والغوازي والغياش( المخنثون من الرجال الذين يمارسون الرقص ) الى إسنا وقنا لتطهير العاصمة منهن وقيل انه اغرق الباقين فى النيل ولم يثبت هذا. وإحقاقا للحق فان النفى كان قرارا عاما شمل كثير من العوالم والغوازي للقضاء على الرذيلة فى العاصمة، وان التشهير بعباس والافتراء عليه كان جزء من حملة أوربية استهدفته لأنه كان يكره التدخل الاجنبى ولاستغنائه عن خدمات الأوربيين.

كان يمكن ان تمر حياتها مرورا عاديا لولا الزيارة التى قام بها الكاتب الفرنسى الشهير "جوستاف فولبير" والذى يعتبر من أهم كتاب فرنسا وصديقه المصور الفرنسى" مكسيم دو كان". تأثر فولبير بالشرق وحضارته كما تأثر بروايات ألف ليلة وليله وكتابات من سبقه من كتاب أوربا وظل يحلم بسحر الشرق حتى جاء الى مصر مع صديقه دوكان1849 وكتب كتابا عن القديس انطونيوس رائد الرهبنة فى العالم.

وصل الصديقان الى مصر واهتم فوابير بتسجيل الحياة الاجتماعية وطبقات المجتمع والدراويش والعوالم. والتقى وصديقه دوكان فى إسنا ب"كوتشوك هانم " وبلغ من إعجابه بها أن كتب فيها شعرا وتأثر بها عندما كتب روايته الشهيرة (مدام بوفارى) وعديد من كتاباته وظلت ملهمته والساحرة التى شغف بها.

وصف دوكان كوتشوك هانم ، قال:" كانت ترتدى قميصا بسيطا وسروال طويل من القطن الابيض ،وعلى كتفيها شال من الحرير الأزرق ، وصدرها مزين بالعقود الذهبية (الكرادين)، والأساور الذهبية تملئ يديها ،وقد زينت شعرها بشرائط زرقاء ،أما وجهها فكان ابيض جميل"، وأكد إن أى رسم لها لم يفها حقها من الجمال والحسن. وقد زارها دوكان فأحسنت استقباله وقدمت له عددا من الراقصات ثم آدت هى بنفسها رقصة النحلة الشهيرة.

كتب فولتير الى عشيقته الكاتبة الفرنسية " لويز كوليه" فى 27 مارس 1853 يحكى فيها وقائع لقاءه بكوتشوك هانم وما تخلل اللقاء من أفعال ماجنة بدءا من مضاجعة صديقه دوكان لها فى الدور السفلى فى 16 مارس 1850 وصعودها الى الدور الأول لتؤدى رقصة التعرى المشهورة برقصة النحلة والتى اعقبها مضاجعته لها فى مخدعها الذى كان سريرا من القصب وكتب أيضا قصيدة عنها وجهها لصديقه الشاعر لوي بوييه مما أثار غيرة وحقد عشيقته لويز كولية ودافع فولبير عن نفسه أمام لويز، قال:" ان المتعة العاطفية لم تجد سبيلا الى قلب كوتشوك هانم"، وقال:" ان المرأة الشرقية خالية القلب لا فرق عندها بين رجل وآخر ولا هم لها إلا نرجيلة تدخنها وحمام تختلف اليه وكحل تكحل به عينيها وقهوة تحتسيها آما إحساسها بالمتعة الجنسية فهذا آمر تافه بالنسبة اليها."

بالرغم من هذا أصرت لويز كوليه على زيارة مصر لترى غريمتها كوتشوك هانم وزارت إسنا وقنا بحثت عنها وكان الخديوى إسماعيل قد خصص لها الباخرة النيلية البشرة لزيارتها ولم تعثر لويز على كوتتشوك هانم فى قنا واسنا.

لويز كوليه كانت سيدة جميلة لها شهرتها فى باريس ولها صالونها الادبى الذى جمع العديد من الأدباء والعلماء وكان لها موقف خاص من البابوية، وبعد زيارة لويز بحث عن كوتشوك الكاتب لويس باسكال ايضا ووجد امرأة اخرى تدعى" حسنه الطويلة" التى كان قد وصفها فولبير ب"الخنزيرة البدينة". كتبت لويز كتابا عن رحلتها وأسمته (البلاد المنورة ) كما كتب باسكال كتابه( المركب رحلة الى الشرق). وسواء كانت كوتشوك هانم او كونشوك ارتيم اخر الهوانم او صفية او رشيقة تحريف لروتشوك فى رأى فاروق سعد، فانها شغلت فكر عديد من الكتاب والمفكرين ادوارد سعيد وجان بول سارتر وثروت عكاشة وفاروق سعد وكورتيس وعمر فاخورى ورنا قبانى.

ولكوتشوك هانم قصة أخرى يعرفها من عاصرها من أهل إسنا فقد هجرت فى أوج شبابها حياة اللهو والمرح وتابت الى الله وزارت الاراضى الحجازية واستثمرت أموالها فى الزراعة وفعل الخير وتزوجت احد كبار أعيان إسنا من أصل طيب وعادت الى اسمها العربى وردة..(كوتشوك بالتركية تعنى الوردة الصغيرة).

ولقبت بوردة باشا فقد كانت تملك 1800 فدان من أجود الأراضي الزراعية وأنجبت ابنتها وردة التى حملت نفس اللقب وتزوجت من نفس عائلة أبيها.

أساطير وحكايات تروى عن وردة باشا يقول الصديق المهندس محمد عبدالقادر رئيس مجلس ادارة شركة الدقهلية للسكر:" أنها كانت تلبس شبشبا من الذهب وكانت تبدر الجنيهات الذهبية فى المناسبات وكانت امرأة آمرة ناهية لها شخصية مميزة".

عاشت الوردتين فى إسنا وماتتا ودفنا وارتبطتا بها وأصبحتا جزء من تاريخها.

 
 
فتش فى الأوراق: عبدالمنعم عبد العظيم
مدير مركز دراسات تراث الصعيد بالاقصر