كان لمدينة غـزة أهمية كبرى فى تاريخ مصر القديمة تجلى بوضوح خلال عصر الدولة الحديثة ( 1550 - 1069 ق.م ) ، حينما عملت مصر على انشاء امبراطوريتها الكبرى التى امتدت من جبال طوروس شمالا وحتى الجندل الرابع ببلاد النوبة جنوبا . وتعود هذه الأهمية للموضع الحيوى والاستراتيجى الذى اتسمت به غزة فى جنوب فلسطين ، حيث كانت تقع فى النهاية الشرقية القصوى لطريق حورس الحربى وهو الطريق الذى كان يمتد من قلعة ثارو ( تل حبوة حاليا ) حتى رفح عبر الساحل فى شمال سيناء حتى يصل إلى غزة وكنعان وغربى آسيا .
أطلق المصريون على مدينة غزة أكثر من مسمى فى نصوصهم التاريخية منها كدجت ، كما ورد اسمها كثيرا فى صيغة ( با - كنعان ) لكونها المدينة الأكثر أهمية فى بلاد كنعان ( أرض فلسطين التاريخية ) . ومنذ عصر الفرعون الفاتح المصرى العظيم تحوتمس الثالث وحتى نهاية عصر الدولة الحديثة الذى كان قمة المجد فى النفوذ السياسى والتوسع الحربى فى تاريخ مصر القديمة أصبحت غزة مقرا للإدارة المصرية فى بلاد كنعان ، وعمل الكثير من ابنائها وسكانها فى خدمة هذه الإدارة وفى خدمة المصالح التجارية والسياسية لمصر ، حيث اعتاد الكثير من ابنائها الوفود على مصر لأغراض تجارية . كما انشئت بها حامية عسكرية بالغة الأهمية نظرا لموقعها الحربى والاستراتيجى الهام .
ولقد ورد ذكر غزة من خلال النصوص المصرية خلال عصر الدولة الحديثة ، حيث وردت من خلال حوليات الملك تحوتمس الثالث فى الحديث عن حملته الحربية الأسيوية الأولى الشهيرة على آسيا ( معركة مجدو ) ، ووردت كذلك فى نصوص الملك سيتى الأول بالكرنك من خلال حديثه عن حملته الحربية الأولى على آسيا والتى عمل فيها على محاربة بدو الشاسو واستعادة الإمبراطورية المصرية المفقودة فى آسيا .
|